عيسى قراقع رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين يتحدث لـ بيان اليوم بمناسبة يوم الأسير

حاوره : وليد ابو سرحان

أكد رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع، ل ” بيان اليوم” أن وجود 5 جنود إسرائيليين لدى حماس كما أعلن عن ذلك، كفيل بإطلاق سراح الآلاف من الأسرى، مطالبا بتجاوز بعض الأخطاء التي وقعت في صفقة “وفاء الأحرار”- صفقة شاليط-، موضحا بأن عدد الأسرى يبلغ حاليا حوالي 7000 أسير غالبيتهم من الضفة الغربية والقدس، ومن بينهم 500 أسير صدر بحقهم أحكام بالسجن المؤبد لمرة واحدة أو لمرات عديدة، ومن بين العدد الإجمالي يوجد حاليا 68 أسيرة وقرابة 460 طفلا قاصرا تتراوح أعمارهم ما بين 12-18 سنة ويتواجد 700 معتقل اداري و6 نواب منتخبين في المجلس التشريعي الفلسطيني. وجاءت اقوال قراقع في حوار مطول اجرته معه ” بيان اليوم ” بمناسبة يوم الاسير الفلسطيني، وفيما يلي نص اللقاء:

> لماذا تم اخيار يوم 17 أبريل من كل عام ليكون يوما للأسير الفلسطيني؟ ومتى تم اختيار ذلك التاريخ للتضامن مع الاسرى؟
< تم اختيار 17 أبريل من كل عام ليكون يوما للأسير الفلسطيني وذلك بقرار من المجلس الوطني الفلسطيني في دورته العادية عام 1974 حيث طرحت على أعمال المجلس قضية الأسرى، واعتمد يوما للوفاء والتضامن مع الأسرى وتضحياتهم للعمل من أجل حريتهم، وفي مؤتمر القمة العربية العشرين التي عقدت في دمشق عام 2008 اعتمد 17 أبريل يوما عربيا للتضامن مع الأسرى الفلسطينيين والعرب القابعين في سجون الاحتلال الإسرائيلي. ومنذ ذلك التاريخ فإن الشعب الفلسطيني يحييه كل عام داخل وخارج فلسطين بأشكال وأساليب عديدة للتأكيد على حق الأسرى بالحرية.

> كيف تصف الاهتمام الفلسطيني الرسمي والشعبي بقضية الاسرى؟
<  أستطيع القول إن قضية الأسرى من أكثر القضايا استقطابا واهتماما من المجتمع الفلسطيني، ويلقى دائما المساندة والتأييد والدعم، حيث تحتل مكانة كبيرة في الوجدان الشعبي الفلسطيني، وهذا الاهتمام الشعبي لم يتوقف وإن كان أحيانا يمر في فترات مد وجزر، ولكن بشكل عام، تحتل قضية الأسرى عنوانا أساسيا في التحركات الجماهيرية، ووصلت في فترات عديدة الى أن تتحول هذه التحركات الى انتفاضات شعبية لا سيما حين يكون هناك اضراب بالسجون. أما على المستوى الرسمي، فإن تطورا هاما جرى حول قضية الأسرى، عندما أصبحت هذه القضية إحدى الثوابت الأساسية في أي حل أو تسوية سياسية مع الجانب الإسرائيلي وجزء أساسي من أي استقرار أو تعايش بالمنطقة. وقد توقفت المفاوضات عام 2013 بسبب عدم التزام اسرائيل بالإفراج عن الدفعة الرابعة من معتقلي ما قبل اوسلو، وأكد الرئيس أبو مازن أكثر من مرة أن العودة الى المفاوضات مرهونة بالإفراج عن الأسرى.

