مهرجان كناوة وموسيقى العالم يعود للصويرة بوهجه المعتاد

تنطلق، يومه الخميس، الدورة 24 لمهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة، وتستمر إلى غاية السبت القادم.. وسيعود بلحظات متعة حقيقية، موزعة بين حفلات المزج الموسيقي، والليالي الكناوية الحميمية واللقاءات الموسيقية المرتجلة، إضافة إلى النقاشات الفكرية الرصينة.
وقال بلاغ لمنظمي المهرجان إن «إيقاعات العالم ستهيمن على الدورة الـ 24، حيث يعود المهرجان، أخيرا، لصيغته وشكله الطبيعيين المعتادين»، مبرزين أن «موسيقيي العالم سيلتقون مرة أخرى بالصويرة، مستضافين من طرف زملائهم الكناويين المغاربة»، مضيفا أن المهرجان يعود هذه السنة لصيغته المعتادة من خلال موكبه الافتتاحي التقليدي، وحفلاته الموسيقية الأربعين الموزعة بين منصتي ساحة مولاي الحسن، وشاطئ المدينة، وبالأمسيات الحميمية الخاصة المقامة بمقرات الزوايا الصوفية، وببرج باب مراكش، فضلا عن منتدى حقوق الإنسان.
ونقل البلاغ عن منتجة ومؤسسة المهرجان، نائلة التازي، تأكيدها أنه «إذا كانت الأزمة الصحية العالمية قد أرغمتنا على تأجيل المهرجان لثلاث سنوات متتالية، فإنها، بالمقابل، لم تنجح في كبح عزيمتنا ومثابرتنا. فمهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة، تؤكد المتحدثة، يتغذى من شغفنا الكبير وإصرارنا المتواصل. اليوم، وأكثر من أي زمن مضى، فإن الاستعدادات للدورة 24 تثبت أن روح الصمود والتحدي لم يفارقنا أبدا».
بالفعل، وبعد سنتين من التواري الاضطراري فرضته ظروف الجائحة الصحية، أصر كل من منظمي المهرجان وجمعية «يرما كناوة» على الاحتفاء بمعلمي كناوة، وبحدث ترتيب فنهم ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية من طرف منظمة اليونيسكو، عبر تنظيم حفل موسيقي تاريخي جمع أكثر من 115 فنانا، وذلك يوم 25 دجنبر 2021.
وفي سنة 2022 تم تنظيم جولة فنية كبرى على إيقاع المزج الموسيقي، زار من خلالها «المعلمين» الكناويون، مرفوقين بفنانين عالميين، من طينة فاركاتوري، وجمال الدين تاكوما، وبيرس فاتشيني، وأفيشاي كوهين، أربع مدن بالمملكة.
وهذه السنة، يعتزم مهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة، خلال الفترة الممتدة من 22 إلى 24 يونيو الجاري، الاحتفاء بغنى وتنوع موسيقى كناوة وكذا بأنماط موسيقية عالمية أخرى، حيث ستمتزج نغمات الگنبري والقراقب المميزين بنبرات موسيقى الجاز بكل تلاوينه وتفرعاته، وبالفلامينكو والريگي والسالسا، وتنصهر مع إيقاعات الطوارق والتاميل.
وسيكون محبو المهرجان، إذن، على موعد مع حفلات مميزة، تستهل بحفل افتتاحي استثنائي، مساء يومه الخميس، سيجمع كلا من فرقة طبول بوراندي اماكابا وعازف الساكسفون الأمريكي جليل الشاو والفنانة المغربية سناء مرحاتي والمعلمين محمد وسعيد كويو.
يشار إلى أن مهرجان كناوة وموسيقى العالم رسخ اسمه، منذ تأسيسه سنة 1998، كأحد أهم المواعيد الثقافية على الصعيدين الوطني والقاري. فمن خلال برمجة فنية دقيقة ومتجانسة ومتاحة للجميع، يجذب الحدث كل سنة، آلاف الزوار من مختلف بقاع المعمور، إضافة إلى حضور عدد هائل من الفنانين والمثقفين. فبفضل فلسفته الأصيلة وروح التقاسم والاكتشاف التي تميزه، يشكل المهرجان تجربة فنية وروحية متفردة. كما يعتبر فرصة للتداول والحوار الجدي والعميق المنظم في إطار المنتدى الفكري الذي يعقد بالموازاة مع الحدث، والذي ستتمحور تيمته الأساسية هذه السنة حول «الهويات المتعددة وسؤال الانتماء». وهو موضوع راهني في عالم تتقاذفه توترات هوياتية عميقة، ويطغى عليه شعور متفاقم برفض الآخر. فمن خلال هذه النقاشات التي سيخوض فيها فنانون ومفكرون ومتدخلون سياسيون وجمعويون ثقافيون من مختلف الآفاق والبلدان،  سيقوم كل من جهته بالعمل على محاولة بناء وإعادة تشكيل عالم أكثر اتحادا وتلاحما.

