في ندوة تفاعلية نظمتها منظمة الشبيبة الاشتراكية

عزوز الصنهاجي: اليسار العربي مطالب ببناء نظام عالمي بديل يكون أكثر إنسانية

عمر الديب: الأنظمة الرأسمالية تستثمر في الربح وأغفلت الاستثمار في الإنسان وفي البحث العلمي

شدد عزوز الصنهاجي، عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، على الأدوار الطلائعية التي يمكن للقوى اليسارية والتقدمية، أن تضطلع بها، خلال مرحلة ما بعد كورنا، سواء على المستوى الوطني، أو على المستويين الإقليمي والقاري.

ودعا الصنهاجي الذي شارك، إلى جانب عمر الديب، عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني، في ندوة تفاعلية نظمتها منظمة الشبيبة الاشتراكية، أول أمس الأربعاء، حول موضوع “كورنا مقدمة لنظام عالمي جديد”، عموم فصائل اليسار والقوى التقدمية والديمقراطية على المستويين الوطني والعربي إلى وضع آليات عملية، من أجل التعاون بشكل تكون له الآثار الإيجابية على شعوب المنطقة برمتها، مؤكدا على أن الاتجاه العام الذي يتعين أن يساهم فيه اليسار العربي هو بناء نظام عالمي بديل يكون أكثر إنسانية، وتضامني يقوم على تعدد الأقطاب، وعلى المساواة بين الدول في العلاقة فيما بينها، وبمنظمات دولية مستقلة ومحايدة، وأن تكون على مسافة واحدة من جميع الدول، بالإضافة إلى ضرورة القيام بإصلاح جدري لمنظمة الأمم المتحدة، في اتجاه الديمقراطية والمساواة داخل هذه المنظمة الدولية.  

وأضاف عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، خلال هذه الندوة التفاعلية التي أدارها سعيد البقالي عضو المكتب الوطني للشبيبة الاشتراكية، أن اليسار العالمي، بصفة عامة، بارع في النقد العلمي والموضوعي السليم للرأسمالية والنيوليبرالية، لكن في الوقت ذاته، يقول المتحدث ” يتعين أن نقر بأننا لم نستطع كيسار في العالم، أن نحول ذلك التعاطف التقائي للشعوب إلى قوة مادية للتغيير وإلى قدرة على تعديل موازن القوى، وعلى التغيير من مواقع المسؤولية على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية”.

واستطرد القيادي في حزب التقدم والاشتراكية، بالقول بأن المطلوب من اليسار على المستوى الوطني وعلى المستوى العربي وحتى المستوى العالمي، القيام بمراجعات فكرية وسياسية وتواصلية، حتى يتمكن من تحويل ذاك التعاطف التلقائي للشعوب، إلى قوة مادية للحركة وللدينامكية التاريخية، مشيرا إلى أن في ظل هذه الجائحة، التي مست البشرية جمعاء، وبات الجميع يستشرف نظاما عالميا بديلا، لم يعد هناك من خيار أمام بلدان، كالمغرب ولبنان، إلا أن تتمسك بشكل قاطع، بخيار بناء الذات، وبناء اقتصاد يقوم على الذات، من خلال تشجيع الطلب الداخلي وتوظيف الرأسمال الوطني في الإنتاج الاقتصادي لتلبية الحاجيات الأساسية، والتخفيض ما أمكن من الاستيراد خاصة المواد التي تعتبر من الكماليات.

وبحسب عزوز الصنهاجي، فإن هناك بوادر يتعين على اليسار أن يمسك بها وأن يدرجها بالشكل المناسب والملائم في مقولاته ومفاهيمه الفكرية والسياسية، هو أن الاتجاه العام الذي يتعين أن ندفع في اتجاهه  كيسار عالمي وكيسار وطني هو أن يكون  النظام العالمي البديل إنسانيا وتضامنيا، لأن العلاقات الدولية المبنية على المصلحة فقط أثبتت محدوديتها وفشلها، مستدلا على ذلك بالاتحاد الأوروبي خلال هذه الأزمة الصحية، ومشيرا إلى أنه لن تصبح، بعد أزمة “كوفيد-19” لا القوة العسكرية ولا القوة الاقتصادية هي المحدد، أو هي معيار القوة والتفوق، بل هناك، يضيف المتحدث، عناصر باتت تلوح في الأفق، من قبيل العلم والبحث العلمي، والذكاء الصناعي، وتملك التكنولوجيات الحديثة.

