المجلس الوطني للصحافة يدعو إلى احترام ميثاق أخلاقيات المهنة

اعتبر نور الدين مفتاح، رئيس لجنة المنشآت الصحفية وتأهيل القطاع بالمجلس الوطني للصحافة، خلال لقاء تقديم “ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة”، يوم الجمعة الماضي بالدار البيضاء، أن هذا اللقاء هو اليوم الأول للافتتاح الرسمي للمجلس الوطني للصحافة مع أسرته بعد افتتاحه الرسمي في 25 يونيو الماضي مع الرسميين.
وقال مفتاح الذي أدر اللقاء، إن الموضوع يكتسي أهمية كبرى اليوم في الممارسة الصحافية بالمغرب، وهو ما دفع المجلس إلى وضع هذا الملف على طاولته أولا، حيث تمكن من إخراج الميثاق الذي نشر بالجريدة الرسمية عدد 6799 خلال 29 يوليو 2019، ليكون بذلك قد دخل حيز التنفيذ.
وأشار مفتاح إلى أن مجال الصحافة اليوم يعيش تقلبات عالمية، كما أن مهنييه يعيشون في الهشاشة الاجتماعية والاقتصادية، حيث أصبحت اليوم المنشآت الصحافية تحارب من أجل البقاء، سواء تعلق الأمر بالصحافة الورقية أو الإلكترونية.
وأكد رئيس لجنة المنشآت الصحفية وتأهيل القطاع بالمجلس الوطني للصحافة، بأن المجلس الوطني للصحافة هو تجربة متميزة وتنظيم ذاتي للمهنيين، موضحا بأن هذا المجلس على عكس المجالس الأخرى التي تستقبل الشكايات، بل هو مجلس للمزج بين الشق المهني والشق الاجتماعي لوضعية الصحافيين.

أدوار كبرى

وذهب يونس مجاهد، رئيس المجلس الوطني للصحافة، إلى ما ذهب إليه نور الدين مفتاح، بخصوص أن المجلس الوطني للصحافة يختلف عن باقي الهيئات الأخرى، نظرا للأدوار التي أصبحت منوطة به، من قبيل تكفله بمهمة منح بطاقة الصحافة، وتأهيل الصحافة، إلى جانب قوته الاقتراحية، ثم تتبع حرية الصحافة..
وشدد يونس مجاهد، بأن ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة، من بين المهمات الأساسية والرئيسية، إلى جانب باقي المواضيع الأخرى المرتبطة بتكوين الصحافيين، ومتابعة مجموعة من الخروقات، فضلا عن إنجاز دراسات حول القطاع مع مختلف المهنيين في القطاع، بهدف إعداد رؤية واضحة حول القطاع.
وتحدث مجاهد، عن دور المجلس في تأهيل المقاولة الصحفية التي دعا إلى ضرورة تطويرها وتأهيلها بشكل يضمن استقرارها، وذلك في ظل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي يشهدها القطاع، وهو ما يشتغل عليه المجلس من خلال برنامج طموح، يهم إطلاق خطة وطنية لتنمية قراءة الصحف، على أساس الترافع من أجل إحداث صندوق لدعم قراءة الصحف..

إعلان الحرب

من جهته، أوضح محمد السلهامي، رئيس لجنة أخلاقيات مهنة الصحافة بالمجلس الوطني للصحافة، أن هذا اللقاء هو يوم تحسيسي حول أخلاقيات المهنة التي جاء الميثاق إلى تأكيدها، مؤكدا بأن الوضع الحالي لا يمكنه أن ينتظر، وهو البوابة من أجل تحسين تعامل الصحافيين مع بعضهم وكذا مع القراء.
وأفاد محمد السلهامي أن سبب اختيار مدينة الدار البيضاء لاحتضان هذا النقاش جاء من أجل إشراك جميع المهنيين الذين يتركز أغلبهم في العاصمة الاقتصادية، مشيرا إلى أن المجلس هو من يحق له اليوم أن يتحدث باسم الصحافيين، وكذا هو الحاضن لكل النقاشات التي تهمهم.
وقال السلهامي إن الميثاق يناشد الأخلاق الشخصية والضمير المهني للصحافيين، معرجا على ذكر ضرورة التمييز بين المعلومات الصحيحة والكاذبة، ثم تجنب أخبار الشائعات والتشهير، حاثا على الالتزام بما جاء به الميثاق الذي يدافع عن الأخبار الصحيحة، والاختلاف في الرأي، والتحلي بالأخلاق في تحرير جميع الموارد الصحافية ككل.

