سوق السبت: جريمة قتل شنيعة تهز ساكنة أولاد بورحمون

حميد رزقي

اهتزت الثلاثاء ساكنة سوق السبت على جريمة قتل ذهب ضحيتها ثلاثيني، مثلما اهتزت قبلها بأقل من يوم واحد، ساكنة أولاد سي بلغيت على حدث مماثل والضحية ثلاثيني أيضا يدعى” ن- ب” تلقى طعنة إثر خلاف مع صديقه المدعو “عبد المنعم- بن” من ذوي السوابق العدلية، يقطن بنفس دوار الضحية. والسبب  في حدوث هذه الجريمة كما في الجريمة التي سبقتها مع تغيير طفيف، هو الإفراط في السكر والمخدرات التي لعبت ولازالت تلعب بعقول الشباب وتجعل رجال الأمن والدرك في محنة حقيقية، حيث كلما تم اعتقال مروج  يظهر اثنان آخران في انزياح تام عن للقيم وفي غياب كامل لدور الأسرة. فطبيعي أن تهتز النفوس وتتوالد الأسئلة مع توالي هذه الجرائم النوعية التي اختطفت الضمائر الحية في بلدات كانت إلى حدود الأمس القريب لا تسمع فيها لغوا عن الجرائم، فما بالك حدوث جرائم قتل بشعة بين الفينة والأخرى، طبيعي هذا، لكن ما ليس طبيعيا، هو أن نجتر نفس المقاربات الزجرية للحد من أحداث جرمية يعلم الكل أنها خلخلت أُفق المتتبعين أكثر ممّا خلخلت عقول عامة الناس. بالأمس، ومن قبله لم يجد المواطنون غير أسلوب الاستنكار في التعبير عن موقفهم من بعض الجرائم التي حدثت بجماعات ترابية بالإقليم، لكن السؤال هو هل توقف مسلسل الجرائم، وهل من نفعِ لنهج الاستنكار والتنديد وأسلوب الآلة الزجرية؟. توالي هذه الأحداث الشنيعة، في الوقت الذي لم تتوقف فيه دوريات الدرك الملكي بشهادة عشرات المواطنين، عن استطلاع ومراقبة مختلف النقط السوداء، أمر يستوجب إعادة النظر في التعاطي مع هذه الظاهرة، حيث لم تعد الآلة الزجرية وحدها كفيلة بردع الجناة، وحيث أمسى الاعتقال مجرد فترة راحة يستجمع فيها هؤلاء قوتهم للعودة إلى نشاطهم وبشكل أكثر فداحة.. وحيث، وفي كل مرة  يتهامس المتتبعون أن هذه المرة ستكون نهاية هذه المآسي، يبدو على خلاف ذلك، أن لا شيء تغير أو يوحي بأنه سيتغير، ليبقى السؤال من المسؤول عن اجترار هذه الأحداث الدرامية، وما السبل للمعالجة؟. في الواقع، العديد من متتبعي الشأن العام يرون أن ما يجري حاليا وبحكم تكراره قد خرج من إطار الأحداث المنفردة أو المستقلة بذاتها إلى صنف “الظواهر المجتمعية”، التي تقتضي التفكير في آليات ناجعة للمعالجة، خصوصا، وأن البعض من هذه الجرائم طال الأصول كما حدث بجماعة حد بوموسى، وأن أغلبها لم يتجاوز إطار فئة الشباب (أغلب الضحايا والجناة يتراوح عمرهم مابين 24 و34 سنة تقريبا)، بل أكثر من ذلك، إننا وفي إطار المقارنة العادية بين هذه الجرائم تبين أن هناك  خيطا رابطا بينها يتمثل في “العبث بالضحية”، حيث تكشف مختلف المشاهد المأساوية لهذه الأحداث عن تلاعب الجناة بالجثة وتشويهها، مما يعني أن الجريمة بهذه المنطقة عرفت تطورا خطيرا، وتستدعي مقاربات أخرى إلى جانب المقاربة الأمنية. يقول أحد المسؤولين الأمنيين في هذا السياق، إن محاولة الحد من الجريمة يقتضي بالدرجة الأولى تدخل الأسرة، لكن بوعي تام بأهمية دور التربية المنزلية بكل أبعادها وليس بمنطق الردع أوالتخويف والتهديد، وقال إنه مع تنافي وظيفة الأسرة، أصبحت هذه المشاهد تتزايد يوميا، وتساءل ذات المتحدث، عما يمكن أن يفعله الجهاز الأمني  بمختلف أصنافه، أمام صمت الأهل الذين أصبحوا يقبلون بسلوكيات خطيرة بين أفراد الأسرة، كتناول الخمر جهرا وتطاول الأبناء على أخواتهم بغير حشمة، والتلفظ بكلمات تخدش الحياء ..الخ. واستغرب، ذات المسؤول، من تكرار بعض الجناة لأفعالهم الجرمية مباشرة بعد قضاء فترة العقوبة، ومن موقف أرباب الأسر في حالات العود دون تدخل إيجابي، وقال إنه دون تكثيف الجهود بين مختلف الشركاء من أسرة ورجال أمن ومجتمع مدني ومنتخبين يستحيل تحقيق النتائج المرجوة في هذا الإطار رغم المجهوذات الجبارة التي يقدمها الجهاز الأمني في هذا المجال. وإلى ذلك، أعرب فاعلون حقوقيون عن تخوفهم من تنامي الظاهرة  بالمنطقة، وعن تخوفهم من أن يتحول هذه الفعل الجرمي إلى سلوك يومي بفعل اتساع رقعة مروجي الكحول والمخدرات والماحيا وبحكم النقص الحاد في فرص العمل، خاصة بالعالم القروي، وغياب دور ريادي للمجتمع المدني بكل أطيافه بسبب عقم العلاقة غير السوية بين الفاعلين الجادين ومنتخبي المجالس الجماعية، حيث كثيرا ما تحكم الخلفيات السياسية عن النوايا دون سند منطقي.

Related posts

Top