رعب أصاب جارنا الشرقي

بمجرد بث الخطاب القوي لجلالة الملك بمناسبة الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء، لم تتأخر الجزائر في مهاجمته، كما سارعت صنيعتها في تيندوف إلى تجديد التلويح بالعودة إلى حمل السلاح.
الموقفان معا كانا منتظرين ولم يفاجئا أحدا، وهما يكشفان كذلك عن توجه النظام العسكري الجزائري مستقبلا للمزيد من التصعيد في استهدافه للمملكة وحقوقها الوطنية.
طيلة سنوات وعقود بقي المغرب في موقع الدفاع عن حقه ووحدته ومواجهة مئات المناورات الصادرة عن النظام الجزائري، وبرغم الملايير التي أنفقها البلد الجار، فإن المملكة ربحت الرهان على كل حال، حيث الصحراء توجد في مغربها والمغرب في صحرائه، وما قام به المغرب اليوم هو أن خطاب جلالة الملك زاد في منسوب الصراحة تجاه جاره الشرقي وسمى الأشياء بمسمياتها وطرح على الجنرالات أسئلة استنكارية قاسية وفاضحة، وهذا كان كافيا لرئيس الدبلوماسية الجزائرية كي ينط من مكانه مرتعبا ويدعي أن خطاب العيون هو “مراهنة على الأسوأ” كذا!!! ، وأن تخرج وسائل الإعلام الجزائرية لغتها القديمة والشاردة لشتم المغرب ومؤسساته.
الموقف الجزائري اختار في الحقيقة أن “يراهن” من جديد على الحمق والتيه واللامعنى، وبدل أن يحرص الجنرالات على حسن قراءة التحولات والمواقف والحقائق والكلمات، واصلوا السير في متاهات الجنون و… الصمم.
إن ما يغضب أركان النظام العسكري الجزائري هو أن المغرب لا يجاريهم في الكلام المفتقد للمعنى، وإنما هو يقول ويفعل ويلتزم بما يعد به.
لقد أعلن المغرب عن منظومة مشاريع متكاملة وضخمة لتطوير التنمية الاقتصادية والاجتماعية لفائدة ساكنة أقاليمه الجنوبية، ولهذا كان السؤال الملكي الموجه رأسا للجزائر قاسيا وبليغا في آن.
لماذا إذن لم تقم الجزائر بأي شيء طيلة عقود لتحسين أوضاع سكان تيندوف الذين لا يتجاوز عددهم 40 ألفا، أي في حجم حي متوسط بالجزائر العاصمة؟ ولماذا لم تمكنهم على الأقل من مساكن تصون كرامتهم وآدميتهم….
عندما وقف خطاب الملك على هذه الأسئلة بالذات فضح السقوط الأخلاقي للنظام العسكري الجزائري، وحمله مسؤولية تحويل أبناء الصحراء الأحرار إلى متسولين للمساعدات الإنسانية.
هذا كان خطاب حقيقة وإعلانا من المغرب عن بداية زمن جديد في تعاطيه مع قضيته الوطنية الأولى، ومن أكبر عناوين ذلك تغير اللغة مع خصوم الوحدة الترابية للمملكة ورفض مناوراتهم.
أن يغضب العسكريون الجزائريون جراء ذلك، ويهاجمون خطاب الملك ويصيبهم الرعب فهذا شغلهم وتلك عقدتهم التي نعرفها منذ القديم، ولكن كل هذا الخرف لن ينقذهم من.. الحقيقة، وما عليهم اليوم سوى الاستعداد لمواجهتها والاحتكام إلى العقل.

[email protected]

Top