في ندوة صحافية بالدارالبيضاء للجمعية الطبية لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب

نظمت “الجمعية الطبية لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب”، يوم السبت الماضي، بالدار البيضاء، ندوة صحافية، لعرض نتائج البرنامج التي أنجزته بشراكة مع المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، تحت شعار: ” من أجل مغرب خال من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية”.
وفي هذا الإطار، اعتبر الدكتور عمر بن عمر رئيس الجمعية الطبية لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب، في كلمة له، أن الهدف الأساسي من البرنامج هو تحسيس مختلف الفاعلين بأهمية النضال ضد كافة أشكال التعذيب وكافة الممارسات المشينة الحاطة بالكرامة الإنسانية. ووصف هذه الشراكة بكونها عنوان الإرادة السياسية للمغرب للمضي قدما إلى الأمام، من أجل ترسيخ قيم ومبادئ حقوق الانسان بشكل عام والقضاء على التعذيب بشكل خاص. وعبر بالمناسبة، عن أمله في تطوير هذه الشراكة أكثر، بما يخدم قضايا حقوق الانسان بوطننا، وأن يتم العمل على تقديم الدعم اللازم لمنظمات المجتمع المدني الجادة للقيام بمهامها الإنسانية النبيلة في ظروف أحسن وفي استقلالية تامة لهده الجمعيات.
وأكد الدكتور بن عمر، أن المغرب قام بخطوات مهمة في الاتجاه الصحيح، وأن هناك إرادة سياسية على أعلى مستوى للقضاء على التعذيب في المغرب، قبل أن يستدرك بالقول، أن هذا غير كاف، مستدلا على ذلك، بتقارير الحركة الحقوقية التي تتحدث عن وجود حالات من مزاعم التعذيب، مناشدا الحكومة المغربية لاتخاذ الإجراءات القانونية في البحث والتقصي في هذه المزاعم، مع ملاحقة المتورطين، وإنصاف الضحايا والعمل على عدم تكرار ذلك، إلا أنه مع الأسف، يشير نفس المتحدث، “لم يتم دائما التعامل الجدي مع هذه النداءات مما ساهم في الإفلات من العقاب واستمرار هذه الآفة في المغرب”.
وأشار الدكتور بن عمر، إن “الجمعية الطبية لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب”، جزء من الحركة الحقوقية الوطنية، التي كانت دائما حاضرة إلى جانب ضحايا التعذيب، مناصرة لحقوقهم، مناضلة من أجل إقرار الضمانات والآليات التي تواجه ممارسة التعذيب من خلال تجريمه إنشاء الآلية الوطنية للوقاية منه، معتبرا أن خلق الآلية الوطنية لمناهضة التعذيب خطوة إيجابية، آملا أن تضطلع بمهامها بكل حزم واستقلالية وفعالية.
وناشد الحكومة من أن تعمل على إدماج قضايا مناهضة التعذيب في التكوين، وتوعية الموظفين المكلفين بتنفيذ القوانين أثناء مراحل تكوينهم بأن التعذيب فعل إجرامي. كما دعا كافة الموظفين المكلفين بتنفيذ القوانين وخاصة المتواجدين في أماكن الاحتجاز التمسك أكثر بالقواعد الدنيا لمعاملة السجناء والابتعاد أكثر عن أية ممارسة للتعذيب أو الحاطة بالكرامة ومساعدة السجناء والعمل على تحسيسهم بحقوقهم وواجباتهم وتمكينهم من رفع الشكاوى كلما تعرضوا لعمل أو معاملة غير لائقة والتعاطي الإيجابي مع شكاياتهم. وأوضح الدكتور بن عمر، أن تأهيل العنصر البشري إلى جانب الاحترام التام للقوانين الوطنية وعدم الإفلات من العقاب هي الركيزة الأساسية للقضاء على التعذيب.
ومن جهته، قال المسؤول الإداري للجمعية يوسف مداد خلال تقديمه لحصيلة الشراكة، بين الجمعية والمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، إنه تم تحقيق هدفين أساسيين ومتكاملين، الأول يتمثل في إنجاز معرض متنقل للتعريف بمضامين الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وتنظيم قوافل تحسيسية، توعوية وتكوينية عبر التراب الوطني بهدف تقوية حصانة المواطنين ضد التعذيب، مع استهداف الشباب منهم، ثم، في درجة ثانية، تعبئة كل الفاعلين الجمعويين والمؤسساتيين من أجل المساهمة في مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية.
