بركة: المغرب اتخذ تدابير عملية استباقية لمواجهة تراجع الموارد المائية

دعا المشاركون في الدورة الثالثة لقمة المناخ المتوسطية “ميد كوب”، يوم الجمعة الماضي بطنجة، إلى تقديم تمويلات عمومية جديدة وإضافية للبلدان النامية لمواجهة آثار التغيرات المناخية.
وجاء في “إعلان ميد كوب طنجة”، الذي تلي في ختام فعاليات المؤتمر الذي نظم تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس يومي 22 و23 يونيو بمبادرة من جهة طنجة تطوان الحسيمة ودار المناخ المتوسطية، أن المشاركين في القمة يحثون على توفير “تمويل إضافي للبلدان النامية، إلى جانب التمويلات الموجودة من قبيل صندوق المناخ الأخضر والمساعدة العمومية على التنمية، دون أن يؤثر ذلك على تمويل العمل الدولي في إطار الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية”.
كما شددوا على تطوير آليات للصندوق الجديد للخسائر والتعويضات لفائدة السكان الأكثر عرضة للتغيرات المناخية، لاسيما الذين أجبروا على الهجرة بسبب ذلك، داعين إلى وضع آليات تمويل مباشرة وأدوات مؤسساتية لجعل التمويل الدولي من أجل التنمية متاحا للمجالات الترابية والحكومات المحلية، لتمكينها من تمويل مخططاتها من أجل التكيف مع التغيرات المناخية وحاجاتها من البنيات التحتية.
في هذا السياق، أبرزوا الحاجة إلى تحسين استجابة الحكومات المحلية والإقليمية للطوارئ المناخية، وتشجيع وضع رؤية بعيدة المدى وتخطيط متوسط المدى، وتقوية دور الحكومات الإقليمية والمجالات الترابية في العمل المناخي، من خلال وضع برامج مناخية محلية تأخذ بعين الاعتبار النوع الاجتماعي.
وطالبوا الحكومات المحلية والجهوية بمنح الأولية للحلول القائمة على الطبيعة في إطار استراتيجياها لتدبير الفضاءات الحضرية والطبيعية، داعين إلى ملاءمة السياسات المحلية مع الأجندات المناخية الوطنية والدولية، وتشجيع الحلول المحلية لتجنب وتقليل المجبرين على النزوح بسبب الكوارث والتغيرات المناخية، بفضل تقوية المرونة وخفض المخاطر.
وشدد الإعلان على خلق مناخ ملائم للحلول المالية المبتكرة لفائدة البلديات والجماعات بفضل ولوج مباشر للتمويل المناخي، والولوج على أسواق الرساميل، ومنحها القدرة على الاستفادة من آليات الضمانات والانخراط في شراكات بين القطاعين العام والخاص.
كما دعت قمة “ميد كوب” إلى وضع مخططات وبرامج التكيف على مستوى البلدان المتوسطية، ضمن مقاربات وطنية، تأخذ بعين الاعتبار مقاربة النوع والمساواة والشفافية، وكما تراعي خصوصيات الجماعات والمنظومات الهشة، مشددة على أهمية وضع أدوات عملية لتيسير ولوج النساء إلى التمويل المناخي وتقوية الريادة النسائية، بغاية جعل تدبير الموارد والمبادرات ذات الصلة بالبيئة وبمخاطر الكوارث أكثر فعالية.
حوض المتوسط في مواجهة تحديات المناخ

