مهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة

على وقع الطبول، والصنجات، تعبر مجموعات كناوة شوارع مدينة الصويرة، بأزيائهم الملونة وإيقاعاتهم المتنوعة، إيذانا بانطلاق الدورة الواحدة والعشرين لمهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة،  الذي يعتبر أحد أهم الأحداث الفنية على الأجندة الثقافية المغربية، والذي سيستمر من 21 إلى 23 يونيو، في دورة تعد، بلحظات جديدة قوية من التبادل والإثارة.  ويعد افتتاح المهرجان دائما لحظة عاطفية قوية، حيث جعلته التظاهرة حدثا شعبيا وموعدا أساسيا. في كل عام، يتجول موكب بألوان زاهية، يقوده “معلمي” كناوة في شوارع الصويرة معلنا انطلاق الاحتفالات، حيث يسير الفنانون للاتقاء مع الصويريين ومع زوار المهرجان بغية الاحتفال معا بانطلاق هذا الحدث السنوي الرائع.من أجل إعطاء إيقاع لبرمجة موسيقية رائعة، يقدم مهرجان كناوة وموسيقى العالم هذه السنة حفلة موسيقية افتتاحية جديرة بحفل موسيقي كبير، مع “سناركي بوبي”، الفرقة الموسيقية للجاز والمزج الآلي وأشهر “مْعلم” على الصعيد الدولي  حميد القصري. هذه الحفلة الموسيقية هي ثمرة إقامة فنية دامت أكثر من أسبوع، حيث تكاشف الموسيقيان وأجريا تبادلات لتقديم إبداع موسيقي فريد وتضم فرقة “سناركي بوبي”، التي تأتي إلى إفريقيا للمرة الأولى، موسيقيين موهوبين من بروكلين ومن مختلف الثقافات، من قبيل عازف القيثارة “مايكل ليك”، وبحضور عازف البيانو، عضو الفرقة ومن المتعودين على المهرجان، “بيل لورانس”، كما تعتزم فرقة “سناركي بوبي” إحضار الأصوات المليئة بالحيوية والطاقة. وسبق للمجموعة أن فازت بثلاث جوائز “غرامي” سنة 2014، كأفضل أداء “إر أن بي” لأغنية “برينداروسيلسامتينغ”، وخلال سنتي 2016 و2017، نالت المجموعة جائزة “غرامي” كأحسن ألبوم معاصر.إن الإقامة الفنية للمعلم حميد القصري و”سناركى بوبي” تستحق المتابعة. ونظرا لتعوده على أعمال المزج والإقامات الفنية مع الموسيقيين المشهورين عالمياً، فإن “لمْعلم” حميد القصري سيعطي لمسة كناوية بصوته الجهوري وسيحشد الجماهير الغفيرة الى ساحة مولاي الحسن، لهذا اللقاء.هذا، وإن كانت تسمية مهرجان كناوة، تدل على الطابع المحلي لهذه التظاهرة،  فإنه مهرجان يعانق العالمية ويبرمج موسيقى لكل الأذواق وكل الفئات العمرية.ومن بين الفرق المغربية ذائعة الصيت، سيكون لضيوف المهرجان لقاء، مع مجموعة “هوبا هوباسبيريت”  التي تجمع بين الروك والهيب هوب والفانك والفولكلور المغربي، وتجسد الساحة الفنية المغربية الرائدة، المعاصرة والملتزمة، حيث أن أغانيها تحظى بالشهرة كل مرة. بين “مرحبًا بك في كازا” و “بلاد سكيزو”، ترسخت أغاني فردية في ذاكرة المغاربة. أصدرت الفرقة 8 ألبومات، آخرها بعنوان “كما ينبغي” (يناير 2018) ، وأقامت أكثر من 500 حفلة موسيقية داخل المغرب وخارجه. كما قامت بجولة ناجحة في أمريكا، تحدثت فيها الصحافة عن “فرقة فانك مغربية ممتعة للغاية” (“نيو يورك ميوزيك دايلي”) أو “مزج فائق” (“برودواي وورلد”). يتضمن ألبوم الفرقة الأخير، “كما ينبغي”، ثلاثة عشر قطعة جديدة برز فيها الفنان “ربيل سبيريت” … هكذا فرضت فرقة “هوبا هوبا سبيريت” نفسها كفرقة متميزة، سواء على خشبة المسرح أو من خلال  إنتاجها الفني.
المنتدى
