للدفاع عن وطننا…

تحضر  تيمة الوطن بكثافة في تداولنا العمومي، ويحضر شعور الدفاع عن الوطن والانتصار له ولقضاياه ولأفقه.
في التعبير عن الحب للوطن والدفاع عن سيادته وكرامته واستقلاله ووحدته وتقدمه، يكون الوطن، في هذا المعنى، أكبر من الأشخاص والظروف والمصالح والأهداف والتموقعات، ويكون أيضا النقيض لكل الحسابات، الأنانية أو الفئوية أو سواها، ويكون فوق كل هذا، وجامعا له ويتجاوزه…
بلادنا اليوم لديها تحدياتها  الداخلية، الديمقراطية والتنموية، وأيضا تتربص بها مصاعب خارجية، وتواجه خصوما ومواقف عدائية من بلدان أجنبية.
لم يعد خافيا على أحد العداء المتكرر للجارة إسبانيا، والتي لدينا معها قضايا تاريخية ومستجدة معروفة نجم عنها اليوم توتر كبير، والجميع يتابع توالي مواقف عدائية أخرى من ألمانيا، والكل يستحضر أيضا واقعا استعماريا لا زال مستمرا في شمال المملكة، وتعقيدات أخرى تلف وحدتنا الترابية بالصحراء المغربية، واستمرار العدوان الجزائري منذ عقود ضد السيادة المغربية، والذي بات اليوم ثابتا في سياسة النظام العسكري الجزائري، ونذكر، هنا كذلك، ما وقع في إقليم فگيگ مؤخرا، أي أن وطننا يعاني من العدوان والاستهداف في الشمال والجنوب، وأضيف لهما الشرق كذلك.
وإذا كانت المواقف العدائية صارت معلنة ومكشوفة من لدن مدريد وبرلين، فإن الموقف الفرنسي والأوربي يواصل جموده وتكلسه وسلبيته…
وكل هذا يستحق اليوم الوعي به، والانطلاق منه لتقوية تضامننا الفردي والجماعي مع وطننا، وتمتين جبهتنا الداخلية، وتعزيز  سعينا للانتصار لوطننا المغرب من أجل وحدته وسيادته وكرامته.
لا يعني هذا أي ميل نحو الانغلاق الشوفيني، وفِي نفس الوقت ليس الأمر دعوة إلى تبخيس نضالات الشعوب الأخرى من أجل حريتها واستقلالها، أو نضع التضامن مع شعوب أخرى في مقابل تضامننا مع قضايانا الوطنية الكبرى.
أن نكون مغاربة وطنيين، شرسين في الدفاع عن استقلال بلادنا ووحدتها الترابية، هو الشرط الأول لنكون صادقين في التضامن مع نضالات الشعوب الأخرى، ولا يمكن لمن يتنازل عن حقوق وطنه أن يدافع بمصداقية عن الشعوب والأوطان الأخرى.
من داخل هذه القناعة الأصيلة بقي المغاربة دائما ملتصقين بنضال الشعب الفلسطيني، وكان بليغا أن القضية الفلسطينية ارتبطت لديهم دائما بقضيتهم الوطنية، واستمرت الجدلية حية وسلسة وتلقائية في العقل والوجدان إلى اليوم.
وطننا اليوم يستحق أن نجدد له حبنا، وإصرارنا الجماعي على الدفاع عنه والانتصار له، ولن يتحقق هذا فقط بترديد الشعارات والبيانات، ولكن بالفعل الملموس، وبالعمل المستمر  لخدمته في كل الميادين، الداخلية والخارجية.
المغرب لديه قضاياه الوطنية الكبرى، وهو أيضا بقدر ما لديه أصدقاء وحلفاء، لديه كذلك خصوم وأعداء، وبالتالي من حقه أن تكون لديه مصالح وطنية واستراتيجية عبر العالم، وأن يدافع عنها ضمن كل تعقيدات الحسابات والصراعات الجيواستراتيجية في عالم اليوم.
وفِي معركة الدفاع عن الوطن، من غير المقبول اقتراف المقايضات بظروف أو حسابات ذاتية أو فئوية أو مواقف إيديولوجية متكلسة، ومن غير المقبول مطلقا كذلك اللجوء إلى أي استقواء على الوطن لتحقيق مصالح ضيقة أو انتهازية.
الوطن ليس حزبا سياسيا أو تحالفا لكي نعارضهما أو نتموقع مقابلهما، ولكنه أكبر من ذلك، وهو عنواننا كلنا، وندافع عنه بقناعة ووعي دون مقابل أو حسابات.

<محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

الوسوم , ,

Related posts

Top