> أرى بأن التضامن الرسمي والشعبي مع الأسرى لا يرتقي الى المستوى المطلوب ما سبب ذلك؟
< مستوى التضامن مع الأسرى أعتقد أنه جيد ورائع، وفي العشر سنوات الأخيرة ارتقت قضية الأسرى في الوعي المحلي والإقليمي والدولي أكثر من أي فترة سابقة، حيث عقد أكثر من 10 مؤتمرات دولية بعضها تحت رعاية الأمم المتحدة تتعلق بالأسرى. وكل هذا يتطلب المزيد من العمل والتحرك أكثر وأكثر لأن حجم الهمجية الإسرائيلية والأمريكية على المعتقلين أصبحت شاملة وواسعة ولا زال الإسرائيليون يحاولون شطب الهوية النضالية والإنسانية للأسرى والتحريض عليهم كإرهابيين.

> ما هو وضع الاسرى حاليا؟ وكم عددهم؟ وعدد الاطفال والنساء منهم؟
< عدد الأسرى حاليا حوالي 7000 أسير فلسطيني، الغالبية منهم من الضفة الغربية والقدس، ومن بينهم 500 أسير صدر بحقهم أحكاما بالسجن المؤبد لمرة واحدة أو لمرات عديدة، ومن بين العدد الإجمالي يوجد حاليا 68 أسيرة وقرابة 460 طفلا قاصرا تتراوح أعمارهم ما بين 12-18 سنة، ويتواجد 700 معتقل اداري و6 نواب منتخبين في المجلس التشريعي الفلسطيني وهم مروان البرغوثي وأحمد سعدات وخالدة جرار وحسن يوسف ومحمد أبو طير وحاتم قفيشة والوزير السابق عيسى الجعبري، ويوجد 17 صحفيا، و40 أسيرا يقضون أكثر من 20 عاما أقدمهم كريم يونس وماهر يونس ونائل البرغوثي والأسيرة لينا الجربوني ويتوزع الأسرى على 22 سجنا ومعسكرا ومركز توقيف داخل اسرائيل. وكان اعتقال القاصرين خلال الهبة الشعبية هو الأبرز في حملة الاعتقالات الجماعية التي قامت بها سلطات الاحتلال حيث بلغت حالات الاعتقال في صفوفهم 1900 حالة الغالبية منهم من القدس. وكذلك جرى اعتقال ما يقارب 250 اسيرا بسبب نشاطات على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الهبة الشعبية، و85 اسيرا جريحا اعتقلوا بعد اصابتهم بالرصاص خلال الهبة.

> هل هناك أبناء مسؤولين فلسطينيين بين الأسرى؟ 
< الغالبية من المعتقلين هم من الناس العاديين والفقراء، والاحتلال لم يميز في حملات الاعتقال بين صغير وكبير وبين مسؤول وغير مسؤول، ويلاحظ أن الكثير من الأسر الفلسطينية يوجد فيها أكثر من شخص في السجون، وأحيانا الأب وأبناؤه وزوجته، أما بخصوص أبناء مسؤولين داخل السجن، فربما مرت فترات اعتقل أفراد منهم ولكن ليست هي السمة الغالبة.

> هل هناك أسرى عرب؟ وما هو عددهم؟
< يوجد 30 اسيرا عربيا خاصة من لبنان والأردن ومصر والجولان المحتل، ويوجد أسير بلجيكي. ويذكر أن الأسير صدقي المقت من الجولان كان قد قضى 27 عاما في السجون الإسرائيلية وأعيد اعتقاله قبل حوالي العام، وكذلك يعتبر الأسير عبدالله أبو جابر من الأردن أقدم الأسرى العرب حيث يقضي 16 سنة داخل السجون.

> هل الصليب الاحمر يدفع للاحتلال أموالا لتغطية  نفقات الحياة اليومية للأسرى في داخل السجون؟
< الصليب الأحمر لا يدفع أموالا للاحتلال لتغطية نفقات الحياة اليومية للأسرى، بل يقدم خدمات للأسرى كتنظيم زيارات عائلاتهم، ادخال الملابس والكتب، الإشراف على الوكالات الخاصة، جلب رسائل من الأسرى، المساهمة في توفير الأجهزة الطبية للأسرى المرضى والمعاقين وما شابه ذلك. ومعروف أن مهمة الصليب هي مراقبة مدى التزام اسرائيل بتطبيق المعايير الدولية والإنسانية للأسرى، وأن مهمة دولة اسرائيل قانونيا توفير الوسائل المعيشية والصحية للأسرى.