أقوى لحظات المهرجان.. متعة، دهشة، وعجائبية

ستعيش مدينة الصويرة خلال أيام 22 و23 و24 يونيو الجاري أجواء عرسها الفني السنوي الذي يستضيف كل عام صناع ومبدعي وعشاق الفن الكناوي وموسيقى العالم.. ويعود مهرجان كناوة الدولي في دورته الرابعة والعشرين ليواصل أنفاسه الروحانية ويتقاسم مع محبيه ومتتبعيه عبر العالم لحظات استثنائية ملؤها الفرح والسلام والمتعة والدهشة والعجائبية والأحاسيس الجميلة.. عبر فرجات متميزة وفريدة تنتصر لتعبيرات فنية تمزج بين التقليدية والحداثية يقدمها أشهر وأمهر الفنانين المشهود لهم بالتميز في هذا المجال من مختلف الآفاق والمشارب..
وبذلك تكرس هذه الدورة سمعة التظاهرة التي اكتسبتها مع مر السنوات كفضاء للتلاقي ومسرح لكل الاحتمالات الممكنة والمتاحة. فضاء يغري موسيقيي العالم بتكسير كل الحواجز القائمة، والانطلاق في تجارب فنية جريئة وخلاقة. إنها لحظة تنفلت فيها خيوط الزمن وتتوارى تاركة للسحر فرصة نثر ألوانه الزاهية. فمن هنا حج العديد من الأساطير والمشاهير لملاقاة والاستمتاع بنغمات وموسيقى كناوة… إنها لحظات سحرية خُلِّدَتْ في سجل تاريخ المهرجان. دورة هذه السنة لا تحيد عن سابقاتها، فهي تجعل من التلاقي والمزج والتمازج السلس والمتجانس أساس وروح برمجته. فيما يلي أهم لحظات الدورة:

الحفل الأكثر إثارة «المعلم» خالد سانسي و«إل كوميتي» (المغرب – كوبا)

اعتاد «المعلم» خالد سانسي خوض مغامرات فنية قوامها الجرأة والمزج بين ألوان وأصناف متعددة. فهو ينتقل بيسر من الرقص المعاصر إلى الهيب هوب دون الابتعاد والانسلاخ الكامل عن جذوره وعن مقومات هويته المتمثلة في التراث الكناوي. خلال هذه الدورة من المهرجان، يلتقي سانسي مع إحدى الفرق الأفرو- كوبية المعروفة بإيقاعاتها النارية والملتهبة، في فضاء منصة مولاي الحسن يومه الخميس 22 يونيو على س 12 ليلا و30 د.

