مئات من العمال والمستخدمين بفرعي الشركة المغربية للصلب والحديد يواصلون إضرابهم واعتصامهم للشهر الثالث

رغم قساوة الظروف المناخية بداية هذا الأسبوع، يواصل مئات من العمال والمستخدمين  بفرعي الشركة المغربية للصلب والحديد، بكل  من مغرب ستيل (تيط مليل/عمالة مقاطعات سيدي البرنوصي ) وببلاد الصلب (الجماعة القروية الشلالات/المحمدية)، إضرابهم عن العمل مرفوقا باعتصام أمام فرعي الشركة، منذ حوالي شهرين، احتجاجا على تمادي إدارة الشركة في تعسفاتها على العمال والتضييق عليهم، ورفض الحوار معهم وعدم الاستجابة لمطالبهم.
بيان اليوم، انتقلت إلى عين المكان، وزارت المعتصمين بفرع مغرب ستيل، الذين تحدثوا إليها بتفاصيل وافية عن أسباب الاعتصام والإضراب وعلاقة إدارة الشركة بالعمل النقابي، وتفاصيل أخرى، ننقلها على لسانهم، ضمنهم  أعضاء المكتب النقابي  للشركة المنضوي تحت لواء الإتحاد المغربي للشغل. بعد ذلك، اتصلنا  في ذات اليوم ( الإثنين الماضي)، بإدارة الشركة لأخذ وجهة نظرها في هذا النزاع، من خلال حوار مع أحد مسؤولي الشركة، وهو الطلب الذي تكلف عامل الهاتف،(Standariste ( بإحالته على المسؤولين، قبل أن نعيد الاتصال به في اليوم الموالي، وأمس الأربعاء، لكن بدون جدوى، حيث أفادنا بأن إدارة الشركة ستربط الاتصال بنا، وهو الأمر الذي لم يتم نهائيا.

> حسن عربي
خيام بلاستيكية..وإصرار على مواصلة الاعتصام

خالد..شاب  في عقده الثالث،  متزوج، أب لطفلين،  لايتجاوز سنهما  عشر سنوات، التحق بالشركة المغربية للصلب والحديد( الفرع الأم) الكائن بالطريق الوطنية رقم 9 بتيط مليل التابعة لعمالة مقاطعات سيدي البرنوصي، منذ حوالي 6 سنوات، وهوأحد المعتصمين بمقر الشركة لحوالي 60 يوما، رفقة مئات من العمال والمستخدمين، احتجاجا على مواصلة  الإدارة العامة للشركة التضييق على العمل النقابي والحريات النقابية، وإغلاق باب الحوار والتفاوض، وعدم احترام الميثاق الاجتماعي والبروتوكول الموقع بينها والمكتب النقابي بحضور السلطات المحلية، وتماديها في اتخاذ قرارات تعسفية بالطرد التعسفي الجماعي للعمال والمستخدمين والممثلين النقابيين.
ومنذ حوالي شهرين، يضطر خالد لقطع حوالي 5 كلم مشيا على الأقدام، مرة كل أسبوع، حيث يزور عائلته، للوصول إلى مكان الإعتصام قادما إليه من حي أناسي بسيدي البرنوصي، وهناك يتناول فطوره مع باقي المعتصمين، قبل الشروع في تنفيذ برنامج اليوم، والذي يضم غالبا بالإضافة إلى الاعتصام المفتوح، تنظيم وقفات احتجاجية بجانب الطريق لإثارة انتباه المارة، إلى وضعيتهم وتحسيسهم في الوقت نفسه بمطالبهم، فيما تتكلف لجن أخرى، حسب المهام المسندة إليها بتنفيذ المطلوب منها.
وعن الأجواء داخل المعتصم الذي تم فيه نصب خيام بلاستيكية، قال خالد: «الاعتصام يدخل شهره الثالث، ونحن مستمرون في اعتصامنا بإرادة قوية، رغم قساوة الظروف المناخية هذا الأسبوع الذي تميز بنزول أمطار الخير،ولن نتراجع حتى تحقيق مطالبنا»، مضيفا في تصريح ل» بيان اليوم»، أن إدارة الشركة تستطيع تجويعنا بعدم صرف أجورنا لشهر نونبر/دجنبر، وعدم الإستجابة لمطالبنا المشروعة، لكنها تستطيع تركيعنا وإذلالنا».
ولم يخف خالد في حديثه ل «بيان اليوم»عن مخلفات هذا الاعتصام سواء على المستوى المهني أو الاجتماعي للمعتصمين، حيث قال في هذا الصدد، إن عشرات من العمال عجزوا عن تأدية واجبات الكراء و مصاريف تمدرس الأبناء، فيما اضطر البعض  الآخر إلى إرسال زوجته عند أهلها ناهيك عن مشاكل أخرى، ورغم ذلك، يستدرك المتحدث، الجميع مصر على الاستمرار في ماأسماه بالمعركة من أجل الكرامة.
وأوضح خالد، أن ما يبعث على السرور ويشكل مصدر قوة للمعتصمين، هي أجواء التضامن التي تحظى بها معركتهم، من خلال الدعم المعنوي بالخصوص، والمادي أيضا من طرف المتعاطفين، ضمنهم عشرات من المعتصمين أنفسهم الذين لايدخرون جهدا في المساهمة في توفير بعض الحاجيات الضرورية كالتغدية والأدوية.