من جهة أخرى وبـمناسبة انعقاد دورته الـواحدة والعشرين، ينظم مـهرجان كناوة وموسيقى العالم للصويرة والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، للسنة السابعة على التوالي، منتدى حقوق الإنسان .وقد شكل هذا المنتدى منذ سنة 2012 فضاء للنقاش وتبادل الأفكار، بين متدخلين مغاربة وأجانب، حول الإشكاليات الراهنة التي تعيشها مجتمعاتنا. بعد تخصيص دورته الأولى والثانية على التوالي لموضوع الثقافة والشباب، شكلت إفريقيا طيلة ثلاث سنوات الموضوع الرئيسي لهذا المنتدى (التاريخ والمرأة ثم الدياسبورا الإفريقية). أما دورة سنة 2017 فتم تكريسها لفهم الروابط بين المجال الرقمي والثقافة ليتم تخصيص الدورة السابعة من المنتدى لهذه السنة لموضوع المساواة والمناصفة، حيث أضحت قضايا المساواة وعدم التمييز والمناصفة، باعتبارها قضايا شاملة، موضع نقاش وجدل خلال السنوات الأخيرة. وفي هذا الإطار، عمل المجلس الوطني لحقوق الإنسان على تخصيص العديد من الآراء والتقارير والأنشطة من أجل مواكبة مسار إعمال المقتضيات الدستورية المتعلقة بحقوق المرأة. ذلك أنه منذ اعتماد دستور 2011 الذي كرس المساواة ومكافحة التمييز ضد المرأة، تم اعتماد العديد من القوانين في المغرب بما في ذلك القانون رقم 79.14 المتعلق بإحداث هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد المرأة، القانون رقم 78.14 المتعلق بالمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، القانون رقم 66.16 المغير والمتمم بموجبه القانون رقم 77.03 المتعلق بالاتصال السمعي البصري، الذي ينص على النهوض بثقافة المساواة بين الجنسين ومكافحة التمييز على أساس الجنس. علاوة على ذلك، واستجابة لترافع وتعبئة الحركات النسائية، ساهمت القوانين التنظيمية المتعلقة بالبرلمان والجماعات الترابية بزيادة تمثيلية المرأة داخل الهيئات المنتخبة على المستوى الوطني والترابي .مع ذلك، فالتقدم الفعلي الذي تم إحرازه على مستوى المنظومة القانونية الوطنية لا ينعكس، للأسف، على الحياة اليومية للمرأة، وخاصة الأكثر عرضة للفقر والإقصاء. في تقرير صدر سنة 2015 تحت عنوان “وضعية المساواة والمناصفة في المغرب”، ثمن المجلس الوطني لحقوق الإنسان التقدم المسجل، ولكنه أشار في الوقت نفسه إلى “التبخر التدريجي للوعود التي جاء بها القانونالأسمى”، واستمرار الكثير من أشكال التمييز على المستوى القانوني وعلى أرض الواقع. كما أبرز المجلس على الخصوص التأخير في إحداث وتشكيل الهيئتين الدستوريتين اللتين تهدفان إلى المساهمة في تفعيل المقتضيات المتعلقة بالمساواة بين الجنسين والمناصفة في جميع المجالات (هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز والمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة). في ظل التفاوت المسجل بين الرجل والمرأة في الولوج إلى الشغل والأنشطة الاجتماعية والاقتصادية، وتزايد انتشار العنف ضد المرأة في الفضاء الخاص والعام، والإشكاليات المرتبطة بحق المرأة في إنهاء الحمل غير المرغوب فيه، وحريتها في اللباس وقضية زواج القاصرات، برز في خضم الأسابيع الأخيرة نقاش مهم حول الموضوع. 
موسيقى
في الصويرة كل الطرق تؤدي إلى المتعة الفكرية والحسية، وهذه المدينة التي يتسع قلبها  لعشاقها وزوارها من كل الجنسيات، الذين تستقبلهم في منصتين رئيسيتين، في ساحة مولاي الحسن وفي الشاطئ . وفضاءات أخرى تجهز لاستقبال العروض الموسيقية الموزعة على المدينة ( برج باب مراكش – دار لوبان – زاوية سيدنا بلال – زاوية عيساوة  ..) ويتلخص رهان الدورة 21 في ترويج المهرجان لأفريقيا، معلنا مرة أخرى أن أفريقا تبقى أرض الحوار والإبداع . فهذه السنة تصير الصويرة محطة للقاء الفني الإفريقي المحض، من «مالي» إلى «بينين». مع تنويع للعرض الموسيقى، من التراث الكناوي إلى المزج والإقامات الفنية … بحضور العديد من «المعلمين الكناويين» المرموقين من أمثال بوسو وباقبو والقصري وعليكان والحياة والكاديري والبلقاني وأوغسال وأمليل ومرشان والفقير وغينيا وبولحيماس والقديري وبومزوغ وكويو… إضافة إلى مجموعات موسيقية وتراثية محلية ووطنية وإفريقية وعالمية.

> سعيد الحبشي

Related posts

Top