حراك من أجل الحق بالإجهاض في المغرب: كي لا تتكرر مأساة مريم

هزت واقعة وفاة الطفلة مريم ذات الأربعة عشر ربيعا الشارع المغربي، بعدما سقطت ضحية للإجهاض السري غير الآمن في احدى قرى الأطلس، حيث أعادت الى الواجهة من جديد مطالب تقنين الإجهاض الطبي المأمون في ظل تأخر تعديل القانون الجنائي.

مأساة طفلة ضحية لعنف مركب اغتصاب وإجهاض غير آمن

بحسب  مصادر إعلامية، تتعلق فصول القضية بطفلة تعيش في إحدى المدن بجبال الأطلس تعرضت إلى اغتصاب نتج عنه حمل. وقد عملت والدتها على الاستعانة بعامل في إحدى المستشفيات انتحل صفة ممرض ليقوم بإجهاضها بشكل سري في أحد المنازل، وقد أدّت إصابة الطفلة بمضاعفات خطيرة ناجمة عن الإجهاض الى وفاتها.

أسف يخفي مسؤولية الدولة عن تأخر تعديل قانون الإجهاض

بمجرد إعلان وفاة الطفلة مريم، وفتح بحث قضائي في الواقعة، أصدر ” اتحاد العمل النسائي”، بلاغا ندد فيه بالنهاية المأساوية لهذه الطفلة، محملا المسؤولية عن هذه المأساة للدولة بسبب استمرار تقييدها المتشدد للإيقاف الإرادي للحمل من دون أي اعتبار لظروف وقوعه، وهو ما يتعارض مع واجبها المتمثل في حماية النساء. وطالب البلاغ الجهات المسؤولة بـضرورة إلغاء المقتضيات المتعلقة بالإجهاض في القانون الجنائي الحالي، ووضع ” خطةً للوقاية من الحمل غير المرغوب فيه وتمكين الفتيات والنساء من التثقيف والتربية الجنسية ومن الحصول على المعلومات وعلى الوسائل الكفيلة التي تمكّن المرأة من الولوج إلى ممارسة حقوقها تلك وتوفير خدمات الولادة من دون مخاطر”.

و قال رئيس الحكومة السابق سعد الدين العثماني إن وفاة الطفلة مريم “يسائل الحكومة الحالية، التي سحبت مشروع القانون الجنائي، الذي تضمن مقتضيات تستثني حالات مثل الاغتصاب وزنا المحارم والتشوهات الخلقية الشديدة من التجريم”.

من جهته، قال  الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس خلال الندوة الصحفية التي أعقبت انعقاد المجلس الحكومي، إنه ” مرة أخرى نتوقف لنرى بعض الظواهر تؤلمنا كمواطنين مغاربة قبل أن نكون مسؤولين عموميين وحكوميين، متأسفا لما وقع”. وأضاف أن الحكومة منكبة على إعداد مشروع جديد لتعديل القانون الجنائي”،  للتصدي لمثل هذه الظواهر، معتبرا أن ما وقع للطفلة مريم  يعتبر “أمرا خطيرا وجسيما يجب أن لا يتكرر، خاصة لطفلة في مقتبل العمر تعاني من ظاهرة لا يمكن إنكارها موجودة في المجتمع”.

حداد رقمي واستمرار للترافع لإلغاء تجريم الإجهاض الآمن

أعلن ائتلاف ” خارجة عن القانون” حدادا رقميا تفاعلا مع قضية الطفلة مريم، معتبرا أن وفاتها هي فرصة لإثارة مأساة كل أرواح النساء والفتيات اللواتي أزهقت أثناء عمليات إجهاض “سرية”، نتيجة الاستمرار في تطبيق قوانين رجعية تجرم الإجهاض الطبي المأمون، ودعت الحركة رواد الشبكات الإجتماعية، إلى نشر وسم مريم فوق صورة بخلفية خضراء، وهي مبادرة تفاعل معها الآلاف من رواد مواقع التواصل الاجتماعي كما انضمّ إليها عدد كبير من الفنانين والإعلاميين والمثقفين. 

في نفس السياق، أطلق “ائتلاق 490 ” حملة رقمية تحمل وسم “سنتذكّرك دائماً مريم، وسنناضل بكل ما أوتينا من قوة من أجل مستقبل أفضل للأجيال القادمة من بنات هذا الوطن وأبنائه”.

وقفة أمام البرلمان حتى لا تتكرر مأساة مريم

من جهتها، نظّمت “فيدرالية رابطة حقوق النساء” تزامنا مع تخليد اليوم العالمي للحق في الإجهاض، وقفة أمام مقر البرلمان المغربي بالعاصمة الرباط، احتجاجا على مقتل الطفلة مريم التي اعتبرتها ضحية عنف مركب يتمثل في الاغتصاب والاجهاض السري وغياب الحماية. وأشارت الفدرالية إلى أن “عدد عمليات الإجهاض السري في المغرب، تتراوح بين 50 و80 ألف حالة، بمعدل 200 عملية يوميا”. كما أشارت إلى أن هذه العمليات تسبّب وفيات لأمهات بنسبة تصل إلى 4.2 في المائة، يضاف إليهم نسبة 5.5 في المائة من الوفيات بعد الوضع بسبب مضاعفات محاولات الإجهاض.

وطالبت الفدرالية برفع التجريم عن جميع حالات الإجهاض الطبي والذي تباشره المرأة بإرادتها الحرة وخيارها الحاسم، مع ضمان حق النساء والفتيات في اجهاض صحي وآمن، مع ضرورة تعميم التربية الجنسية وحماية الحريات الفردية والنساء من العنف والتميز”.

وتجدر الإشارة إلى أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان سبق وأن طالب في رأيه بخصوص تعديل القانون الجنائي، بالسماح للمرأة أو الفتاة بوضع حد لحملها في الحالة التي يشكل فيها تهديدا لصحتها الجسدية أو النفسية أو الاجتماعية وذلك باعتماد التفسير الواسع لمنظمة الصحة العالمية لمفهوم الصحة الذي لا يعني فقط الخلو من المرض وانما حالة من اكتمال السلامة بدنيا وعقليا واجتماعيا.

Related posts

Top