إقامة فنية مدروسة  
 إن كان هناك من فنان مقتنع بأن فن المزج الموسيقي ليس فقط مسألة ارتجال غير محسوب، بل هو مغامرة إنسانية وحوار بين تيارات موسيقية مختلفة الجذور والانتماءات تتطلب احترافية عالية وحمولة روحية كبيرة، فإنه بالتأكيد «المعلم» مجيد بقاس.
يلتقي بقاس في حفل يجمعه بكل من دافيد باتروا عازف الفيبرافون الموهوب، ومينينو غاراي عبقري الإيقاع ومبدع أسلوب «سبوكن وورد» أصل فن «الصلام»، وعازف الإيقاع مختار صامبا، والسكسوفونيست أكسيل كميل. حفل بألوان مغربية وأرجنتينية وسينغالية وفرنسية ستصبغ بكل تأكيد سماء الصويرة الزاهية. يلتقي إذن «المعلم» مجيد بقاس ودافيد باتروا ومينينو غاراي ومختار صامبا وأكسيل كميل (المغرب، فرنسا، الأرجنتين، السينغال) في منصة مولاي الحسن يوم السبت القادم 24 يونيو على الساعة 8 ليلا.
 
«غُورْلْ بَّاوَرْ»
خلال هذا الحفل تلتقي رموز قوة إفريقيا وديفاتها ووجوهها النسائية الخلاقة، حيث تجتمع فرقة أمازونيات إفريقيا وهي فرقة نسائية «بان أفريقية» تتغنى أساسا بقيم الحب والتضامن النسائي، ببنات تومبوكتو بقيادة أسماء حمزاوي التي تمكنت بفضل إصرارها وعنادها وعزيمتها من فرض وجودها في فضاء ذكوري صرف. نموذج رائع للإيقاعات الإفريقية الملتهبة.  تلتقي أمازونيات إفريقيا وأسماء حمزاوي وبنات تومبوكتو (مالي- البنين-الكونغو-المغرب) في منصة مولاي الحسن يوم السبت 24 يونيو على الساعة 9 و45 د. ليلا. 
 
عبق روحاني  
يعد فايز علي فايز من أصدقاء مهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة الدائمين والمداومين على حضوره. فهو من رواد فن الكَوالي وأكثر ممارسيه قدرة على الانفتاح على فنانين من أجناس وآفاق موسيقية مختلفة. خلال هذه الدورة سيتجدد اللقاء بين فايز و»ناس الحال» عيساوة فاس، (باكستان المغرب) لتقديم حفل فني يَرْشَحُ طاقة وروحانية. وذلك في منصة مولاي الحسن يوم الجمعة 23 يونيو على الساعة 11و45 د. مساء.
 
جرأة وصرامة
لقاء فني استثنائي يجمع بين الجرأة الموسيقية المكرسة والصرامة الفنية والروح المفعمة بقيم الصوفية والحكمة. يلتقي كل من «المعلم» عبد السلام عليكان وتورستين دو وينكل عازف القيثار، والأسطوري سليمان حكيم وزهير أمكاس عازف الطبول، (المغرب/ المانيا/ الولايات المتحدة الأمريكية)، من أجل الإصغاء لبعضهم البعض وللتبادل والمزج الموسيقي… لإبهارنا وامتاعنا ! وذلك يوم السبت 24 يونيو على الساعة 8 و45 د. مساء بمنصة برج باب مراكش. 

انتقائية عالمة
«المعلم» حميد القصري وجليل شاو وتورستين دو وينكل ومصطفى عنتري (المغرب/ الولايات المتحدة الأمريكية/ ألمانيا) يلتقون في تجربة استثنائية ستجمع رائد الخشبة حميد القصري وعازف السكسفون جليل شاو وعازف القيثارة والكاتب الغنائي والملحن المعروف تورستين دو وينكل وعازف الطبول مصطفى عنتري. سيكون لا محالة لقاء ناريا ملتهبا بإيقاعات عالية سترتج لها أسوار المدينة الحالمة يوم السبت 24 يونيو على الساعة 11 ليلا بمنصة مولاي الحسن
فضاءات المهرجان تسع الجميع برحابة وأريحية

