الدورة الثالثة للمؤتمر الدولي للأركان .. مناسبة لاستجماع ورسملة الأبحاث العلمية حول الشجرة الفريدة

بيان24: محمد التفراوتي

بات المؤتمر الدولي حول شجرة الأركان بنسختيه السالفتين ونسخته الحالية، التي تنظم بمدينة أكادير ابتداء من يومه الخميس، محطة مهمة تفسح المجال لتقييم الأبحاث العلمية حول الأركان، ولبنة أساسية في استجماع ورسملة هذه الأبحاث العديدة التي تتمحور حول شجرة فريدة ومميزة بالمغرب، وذلك من أجل استثمارها لفائدة المهنيين والمجال عموما .
وفي سياق الدورة الثالثة للمؤتمر الدولي لأركان التي تنظم تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، في الفترة ما بين17 و19 دجنبر الحالي، من قبل الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان، وبشراكة مع وزارة الفلاحة والصيد البحري والمندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر والمعهد الوطني للبحث الزراعي، تحاول “بيان اليوم” تقريب القاريء من أهداف وفعاليات هذه التظاهرة، وذلك من خلال بعض الوقفات السريعة التي أجريناها مع كل من الدكتور إبراهيم الحافيدي، مدير الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان، وعبد الرحمان آيت الحاج منسق قسم البحث والتنمية حول الأركان بالوكالة، وكذا البروفسور محمد البدراوي مدير العام المعهد الوطني للبحث الزراعي.

البروفسور محمد البدراوي مدير العام المعهد الوطني للبحث الزراعيSans titre-30

وأفاد البروفسور محمد البدراوي مدير عام المعهد الوطني للبحث الزراعي بصفته شريكا رئيسيا بالمؤتمر الدولي الثالث لأركان بأكادير، في حوار أجرته معه “بيان اليوم”، أن تنمية شجرة أركان تعتبر ضمن القطاعات ذات الأولوية في مخطط المغرب الأخضر بصفتها منتوجا محليا بامتياز وقيمة مضافة عالية. ويلعب هذا القطاع دورا أساسيا على المستوى البيئي والاقتصادي والاجتماعي. وبالفعل، فإن شجرة الأركان هي شجرة قروية تتكيف بشكل جيد مع البيئة القاحلة وشبه القاحلة، وكذا في المناطق الجبلية في جنوب غرب المغرب.
وللحفاظ على هذه شجرة في نظامها الإيكولوجي، بذلت السلطات العمومية جهودا جبارة، أولا باعتبار الأركان موردا غابويا مهما، وثانيا كشجرة يمكن زراعتها على منوال البساتين الحديثة. وقد تم، في هذا السياق، توقيع عقد برنامج بين الدولة والمهنيين. ويعد البحث والتنمية عنصرا هاما ضمن هذا العقد البرنامج.
وأكد البدراوي أن المعهد، ومن خلال استراتيجية وطنية للبحث، أعطى أولوية لشجرة أركان ونظامها الإيكولوجي. ذلك أن برنامج البحث بقيادة وتنسيق المعهد الوطني للبحث الزراعي يهم التوجيهات على طول سلسلة القيمة، من الموارد الوراثية إلى تثمين وتسويق المنتجات، مرورا بتحسين الإنتاج. وهو برنامج تعاوني بامتياز لأنه يضم العديد من التخصصات العلمية والعديد من المتدخلين.
وشدد البدراوي على أن تنسيق الجهود البحثية المنتشرة عبر معاهد البحوث والجامعات، ودمج المعارف المكتسبة، هي عمليات أساسية لمنح البحوث الوطنية حول الأركان هويتها ووضوحها، مشيرا إلى المؤتمر الدولي لشجرة أركان في طبعته الأولى، والذي عقد في ديسمبر 2011، كان فرصة لتقييم وضع المعارف وجمع كل الخبرات العلمية الوطنية والدولية العاملة على شجرة أركان.
وزيت الأركان هو حاليا منتوج مطلوب بكثافة، يضيف البدراوي، لفوائده الغذائية ولمستحضرات التجميل والعلاج. ذلك أن التكامل، عموديا، على طول سلسلة القيمة، وأفقيا، عبر تعزيز التعاون بين أصحاب المصلحة على جميع مستويات سلسلة القيمة، سيشكل في المستقبل أهم المجالات البحثية. أما القيمة المضافة التي يمكن أن تنطلق من هذا القطاع فتحتاج إلى تحسين من خلال تنظيم الفعاليات المعنية. وعليه فالمستقبل، يؤكد البدراوي، يتطلب تعزيزا أفضل لزيت أركان من خلال استخدامه كمنتوج فاخر في صناعة مستحضرات التجميل وباعتباره دواء للوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية.
ويستند برنامج البحوث التي يقودها فريق المعهد الوطني للبحث الزراعي منذ ظهور مخطط المغرب الأخضر في المقام الأول على توصيف المصادر الوراثية وحفظها والفرز والتكثيف النباتي  للأنواع  المهمة  وتطوير المراجع التقنية من أجل تحسين الإنتاجية، ثم تجانس واستدامة وتثمين المنتجات والمنتجات الثانوية لشجرة الأركان. وبذلك فهو يستوجب البحث من قبل فرق مشتركة متعددة التخصصات ومتعدد المؤسسات.