وكان وزير التجهيز والماء، نزار بركة، قد أكد يوم الخميس الماضي، في كلمة خلال الافتتاح الرسمي للمؤتمر أن المغرب اتخذ تدابير عملية استباقية لمواجهة تراجع الموارد المائية بسبب التغيرات المناخية التي تؤثر على حوض البحر الأبيض المتوسط.
واعتبر بركة أن مؤتمر “ميد كوب” يشكل فرصة فريدة لتبادل التجارب الجيدة في مجال مكافحة التغيرات المناخية، وبناء شراكات استراتيجية وتعزيز التعاون الإقليمي، على اعتبار أن العمل المشترك والتنسيق حول قضايا المناخ يعد السبيل الأمثل للتصدي لتأثيرات التغيرات المناخية التي تعتبر تحديات مشتركة بحوض المتوسط.
في هذا السياق، سجل أن تنظيم هذا المؤتمر يعكس الالتزام المشترك بالتعاون والتنسيق الإقليمي لمواجهة تحديات التغير المناخي، الذي صار يشكل تهديدا حقيقيا للبيئة والمجتمعات في مختلف بقاع العالم، لاسيما بحوض المتوسط، الذي بالنظر لموقعه الجغرافي وخصوصياته الطبيعية وكذا السوسيو اقتصادية وساكنته التي تقدر ب 500 مليون شخص، يعتبر من المناطق الأكثر حساسية والتي يشتد فيها وقع التغيرات المناخية.
وسجل الوزير بأن تقريرا علميا أبان عن ارتفاع درجة الحرارة بالمتوسط بحوالي 1,5 درجة تقريبا منذ ما قبل العصر الصناعي، أي 20% أسرع من المتوسط العالمي، وفي حالة عدم اتخاذ تدابير إضافية، سترتفع درجة الحرارة في منطقة البحر المتوسط بمقدار 2.2 درجة مئوية بحلول عام 2040، كما سيؤثر ارتفاع سطح البحر على ثلث سكان المنطقة في المناطق الساحلية ويهدد سبل عيش ما لا يقل عن 37 مليون شخص في شمال إفريقيا لتأثير ذلك على الإنتاج الزراعي، وتراجع توفر المياه العذبة بنسبة تصل إلى 15 في المائة خلال العقود القادمة، ما سيعرض حوالي 250 مليون شخص للفقر المائي.
وأبرز بركة أن المغرب، بتعليمات سامية من جلالة الملك محمد السادس، عمل على تعزيز صموده في مواجهة التغيرات المناخية، ولاسيما في ظرفية تتسم بضعف التساقطات، مبرزا ان المملكة تتوفر على 152 سدا بقدرة تخزين تناهز 19,9 مليار متر مكعب، من المرتقب أن ترتفع إلى 25 مليار متر مكعب في أفق سنة 2027، كما يجري بناء عدة سدود تلية وصغرى، وتنظيم تدبير المياه الجوفية عبر عقود الفرشات، والعمل على ربط الأحواض المائية، والذي سيمكن خلال الأشهر المقبلة من نقل بين 300 مليون و400 مليون متر مكعب من المياه من حوض سبو إلى حوض أبو رقراق، وبالتالي ضمان مياه الشرب لحوالي 12 في المائة من ساكنة المغرب.
في السياق ذاته، أضاف الوزير أن العمل انصب على تقوية العرض المائي من خلال تحلية مياه البحر، حيث ستنتقل قدرة المعالجة من 150 مليون متر مكعب سنويا حاليا إلى 200 مليون متر مكعب سنويا في أفق عام 2030، ومضاعفة القدرة على معالجة المياه العادمة بثلاث مرات في أفق عام 2026، والاقتصاد في استهلاك المياه عبر تحويل أنظمة الري إلى التنقيط وتحسين مردودية القنوات، ووضع آليات النجاعة المائية في عدد من الصناعات والأنشطة الاقتصادية، ورفع مساهمة الطاقة الكهرمائية في المزيج الطاقي بالمملكة.
يذكر أن أشغال “ميد كوب”، المنظم بمبادرة من مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة ودار المناخ المتوسطية حول شعار “ميد كوب، رافعة للعمل المناخي في منطقة البحر الأبيض المتوسط على المستوى المحلي والجهوي”، تمحورت حول ثمانية محاور موضوعاتية، تتمثل في “المدن والأقاليم المتكيفة مع تغير المناخ”، و”النظم الغذائية المستدامة”، و”الإدارة المستديمة للموارد المائية والاقتصاد الأزرق”، و”الانتقال الطاقي”، و”النساء والمناخ”، و”الحلول القائمة على الطبيعة”، و”الهجرة المناخية”، و”السلام والأمن والتعاون اللامركزي”، ثم “تمويل مشاريع المناخ”.
وركزت أشغال الدورة الثالثة من مؤتمر الأطراف لمؤتمر الأطراف لدول المتوسط حول المناخ “ميد كوب المناخ 2023″، على إعادة تموقع الجماعات الترابية بحوض البحر الأبيض المتوسط وجعلها في قلب تسريع مسلسل تسريع تفعيل أجندة المناخ.
وعرفت هذه الدورة من المؤتمر، مشاركة ثلة من الخبراء الوطنيين والدوليين، ومسؤولين حكوميين وفاعلين في المجتمع المدني بهدف إيجاد حلول للتحديات ذات الصلة بالتغيرات المناخية، والتي قد تؤثر على مستقبل البشرية.
وتضمن برنامج مؤتمر “ميد كوب المناخ” 16 ندوة موضوعاتية، ومنتدى للأعمال، وأنشطة موازية (دورات تكوينية، ولقاءات عمل بين مسؤولي وممثلي الشركات والمقاولات (B to B)، ولقاءات لمراكز الأبحاث والدراسات ومنظمات المجتمع المدني حول “ميد كوب المناخ” ، وذلك في أماكن مختلفة بمدينة طنجة.

Related posts

Top