إدارة الشركة ومحاربتها للعمل النقابي

«الحرب على العمل النقابي والنقابيين»، ظل شعارا مركزيا لإدارة الشركة في تعاملها مع العمل النقابي منذ الثمانينات على حد تعبير أحد أعضاء المكتب النقابي للشركة المغربية للصلب، المنضوي تحت لواء الإتحاد المغربي للشغل. فقد أفاد هذا الأخير، في حديث لبيان اليوم، أنه طيلة أربعين سنة من عمر الشركة، تمت محاربة كل المكاتب النقابية باختلاف تلاوينها حيث طردت مكاتبها النقابية، مع التضييق على المتعاطفين معها، وممارسة كل أشكال التعسفات من تنقيل وغيرها ضد كل من سولت له نفسه الحديث باسم نقابة ما.
وأضاف المتحدث، أنه في يوم 26 مارس 2015 ، تم تأسيس المكتب النقابي الحالي ( إ.م.ش)، في إطار الحريات النقابية التي يكفلها الدستور والمواثيق الدولية، من أجل الحفاظ أولا على المكتسبات وثانيا للدفاع عن الحقوق المهنية والاجتماعية للعمال والمستخدمين، وفق القوانين المعمول بها، في مقدمتها مدونة الشغل، خصوصا في ظل الظروف الصعبة التي يشتغل فيها العمال، حيث يتعرض العمال لحوادث شغل خطيرة، قد تودي بحياتهم، ووصف المتحدث الفترة التي تلت تأسيس المكتب النقابي، بالعادية، خصوصا في الشهور الخمسة الأولى، حيث كانت تعقد اجتماعات بين المكتب النقابي وإدارة الشركة ممثلة  في شخص  مديرها العام سعد بناني،  ويتم التوقيع على محاضر الاجتماعات، قبل أن يفاجئ الجميع  بتغيير في إدارة الشركة، تمثل في حلول عمار ادريسي محل سعد بناني.
بداية الصراع..المدير الجديد يشرع في مجاربة العمل النقابي
اعتبر ذات المتحدث، أن تعيين المدير الجديد، تم لهدف واحد هو وضع حد لنشاط العمل النقابي بأي وسيلة كانت، وهذا ما تبين لاحقا، حيث رفض المدير الجديد، التوقيع على محاضر الاجتماعات مع المكتب النقابي، وشروعه في إطلاق تهديداته وتضييقه على النقابيين، وتهديده للعمال بالاختيار بين النقابة والإدارة، على أساس أن من يعبر عن ولائه للإدارة، سيحظى بمعاملة تفضيلية والعكس صحيح، على حد تعبير محدثنا دائما.

