الدورة الـ 17 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش تكرم روبرت دي نيرو

كرمت الدورة السابعة عشر للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، مساء أول أمس السبت، الممثل العالمي روبرت دي نيرو، عن مجمل مساره الفني المتميز، بحضور صديقه وصديق المهرجان المخرج الكبير مارتن سكورسيزي الذي سلمه النجمة الذهبية، وسط حضور غفير شهدته قاعة الوزراء بقصر المؤتمرات، ضم سينمائيين مغاربة وعالميين، وممثلين عن وسائل الإعلام الوطنية والدولية.

وبمجرد وصوله للبساط الأحمر للمهرجان، بادل النجم دي نيرو الجمهور الكبير من عشاقه، حبا بحب، حيث التقط مع عشرات الأشخاص صورا تذكارية، كما حظي بعضهم بتوقيعه الخاص.
الجمهور الذي تكون من جنسيات مختلفة انتظر ساعات بالشارع، أمام قصر المؤتمرات، ليشهد لحظة بزوغ نجمه المحبوب، ليخصص له استقبالا حماسيا، يليق بمكانته الكبيرة في قلوب معجبيه، وبحجمه الفني، وبكل ما أضافه للسينما العالمية، خلال مسيرة طويلة حافلة بأعمال سينمائية مهمة، تعامل فيها مع كبار المخرجين، ونال عنها العديد من الجوائز.
وقبل أن يرتجل كلمته البليغة والمؤثرة بالمناسبة، وقف الجمهور الذي غصت به جنبات قاعة الوزراء، دقائق طويلة يصفق له ترحيبا وحبا.
وقال المخرج العالمي مارتن سكورسيزي وهو يقدم روبرت دي نيرو: ”أنا سعيد جدا بأن أمنح النجمة الذهبية إلى روبرت الصديق والعزيز جدا والنجم الرائع، لقد تشاركنا مسيرة تجاوزت الأربعين سنة، صورنا خلالها أفلاما عظيمة ولطالما لفتني التزامه الكامل بعمله”.
وأضاف سكورسيزي أن روبرت دي نيرو يتقمص كل شخصية، حيث لا يشعر المتابع أن الأمر مجرد تمثيل، “إنه يسافر بنا إلى عالم الشخصية التي يجسد دورها”، معربا عن سعادته الكبيرة بعودة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش بروح جديدة تدعم الأجيال الصاعدة من المخرجين.
ورحب النجم العالمي روبرت دي نيرو بالحضور، حيث ألقى التحية باللغة العربية، وعبر عن سروره البالغ بالاستقبال الكبير الذي خصه به الشعب المغربي.
ووجه النجم الأمريكي شكره لجلالة الملك محمد السادس، وصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وإلى مؤسسة المهرجان، مؤكدا أن المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يمثل أحد أهم المواعيد السينمائية العالمية.
وفي معرض كلمته، أكد دي نيرو على دور الدولة في دعم الثقافة من أجل التصدي للمآسي الإنسانية التي يعيشها العالم، مؤكدا أن “الفن يتجاوز الحدود، ولا يقصي الآخرين. الفن ليس أنانيا، وليس عنصريا، إنه شمولي يحتفي بتنوع الأصول والأفكار”.
وتم خلال حفل التكريم عرض شريط قصير لأبرز الأدوار التي أداها النجم دي نيرو خلال مسيرته الفنية التي تجاوزت الـ 50 سنة، كما تم عرض شريط قصير يدعو فيه دي نيرو العالم إلى احترام الإنسان واختلافه، بعيدا عن أي مرجعية عرقية أو دينية أو سياسية.
وخلال مساره السينمائي، فاز روبرت دي نيرو بأوسكار أفضل دور ثان عن أدائه لشخصية فيتو كورليون في فيلم “العراب” لفرانسيس فورد كوبولا، والسعفة الذهبية سنة 1976 عن “سائق التاكسي” لمارتن سكورسيزي الذي أدخله إلى نادي الكبار ومكنه من الترشح مجددا للأوسكار. تكرر الأمر ذاته في سنة 1979 مع “صائد الغزلان” لمايكل تشيمينو. كما نال أوسكار جديد وجائزة “الغولدن غلوب” عن أدائه لدور بطل الملاكمة جاك لا موطا في “الثور الهائج” لمارتن سكورسيزي.
في بداية الثمانينيات، تم تكريس روبرت دي نيرو، الذي لم يكن يبلغ الأربعين بعد، كواحد من أكبر الممثلين في العالم.
