فنانون مغاربة يتحدون المساحات الفارغة والكبيرة جدا لجدراننا ويبعثون الحياة فيها

برزت بقوة خلال الفترة الأخيرة إبداعات مجموعة من الفنانين المغاربة على جداريات مختلف مدننا.
لامسنا هذا خلال فترة الحجر الصحي، حيث تم توثيق مجهودات العاملين في الصفوف الأمامية لمواجهة الجائحة، وامتد ذلك عبر إبداع رسومات أخرى متعددة منبثقة من حياتنا اليومية.
رسومات تشكل نموذجا حيا للعبقرية في تجسيد أنماط من حياتنا ومعيشنا اليومي، على جداريات من أحجام مختلفة.
هناك تحدي في قهر المساحة الفارغة والكبيرة جدا لهذا الجدار أو ذاك، وبعث الحياة فيه من خلال التعبير بالصباغة والخطوط عن ما يختلج في مكنون الذات في تفاعلها مع مجريات الحياة اليومية.
إنها رسومات تعكس القدرات الإبداعية لفنانينا المغاربة، حيث التجسيد الحي والبارع على صفحة الجدران لوجوه نعرفها أو سبق لنا أن صادفناها في حياتنا اليومية.
لا تنحصر هذه المبادرات في ملء فراغ هذا الجدار أو ذاك بالصباغة والألوان، بل يصب العديد منها في توثيق الذاكرة المغربية، كما هو الحال بالنسبة للسقاء، صاحب قربة الماء الذي نسميه في تعبيرنا الدارج بالكراب، أو تلك الأكلة الشعبية الشهيرة في مراكش المسماة الطنجية.. إلى غير ذلك من أشكال التعبير.
إلى جانب ذلك نجد الاحتفاء ببعض الرموز الثقافية، أو العمل على تكريم أرواح من توفوا منهم، كما هو الحال بالنسبة للجدارية الخاصة بالممثل المسرحي عبد الجبار لوزير الذي ودعنا أخيرا.
لقد اعتدنا في السابق إلى حد الضجر أن نجد الجدران مصبوغة بهذا الطلاء أو ذاك، أو تشغلها ملصقات إشهارية بليدة، غير أن مبادرة مجموعة من فنانينا إلى زرع الحياة فيها، عبر تجسيد رسومات بتعبيرات مختلفة، جعلنا نتصالح مع هذه الجدران، حيث باتت مدعاة للتأمل والانبهار.
إن الرسومات الجدارية، خصوصا إذا تم تجسيدها من طرف فنانين موهوبين وممتلكين لنضج إبداعي، تساهم بشكل كبير في إضفاء جمالية على الفضاء العمومي المشترك، كما أنها تلعب دورا هاما في تهذيب الذوق لدى عامة الناس.
ومن دون شك أن أصحاب هذه الإبداعات بحاجة إلى من يدعمهم ماديا ومعنويا، من أجل مواصلة السير على هذا الدرب الصعب، وعلى الجماعات المحلية ومنظمات المجتمع المدني أن تعمل على تشجيع هؤلاء الفنانين، ذلك أن هناك نقصا فادحا في ما يخص العناية بجدراننا وبث الروح فيها.

> عبد العالي بركات

Related posts

Top