50 سنة من الحضور.. العقبى لمائة عام

تعبئة الشعب دعامة لتحرير صحرائنا

خطوة جديدة تخطوها إلى الأمام قضية تحريـر صحرائنا الغربية، وذلـك علی اثر إعلان الرئيـس هواري بومدين أمام مؤتمر القمة العربي السابع عمـا مضمونه أن الجزائـر لا تحركها أي أطماع ترابية لا من حيث الرقعة الجغرافية للأرض المحتلة، ولا فيمـا يكنه باطنها من ثـروات معدنية، وأنها لا تعنى بالمشكلة الصحراوية إلا بحكم الجوار وما يترتب عنه من اهتمامات بمصيــر المنطقة .
أجل، لا يسعنا إلا أن نسجل بارتياح موقفا رسميا كهذا بقدر ما يعتبر تعهـدا من قبل الجزائر، ولو ضمنيا، على أنها لا تعارض، ولن تعارض في مطالبة المغرب بتحرير الصحراء الغربية وعودتها إلى حظيرة الوطن الأب، وذلك بالرغم من عدم الإشارة بكـل وضـوح إلى مغربية الصحراء، لأن أهم ما في الأمر أن تلتزم الجزائـر بالوقوف إلى جانب المغرب في معركته المعادية للاستعمار الفرانكوى، معركة قرر المغرب بكافة قواه الوطنية الحية أن يكون مصيرهـا المحتوم تحرير الصحراء الغربية وإلحاقها بحظيـرة الوطن الأب وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على مراعــاة مشروعية مطالب المغرب وما حظيت به من عناية فائقـة ورعاية جدية من لدن مختلف أطراف الرأي العام الدولي، الديمقراطية منها والتقدمية، التي تعنى أساسا بتصفية الاستعمار وتساند كل موقف إیجابي من شأنه أن يساعد على تحرر الشعوب.
وهكذا، حظي المغـرب بتأييد واسع النطاق، عقب الحملة الديبلوماسية والإعلامية التي شنهـا للتعريف بالمشكلة الصحراوية تأييد تبلور أخيرا في موقـف الدول الصديقة والحليفة أمام الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة واليوم، ومن جديـد، إذ يحظى المغرب بمؤازرة كافة الدول العربية في إطـار مؤتمر الرباط الأخير، فإنما يجنـي ثمار المجهودات والمساعي التي بذلها مـن أجل تطوير معركته المشروعة الرامية إلى تحرير أجـزاء مغتصبة من أرض الوطن، معركة لا يمكن للصديـق أو الحليف، بعيدا كان أو مجاورا، أن يتجاهلـها، فأحرى أن يطعن في عدالتها.
وهذا ما حدث بالطبـع حينما انضمت موريطانيـا في حظيرة هيئة الأمم المتحدة إلى جانب المغرب، ومـا أسفرت عنه نتائج مؤتمــر القمة العربي السابع في شأن الصحراء المغربية، حيث أسندت إلى الأميـن العام للجامعة العربية، طبقا لما ورد في النـدوة الصحفية الملكية الأخيرة، أن يتدخل لدى الحكومة الإسبانية سعيـا وراء إقناعها بضرورة فتـح مفاوضات مباشرة مـع المغرب وموريطانيـا، وإشعارها بأن للصداقـة العربية -الإسبانيـة شروطا لا يحق تجاوزها، ومنها ضرورة احترام مبادئ التضامن العربي القائمة على وحدة النضال المعادي للامبريالية والاستعمار وتوحيد الخطة والموقـف إزاء المستعمر كان وأينما كان، إلا أنه مهمـا اتسـع مجال التضامن وتقـوى، فإن حسن استغلاله علـى حساب الاستعمار الفرانكوى الغاشم يقتضي منا أن ندعم الجهود الديبلوماسية والسياسية بتعبئة الشعـب في إطار جبهة تضم سائـر القوى الوطنية والتقدمية، وأن لا نتردد في استعمال السلاح، لطرد الغـزاة من صحرائنا وباقي الأراضي المغربية السليبة.
8 نونبر1974

