الديمقراطية وحقوق الإنسان كسبيل للمقاومة في فكر محمد عابد الجابري

 تخليدا للذكرى الثامنة لوفاة المفكر المغربي محمد عابد الجابري، وبمناسبة اختتام الدورة الثانية من التكوين العلمي بماستر الإدارة، حقوق الإنسان والديمقراطية بكلية الحقوق جامعة ابن زهر، نظم الماستر بشراكة مع مؤسسة محمد عابد الجابري للفكر والثقافة، مؤخران بقاعة الندوات التابعة لكلية الحقوق بأكادير، ندوة حول موضوع: ” الديمقراطية وحقوق الإنسان كسبيل للمقاومة في فكر محمد عابد الجابري”.
ساهم في تأطير الندوة مجموعة من الأساتذة الباحثين بمداخلات علمية انصبت على تقديم قراءات حول منجز ومشروع محمد عابد الجابري، وقد سير الدكتور ادريس الكريني، أستاذ بكلية الحقوق بمراكش، أطوار هذه الندوة، مؤكدا على أن سياقها يأتي في إطار سلسلة الندوات التي يعقدها الماستر حول مداخل نظرية متعددة، تشمل حقول معرفية من كافة تخصصات العلوم الاجتماعية والانسانية، وتشكل هذه الندوة إذن، مدخلا أساسيا للوقف عند المنطلقات النظرية حول حقوق الإنسان والديمقراطية في الفكر المغربي المعاصر.
افتتحت الندوة بمداخلة الدكتور عبد العزيز البطيوي، أستاذ بكلية الآداب والعلوم الانسانية بأكادير، والتي انصبت على قراءة في مفهوم الطاعة عند الجابري، يؤكد الباحث في مستهل مداخلته على أن ما يميز الجابري عن غيره من رواد الفكر المغربي المعاصر، هو دعوته إلى عدم القطع مع التراث، وإنما قراءته من منطلقات عقلانية، تبعا لذلك فمفهوم الطاعة كما يؤسس له الجابري، من خلال اشتغاله على تفسير القران، يخص علاقة الفرد بالله، ولا تؤسس الطاعة هنا للعلاقة بالحاكم والمحكوم، أو بين الإنسان والإنسان، وإنما يجب أن يتأسس ذلك على التعاقد الديمقراطي.
أما المداخلة الثانية التي قدمها الدكتور رشيد كديرة، أستاذ بكلية الحقوق بأكادير، فتؤكد على ضرورة قراءة فكر ومنجز ومشروع الجابري في سياقاته التاريخية، باختلاف كتاباته: الأكاديمية والعلمية المؤسسة لمشروعه الفلسفي، السياسية المساهمة في النقاش بالفضاء العام. ومن مدخل علم السياسة، يؤكد المتدخل على أن فكرة الديمقراطية عند الجابري هي فكرة اجتماعية تقوم على منطق المقاومة، مقاومة الأطراف ومناطق الهامش للمركز وللهيمنة التي يحوزها هذا الأخير. لم يكن فكر الجابري مقاوما فقط مقاوما (بفتح الواو) من حركات اجتماعية وفكرية، من قبيل الماركسية التي ترى في فكر الجابري خروجا عن النقد الماركسي، ومن قبيل الحركة الثقافية الأمازيغية التي ترى في الجابري واحدا من المفكرين المغاربة الذين يقصون التعددية الهوياتية واللغوية للمغرب.
وفي مداخلته، يؤكد الدكتور محمد عبد السلام الأشهب أستاذ بكلية الآداب والعلوم الانسانية بأكادير، على ضرورة النظر إلى فكر الجابري من زاوية فكر كوني إنساني، وإن كان يفكر في قضايا محلية فهذا لا يمنع من اعتبار منجزه فكر للإنسانية ككل، بدليل، كما يشير الأستاذ المتدخل، حجم التلقي الأنكلوسكسوني لفكر الجابري في الفلسفة السياسية وفي كتابات مفكرين معاصرين ينتقدون من مدخل مغاير المركزية الغربية في الفكر وينتقدون النظرة إلى الأخر باعتباره موضوعا لا كذات أخرى مستقلة، لذلك يشكل منجز الجابري مدخلا ينفي على الفكر المغربي الصورة النمطية التي ينظر بها فكر الاستشراق إلى الاخر كمتخلف ولاعقلاني… الخ، وتبرهن كتابات العديدة من المفكرين الانكلوسكسونين، بالإضافة إلى ترجمات متعددة لمتن الجابري، على أهمية المقترب الذي يؤسس له الجابري، وهو مقترب عقلاني تحضر فيه شخصية ابن رشد، أو بعبارة أخرى يعيد التاريخ شخص ابن رشد الملهم للثقافة الغربية في شخص الجابري الملهم للنقد المعاصر من مدخل التعدد الثقافي والتحليل العقلاني.
يذكر أن المفكر المغربي محمد عابد الجابري توفي يوم الاثنين 3 ابريل 2010 بالدار البيضاء عن سن يناهز 75 عاما.
وخلف الراحل العديد من المؤلفات بلغ عددها 30 كتابا و40 كتيبا و المئات من المقالات العلمية والفكرية، و من مجمل فضاءات اشتغال الجابري نذكر أربعة فضاءات اساسية، اولها قراءة التراث، وكتب فيها الجابري : ” بنية العقل العربي، العقل السياسي العربي، العقل الأخلاقي العربي”، وثاني الفضاءات مناقشة قضايا الفكر العربي من خلال كتبه “الخطاب العربي المعاصر، إشكاليات الفكر العربي المعاصر”، الفضاء الثالث وهو المستجدات في الفكر العالمي، وكتب فيه عن الديمقراطية والعولمة والهوية وصراع الحضارات وحقوق الإنسان، أما رابع الفضاءات فهو فضاء الشأن المغربي الخاص، وكتب فيها الجابري “أضواء على مشكل التعليم بالمغرب، المغرب المعاصر الخصوصية الهوية الحداثة والتنمية”.

> متابعة: محمد امنون

Related posts

Top