وأوضح بالمناسبة، أن أول مرحلة في البرنامج، تجلت في صياغة وإنتاج المعرض، أنجزت بشراكة مع مختلف النشطاء الحقوقيين لمدة قاربت ثلاثة أشهر من العمل المتواتر، تم على إثرها إنتاج المعرض الحقوقي من ثمانية عشر لوحة تتضمن مختلف النصوص الخاصة بالالتزامات الدولية للمغرب في مجال التعذيب مع بعض الشهادات الحية حول التعذيب التي دونت من خلال تنظيم 12 حصة استماع لفائدة الضحايا، كما تتضمن التعريف بتجربة المغرب في مجال إنصاف ضحايا التعذيب وضروب المعاملات اللاإنسانية وبمقتضيات دستور 2011.
وأشار أيضا، أنه ثم استثمار هذا المعرض الحقوقي المتنقل في كل مراحل القوافل التحسيسية الست التي عرفها البرنامج في ثلاث مدن مغربية ضمت كلا من الدار البيضاء وبني ملال وأكادير، على دفعتين متتاليتين، ابتدأت بقافلة مدينة بني ملال ما بين 14 و20 فبراير 2015 وانتهت بقافلة مدينة أكادير ما بين 10 و11مارس 2018.
وبعد أن استعرض مختلف المحطات التي عرفها برنامج ” من أجل مغرب خال من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية”، تبين بالملموس في نظره، أنه ساهم فعليا في تحقيق جملة من الأبعاد تتمثل فيما يلي:
– تنظيم أنشطة بيداغوجية استثمرت المعرض المتنقل، واستهدفت فئة الشباب المدرسي من خلال مجموعة من الورشات التثقفية والتوعوية لصالح تلاميذ سبع مؤسسات تعليمية.
– إنجاز برنامج دورات تكوينية لفائدة أكثر من 300 فاعل حقوقي وحوالي 60 فاعل مؤسساتي من خلال ما يربو 26 مداخلة عالجت ظاهرة التعذيب وأثارها الوخيمة، كما عالجت الجوانب القانونية والحقوقية في مجال محاربة التعذيب، كما عالجت أيضا أدوار المهنيين، الأطباء منهم والمحامون، في التصدي لهذه الظاهرة وحماية ودعم الضحايا وإعادة تأهيلهم.
– تعزيز القدرات في مجال معالجة القضايا المرتبطة بمناهضة التعذيب وإعادة تأهيل الضحايا من تقوية معارف حول اتفاقية مناهضة التعذيب وإكسابهم الآليات التطبيقية لمساعدة ضحايا التعذيب؛
– إحداث فضاء للتشاور والحوار بين مختلف الفاعلين الحقوقيين من أجل تقريب وجهات النظر وتوحيد الجهود في إطار استراتيجية وطنية لمحاربة التعذيب، مع ترسخ القناعة بضرورة تنظيم لقاءات دورية بين الفاعلين في مجال حقوق الانسان،
– إثبات نجاعة سياسة الشراكة مع المؤسسات الوطنية من اجل مناهضة العذيب ونشر ثقافة حقوق الانسان، على الرغم من تسجيل مجموعة من العثرات التي تجلت في صعوبة المساطير الادارية للحصول على التراخيص.
– المساهمة في توثيق بعض الشهادات الخاصة بالضحايا
هذا، وقد تم افتتاح هذه الندوة الصحافية، بكلمة للدكتور عبد الكريم المانوزي الكاتب العام للجمعية، قال فيها، أنه بالرغم من قلة الإمكانيات المادية، لم تمنع أطباء الجمعية المتطوعين من المتابعة الصحية لأزيد من 5000 متضرر من سنوات الرصاص، وأن هناك أزيد من 50 ألف ضحية مباشرة لم تتمكن من الاستفادة من المتابعة النفسية والتطبيب.
وكان الدكتور عبد الكريم المانوزي، الكاتب العام للجمعية، قد افتتح هذه الندوة الصحافية، بكلمة، أشار فيها إلى أن البرنامج المشترك مع المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، يعد إضافة نوعية في إطار تقديم الدعم لضحايا التعذيب، باعتباره أهم محور تشتغل عليه الجمعية انطلاقا من الموقف المبدئي للوقاية من التعذيب، ضمن برنامج يطمح لتطوير أنشطة توعوية حول خطورة التعذيب وضرورة محاربته عبر وضع قطيعة تامة مع سنوات الرصاص وفترات أخرى من تاريخ المغرب، تم فيها تسجيل انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وأكد بالمناسبة، أن الجمعية استفاد من خدماتها بشكل مباشر حوالي 5000 ضحية، وأن هناك ما يقرب 50 ألف شخص ما يزالون ينتظرون العلاج، أغلبهم يقطنون في مناطق نائية ويعيشون أوضاعا صحية متدهورة. ووصف المانوزي وضعية هؤلاء بمثابة تحد كبير بالنسبة للدولة التي تعتبر المسؤولة الأولى عن علاجهم، وفق توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة.