> هناك حديث وأنباء عن وجود جنود إسرائيليين اسرى لدى حركة حماس في قطاع غزة ، هل سنشهد صفقة تبادل جديدة؟
– اذا ما صحت الأنباء المتواترة والصادرة عن قياديين ومسؤولين في حماس عن وجود جنود اسرائيليين لديها، فهذا بالفعل يمكن من إجراء صفقة تبادل للإفراج عن عدد كبير من المعتقلين الفلسطينيين، وأمل أن يتم ذلك بأسرع وقت ممكن، خاصة أن اسرائيل رفضت الإفراج عن أسرى خلال عملية المفاوضات، واختارت الحرب والعدوان وعليها أن تدفع الثمن.

> الحديث يدور عن خمسة جنود ما بين أحياء واشلاء لدى كتائب القسام، هل هذا الرقم كفيل بتبييض سجون الاحتلال من الأسرى؟
< وجود خمسة جنود لدى حماس، كما أعلن عن ذلك، كفيل بإطلاق سراح الألاف من الأسرى وتجاوز بعض الأخطاء التي وقعت في صفقة وفاء الأحرار لا سيما الإفراج عن كل الأسرى القدامى الذين يقضون أكثر من 20 عاما وكافة النساء، والقيادات السياسية والنواب وعلى رأسهم مروان وسعدات، إضافة الى الأسرى الذين أعيد اعتقالهم بعد تحررهم في صفقة وفاء الأحرار، والمرضى والمعاقين والمصابين وكبار السن كاللواء الأسير فؤاد الشوبكي وغيرهم.

> هل حماس طلبت منكم كشوفات بأسماء بعض المعتقلين لإدراجهم في صفقة تبادل الاسرى المرتقبة؟
< لم تطلب حماس منا أية كشوفات أو تدخل رسمي حتى الأن، مع أننا جاهزون تماما للمساعدة في هذا الأمر بما تقتضيه مصلحة الأسرى وشمولية الإفراج وفق معايير نضالية وانسانية.

> ماذا فعلتم بشأن خرق إسرائيل لصفقة تحرير الاسرى الاخيرة – صفقة شاليط-  واعادة اعتقال عدد من المفرج عنهم لقضاء الاحكام السابقة الصادرة بحقهم؟
< اعادة اعتقال 65 اسيرا حرروا في صفقة وفاء الأحرار – شاليط – وإعادة الأحكام على 54 منهم اعتبرناها جريمة وانتهاك بشع وفظيع للاتفاقية واستهتار حتى بالرعاية المصرية للاتفاق، وسابقة لم تحصل في تاريخ صفقات التبادل، وقد تحدثنا مع الأخوة في مصر بهذا الأمر وطلبنا التدخل ووقف هذه السياسة الإسرائيلية، واعتقد أن أي صفقة قادمة يجب أن توضع ضوابط أساسية تمنع وفقها اسرائيل من اعادة اعتقال المحررين، وكذلك أن تكون هناك رعاية دولية وإشراف من الصليب الأحمر كضمانات لأية صفقة.

> ما هي الخطوات التي اتخذتموها لتدويل قضية الاسرى؟
< تدويل قضية الأسرى تعتبر قضية استراتيجية وقانونية بدأناها منذ عام 2009 بعد عقد المؤتمر الدولي للأسرى في أريحا والذي أعقبه سلسلة من المؤتمرات الدولية والإقليمية واللقاءات الواسعة على مستوى مؤسسات حقوق الإنسان والبرلمانات والحكومات في العالم. والقاعدة الأساسية للتدويل تستند الى أن قضية الأسرى قضية المجتمع الدولي والعدالة الإنسانية وقرارات ومواثيق حقوق الإنسان، وأن هناك مسؤولية على مؤسسات المجتمع الدولي بالزام اسرائيل باحترام معايير وأحكام القانون الدولي في تعاملها مع الأسرى، وكان من أهم القرارات التي صدرت عن برلمان الاتحاد الأوروبي عام 2013 تشكيل لجنة تقصي حقائق حول ظروف المعتقلين وقد وصلت اللجنة الى فلسطين ومنعت من زيارة السجون من قبل الإسرائيليين، إضافة الى عشرات القرارات التي اتخذتها المؤتمرات التي عقدت تحت رعاية الأمم المتحدة في أعوام 2010، 2011، 2012، والتي أدانت اسرائيل بانتهاكها لحقوق الأسرى.

