نحن والبوكر

تم مطلع الأسبوع الجاري، الإعلان عن الفائز بجائزة البوكر العالمية للرواية، من بين الخمسة الذين استطاعوا بلوغ القائمة القصيرة.
 لا أحد من روائيينا المغاربة مر إلى هذه القائمة خلال الدورة الحالية، بعد أن كان حضورهم طاغيا في ما سلف من دورات.
 هذا الغياب للروائيين المغاربة عن المنافسة على جائزة عالمية للرواية من حجم البوكر، لا ينبغي في اعتقادي أن نقوم بتهويله واتخاذه ذريعة للحط من قيمة ما ينتجه أدباؤنا على اختلاف أجيالهم، أو الحديث عن تراجع محتمل للإبداع في جنس الرواية بالخصوص؛ فليست الجائزة كيفما كان حجمها، هي ما يمنح قيمة لكاتب ما، بل الكاتب في حد ذاته هو من يرفع من قيمة الجائزة، وقد يكون سببا في إذلالها، مثلا حينما تمنح له بينما هو لا يستحقها، وما أكثر الجوائز التي أخطأت طريقها نحو مستحقها.
 هناك بعض القيمين على المسابقات الأدبية، يحاولون تلميع صورة مسابقاتهم؛ فيعمدون إلى منح الجائزة إلى هذا الكاتب أو ذاك، حتى لو لم يتقدم إليها أو بالأحرى لم يكن له علم بوجودها أصلا.
 لنستحضر نموذج المفكر والروائي المغربي عبد الله العروي الذي نال أخيرا جائزة خليجية، لعلها جائزة زايد للكتاب، هل كان العروي بحاجة إلى جوائز وهو في أرذل العمر لكي ينتزع الاعتراف بشخصه باعتباره قيمة أدبية وفكرية؟ طبعا لا.
 في هذه الحالة، العروي هو من تشرفت الجائزة به وليس العكس.
 لكن لماذا هناك تهافت من قبل بعض الأدباء على الجوائز، خصوصا إذا كانت هذه الجوائز ذات قيمة مالية كبيرة؟ إذا شئنا القول. طبعا الجواب مضمن في السؤال. خصوصا إذا وضعنا في الاعتبار أن أمل الحصول على مردودية مادية من المبيعات يظل مجرد وهم، إذا جاز الحديث عن مبيعات أصلا.
 من بين الروايات المغربية التي شاركت في مسابقة البوكر لهذه السنة، دون أن تتمكن من بلوغ القائمة القصيرة التي تشكل غربلة حقيقية للأعمال المرشحة للمسابقة، رواية المغاربة للكاتب الملالي عبد الكريم الجويطي، المثير للانتباه أن هذه الرواية نفسها هي من ستفوز بجائزة المغرب للكتاب.
ماذا يعني هذا؟
هناك احتمال أن مستوى تنافس الروائيين المغاربة في ما بينهم، لا يرقى إلى مستوى التنافس القائم بين الروائيين العرب بوجه عام، (النيفو طايح) بدليل أن رواية مغربية لم تتمكن من المرور إلى القائمة القصيرة لمسابقة عالمية، تفوز بجائزة مغربية، هي من بين أرفع الجوائز الوطنية.
 ارتباطا بجائزة البوكر التي تم الإعلان عن الرواية الفائزة بها مطلع الأسبوع الجاري، ونقصد بذلك رواية موت صغير؛ فإن نسختها الرقمية معروضة بالمجان على صفحات الويب، هذا من شأنه بكل تأكيد أن يحقق انتشارا أكبر للرواية الفائزة، لكنه في المقابل قد يساهم في تخفيض نسبة أرباح ناشرها، فعلا، مصائب ناشرين عند قراء فوائد، إذا سمحنا لأنفسنا بتحوير البيت الشعري الشهير. 

عبد العالي بركات

[email protected]

الوسوم ,

Related posts

Top