وحذر عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، من مغبة استمرار نفس النظام العالمي الحالي، القائم على النيولبرالية المتوحشة، والذي قد يؤدي إلى كارثة طبيعية وبشرية، لا تقل خطورة عن جائحة كورنا، بالنظر إلى المستوى الذي وصل إليه كوكب الأرض والذي بلغ حدودا غير مقبولة، بسبب استنزاف مقوماته الطبيعية، وبسبب الانبعاثات الحرارية التي تهدد الحياة البشرية جمعاء، وهو ما يطرح، في نظر الصنهاجي، تحديات كبرى على   النظام العالمي البديل عليه أن يتصدى لها، وفي مقدمتها التحدي الصحي، أي تحسين وتجويد خدمات المنظومة الصحية الوطنية، وتحدي الأمن الغذائي، بالإضافة إلى تحدي الأمن الاليكتروني والتكنولوجي، والتحدي البيئي والايكولوجي وتحدي بناء السلم العالمي، ثم تحدي الأمن والهجرة وبلورة خطط لتنمية مستدامة ترتكز على الإنسان كغاية وكهدف.

من جانبه، دعا عمر الديب عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني، الأحزاب اليسارية والتقدمية والشيوعية، للاستفادة من هذه المرحلة، وأن تطرح في برامجها السياسية بوضوح وبشكل مباشر، مسألة المفاضلة بين خيار طريق التطور الرأسمالي وبين خيار الاشتراكية كمسار لانقاد البشرية وتحقيق تقدمها والحفاظ على أمنها الاجتماعي، والاقتصادي، مشيرا إلى أن اليسار اليوم، لا ينبغي أن يكون في موقع يطرح فيه تحسينات أو تغييرات من داخل البنية الرأسمالية نفسها، حتى ولو على المدى البعيد كخيار استراتجي.  

وأضاف القيادي في الحزب الشيوعي اللبناني أن أزمة جائحة “كوفيد-19” أظهرت أن المواجهة الفكرية والسياسية، ليست مطروحة فقط على المستوى الوطني بل هناك قضايا أساسية ومهمة جدا، تمس الشعوب على المستوى العالمي، مشيرا إلى أن على الأحزاب اليسارية والاشتراكية أن تعزز من التواصل، والتعاون فيما بينها، على اعتبار أن الأزمات التي تواجه اليسار العربي، هي أزمات متشابهة، وهي نفس القضايا، بالنظر إلى طبيعة الأنظمة الرأسمالية، المتشابهة التي يطغى عليها الطابع الريعي، وتعيش شعوبها في ظل الاستغلال الطبقي، وتتعرض للقمع السياسي. 

كما دعا عمر الديب عموم الشباب العربي إلى الاضطلاع بمهمة صياغة بديل سياسي للنظم القائمة، وطرحه أمام الشعوب العربية، بهدف بناء موازن القوى قادرة على التغيير في المستقبل.

وأوضح عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني، أن أزمة كورنا التي مست العالم، أظهرت الطبيعة الحقيقية للنظام الرأسمالي التي يرتكز على الأحادية القطبية منذ تسعينيات القرن الماضي، حيث ظل يتخبط في أزمات بنيوية، لكن اليوم، يضيف المتحدث، ظهرت طبيعة هذا النظام بشكل جلي، حيث اتضح أن هذه الأنظمة الرأسمالية، لم تكن قادرة على مواجه هذه الأزمة، وعجزت عن تطوير أنظمتها الصحية، مشيرا إلى أنها كانت تستثمر في الربح وأغفلت الاستثمار في الإنسان وفي البحث العلمي الذي يقدم الأمن الصحي والاجتماعي للإنسان.

وفي نظر القيادي الشيوعي، ليس هناك على الإطلاق رأسمالية متوحشة وأخرى ملطفة، فجميعها يقوم على الاستغلال البشع للإنسان، وللمقدرات الطبيعية، مشيرا إلى أن الأزمة الصحية الحالية، أظهرت في الدول الرأسمالية انفراط التضامن الاجتماعي، وغياب العقد الاجتماعي الذي على أساسه تقوم الدول، وحتى التضامن الذي ظهر في هذه الدول، هو تضامن بين أفراد الشعب وليس تضامن بين الدولة والشعب.               

محمد حجيوي

الوسوم ,

Related posts

Top