الرئيس التونسي يحاول ضمان ولاء المؤسسات الإعلامية بعد خطابه العنصري في حق المهاجرين

تثير الزيارة التي قام بها الرئيس التونسي قيس سعيد السبت إلى مؤسسة “سنيب لابراس” الحكومية التساؤل عما إذا كانت تمثل محاولة للتصالح مع الإعلام، خاصة عقب أزمة خطاب المهاجرين التي من المحتمل أنها وضحت للرئيس سعيد مدى عزلته وعجز السلطة عن إيصال أفكارها.

وتبنّى الرئيس التونسي في بداية الإجراءات التي اتخذها في 25 يوليو 2021 موقفا سلبيا من الإعلام الذي وصفه في أكثر من مرة بـ”الكاذب”، فيما عكس غيابه عن الظهور في وسائل الإعلام المحلية تجاهلا ومقاطعة له.

وأكد قيس سعيد السبت أنه “لن يقبل بالتفريط في المؤسسات الصحفية التي تمثل جزءا من تاريخ تونس”.

وجاء ذلك بعد أن انخرطت وسائل إعلام ومواقع التواصل الاجتماعي منذ أسبوعين في حملة ضد قيس سعيد إثر تصريحات له بشأن المهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء اعتبرت عنصرية.

وأضاف الرئيس سعيد “هناك سوء تصرف منذ سنوات عديدة ولا بد من وقفه، ومن مظاهر سوء التصرف أنهم يتركون المقر الأصلي ويتم تسويغ مقر بـ350 ألف دينار (حوالي 100 ألف دولار)  في السنة وبعد ذلك يتساءلون أين الأموال، لا مجال للتفريط في هذه المؤسسات”.

واعتبر قيس سعيّد أن “جريدة ‘الصباح’ أيضا جزء من تاريخ تونس وتضمنت العديد من المقالات خاصة في السنوات الخمسين، بعد ذلك تطورت وكانت هناك حركة ثقافية وصحف كثيرة في تونس منذ نهاية القرن التاسع عشر وكنت أتحدث عن جريدة ‘الحاضرة’، ولكن كانت هناك جرائد أخرى كثيرة في تونس بأقلام تونسية حرة تعبر عن فكر حرّ”.

وشركة “سنيب لابراس” الحكومية في تونس، التي تصدر صحيفتي “لابراس” الناطقة بالفرنسية و”الصحافة اليوم” الناطقة بالعربية، تشهد منذ مدة صعوبات مالية كبيرة جعلتها عاجزة عن توفير رواتب العاملين فيها، وأصبحت مهددة بالاختفاء بعد 87 سنة من العمل.

وتقول أوساط إعلامية في تونس إن الرئيس سعيّد قطع الطريق أمام عدة أطراف تسعى لـ”شيطنته” إعلاميا، لكنه سعى من خلال تلك الزيارة إلى إعادة توزيع الأوراق وترتيب علاقة رئاسة الجمهورية مع المؤسسات الإعلامية.

وقال الإعلامي والمحلل السياسي باسل الترجمان لـ”العرب”، إن “قيس سعيد اليوم أعاد ترتيب العلاقة مع وسائل الإعلام من جديد، وهذه الخطوة ستزعج الكثيرين”.

وأشار متابعون إلى أن الحملة التي تستهدف قيس سعيد سجلت إلى جانب وسائل الإعلام انخراط من يوصفون بالمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، فضلا عن انضمام عدد من الأحزاب والنواب ممن عبروا عن مساندتهم لهذه الحملة التي حظيت بتغطية إعلامية واسعة.

وأفاد مراد علاّلة، صحافي في جريدة “الصحافة اليوم” ومحلّل سياسي، بأن “زيارة قيس سعيّد إلى ‘سنيب لابراس’ حملت عدّة رسائل إيجابية، أهمها مراهنة الرئيس على الإعلام العمومي والورقي بشكل خاص”.

وأوضح في تصريحات إعلامية “تحدثنا مع الرئيس سعيّد حول الرقمنة، لكنه تشبّث بإصدار النسخ الورقية، وهذا يحمل مصالحة مع الإعلام الوطني والعمومي، كما استغل الفرصة لتقديم بعض المواقف السياسية، على غرار استمرار مكافحة الفساد”.

وبلغ تأثير تلك الحملة البنك الدولي الذي علق  محادثاته “حتى إشعار آخر” مع تونس بشأن التعاون المستقبلي.

وأفاد الناشط السياسي نبيل الرابحي بأن “موقف الرئيس سعيّد من الإعلام كان واضحا، لكن مع الأسف هناك من يسعى لتشويهه ليلا ونهارا، وهناك بعض الإذاعات المحليّة تخصّصت في التنمّر ضد الرئيس”.

وقال إن “الشعب التونسي واع بما يجري، والقوى الخارجية تدرك أن قيس سعيّد مسنود من أغلب الشعب”.

وردت تونس بالتعبير عن أسفها لسوء الفهم الصادر عن بلدان أفريقية، واعتبرت أن ما يروّج بشأن موقفها ليس أكثر من اتهامات لا أساس لها من الصحة.

وفي وقت سابق انتقد الرئيس قيس سعيد وسائل الإعلام المكتوبة انتقادا لاذعا.

واعتبر في لقاء جمعه مع رئيسة الحكومة نجلاء بودن أن بعض وسائل الإعلام تتعمّد في نشراتها الإخبارية تشويه الحقائق؛ حيث قال ”يشوّهون الحقائق ويتحدثون عن بعض المسائل التافهة ثمّ بعد ذلك يتحدثون عن جملة من القضايا الأساسية والجوهرية”.

Related posts

Top