شرف المهنة

وشهد اللقاء مناقشة ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة، من قبل أستاذين باحثين، وكذا فاعلة في المجال المدني، حيث كان التدخل الأول من نصيب عبد الوهاب الرامي، أستاذ الإعلام بالمعهد العالي للإعلام والاتصال، في موضوع له حول “ميثاق أخلاقيات المهنة: الفلسفة والتوجهات”.
وانطلق عبد الوهاب الرامي، من سؤال لماذا أخلاقيات المهنة؟، مؤكدا بأن هذه الأخلاقيات هي جزء لا يتجزأ من مهنة الصحافة، مشيرا إلى أن الميثاق يمتح مشروعيته من مجموعة من المرجعيات، أولاها الدستور الذي يضمن حرية التعبير ونشر الأخبار والأفكار والآراء، ثم المواثيق الوطنية والدولية حول حقوق الإنسان وتعدد واختلاف الآراء، فضلا عن القانون القاضي بإحداث المجلس الوطني للصحافة لا سيما المادة 2 منه.
واعتبر الرامي، الميثاق وثيقة ملزمة لكل المهنيين، موضحا بأن كل من ينتهك الميثاق فهو ينتهك شرف المهنة، ومشيرا إلى أن الميثاق يتضمن في طياته سلسلة من الحقوق التي تحمي القطاع، وتضمن للمواطن حقه في إعلام مهني يضمن التعددية والاختلاف في الرأي.
إيجابي ولكن..

من جهتها، أشادت جميلة السيوري، رئيسة جمعية “عدالة”، بميثاق أخلاقيات المهنة، معتبرة إياه مكسبا وقفزة نوعية بعد انتظار طويل، موضحة بأنه يشكل مرجعا للدفاع عن حرية الصحافة والتعبير، إلى جانب أنه يلازم بين الأخلاقيات والحرية.
ودعت جميلة السيوري، في معرض حديثها عن “ميثاق الأخلاقيات في ضوء المواثيق الدولية”، أن الميثاق يجب أن يكون في ملكية الجميع، وفق تعاقد بين جميع المهنيين في القطاع، وهو وثيقة لتوثيق القيم الإنسانية في العمل الصحافي على حد تعبيرها.
وأشارت السيوري إلى أن الميثاق يتحرك بحسب التطورات التي يشهدها المجتمع، ومن تم فهو الحاضن لسلسة من القيم الكونية، غير أنه بالرغم من هذه الإيجابيات التي تحدثت عنها، توقفت أيضا عند أوجه النقص التي شابت الميثاق وفقها.
وفي هذا الإطار، أشارت رئيسة جمعية “عدالة”، إلى أن الميثاق تحس وكأنه خط غير ناظم، حيث يتحدث عن الواجبات فقط، في حين الحقوق مشتتة، وهو ما يجعل منه وثيقة غير متوازنة في البناء، مقدمة مثال معاناة الصحفي في الحصول على المعلومة، هذا من جهة.

تقاطع..

وسجل علي كريمي، عضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة، يضم تقاطعا قويا بين ما هو أخلاقي وقانوني، مقدما نموذج حق الرد والتصحيح الذي ينص عليه القانون والذي هو ملزم بقوة القانون على حد قوله.
وعدد علي كريمي، في مداخلته حول “التقاطع بين القانوني والأخلاقي في الصحافة”، صفات الصحفي المهني الذي يجب أن يكون وفقه، متأكدا من مصادر خبره، ويبتعد عن الحياة الخاصة للناس التي اعتبرها أمرا حساسا، ثم تجنبه للتشهير والسب والقذف، ثم حق استعمال الصورة…
وأكد كريمي، بأن الميثاق جاء لوضع النقط على الحروف على مجموعة من المواضيع التي تهم قضايا الصحافة والنشر، من بينها التمييز العنصري الإثني والعرقي.. من تم فإن الميثاق بحسبه، يتداخل فيه ما هو ملزم وأدبي ومعنوي..
وشدد عضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان، على أن الصحفي لا يمكن أن يكتب اليوم بدون استحضار الضوابط التي جاء بها الميثاق، مشيرا إلى أن الصحافيين يجب أن يكونوا متدربين على مجموعة من القضايا التي تهم الكتابة والنشر وحقوق الإنسان.

< يوسف الخيدر
تصوير: عقيل أحمد مكاو

Related posts

Top