الشهداء يعودون إلى خشبة المسرح ضمن فعاليات الدورة 9 لمهرجان المسرح العربي

الشاعر عز الدين ميهوبي، وزير الثقافة الجزائري، والمخرج المسرحي فوزي بن ابراهيم، أعادا معا حكاية عشق تراثية إلى خشبة المسرح في حفل افتتاح الدورة التاسعة لمهرجان المسرح العربي الثلاثاء الماضي، الذي شهد انطلاق فعاليات دورة عز الدين مجوبي، التي تلتئم في الجزائر في الفترة ما بين 10 و19 يناير الجاري بتنظيم مشترك بين الهيئة العربية للمسرح والديوان الوطني للثقافة والإعلام وبإشراف من وزارة الثقافة الجزائرية وبدعم من ولايتي وهران ومستغانم..
شهد حفل الافتتاح تلاوة كلمة اليوم العربي للمسرح التي آلت كتابتها هذه السنة للمخرج المسرحي الأردني حاتم السيد، والتي قرأها بالنيابة عنه الفنان عزيز خيون.
 كما تميزت أجواء حفل افتتاح الدورة التاسعة والذي أقيم على خشبة القاعة الكبرى بفندق «الميريديان» بمحافظة وهران بتقديم عرض «حيزية» للمخرج فوزي بن إبراهيم، وهو عبارة عن أوبيريت غنائي، يستعيد قصة عشق درامية وقعت في أواسط القرن الماضي في أحد المناطق الصحراوية…

افتتاح بطعم التكريم والعرفان

مهرجان المسرح العربي في دورته الحالية، والذي يأتي بعد القاهرة عام 2009، وتونس عام 2010، وبيروت عام 2011 وعمّان عام 2012 والدوحة عام 2013 والشارقة عام 2014 والرباط عام 2015، والكويت عام 2017، يحط اليوم الرحال بالجزائر لتتحول إلى خيمة للمسرحيين والنقاد والإعلاميين والمهتمين والخبراء والمتدربين والأطر المتمرسة في مجالها كي ينقلوا الفرجة إلى جمهور وسكان ولايتي وهران ومستغانم.
فدورة الجزائر تعرف حضورا لافتا للعديد من المسرحيين العرب، في أضخم تجمع سنوي يروم قراءة الحصاد المسرحي السنوي، ويعطي الانطلاقة في آن لبداية الموسم المسرحي في جميع الدول العربية ببرنامج عمل متنوع ومتعدد يضم العروض والندوات الفكرية والورشات واللقاءات والحلقات والتوقيعات والعديد من الفقرات التي ترتبط بالمسرح العربي وبواقعه.
ولعل توالي دورات المهرجان وانتظامها، بدأ يؤسس لمستقبل خاص لهوية المهرجان بما يتلاءم والأسئلة الجديدة التي يشهدها المشهد المسرحي العربي. ولعل المؤتمر الفكري، والذي تعرفه كل دورة ويعرف مشاركة فعلية للعديد من النقاد والخبراء والباحثين المرموقين العرب، يؤسس لمعنى فعلي لتوطين المسرح في فضائه الأثيري في منظومة المجتمع العربي. خصوصا أن كل دورة أضحت تشكل مادة دسمة للباحثين كي يقاربوا بعضا من الإشكالات الكبرى التي ترتبط بالممارسة المسرحية في العالم العربي وبأفقها وبرهاناتها.
الدورة التاسعة (دورة عز الدين مجوبي) للمهرجان العربي للمسرح، تمثل أضخم وأوسع برنامج يشهده  المهرجان، وتتقاسم كل من ولايتي وهران ومستغانم فعالياته. وكما جاء في كلمة الأمين العام للهيئة العربية للمسرح الأستاذ اسماعيل عبد الله، في حفل الافتتاح الذي تزامن مع الاحتفاء باليوم العربي للمسرح والذي يصادف كل سنة العاشر من يناير، فإن المسرحيين «يقفون على أرض الجزائر اليوم ليرسموا حلمهم، وتصدح أصواتهم بنشيد الحرية، في الدورة التاسعة من مهرجان المسرح العربي/ دورة عز الدين مجوبي، الأمر الذي يؤشر إلى وعي كبير بدور المسرح في التنمية المجتمعية، ودوره في ترقية الفعل الثقافي والإبداعي، بدوره في التغيير..». واعتبر الأمين العام أن المسرحيين العرب هم «صناع الحدث»، ليخاطبهم قائلا: «أنتم الذين ركبتم صهوات الحياة ووفدتم من كل فج بعيد، وطويتم بالمحبة المسافات، حاملين شهد إبداعكم، لتضعوه سائغاً مغلفاً بالحب للمسرح العربي والجزائر، فهذه ساحتكم، وهذا بلدكم وهذه مسارحكم، فمن مثلكم اليوم وأنتم تدرأون الظلام بنور الجمال؟ من مثلكم وأنتم ترفعون رايات الحب في وجه عواصف الكراهية التي تجتاح العالم؟ من مثلكم بكل هذا الإقدام في غناء المحبة بينما تعلو لغة الغلو والتطرف والجنون؟ من مثلكم وأنتم تحجون إلى وطن يكبر بكم وتكبرون فيه».
وشهد حفل الافتتاح تكريم فرقة جبهة التحرير الوطني، الفرقة التي أسسها المبدع مصطفى كاتب عام 1958، لتكون رسالة الجزائر ودعوة إلى التحرر من الاستعمار، ومشتلا لتعليم قيم المواطنة وللدفاع عن القضايا الوطنية. خمسة عشر عضوا من الفرقة كرموا في حفل الافتتاح، من صفية قاسي الى مصطفى سحنون وابراهيم دري والهادي بوليفة، والطاهر ثامر وأحمد التلي وثلة من خيرة فناني الجزائر في المهاد الأول من الحركة المسرحية. كما شهدت الدورة تكريما خاصا لأحد مناضلي وشهداء الحركة المسرحية الجزائرية والعربية، الفنان شهيد المسرح عز الدين مجوبي (اغتيل في 13 فبراير 1995 في الجزائر العاصمة).