الدكتور إبراهيم الحافيدي، مدير الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركانSans titre-8

> انطلاقا من توصيات المؤتمر السابق ما هي مستجدات المؤتمر الحالي حول الأركان؟
> منذ المؤتمر السابق، هناك اهتمام بتنشيط وإعداد توجهات للبحث العلمي حول الأركان، من خلال تنظيم مجموعة من الورشات مع جل الباحثين الذين يشتغلون على الأركان وممثلي المهنيين، وذلك بغية تحديد الحاجيات ثم بلورة ورقة توجيهية واستراتيجية للبحث العلمي حول الأركان، والتي من شأنها تحديد التوجهات الاستراتيجية والأولويات ثم صياغة محاور لمشاريع بحثية. وسنعمل خلال هذا المؤتمر على تقديم مجموعة من الأبحاث الجديدة التي تهم تأهيل المجال وتثمين المنتوجات ومشتقات الأركان والجوانب الاجتماعية والاقتصادية والبعد التراثي .
> بذلت مجهودات كبيرة للبحث العلمي مند الثلاثينات القرن الماضي  حول شجرة الأركان. فهناك أبحاث متناثرة بين المؤسسات العلمية والجامعات المغربية تستحق أن تجمع في قاعدة بيانات لتسهيل الولوج والاستفادة للمعنيين بالمجال. وهنا يبرز دور الوكالة في استجماع هذه البحوث عبر الوسائل التقنية الحديثة. ويبدو أن المؤتمر يندرج ضمن هذا المنحى ولبنة لتحقيق هذا المبتغى… فهل من تفكير في استراتيجية لدعم تنسيق وتحفيز البحث العلمي حول الأركان؟ وما هي آخر تدابير إنشاء المركز الوطني أو قطب كفاءات للبحث والتنمية المندمجة المخصصة للأركان؟
> حاليا، تم الشروع في إنجاز دراسة لصياغة المشروع وتحديد وترجمة الرؤية الى أهداف عملية، وتعزيز المحتوى واقتراح نموذج تنظيمي وإداري بدعم من التعاون الألماني، حيث تم إنجاز دراسة إعدادية بتنسيق مع برنامج التعاون الألماني (GIZ) ، لتحديد المفاهيم والاطلاع على تجارب مماثلة على الصعيد الدولي. وصياغة تصور حول مكونات هذا القطب في أفق الولوج إلى خطوات عملية للإنجاز، كي يلعب هذا القطب دوره على مستوى أهمية مجال الأركان فيما يخص التنسيق والتحفيز والتشجيع. كما سيساعد على تركيز جهود جميع الفاعلين من باحثين ومهنيين. ويعزز أيضا التراث والإرث الثقافي المرتبط بشجرة الأركان ومجالها. ومن المهام الأساسية للمركز تحديد الأولويات وتطوير التمويل لبرامج البحث والتنمية وتثمين التراث والمساهمة في رسملة وتقاسم المعارف بشراكة مع مختلف الفاعلين.
ومن جهة أخرى، فقد تم إخراج مبادرة تشجيع البحث إلى حيز الوجود من خلال تنظيم جائزة موجهة للباحثين الشباب، لمكافأة ثلاثة أطروحات دكتوراه، ثم منحة للباحثين الشباب، عبر دعم 8 طلبة باحثين مسجلين بسلك الدكتوراه بست مؤسسات للتكوين والبحث الجامعي على الصعيد الوطني. وقد تم دعم المبادرة الأولى من طرف مجموعة ‘لافارج’، مؤسسة الجنوب، وشركة ‘أزبان’ ومجموعة ‘بلحسن’. كما تم تأطير إعداد البرنامج الموحد للبحث والابتكار في مجال شجرة الأركان بهدف تحسين الأداء الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لهذه الشجرة. وتم إنجاز هذا المخطط بتعاون مع 125 باحث ومهني، ينتمون إلى 35 مؤسسة ومنظمة، من أجل وضع مقاربة للمشاريع الجديدة والٱليات التي من شأنها تنسيق المجهودات العلمية لتحقيق الأهداف المتوخاة من عقد برنامج سلسلة الأركان.
> راكم البحث العلمي أبحاث ضخمة ونوعية هل تم استثمارها على مستوى استفادة الفاعلين والمتدخلين وتنمية المجال؟
> نظرا لحداثة الوكالة ومهامها خاصة في المجال التنسيقي ولتفعيل التنمية المستدامة بقطاع الأركان وتطور مجاله، ستساهم الوكالة بفعالية كبيرة في تحفيز وتشجيع واستثمار نتائج البحث العلمي لفائدة المهنيين والفاعلين في القطاع. وهذا العمل نقوم به بشراكة وتنسيق مع مؤسسات البحث العلمي ومؤسسات الاستشارة الفلاحية والتكوين الفلاحي وبالخصوص مع التنظيم البيمهني حول الأركان المتمثل في ‘الفدرالية المغربية البيمهنية للأركان’. ومن المنتظر أن يلعب المركز الوطني دورا مهما في هذا الصدد.
> ما هي مستجدات منجزات الوكالة في مجال أركان؟
> يشهد قطاع الأركان وقضايا تنمية المجال ديناميكية بشراكة بين مختلف المتدخلين المؤسساتيين من جهة، ومن جهة أخرى ممثلين عن ذوي الحقوق مستغلي مجال الأركان من خلال الفدرالية الوطنية. ومكنتنا هذه المقاربة التشاركية من بلورة برامج مهمة ضاعفت الجهود لإعادة تأهيل غابات الأركان إلى ما يقارب 12.000 هكتار خلال سنة 2015.
وقامت الوكالة في إطار دعم سلسلة الأركان ومهنتها بدراسة من أجل تنظيم إنتاج وتسويق المادة الأولية «أفياش». كما تم إطلاق دراسة أخرى لتطوير الشق المتعلق بالتحويل والتثمين.
ويتم كذلك تسجيل اهتمام كبير لزراعة الأركان مع مجموعة من المشاريع تهم ما يقرب من 3000 هكتار ابتداء من 2015، منها 2500 هكتار في إطار الزراعة التضامنية للأركان في الدعامة  الثانية، و455 هكتار من الدعامة الأولى من مخطط المغرب الأخضر. وستعطى الانطلاقة الفعلية لهذا البرنامج في المؤتمر الدولي للأركان، يومه 17 دجنبر، لانطلاق زراعة «أركان الزراعي» بطريقة حديثة على 600 هكتار، وذلك بإقليم تزنيت، منها 200 هكتار بالجماعة القروية أربعاء رسموكة بتزنيت.
كذلك تعمل الوكالة على نهج التنمية المجالية من خلال تمويل مجموعة من المشاريع مع المجتمع المدني والجماعات الترابية للنهوض بمؤشرات التنمية البشرية بمجموعة من المناطق لمجال اركان من قبيل النقل المدرسي ودعم التمدرس والماء الصالح للشرب والمسالك الطرقية.

