البحث عن أدبنا العمالي

أول أمس، فاتح ماي، احتفلت الطبقة العاملة في سائر بلدان المعمور؛ باليوم العمالي، وبطبيعة الحال طرحت شعارات وأشهرت لافتات وصدحت حناجر للتعبير عن معاناتها ومطالبها ووو.. غير أن ما أود تناوله في هذه الورقة هو مدى انعكاس وضعية هذه الطبقة الاجتماعية في أدبنا، أو بصيغة تساؤلية أخرى: هل يمكن لنا الحديث عن أدب مغربي عمالي؟
من خلال القيام بجرد لحصيلة الإبداع الأدبي المغربي منذ البدايات إلى يوم الناس هذا، نكاد لا نعثر على نموذج يمكن أن يشرف التجربة المغربية في هذا المجال، تجربة تضاهي ما أنتجه أدباء في بلدان أخرى نتقاسم معها الهموم ذاتها المتعلقة بالوضع الاجتماعي للطبقة العاملة.
هناك كم كبير من الروايات والقصص والقصائد والمسرحيات.. تم إنتاجه على امتداد تاريخ الأدب المغربي، وظهرت أجيال تلو أجيال من الأدباء، وازداد تراكم الإصدارات في مختلف تلك الأصناف الإبداعية، بالأخص خلال العقود الثلاثة الأخيرة، بالنظر إلى انتشار التعليم وتيسير ظروف النشر وتطور المطابع إلى غير ذلك من العوامل التي ساهمت في مضاعفة عدد الكتب الصادرة حتى الآن.
لكن ماذا يوجد في هذه الكتب؟ أو بكيفية أخرى من التساؤل:
ما هي المواضيع التي تناولتها هذه الكتب؟
طبعا لا يمكن عرض كل ما تناولته الإصدارات الإبداعية المغربية على امتداد تاريخها، في سطور معدودة من هذا الحيز الضيق، غير أنه يمكن اختزال القضايا الكبرى المطروحة والمهيمنة في متننا الإبداعي الأدبي، في ثلاث، وأتمنى أن لا أكون مجازفا:
قضية الذاتية، بمعنى أن أغلب أدبائنا لا يكتبون في واقع الأمر سوى عن أنفسهم، إن ما يكتبونه مجرد سير ذاتية، حتى وهم يزعمون أن ما أبدعوه نصوص تخييلية عن أناس آخرين، سامح الله صاحب في الطفولة الذي يمكن اعتباره أحد الذين ساهموا في تكريس هذا التوجه الإبداعي في إنتاجنا الأدبي.
قضية الجنس، اعتقادا ربما بأن القارئ يميل أكثر إلى هذا النوع من المواضيع منذ النجاح الذي حققه الخبز الحافي، وربما قبله.
قضية التاريخ، ذلك أنه خلال الفترة الأخيرة، برز توجه نحو الاشتغال على أحداث تاريخية وحتى على شخصيات تاريخية معينة، وهذا التوجه اللافت للنظر راجع حسب اعتقادي إلى أن بعض الجوائز الرفيعة لا تتوج سوى الأعمال التي تتناول قضايا كبرى ذات بعد تاريخي بصفة خاصة. لنلق نظرة على الروايات المتوجة مثلا لنقف على هذه الحقيقة، إنها تكاد تتشابه في مضامينها وحتى في حجمها الذي غالبا ما يكون كبيرا، أزيد من أربعمائة صفحة، إلى حد أنه صار يدرج على نعتها بالروايات البدينة.
باختصار، إن بلادنا وهي تحتفل بالعيد العمالي، نجد أدباءنا في المقابل مقصرين جدا في وصف ظروف عمل هذه الطبقة الاجتماعية، دون أن يعني ذلك أنه قد يفضي بنا إلى الانزياح عن الإبداع، أو السقوط في التوثيقية وما إلى ذلك، بل إن تناول قضايا الطبقة العاملة في النصوص الإبداعية المغربية، من شأنه أن يحقق لدى المتلقي متعة مضاعفة، تتجلى في جمع هذه النصوص بين الفائدة العلمية وروح الإبداع الأدبي.

عبد العالي بركات

[email protected]

Related posts

Top