*******

3 أسئلة للدكتور عمر بن عمر*

اعتبر الدكتور عمر بن عمر رئيس الجمعية الطبية لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب، أن أمله يتجلى في تجديد الشراكة التي تجمع الجمعية مع المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان- سابقا-، وزارة حقوق الإنسان حاليا، وتقوية شراكات أخرى مع مؤسسات وطنية أخرى. وأضاف في حوار قصير أجرته معه بيان اليوم، أن على الدولة في انتظار أن تتكفل بهذه المهام، كما تنص على ذلك توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، أن تقوم حاليا على الأقل، بتقديم مساعدات مادية ومعنوية للجمعية، حتى تتمكن من أداء مهامها في أحسن الظروف. وفيما يلي نص الحوار.

• ماذا يمكنكم القول عن حصيلة الشراكة بين الجمعية الطبية لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب والمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان – سابقا-؟
■ أعتقد أن هذه الشراكة التي تمت تحت شعار: « من أجل مغرب خال من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو الإنسانية» خطوة إيجابية في مسار جمعيتنا، وأنتهز هذه الفرصة للتعبير عن اعتزازنا بهذه الشراكة وتقديرنا الكبير لكافة العاملين بالمندوبية للدعم الذي قدموه لنا من خلال هذا البرنامج في مقدمتهم الأستاذ المحجوب الهبية.
وعن الحصيلة، يمكن القول إجمالا، أنها إيجابية، حيث مكنت الجمعية من تحقيق بعض أهدافها المسطرة، والمتمثلة أولا، في التعريف بمضامين الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب من خلال إنجاز معرض متنقل، وتنظيم قوافل تحسيسية، توعوية وتكوينية عبر التراب الوطني بهدف تقوية حصانة المواطنين ضد التعذيب، مع استهداف الشباب منهم، ثم، في درجة ثانية، تعبئة كل الفاعلين الجمعويين والمؤسساتيين من أجل المساهمة في مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية. وأملنا أن يتم تجديد هذه الشراكة، التي انتهت مدتها، وتقوية شراكتنا مع مؤسسات وطنية أخرى وكل الفاعلين الجمعويين والمؤسساتيين. ونحن رهن إشارة كل الإرادات الحسنة والطاقات الجادة من أجل خدمة أوضاع حقوق الإنسان في بلدنا.
• هل كان هناك تجاوب مع الجمعية من طرف مختلف الفاعلين؟
< طبعا، لقد كان هناك تجاوب رائع، منحنا شحنة كبيرة لمواصلة العمل، حيث لمسنا عن قرب الإنخراط التلقائي والجماعي لمختلف الفاعلين سواء الحكوميين أو المجتمع المدني، في التكوينات التي كانت تشرف عليهم الجمعية. وأملنا أن نتمكن يوما من تغطية كل جهات المملكة، يالتواصل مع جميع الفاعلين ومختلف الفئات وخصوصا الموظفين المكلفين بتنفيذ القوانين والذين يعملون في أماكن الاحتجاز بمن فيهم المهنيين الطبيين. وأنتهز هذه المناسبة، لأدعو كافة الموظفين المكلفين بنفيذ القوانين وخاصة المتواجدين في أماكن الاحتجاز التمسك أكثر بالقواعد الدنيا لمعاملة السجناء والابتعاد أكثر عن أي ممارسة للتعذيب أو المعاملة الحاطة بكرامة السجين.
• ماهي التحديات والإكراهات المطروحة على الجمعية اليوم ؟
< قبل الحديث عن التحديات والإكراهات، لا بد أن أشير في البداية، أن الجمعية الطبية لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب، هي جمعية طبية وحقوقية، تقدم خدماتها بالمجان لآلاف من ضحايا التعذيب. وبالتالي، فإمكانياتها البشرية والمادية محدودة جدا، باستثناء بعض المساعدات الرمزية، ولا تكفي للإستجابة لكل مطالب ضحايا التعذيب من جهة وعائلاتهم من جهة أخرى. وأعتقد أن على الدولة في انتظار أن تتكفل بهذه المهام، كما تنص على ذلك توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، أن تقوم حاليا على الأقل، بتقديم مساعدات مادية ومعنوية للجمعية، حتى تتمكن من أداء مهامها في أحسن الظروف.

رئيس الجمعية الطبية لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب*

حسن عربي

Related posts

Top