انطلاق المسابقة الرسمية للمهرجان وندوة استعادية لشهيد المسرح مجوبي

28 عرض مسرحي، ثمانية تتنافس على جائزة القاسمي الكبرى و8 في مسار المهرجان، وأربعة في المسار الثالث و8 من العروض الجامعية، وما يقارب 11 ورشة تدريب، أربعة منها مخصصة لتنمية تجارب مسرحية لافتة في بعض الدول العربية، وسيل هائل من الندوات واللقاءات الفكرية التي تغني فسيفساء فقرات برنامج الدورة التاسعة لمهرجان المسرح العربي.. بحيث تستقبل الدورة أزيد من 100 مشاركا في المؤتمر الفكري، و33 مشاركاً في تأطير الورشات والندوات النقدية التطبيقية، ومناظرة ريادة النص المسرحي العربي التي تسعى هذه الدورة إلى الحسم فيها بندوة محكمة، إلى جانب 3 ندوات محكمة لتحديد ترتيب الفائزين في مسابقات البحث وتأليف النص وورشة لإعداد القراءات النقدية للعروض قبل المهرجان يشارك بها مجموعة من الأكاديميين الجزائريين من أجل تقديم القراءات النقدية بشكل أكثر منهجية.
وشهدت قاعة المؤتمرات، عقد ندوة «شهيد المسرح الجزائري عزالدين مجوبي» وهي الندوة التي عرفت تقديم فيلم وثائقي ووثائق وشهادات حول مسيرة أحد أكبر رجالات المسرح الجزائري. كما تواصلت عقد اللقاءات الصحفية والندوات التطبيقية للعروض المسرحية المشاركة. وقد افتتح المسرحي التونسي توفيق الجبالي بعرضه المسرحي «المجنون» والذي استلهم نصا لجبران خليل جبران، سلسلة العروض المسرحية بقاعة السعادة بوهران فيما عرفت قاعة المسرح الجهوي عبد القادر علولة تقديم أول عرض مشارك في المسابقة الرسمية، مسرحية «الثلث الخالي» للمخرجة الجزائرية تونس آيت علي.

استراتيجية عربية للمسرح للنهوض بالثقافة المسرحية داخل المجتمعات العربية

الدورة التاسعة لمهرجان المسرح العربي، تحط الرحال بدولة تعرف حراكا لافتا في مجال الممارسة المسرحية، جزائر مصطفى كاتب، وعبد القادر علولة، وامحمد بن قطاف وغيرهم. ولعل اختيار روح تسمية الدورة باسم واحد من شهداء المسرح الجزائري «عز الدين مجوبي» هو تكريس لاحترام نضالات المسرحيين وتضحياتهم والدور الذي يلعبه المسرح في التغيير وتهيئة مناخ الحرية.
يعرف المهرجان تنظيم مؤتمر فكري كبير وسم موضوعه بـ «العبور إلى المستقبل بين الريادة والقطيعة المعرفية» ويأتي  المؤتمر الفكري في هذه الدورة مكرسا للمعنى المعرفي والعلمي والذي ظل على الدوام أحد رهانات هذه الدورات. إذ على مدار تسعة أيام سيشهد المهرجان عقد ندوتين تطبيقيتين استذكاريتين لشهيدي المسرح الجزائري عز الدين مجوبي، وعبد القادر علولة، حيث تعقد كل ندوة منهما مرتين في كل من وهران ومستغانم. ومناظرة علمية حول ريادة النص المسرحي العربي بين مارون النقاش وابراهيم دانينوس، بمشاركة متناظرين هما د. سيد علي اسماعيل من مصر، ومخلوف بوكروح من الجزائر.
كما سيتم حسم الفائزين وترتيبهم في ثلاث مسابقات نظمتها الهيئة عام 2016 وهي مسابقة تأليف النص المسرحي الموجه للكبار، مسابقة تأليف النص المسرحي الموجه للأطفال، المسابقة العربية للبحث العلمي المسرحي (المخصصة للباحثين الشباب) تحت سن الخامسة والثلاثين. كما سيشهد المؤتمرالندوة التطبيقية العلمية حول فن الإيماء وندرته في المسرح العربي، حيث سيتم تطبيق التمارين مع كافة الحضور. إضافة إلى ندوات ستنظم في جامعة مستغانم حول النقد والصور الجمالية في المسرح لفائدة طلبة كلية الآداب والفنون وطلبة الدراسات العليا فيها.
سيشهد المهرجان ملتقى خاصاً بالمهرجانات الضيفة وتوقيع تفاهمات مع الفيدرالية الدولية للممثلين، وإعلاناً عن حزمة نشاطات تنظم بالاشتراك مع ديوان الثقافة وجهات عديدة في الجزائرعلى مدار العام 2017، إلى جانب اجتماع مسرحي مغاربي سينتج عنه خطة عمل مشتركة لصالح المسرح العربي.

وهران: عبد الحق ميفراني

Related posts

Top