> وماذا عن المؤتمر الدولي للأسرى الذي عقد تحت رعاية جامعة الدول العربية في العراق، عام 2012؟
< يعتبر المؤتمر الدولي للأسرى الذي عقد تحت رعاية جامعة الدول العربية في العراق، عام 2012 والمؤتمر الدولي حول الأسرى الذي عقد في الأردن عام 2015 من المفاصل الأساسية في تدويل قضية الأسرى وزيادة الوعي بأهميتها القانونية والإنسانية. ولعبت جامعة الدول العربية دورا هاما في تحريك قضية الأسرى من خلال اجتماعاتها على مستوى المندوبين وتشكيل الصندوق العربي لدعم الأسرى. وخلال عام 2016 تم وضع تصورات بالتنسيق مع مؤسسات حقوق الإنسان الدولية والعربية لتفعيل التحرك أكثر بقضية الأسرى على ضوء تصاعد الهجمة الإسرائيلية على حقوقهم.

> فلسطين اصبحت عضوا في محكمة الجنايات الدولية، هل رفعتم دعوى قضائية ضد الاحتلال بشأن الاسرى بناء على تلك العضوية؟ أم ما زالت تلك العضوية حبرا على ورق؟
< يعتبر انضمام فلسطين كدولة الى المحكمة الجنائية الدولية والى 44 اتفاقية ومعاهدة دولية خطوة استراتيجية هامة جدا من أجل حماية حقوق شعبنا وأسرانا من الجرائم الإسرائيلية المستمرة. ولقد تم ادراج جرائم الاحتلال والمخالفات الجسيمة بحق الأسرى في البلاغ الفلسطيني الذي قدم الى المحكمة عام 2015، وكذلك تم تزويد هيئة المحكمة بتقارير مفصلة حول جرائم اسرائيل بحق الأسرى في السجون خلال اللقاء الذي عقد مع هيئة المحكمة في عمان في شهر اذار 2016. وتضمنت هذه التقارير الجرائم الإسرائيلية المتعلقة بالتعذيب والمحاكمات غير العادلة، ونقل الأسرى الى سجون داخل اسرائيل، واعتقال الأطفال، والاعتقال التعسفي والاعتقال الإداري والإهمال الطبي والإعدام التعسفي بدل الاعتقال. وتم الطلب من هيئة المحكمة في الإسراع بفتح تحقيقات مع المسؤولين الإسرائيليين، نأمل أن يتم ذلك بسرعة. ويذكر أن الرئيس أبو مازن شكل بمرسوم اللجنة الوطنية العليا لمتابعة ملف المحكمة الجنائية الدولية والمشكلة من مؤسسات حقوق الإنسان والمجتمع المدني ومن هيئات رسمية.