بداية الاحتجاج بحمل الشارة

أمام هذا الوضع الجديد، المتسم بالتهديدات والمضايقات، وجد العمال أنفسهم في وضع لايحسد عليه، فقرروا وضع الشارة لمدة أسبوع تعبيرا عن احتجاجهم ورفضهم لسلوك الإدارة المتسم بالتضييق على العمال ضمنهم النقابيين، وهو الأمر الذي دفع بالمدير الجديد، إلى الرفع من وتيرة  تعسفاته حيث شرغ في تلفيق شكايات كيدية للبعض ومساومة البعض الآخر،وطرد مجموعة من العمال، مما دفع ثانية العمال لخوض إضراب عن العمل لمدة 24 ساعة خلال اليوم الخامس من شهر غشت 2015.

إضراب في شهر غشت

دخل عمال ومستخدمو الشركة المغربية للصلب،  في إضراب عن العمل لمدة  22 يوما خلال شهرغشت من سنة 2015 ، وبعد تدخل السلطات المحلية والأمانة العامة للإتحاد المغربي للشغل، تم عقد عدة اجتماعات بين ممثلي العمال والمستخدمين والإدارة العامة للشركة، أسفرت عن توقيع ميثاق اجتماعي وبروتوكول بتاريخ 27 غشت 2015 ، وعلى إثرهما تم استئناف  العمل على أساس أن تنفذ إدارة الشركة التزاماتها اتجاه العمال والمستخدمين، حيث تم إرجاع العمال المطرودين-40-عاملا-،  لكن بمجرد استئناف العمل، استأنفت إدارة الشركة من جديد، تهديدها وترهيبها للعمال والمستخدمين وممثليهم النقابيين، مع رفضها للحوار، قبل أن تتدخل الأمانة العامة للإتحاد المغربي للشغل من أجل استئناف واستمرار العمل والحفاظ على مستقبل الشركة والعاملين بها، إلا أن إدارة الشركة استمرت في تماديها وتجاهلها للحوار والتفاوض رغم استدعائها من طرف السلطات المحلية ومديرية التشغيل، لتسوية ومعالجة هذا النزاع القائم بتطبيق مااتفق حوله، مما دفع الاتحاد المغربي للشغل مرة أخرى إلى توجيه رسائل ومذكرات في الموضوع للجهات المسؤولة بجهة الدار البيضاء، والسلطات المحلية بعمالتي مقاطعات البرنوصي والمحمدية ومديرية التشغيل ووزارة الداخلية والإدارة العامة للشركة. وأمام هذا التعنت والتجبر وتدهور الأوضاع الاجتماعية والمهنية داخل الشركة، اضطر العمال مرة أخرى إلى الدخول في أشكال نضالية  أكثر تصعيدا.
وحسب بعض أعضاء المكتب النقابي، فقد كشرت إدارة الشركة عن أنيابها، وشنت حربا شرسة استعملت فيها كل الأساليب، ضمنها  التشكيك في العمل النقابي، ومحاولة زرع الفتنة بين العمال، والتضييق على العمال بنقل بعضهم إلى أماكن أخرى، وتلفيق شكايات كيدية ضد مجموعة من العمال، لكن النقطة التي أفاضت الكاس، يضيف نفس المتحدث، هو إقدام إدارة الشركة على استقدام عمال جدد لتعويض المضربين، وطرد سبعة عمال ضمنهم عضوان بالمكتب النقابي.

