للأحزاب وقوى المجتمع دور ديبلوماسي كذلك…

في خضم ما تشهده قضية وحدتنا الترابية من تطورات متتالية، وما يحققه المغرب من مكتسبات ديبلوماسية وميدانية وسياسية، وأيضا ما يقترفه خصوم مغربية الصحراء من مناورات، يطرح علينا دور الفاعل الحزبي، خصوصا، في تمتين الديبلوماسية الوطنية دفاعا عن الحقوق الوطنية لبلادنا.
هناك عمل هام تقوم به الديبلوماسية الرسمية ضمن المقاربة الواضحة التي يرعاها جلالة الملك، وهذا مؤكد ولا شك فيه، ولكن المعادلات الديبلوماسية في عالم اليوم وصناعة المواقف لا تحتكرها وزارات الخارجية لوحدها، وذلك في العديد من الدول عبر العالم، ولكن تؤثر فيها أيضا القوى السياسية، بما فيها أحزاب المعارضة، وأيضا الصحافة ووسائل الإعلام والمنظمات المدنية ومكاتب الدراسات واللوبيات والشركات الكبرى والشخصيات العمومية ومحافل مجتمعية وشعبية متعددة، وهنا لا بد أن تطور بلادنا حضورها وفعلها داخل هذه المنتديات المدنية والسياسية والإعلامية أيضا.
لقد سبق لأحزاب وطنية تاريخية أن لعبت أدوارا ديبلوماسية كبيرة، وساهمت في تحقيق انتصارات لافتة لقضية وحدتنا الترابية على الصعيدين الدولي والإقليمي، ولم يمنع وجودها في المعارضة أو ضمن تموقعات الصراع السياسي الداخلي الحاد من القيام بهذا الدور الوطني إلى جانب جهود الديبلوماسية الرسمية، ولا شيء يمنع من مواصلة القيام بمثل هذه الأدوار اليوم ضمن تحديات ومستجدات العلاقات الدولية المعاصرة.
صحيح أن الوقت ليس الوقت، وأن الكثير من المعادلات تغيرت في العالم، ولكن، مع ذلك، هناك حاجة لبلادنا لتقوية تواصلها مع الرأي العام والمجتمعات المدنية والأحزاب والنقابات والصحافة في عدد من البلدان بكل القارات…
لقد كشفت لنا التحولات التي عاشتها بلدان عربية في السنوات الأخيرة أن أغلب نخبها وصحافتها وأحزابها في حاجة إلى فهم أعمق للمواقف والقضايا الوطنية المغربية، وبدا أن محيطنا المغاربي والعربي القريب يقتضي، هو نفسه، جهدا تفسيريا وتواصليا و»ديبلوماسيا» من طرفنا، وهو ما يمكن أن تساهم فيه الأحزاب الوطنية ذات التاريخ والمصداقية والعلاقات، وأيضا الهيئات والمنظمات الإعلامية والثقافية والمدنية.
وفي السياق نفسه، يقتضي الحضور المتنامي لبلادنا داخل القارة الإفريقية تعزيز علاقات الأحزاب والنقابات المغربية، وأيضا وسائل الإعلام الوطنية بنظيراتها في البلدان الإفريقية، وتقوية التواصل الشعبي والمجتمعي.
أما على صعيد أوروبا وأمريكا اللاتينية، فالتحولات الجارية داخل عدد من بلدانهما تفرض تقوية اليقظة المغربية، وتحفيز الحضور السياسي والإعلامي المغربي وسط مجتمعاتها…
كل هذا، لا يعني تعويض الديبلوماسية الرسمية بأخرى شعبية ومجتمعية وحزبية، ولكن تعزيزها وإسنادها، وبالتالي تقوية حضور المغرب ضمن مقاربات تكاملية، كما أن الاستثمار المادي والتقني والتأطيري من أجل تفعيل أدوار القوى السياسية والإعلامية المغربية وتعزيز سلوكها الديبلوماسي الإقليمي والدولي، ليس ترفا أو عملا ثانويا، وإنما هو صياغة لرافعة أساسية في الدينامية الديبلوماسية الوطنية.
بلادنا تمتلك أهم شرط للنجاح في هذا التحدي، ويتعلق الأمر برصيد تاريخي تمتلكه بعض القوى الوطنية التاريخية الجادة، علاوة على رسوخ التعبئة الوطنية والإجماع بشأن الوحدة الترابية في الشعور الجماعي المغربي، وهو ما يبرز عند كل استهداف للمملكة من أي جهة كانت، وهو ما يفرض على بلادنا أن تستثمر هذا الرصيد المتوفر وأن تجعله في خدمة أهدافها الوطنية العليا.

<محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

Related posts

Top