ولمع نجم دي نيرو في أفلام أخرى لمخرجين بارزين مثل “1900” لبرناردو برتولوتشي، “حدث ذات مرة في أميركا”، لسيرجيو ليون، “برازيل” لتيري جيليام، “مهمة” لرولان جوفي، وفاز عنه بالسعفة الذهبية بـمهرجان “كان” عام 1986، و”قبل ملاك” لآلان باركر، “المنبوذون” لبراين دي بالما، “حرارة” لمايكل مان، “جاكي براون” لكوينتين ترانتينو، “العلاج بالسعادة” لديفيد راسل، كما شارك في أفلام أخرى ذات شعبية واسعة مثل “مطاردة منتصف الليل”، لمارتن بريست، و”مافيا بلوز” لهارولد راميس”، ثلاثية “أنا وصهري”.
في صبيحة نفس اليوم، وقبل أن تعطي انطلاقة المسابقة الرسمية، عقدت لجنة التحكيم لقاء مع الصحافة، وتتكون هذه اللجنة من المخرج الأمريكي جيمس غراي، رئيسا وكل من الممثلة الهندية إليانا دوكروز، والمخرجة المغربية تالا حديد، والمخرجة والفنانة التشكيلية اللبنانية جوانا حاجي توما، والممثلة الأمريكية داكوتا جونسون، والمخرجة البريطانية لين رامسي، بالإضافة إلى الممثل الألماني دانييل بروهل، والمخرج الفرنسي لوران كانتي، والمخرج المكسيكي ميشيل فرانكو.
وطرحت خلال هذه الندوة العديد من التساؤلات وأعطيت الكثير من التوضيحات حول الدور الريادي للمهرجان، انطلاقا من اختياره انتقاء أفلام أولى لمخرجين شباب للمشاركة في مسابقته الرسمية.
كما سلطت اللجنة الضوء على المعايير التي سوف يتم اعتمادها في التحكيم بين الأربعة عشرة فيلما المتبارية، كتجارب سينمائية متباينة، حيث قال رئيس اللجنة جيمس غراي إن المسألة ستكون صعبة للغاية بالنسبة لاختيار فيلم دون آخر، لا سيما أن جل الأفلام التي تم انتقاؤها بعناية في هذه المسابقة هي أفلام أولى لمخرجين في بداية مشوارهم السينمائي، مبرزا أن أعضاء اللجنة سيتجردون ما أمكن من صفتهم الإخراجية والتمثيلية لرؤية “أكثر شمولية” حتى يتسنى لهم الشعور بما يشعر به المشاهد العادي.
وأضاف أن ما يميز فيلما عن آخر ليس كونه الفيلم الأول أو الثاني للمخرج، بل “يتمثل في معرفة هل كان معبرا بصدق عن رؤيته الذاتية، وما مدى جرأته في الكتابة والإخراج”، معتبرا أن هذه العناصر تلعب دورا هاما في تحديد مدى جودة أي فيلم من وجهة نظر فنية.
المخرج الأمريكي جيمس غراي الذي عبر قبل ذلك خلال حفل افتتاح المهرجان، عن سعادته بترأس لجنة تحكيم هذه الدورة، قال “إنه لشرف عظيم لي أن يقع الاختيار على شخصي لرئاسة لجنة التحكيم وأن أجدد الوصل للمرة الثالثة بهذا المهرجان الكبير”، ليعلن بعدها عن الافتتاح الرسمي للدورة الـ 17، قبل أن يعلن أعضاء اللجنة كل بلغته الأم عن الافتتاح.
وستكون اللجنة، مكلفة على مدى ثمانية أيام بمهمة الفصل بين الأفلام الـ 14 المشاركة في المسابقة الرسمية واختيار الشريط الذي يستحق النجمة الذهبية 2018.
وعرف هذا الحفل تقديم مشاهد من الأفلام الـ 14 المشاركة في المسابقة الرسمية. ويتعلق الأمر بالفيلم المكسيكي “الفتيات الطيبات” للمخرجة أليخاندرا ماركيز أبيال، والفيلم الأمريكي “دايان” للمخرج كنت جونز، والفيلم المكسيكي “الخادمة” للمخرجة ليلا أفيليس، والفيلم التونسي “في عينيا” للمخرج نجيب بالقاضي، والفيلم الصيني “أيام الاختفاء” للمخرج تشو شين، ثم فيلم “روخو” للمخرج بينيامين نايشتات.
كما شهد الحفل تقديم مشاهد من الفيلم المصري “لا أحد هناك” لمخرجه أحمد مجدي، والفيلم النمساوي “جوي” للمخرجة سودابي مورتيزاي، وفيلم “الحمولة” للمخرج أوغنيان غلافونيش، والفيلم الياباني “الثلج الأحمر” في أول عرض عالمي له للمخرج ساياكا كاي، والفيلم البلغاري “إيرينا” للمخرجة ناديجدا كوسيفا، والفيلم المغربي السويسري “طفح الكيل” للمخرج محسن بصري، وفيلم “كاشا” للمخرج حجوج كوكا، ثم الفيلم الألماني “كل شيء على ما يرام” للمخرجة إيفاتروبيش.

> سعيد الحبشي
> تصوير: عقيل مكاو

Related posts

Top