كما جرت العادة كل سنة، ومنذ أكثر من عقدين من الزمن، تردد أسوار مدينة الرياح صدى نغمات الكنبري والقراقب والطبول ممزوجة برنات الأوتار ورنين الآلات النحاسية والإيقاعية الآتية من كل من أوربا وأمريكا وإفريقيا وآسيا. كما تتزين الحاضرة الهادئة، خلال فترة الاحتفال، بأثمن وأبهى ما لديها من مظاهر الزينة والأبهة. كل الدروب والأزقة والفضاءات تحتفي بالموسيقى والفن، فمن المنصة الرئيسية للمهرجان إلى خشبة الشاطئ مرورا بالفضاءات الحميمية بالمدينة العتيقة، كلها تَحْضُنُ بدفء أجواء فنية غنية ومتنوعة.
 
منصة مولاي الحسن، الصويرة تستقبل العالم
تتواجد المنصة الرئيسة للمهرجان بساحة مولاي الحسن، قلب المدينة النابض وفضاء تنظيم أغلب الأنشطة والتظاهرات الثقافية. تقع الساحة بين شاطئ الصويرة الذهبي الهادئ ومينائها التاريخي ومدينتها العتيقة الحالمة. تحتضن المنصة منذ الدورة الأولى نجوم المهرجان الكبار الذين يقدمون عروضا في فن المزج وعصارة إقامات فنية عملوا مسبقا على طرز فقراتها، كما يقدمون بها حفلات من مختلف موسيقات العالم. ستهتز منصة ساحة مولاي الحسن هذه السنة للصوت القوي للفنانة البلجيكية صلاح سو، وللنبرات النوسطالجية لإلياديس أوشوا، وللأنغام الجامكية المغلفة بالهيب هوب التي سيؤديها كي ماني مارلي، أو للأداء الحيوي الملتهب الذي ستطلق شرارته فرقة هوبا هوبا سبيريت المغرب..
 
 منصة الشاطئ: فضاء للمواهب المحلية وللحيوية
منصة الشاطيء بجمهورها الكبير والمحب للموسيقى، تقترح دائما برمجة فنية ملتهبة واحتفالية. فهي تستضيف عادة نجوما وفرقا تقدم إبداعاتها الخاصة أو تندمج مع مجموعات ومبدعين آخرين في عروض لفن المزج..
خلال هذه الدورة، سيغوص جمهور منصة الشاطئ في بحر الإبداع الموسيقي مع حفلات يحييها نجوم الساحة الفنية المغربية بتنوعاتها، وعرض استثنائي لإحدى المجموعات النسائية القليلات التي تمارس الفن الكناوي، فرقة «المعلمة» هند النايرة. فضلا عن كل من سفير الأغنية الأمازيغية العربي إمغران وممثلي الفن الشعبي الحديث  «حصبة كروف».. وفي الختام ستحتضن منصة الشاطئ ذبذبات الحيوية الاستثنائية لمجموعة كناوة ديفيزيون.
 
برج باب مراكش: فضاء تحت النجوم
برج باب مراكش هو إحدى المعالم التاريخية البارزة والمهمة بالمدينة، وفضاء رفيع للمعارض التشكيلية والعروض الفنية. تستضيف منصة البرج مجموعة موسيقية مرموقة تعد بحق أحد أهم ممثلي الجاز الأفرو – كوبي: إل كوميتي. موعد لا يجب إخلافه تحت أية ذريعة. كما تستقبل الفنان بنشمسي ولالاس في حفل يجمع بين تاكناويت والأصوات الكورالية النسائية التي جاءتنا من الجانب الآخر للمحيط الأطلسي. ويبقى بدون شك عرض الثلاثي جبران وموهبتهم الاستثنائية في الارتجال إحدى أهم اللحظات المفعمة بالسحر الفني الجميل الذي سيحتضنه البرج التاريخي..

>إعداد: الحسين الشعبي
تصوير: عقيل مكاو

Related posts

Top