المهرجان الجهوي للمسرح الاحترافي يمنح جوائزه ويسدل الستار عن نسخته الأولى

وضعت، الدورة الأولى من المهرجان الجهوي للمسرح الاحترافي، أوزارها، ليلة الجمعة الماضي، وبتسليم الجوائز، أسدلت الستار عن فعالياتها التي تواصلت بالعديد من فضاءات العرض في جهة الدار البيضاء – سطات، منذ الثالث من شهر يونيو الجاري، تحت شعار “لنتصالح مع المسرح”، بمبادرة من جمعية مسرح الكاف وشراكة مع مصالح جهة الدار البيضاء- سطات.
وقد اختارت لجنة تحكيم الدورة، المكونة من الرئيس عبد الرحمن بن زيدان، والفنانتين نعيمة إلياس، وفتيحة واتيلي، والمخرج المسرحي وردة إبراهيم، لائحة الفائزين والتي جاءت على الشكل التالي:
< جائزة الجمهور عادت لفرقة آرت كوم، عن مسرحية بوغطاط، تأليف وإخراج وتشخيص، جواد الخودي، وحليمة
< جائزة أحسن تشخيص رجالي مناصفة بين المثلين جواد العلمي ومنير أبري عن دوري “المنسي” والحكواتي في مسرحية “المقامة البهلوانية” لفرقة مسرح أبعاد. المقتبسة من نص للكاتب المغربي عبد الكريم برشيد، وإعداد وإخراج عبد المجيد شكير
< جائزة أحسن تشخيص نسائي مناصفة أيضا، بين الممثلة والنجمة الصاعدة هند بن جبارة عن دورها المتميز في مسرحية سعدات سعيد لفرقة غرناطة إخراج عمر جدلي.
< جائزة أحسن تشخيص نسائي مناصفة فازت به الممثلة سميرة هشيكة عن دورها في مسرحية ( جيل شو ) لفضاء القرية للإبداع إخراج بوسرحان الزيتوني .
< جائزة السينوغرافيا: سعيد الرايس عن مسرحية مايد إن موروكو، لفرقة مسرح الشهاب.
< جائزة النص: مسرحية المقامة البهلوانية، تأليف الكاتب المغربي عبد الكريم برشيد.
< جائزة الإخراج: بوسرحان الزيتوني، عن إخراجه لمسرحية جيل شو، لفرقة فضاء القرية للإبداع.
< الجائزة الكبرى: مسرحية، المقامة البهلوانية، لفرقة مسرح أبعاد إخراج وإعداد، عبد المجيد شكير.
يجذر التنويه ببعض العروض التي تضمنت مجهودات كبيرة في خلق ذلك التواصل المفقود بين المسرح والجمهور وتقليص الهوة بين الجاد والهزلي، وحفاظها على ذلك الخيط الرفيع الناظم للممارسة المسرحية والذي يتضمن الخطاب القيمي دون التفريط في متعة الفرجة، وفي هذا الصدد نسوق كمثال مسرحية “بوغطاط” لجواد الخودي، هذا الفنان المتألق والذكي، الذي وبعد أن شكر لجنة التحكيم، خاطب الجمهور قائلا: ” نحن في اشتغالنا غالبا لا نعطي أهمية لرأي لجن التحكيم بالقدر الذي نهتم فيه برأي الجمهور.
ومسرحية “بوغطاط”، لفرقة أرتيل كوم، هي عبارة عن كوميديا مفرطة و بادخة، توالت مشاهد مسرحية بوغطاط، وهي تطرح هموما حقيقية، وأسئلة وجودية بخصوص لعنة الإرهاب، التي تسلطت على العديد من البلدان الإسلامية، مستفيدة من تفشي ثنائية الفقر والجهل التي توفر لها تربة خصبة، كي تتمدد وتنمو عبر ركوبها على الخطاب الديني المؤول بأشكال مغلوطة، تبيح قتل الأبرياء، والدوس على مبادئ الدين نفسه وعلى القيم الانسانية الكونية.
في هذا العمل الذي لا يقف عند حدود أو يعترف بالطابوهات، بل يناقش مواضيع شائكة، من خلال مقاربة كوميدية تسخر من الجهل والإنغلاق والكراهية، لكي تبلغ رسالتها الإنسانية وتحث المتلقي على الانتصار للمبادئ الكونية والإنسانية، بل تؤكد بما لا يدع مجالا للشك، على رسالة المسرح النبيلة في الدفاع عن القيم السامية والإسهام في معالجة التجليات الاجتماعية السلبية، من خلال طرحها بذكاء فني، على خشبة المسرح، للنقاش.
أما العمل الثاني الذي كان مميزا، هو “المقامة البهلوانية”، لفرقة مسرح أبعاد، المقتبسة عن نص للكاتب المغربي عبد الكريم برشيد، وإعداد وإخراج عبد المجيد شكير، والتي حازت معظم الجوائز.
ويتلخص موضوع المسرحية في الحديث عن معاناة “المنسي” الذي أراد أن يكون صادقا وصاحب مبدأ داخل سياق لا يؤمن بالفن وفي مواجهة فئات يرعبها الفن الصادق، باعتباره يتضمن فضح المسكوت عنه من الممارسات الفاسدة والسيئة، و يستفزها في دعوته لمعانقة القيم الانسانية النبيلة المطلقة مثل الحب والخير والجمال.
في هذا العرض ينهزم الفنان الحقيقي فيبدو معزولا ومهمشا ومتنصلا منه، وحيث تتجلى المبادىء والقيم، كمرض معدي، تسود قيم استبلاد الجمهور، لكنه ينتصر في الأخير من أجل ايصال رسالته الفنية.
على كل، شكلت الدورة الأولى من المهرجان الجهوي للمسرح الاحترافي، بقعة ضوء، وخطوة أولى على درب المصالحة الطويل والشاق مع المسرح، عقب قطيعة استمرت سنوات طويلة، مليئة بالكثير من المتغيرات، وبالعودة الى العروض المتنافسة فقد تراوحت بين الغث والسمين، ولوحظ بون شديد بين العروض، ليس انتقاصا من أي تجربة، ولكن في سياق المصالحة الجادة مع المسرح، إذ تبقى كل التجارب جديرة بالاحترام بالنظر للكثير من المعيقات الموضوعية التي تعتريها، والتي تتحداها كل فرقة بطريقتها الخاصة مع ما يرافق ذلك من تضحيات.

> سعيد الحبشي

Related posts

Top