> اثر اعتراف الامم المتحدة بفلسطين كدولة غير عضو في المنظمة الدولية، فانه من حق الاسرى ان يصبحوا اسرى حرب بدلا من المعتقلين الامنيين ، ماذا فعلتم من اجل ذلك؟
< نعم الأسرى الفلسطينيون هم أسرى دولة فلسطين المحتلة بعد أن أصبحت فلسطين كدولة عضو مراقب في الأمم المتحدة، وهذا عزز الشخصية القانونية للمعتقلين وكان ردا  على سياسة اسرائيل منذ العام 1967 بعدم الاعتراف بالمكانة القانونية للأسرى كأسرى حرية وأسرى محميين بموجب اتفاقية جنيف الرابعة. ولقد طالبنا الدول السامية الأعضاء في اتفاقيات جنينف للانعقاد السريع لإلزام اسرائيل بتطبيق هذه الاتفاقيات على الأراضي المحتلة وعلى الأسرى، ونعد الأن مشروعا سوف نرفعه لمحكمة العدل الدولية في لاهاي لاستصدار فتوى قانونية حول المكانة القانونية للأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي ومسؤولية اسرائيل ازاء ذلك ومسؤولية المجتمع الدولي بهذا الشأن. اننا ننطلق من قناعة قانونية ووطنية أن الأسرى الفلسطينيين هم مقاتلون شرعيون ويكتسبون صفة المحارب القانوني وهم أسرى حركة تحرير وطني ناضلوا وضحوا من أجل الحرية والكرامة والاستقلال.

> إسرائيل تطلق اسم مقاتل غير شرعي على بعض الاسرى من هم هؤلاء الاسرى؟ ولماذا يتم اطلاق تلك التسمية عليهم؟
< المقاتل غير الشرعي حسب القانون الإسرائيلي هو الشخص الذي يشارك في اعمال عسكرية ضد دولة الاحتلال بشكل مباشر أو غير مباشر ويفقد حقوقه باعتباره ضمن فئة تقع خارج نطاق القانون ولا يتمتع بأي من الحقوق التي تنص عليها اتفاقيتي جنيف الثالثة والرابعة ولا يستحق مكانة اسرى الحرب. وكان الكنيست الإسرائيلي قد أقر قانون (مقاتلون غير شرعيين) في 2002، ولذلك لتشريع استمرار اعتقال الأسيرين اللبنانيين الشيخ عبد الكريم عبيد ومصطفى الديراني دون محاكمتهم، ومن ثم شرعت استخدام القانون بحق معتقلين من قطاع غزة بعد انسحاب اسرائيل احادي الجانب من القطاع عام 2005 واعتبرت قطاع غزة كيانا معاديا، وقد اعتقل بموجبه العشرات من قطاع غزة دون تهمة أو محاكمة. ويختلف الاعتقال وفق قانون المقاتل غير الشرعي عن الاعتقال الإداري أنه لا يحدد مدة زمنية للاعتقال ولا يقدم المعتقل الى المحاكمة حتى وان كانت محكمة صورية، أي بدون أي رقابة قضائية أو حماية. ان هذا القانون ينتهك القانون الدولي الإنساني ويعتبر نوعا من الاعتقال التعسفي، ولا يوجد هذا القانون المبتدع الا في دولة اسرائيل.

> قضية الاسرى اهملت في اتفاق اوسلو وترك تحريرهم لنوايا الاحتلال هل ما زال الاهمال لذلك الملف حاضرا في صناعة القرار الفلسطيني؟
< الخطأ الذي وقع في اتفاقيات اوسلو عام 1993 خلال اتفاق اعلان المبادئ كان فظيعا حيث لم يدرج اطلاق سراح الأسرى في هذه الاتفاقية ولم يحدد الإطار القانوني لصفة ومكانة الأسرى في الاتفاق، مما ترك المجال لحكومة الاحتلال بالتلاعب بقضية الأسرى وممارسة المساومة والابتزاز وتصنيف المعتقلين وفق معايير واشتراطات سياسية وأمنية، أدى كل ذلك الى ابقاء اعداد كبيرة من الأسرى خاصة المحكومين أحكاما عالية والقدامى داخل السجون. هذا الخطأ تم تداركه من قبل الرئيس أبو مازن والقيادة الفلسطينية عندما استؤنفت المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية بعد توقفها لسنوات عديدة وبرعاية دولية عام 2012، حيث اشترط الرئيس أبو مازن اطلاق سراح كافة الأسرى المعتقلين قبل اتفاقيات اوسلو وعددهم 104، حيث تم الاتفاق بالإفراج عنهم وعلى 4 دفعات وقد جرى الإفراج عن 78 اسيرا منهم، ولكن اسرائيل تنصلت عام 2013 من الإفراج عن الدفعة الرابعة وعددها 30 اسيرا وبسبب ذلك توقفت المفاوضات.

