جيل جديد من الجنرالات يمهد الطريق لرحيل الحرس القديم في الجزائر

تفاجأ المتابعون بترقية القيادة السياسية والعسكرية الجزائرية للعشرات من العقداء إلى رتبة جنرال وهم في سن الشباب، الأمر الذي يضع من يوصفون بالحرس القديم على سكة الرحيل، ويكشف عن خارطة طريق جديدة في مسار المؤسسة العسكرية بالاعتماد على فئة الشباب والكفاءات، بعد عقود من هيمنة أبناء المدرسة القديمة.
وأشرف الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، بمعية قائد أركان الجيش وضباط سامين في المؤسسة العسكرية، على تقليد رتب جديدة للعشرات من الضباط، كصف العقداء والعمداء والألوية (اللواء)، حيث قدر عدد هؤلاء بأكثر من 100 ضابط. وذلك بمناسبة احتفالات عيد الاستقلال المصادفة للخامس من يوليو من كل سنة.
وتمت ترقية نحو 90 عقيدا إلى رتبة جنرال (جنرال الجيش رتبة عسكرية، عادة ما يكون جنرال الجيش هو أعلى رتبة مستخدمة)، وهو عدد غير مسبوق في مسار المؤسسة العسكرية الجزائرية، الأمر الذي يوحي بتحول لافت في المؤسسة يقوم على تزكية الشباب والكفاءات، وتمهيد الطريق لرحيل من يعرفون بـ”الحرس القديم” المحسوبين على المدرسة القديمة.
وتمت الترقية إلى رتبة لواء العمداء التالية أسماؤهم: نورالدين قايد، موسى سعادي، نصير بوحامة، إسماعيل شوابنة، عبدالغاني بوزاهة، عزالدين عليوش، منير زايد، عبدالباسط بن جدو، جمال الدين ديب، فكير يخلف، سيد علي سنوساوي، نصرالدين حكيم، فضلا عن ترقية يحيى علي وهاج ومسعودة بولنوار، إلى رتبة لواء العمداء.
وتم منح وسام الشرف ووسام الاستحقاق العسكري وإسداء وسام الجيش الشارة الثالثة لعدد من الضباط.
وتمت ترقية نحو تسعين عقيدا في الجيش إلى رتبة جنرال وهو عدد غير مسبوق في مسار المؤسسة العسكرية الجزائرية
وتراوحت أعمار الرعيل الجديد من الجنرالات بين الـ45 و55 عاما، وهو ما يوحي بأن القيادة السياسية والعسكرية بصدد تشبيب المؤسسة التي هيمن عليها المسنون في المناصب الحساسة طيلة العقود الأخيرة، الأمر الذي يطرح فرضية تغييرات أخرى في هرم المؤسسة تجسيدا للإصلاحات التي تعهد بها الرئيس تبون خلال حملته الانتخابية.
ويبدو أن المؤسسة العسكرية في الجزائر عادت إلى تقليدها السنوي المتعلق بترقية وتقاعد وتكريم المنتسبين إليها، بعد سنوات من الحركة المفتوحة على مدار السنة حيث كان يتم الاستغناء عن خدمات الضباط أو التحقيق معهم في أوقات غير مضبوطة، مما أضفى حالة من عدم الاستقرار والترقب الدائم.
وأكد رئيس أركان الجيش الشعبي الوطني الفريق أول سعيد شنقريحة، في احتفالية المؤسسة، “أنه يتم العمل على مواصلة عصرنة وتطوير المنظومة العسكرية في المعدات وتأهيل العنصر البشري لمسايرة التكنولوجيات المتطورة والتحكم فيها”.
وقال “الهدف من تطوير وعصرنة المنظومة العسكرية هو حماية أمن الجزائر ومصالحها الحيوية وحدودها البرية والبحرية والمجال الجوي”، ولم يفوت الفرصة ليوجه عبارات الشكر للرئيس تبون، لإشرافه الشخصي على مراسم تقليد الرتب وإسداء الأوسمة لكوادر الجيش عشية عيد الاستقلال واسترجاع السيادة، في رسالة تؤكد تكامل مؤسستي الرئاسة والجيش، عكس ما تردده بعض أوساط المعارضة.
أعمار الرعيل الجديد من الجنرالات تراوحت بين الـ45 و55 عاما، وهو ما يوحي بأن القيادة السياسية والعسكرية بصدد تشبيب المؤسسة
وأوضح شنقريحة أنه “لا شك أن عظمة ذكرى الاستقلال تملي علينا اليوم بإلحاح أن نوليها بعضا من حقها على سبيل التذكير بهذه المحطة التاريخية التي تصنف من أعظم إنجازات القرن الـ20 برجالها وما حملتها من قيم تمثل أرقى التضحيات وأخلاق عالية وقدوة لمن أحب هذا الوطن العزيز وأراد خدمته”.
وأضاف “تقليد الرتب وإسداء الأوسمة لعدد من الضباط والمستخدمين بهذه المناسبة هو بمثابة تكريم مستحق لهم نظير الجهود المبذولة من طرف هؤلاء الكوادر”.
وتابع “في هذا الصدد انعقدت الدورة الـ16 للمجلس الأعلى للوظيفة العسكرية الذي تضمن جدول أعماله المسائل المتعلقة بترقية الضباط وإحالة عدد منهم على التقاعد، وإسداء الأوسمة لمستخدمي وزارة الدفاع الوطني بعنوان 2023، ونتجت عنه اقتراحات لترقية الضباط الذين يستوفون الشروط وتمت ترقية عمداء إلى لواء وترقية في فئة الضباط السامين، واقتراح إصدار مختلف أوسمة الجيش الوطني الشعبي على عدد من المستخدمين العسكريين على غرار وسام الشرف ووسام الاستحقاق”.
وتعمد المؤسسة العسكرية في السنوات الأخيرة إلى استقطاب عناصر النخبة من الجامعات والمعاهد الوطنية لإلحاقهم بمدارسها المتخصصة في مختلف القطاعات العسكرية، مما أفرز نخبة من الضباط والكفاءات كانت تسرح في سن مبكرة، الأمر الذي أثار انتقادات طالبت بإرساء قاعدة التداول في المناصب والرتب السامية والسماح لفئة الشباب والكفاءات بأداء دورها خلفا لعناصر المدرسة القديمة.
وعكس التسليح والمعدات والأجهزة التي يعتمد فيها على المدرسة الروسية، حيث تعتبر الجزائر من أكبر زبائن السوق الروسية للتسليح، فإن تكوين الضباط والكفاءات العسكرية موزع على مختلف المدارس الأوروبية والروسية وحتى الأميركية، إذ يتم رصد موازنات ضخمة للتكوين.

Related posts

Top