***

عبد الرحمان آيت الحاج، منسق قسم البحث والتنمية حول الأركان بالوكالةSans titre-23

> هل من أبحاث نوعية وجديدة ستعرض خلال المؤتمر الحالي؟
> سيشهد المؤتمر مداخلات علمية مهمة وغنية يفوق عددها 133 مداخلة علمية وازنة، وضمنها نسبة مهمة توثق لأبحاث علمية جديدة في مجال الأركان والصحة ومشتقات جديدة للأركان وتثمينه. ويعرف المؤتمر مشاركة باحثين وعلماء من المغرب ودول مختلفة، سيساهمون بمداخلات وعروض تتمحور  حول أربعة مواضيع أساسية: “بنية وعمل المنظومة البيئية لغابات الأركان”، و”الحراجة الزراعية”، و”التكثيف والتكنولوجيا الحيوية” و”تثمين واقتصاد وتسويق منتجات الأركان”، ثم “التحولات الاجتماعية والجوانب القانونية”.
> ما هي الأنشطة الموازية التي سيشهدها المؤتمر؟
> ضمن فعاليات المؤتمر، ستنظم زيارة ميدانية للاطلاع على مستجدات تفعيل عقد البرنامج وخاصة مشروع غرس الأركان المكثف. كما سيتم تنظيم طاولتين مستديرتين حول الشراكة الدولية وتنمية مجال الأركان، وكذلك حول آفاق البحث حول الأركان، في إطار الاستراتيجيات الوطنية للبحث الزراعي ودعم وتمويل الباحثين الشباب.
وسنعمل على نشر الأبحاث المنجزة والمداخلات في كتاب سيتم تنزيله بموقع المؤتمر. كما سيتم توزيع جوائز الباحثين الشباب.

Related posts

Top