> اعتقال الاطفال الفلسطينيين وتعذيبهم في تصاعد مستمر من قبل الاحتلال، هل لجأتم للمؤسسات الدولية للتحقيق في ذلك وادانة إسرائيل؟
< اعتقال وتعذيب الأطفال سياسة ممنهجة ومستمرة من قبل حكومة الاحتلال وتصاعدت بشكل خطير منذ اندلاع الهبة الشعبية حيث أن نسبة التعذيب زادت بنسبة 500% في عام 2015 عنها في عام 2014، ويبدأ التعذيب منذ لحظة الاعتقال بأساليب بشعة وقاسية كالضرب بالعصي وأعقاب البنادق والأحذية والشبح والتحرش الجنسي والعزل والحرمان من النوم، والتهديد باعتقال أفراد العائلة ومنع المحامين من زيارة الأسير، وانتزاع اعترافات بالقوة والتهديد وغيرها من الأساليب التي تحدثت عنها المئات من شهادات الأطفال الأسرى. إضافة الى فرض اقامات منزلية على 300 طفل من القدس خلال الثلاث سنوات الأخيرة ولا زال 60 منهم يرزحون تحت الإقامات المنزلية وابعاد 11 طفلا من القدس عن اماكن سكناهم، وكل هذا في ظل فرض محاكم الاحتلال لغرامات مالية باهظة على الأطفال. ان اعتقال الأطفال حتى عمر 12 عاما أصبح مشرعا بقانون في اسرائيل، وكذلك رفع الأحكام بحقهم حتى تصل الى 20 عاما أصبح قانونا يستهدف اعتقال أكبر عدد من الأطفال وفرض السجن عليهم، بما ينتهك بشكل سافر اتفاقية حقوق الطفل الدولية وكل المواثيق الإنسانية. وكان مشهد التحقيق مع الطفل أحمد مناصرة الذي سرب الى وسائل الإعلام شاهدا واضحا على معاملة اسرائيل للأطفال وانتهاك حقوقهم.

> وهل لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة على معرفة بذلك؟
<  اعتقال الأطفال وتعريضهم للمعاملة المهينة كان الموضوع الأساسي أمام لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة وأمام هيئة المحكمة الجنائية الدولية خلال اللقاء معها في الأردن، وكذلك صدرت الكثير من الإدانات الدولية لإسرائيل من قبل مؤسسات حقوق الإنسان بسبب انتهاكها لحقوق الأطفال كان اخرها التقرير الصادر عن مديرة مكتب هيومن رايتس ووتش في اسرائيل وفلسطين والذي نشر يوم 10/4/2016 والذي جاء فيه أن معاملة اسرائيل للأطفال كفيلة بإرهاب البالغين واصابتهم بالصدمة.

> وماذا عن اعتقال اعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني ؟ وكم عدد المعتقلين منهم حاليا؟
< اعتقلت حكومة الاحتلال منذ العام 2002، 65 نائبا منتخبا في المجلس التشريعي الفلسطيني اغلبهم اعتقلوا اداريا، إضافة الى اعتقال وزراء سابقين، ولا زال حاليا 6 نواب منتخبين قيد الاعتقال.