الدخول في اعتصام مفتوح والهجوم على العمال

أمام  هذه الأوضاع الجديدة، قررعمال ومستخدمو الشركة المغربية للصلب( مغرب ستيل)،  يوم 19 دجنبر 2015الدخول في إضراب عن العمل مرفوقا باعتصام،  أمام مقر الشركة،  احتجاجا على  مواصلة  الإدارة العامة للشركة تعنتها في ممارسة الضغط والمضايقات والتعسفات والخرق السافر للحريات النقابية، وإغلاق باب الحوار والتفاوض، وعدم احترام الميثاق الاجتماعي والبروتوكول الموقع بين الإدارة العامة للشركة والمكتب النقابي بحضور السلطات المحلية، وتماديها في اتخاذ قرارات تعسفية بالطرد التعسفي الجماعي للعمال والمستخدمين والممثلين النقابيين، وصباح يوم الثلاثاء 22 دجنبر 2015، تعرض العمال لهجوم من طرف القوات العمومية، حيث تم نقل أحد العمال إلى المستعجلات، بالإضافة  إلى اعتقال 19 عاملا، تم الاستماع إليهم من طرف الضابطة القضائية قبل أن يتم إطلاق سراحهم مع حفظ ملف المتابعة لانعدام الأدلة.

الإدارة  ترفض الاستجابة لدعوات الحوار

رغم توصلها لاستدعاءات الحضور ثلاث مرات متتالية من طرف سلطات عمالة مقاطعات سيدي البرنوصي، آخرها اجتماع يوم 3 نونبر 2015 ، ظلت إدارة الشركة ترفض الاستجابة لهذه الدعوات وبالتالي عدم جلوسها مع المكتب النقابي حول نفس الطاولة لإيجاد حل لهذا النزاع. وفسر أحد النقابيين هذا الأمر بكونه دليلا على تهرب إدارة الشركة من مواجهة المكتب النقابي وعدم رغبتها في إيجاد حلول ترضي الطرفين، وتضع حدا لنزاع قد يطول في حال إصرار إدارة الشركة في التمادي في تعنتها.

*****

 3 أسئلة لياسين البرقي*Sans titre-24<  ماهي دواعي إضرابكم واعتصامكم؟
>  لم نختر الإضراب والاعتصام بمحض اختيارنا، بل فرضته علينا الإدارة من خلال سلوكاتها المنافية للقانون، المتمثلة في محاربتها للعمل النقابي، ورغبتها في الدوس على حقوقنا ومكتسباتنا، ورفضها الحوار مع المكتب النقابي الذي يعبر عن مطالب العمال والمستخدمين. وها نحن اليوم، وأمام تعنت الإدارة، قد نضطر للدخول في إضراب عن  الطعام  إذا ماستمر الوضع على ماهو عليه، لأنه لايمكن أن نبني الشركة بسواعدنا  طيلة أكثر من 30 سنة، ويأتي البعض في آخر الزمن، يمنح لنفسه كل الامتيازات، ويحاربنا في نفس الوقت، بتلفيق تهم واهية، هي من نسيج خياله، لا لشيء سوى أننا طالبنا بحقوقنا.

<  هل عقدتم اجتماعات مع إدارة الشركة؟
>  للأسف، في جميع الاجتماعات التي تمت الدعوة إليها من طرف السلطات المحلية بسيدي البرنوصي، كانت إدارة الشركة تتغيب بدون مبرر، مما يؤكد عدم رغبتها للجلوس في نفس الطاولة مع المكتب النقابي. وأؤكد بالمناسبة، أننا مستعدون للحوار لأننا مقتنعون بصواب ومشروعية مطالبنا.

<  ماهي مقترحاتكم لتجاوز هذه الوضعية؟
>   نطالب أولا بإرجاع المطرودين، وصرف أجرة شهر نونبر / دجنبر لحوالي 75 في المائة من العمال، وفتح الحوار مع المكتب النقابي، وأعتقد أنه إذا كانت لإدارة الشركة إرادة لتجاوز هذا الوضع، فلا شك، أننا سنجد حلولا مرضية للطرفين تضع حدا لهذا النزاع.
* الكاتب العام للمكتب النقابي
للشركة المغربية للصلب

Related posts

Top