> ما هي الخطوات التي تقومون بها لإلغاء مهزلة الاعتقال الاداري الذي ورثه الاحتلال الإسرائيلي عن الانتداب الاستعماري البريطاني؟ 
< بالفعل الاعتقال الإداري الذي تقوم به اسرائيل هو مهزلة واستهتار بالعالم من خلال اعتقالات تعسفية ودون محاكمات عادلة،  واصبح اداة تعذيب وعقاب جماعي بحق المعتقلين واسرهم. اعتقد أن المطلوب في مواجهة الاعتقال الإداري هو البدء فورا بمقاطعة ما يسمى بمحاكم الاعتقال الإداري وعدم الاعتراف بشرعيتها كونها اداة لإضفاء الشرعية على هذا النوع من الاعتقال الجائر وادعوا الأسرى الى اتخاذ هذا الموقف بأسرع وقت. والمطلوب أيضا وحدة الموقف الجماعي داخل السجون في مواجهة الاعتقال الإداري كسياسة وعدم الاكتفاء بالإضرابات الفردية التي لم تؤد إلا الى نتائج فردية ولم توقف الاعتقال الإداري كقانون تعسفي لا زال مطبقا ومستمرا مع كل ما حملته الإضرابات الفردية من بطولة وتحد وتقدير. ان وحدة الأسرى في برامجهم وخطواتهم النضالية وخوضهم معارك جماعية من أجل حقوقهم ومواجهة الاعتقال الإداري كجيش واحد كفيلة بأسقاط هذا الاعتقال مع الدعم والمساندة الخارجية جماهيريا واعلاميا ومؤسساتيا.

> أين وصلتم في حملة ترشيح الاسير مروان البرغوثي لجائزة نوبل؟
< لقد اطلقنا حملة دعم ترشيح الأسير النائب القائد مروان البرغوثي لجائزة نوبل للسلام، وذلك من أمام المجلس التشريعي الفلسطيني يوم 12/4/2016 وخصصنا موقعا لهذه الحملة لاستقطاب الدعم و التأييد، ولا بد أن أشكر المناضل الأرجنتيني الأممي (سكيفيل) الحائز على جائزة نوبل للسلام عام 1980 الذي أول من بادر وقدم طلب ترشيح مروان للجائزة، وأشكر اللجنة الرباعية للحوار في تونس الحاصلة على جائزة نوبل للسلام عام 2015 على دعمها وترشيحها لمروان البرغوثي حيث أهدت الجائزة لمروان وتسلمتها زوجته فدوى البرغوثي خلال احتفال جرى في تونس يوم 4/4/2016. وسوف نتواصل مع كافة البرلمانات والدول والمؤسسات في العالم من أجل دعم هذه المبادرة التي تحمل رسائل هامة أبرزها أن أي سلام عادل في المنطقة لا يتحقق الا بإطلاق سراح الأسرى كأسرى حرية وأسرى حركة تحرر وطني قاتلوا وضحوا من أجل حرية واستقلال بلادهم، وهذه الحملة أيضا تسلط الضوء على قضية الأسرى ومعاناتهم وانتهاكات اسرائيل لحقوقهم، وتضع العالم والمجتمع الدولي أمام مسؤولياته.

> هل ما زال البرغوثي خيارا مطروحا فلسطينيا وخاصة من قبل حركة فتح لخوض الانتخابات الرئاسية الفلسطينية القادمة؟
< مروان البرغوثي قائد سياسي ووطني يعتز ويفتخر به الشعب الفلسطيني، وقد سجل بطولات ومواقف مشرفة قبل اعتقاله وخلال اعتقاله، وكان شوكة حادة في حلق الاحتلال وأجهزته الأمنية والعسكرية. وبخصوص خياراته السياسية فهو الوحيد القادر على تحديدها مستقبلا وفق التطورات السياسية ووفق القانون والنظام السياسي الفلسطيني.
وأعتقد أن هاجس مروان البرغوثي الدائم هو الوحدة الوطنية والمشروع الوطني الفلسطيني الذي أصبح تحت الخطر الشديد بسبب المواقف والممارسات الإسرائيلية.

 > هيئة شؤون الاسرى متهمة بالتمييز بين الاسرى كون رئيسها من ابناء فتح وجرى تعينيه بمرسوم رئاسي صادر عن القائد العام لحركة فتح، يعني بعبارة اخرى كل الهيئة محسوبة على فتح. ما هو ردك؟
< هيئة الأسرى تقدم خدماتها لجميع الأسرى وعائلاتهم دون تمييز، ولا يوجد في الهيئة قانون يحرم أي أسير مهما كان انتماؤه السياسي من حقوقه المقرة في الأنظمة والقوانين السارية وهذا ما نفخر به دائما، وهو جزء من منهجية سياسية ووطنية للحكومات الفلسطينية منذ انشاء وزارة الأسرى والتي تحولت فيما بعد الى هيئة. وأقول بصراحة الهيئة هي مؤسسة موحدة للأسرى وعنوان لحقوقهم الاجتماعية والسياسية والقانونية ومن العيب توظيف قضية الأسرى لأهداف حزبية أو خاصة.

> لماذا لا يعين رئيس للهيئة من حماس او الجهاد الاسلامي او حتى من فصائل منظمة التحرير؟
< الرئيس الفلسطيني أبو مازن وبالتوافق والتشاور مع رئيس الحكومة والقوى الوطنية والسياسية والبرلمانية يعين الوزراء ورؤساء الهيئات في المؤسسات الحكومية ومؤسسات منظمة التحرير، فالرئيس حسب القانون الأساسي هو المرجعية في هذه الشأن.

> نلاحظ  تهالك مبنى هيئة شؤون الاسرى في حين نرى بذخا في مبان اخرى  اقل اهمية لماذا ؟
< مبنى هيئة الأسرى أسوأ ما يكون، وطالبنا بتغييره منذ سنوات عديدة، فهو لا يصلح للسكن ولا للعمل ومهدد بالانهيار، والرئيس أبو مازن أصدر تعليماته بشراء أو استئجار مبنى جديد، وللأسف حتى الأن لم يتم ذلك لأسباب تتعلق بالنوايا والإرادة ومدى الاهتمام، والحقيقة أن هذا الموضوع يستفزني كل ما مر عليّ، لأني أعمل في مكان أطلق عليه وزير المالية بالقذر.

> ما هي الاعباء التي تواجه الهيئة؟
< الأعباء الداخلية التي تواجه هيئة الأسرى كبيرة جدا، أبرزها عدم الالتزام بصرف مستحقات منح الإفراج لألاف من الأسرى والمحررين ووفق القانون حيث وصلت الى ما يقارب 8 ملايين دولار، اضافة الى الغرامات القديمة ومستحقات التعليم للمحررين وعلاج الأسنان وغيرها. وبالرغم من تطور الخدمات للأسرى والمحررين في السنوات الأخيرة وتشريع قوانين وأنظمة ساهمت في تحسين أوضاعهم بشكل ملحوظ الا أنه مازال هناك اعباء تتعلق بالعمل والتشغيل لقطاع واسع من الأسرى المحررين الذين قررت الحكومة الفلسطينية والرئيس أبو مازن اعطاءهم الأولوية في الوظيفة العمومية، ولكن على أرض الواقع فالأمر ما زل صعبا. وأقول هناك مسؤوليات مجتمعية تجاه الأسرى مطلوبة من المجتمع دون استثناء، فالأسرى هم ربع الشعب الفلسطيني، قطاع دفع ثمنا باهظا من حياته وعمره ومستقبله، يجب الاهتمام به واعطاؤه الأولوية، فالتحديات التي يتركها الاعتقال على المجتمع الفلسطيني كبيرة وخطيرة وعلينا أن نحمي الإنسان والمجتمع من هذه المخاطر.

> هل من كلمة اخيرة بمناسبة يوم الاسير؟ –
< في يوم الأسير 17 أبريل اتوجه بالتحية لكل الأسرى والأسيرات، والى عائلاتهم العظيمة والصامدة، وأقول في هذا اليوم أن الاحتلال تضخم عسكريا وأمنيا في جرائمه وبطشه وقرصنته على شعبنا وأسرانا، ولكن قضية الاسرى وعذابات المعتقلين وأسرهم ستبقى لعنة تطارده في كل زمان ومكان، فلنعمل جميعا على تحويل قضية الأسرى الى عبء ثقيل أخلاقيا وقانونيا وانسانيا على هذا الاحتلال، فمن داخل السجون تضاء دائما شعلة حرية الشعوب المناضلة.

Related posts

Top