محمد شعيب الريفي

***

الجزائر ترفع الالتباس

يمكن أن نقول بأن قضية الصحـراء الغربية المغربية قد عرفت مؤخرا انعطافا جديدا على اثر ما قدمته مؤخرا الجزائر الشقيقة مـن توضیحات جد مشجعة تسلط الضوء على الموقف الرسمي للجزائر من هذه القضية.
وفي ندوته الصحفية يوم 30 أكتوبر الماضي أتی صاحـب الجلالة بالتحقيقات التالية :
«ثم أن رئيس الجمهورية الجزائرية السيد هواري بومدين قد تناول الكلمة خلال المؤتمر (وكلامه مسجل في أرشيف الأمانة العامة) ليقول ما معناه: إن الجزائر ليست معنية بالأرض، سواء ما فوق الأرض، أو ما تحتها. وليسـت لها أية مطامع ترابية، وهي معنية فقط بحكم أنها ستكون لها حدود مشتركة، ولها بالفعل حدود مشتركة. فهي معنية بالأمر إذا وقعت مواجهـة في المنطقة.. .
وباستثناء هذه الاهتمامات الناتجة من الجوار وهي اهتمامات طبيعية، فإن الجزائر قد أعلنت أنها تريد أن تجعل حدا لهذا الإبهام. وسأذهب إلى أبعد من ذلك لأقول أن الرئيس الجزائري قد بدا متضايقا من محاولة وضع وطنيته المغربيـة موضع الشك من طرف بعض الدول، وذلـك لأغراض ليست دائما نبيلة، ولتأخير تصفيـة الاستعمار».
إن هذا التصريح ليعد بيان حقيقة في الموضوع، بيان حقيقة جاء ليضع حدا للإشاعات المقلقة، وللتأويلات المخيفة، التي أثارهـا السكوت الجزائري عن قضيتنا الصحراوية والواقع أن جميع التساؤلات والاستفسارات التي كانت توجه الجزائر حول موقفها من قضيتنا المقدسة، وقد عبرنا نحن أيضا عن هـذه التساؤلات على أعمدة جريدتنا، لها ما يبررها، سيما وأن الأعداء الفرانكويين استغلوا صمـت الجزائر الرسمي، وراحوا يصعدون نشاطهم الهادف إلى تشويه الملف المغربي في هذا المضمار، طمعا منهم في تصنيع وحدة الأشقاء، لفصـل المغرب عن أشقائه، وطمعا كذلك في بلبلة الرأي العام الدولي ودفعه، استنادا إلى موقف الجزائر، لئلا يتخذ موقفا مؤازرا لبلادنا.
وها هي الأمور قد صارت واضحة الآن، وتجلى بوضوح موقف الجزائر الشقيقة على لسـان رئیس جمهوريتها، ذلك الموقف الذي يؤكد للملإ ألا أطماع للجزائر في الصحراء الغربية المغربية ولا نخفي أن هذا التوضيح قد طمأننا، وقضى على كل ما كان يهدد الوحدة العربية، ويعرقل ما يريد أن يقدمه لنا من مساعدات أنصـار للتحرر والتقدم في العالم من أجل تحرير صحرائنا وإعادتها إلى كياننا الوطني.
لذلك نبتهج أيما ابتهاج لهذا التقدم الذي حصل على صعيد السياسة الجزائرية تجاه الصحراء المغربية. وأننا المتيقنون من أن أشقاءنا فـي الحكومة الجزائرية سيبلغون تحقيقاتهم هذه إلى ممثليهم في المعمور، وخاصة في المحافل الدولية، وعلى وجه الاستعجال إلى ممثليهم في هيئة الأمم المتحدة، مما سيجعلنا نتصور منذ الآن التطور الايجابي المنتظر الذي ستحظى به قضيتنا الصحراوية في هذه الأوساط.
إننا نعتز بمبادرة الأشقاء الجزائريين هذه، ونشكرهم من أعماق أفئدتنا على موقفهم المعادي للاستعمار، ذلك الموقف الذي تهيمن عليه روح المغرب العربي، ويقدم خدمات جليلة للروابط الأخوية التاريخية التي ظلت قائمة قديما وحديثا بين المغرب والجزائر، وتسود كفاحهما الموجه ضد الامبريالية، وفي سبيل التشييد الوطني وتقدم شعوبنا وبناء المغرب العربي الموحد.
وإنها لروابط ستزيدها الأيام منذ اليوم توثيقا وتطويرا.
ولا شك أن هذا الفوز الجديد منبثق من الرصيد الايجابي الذي حققه الاتجاه الوحدوي طوال جلسات المؤتمر السابع للقمة العربية الذي انعقد ببلادنا أواخر الشهر الفارط.
لقد اتضحت إذن الأمور، وتأكدت أهمية الإجماع الوطني، وتعزز جانبه ولم يعد الغموض يسيطر على مواقف بعض الأشقاء العرب، وخاصة أشقائنا الجزائريين. ومعنى ذلك أن الدول العربية جميعها، وفي مقدمتها الجزائر ستقدم المساعدة للمغرب.
فلنسارع، أمام هذا التقدم، للاعتماد -أساسا- على أنفسنا وقوانا وعلى تأييد ودعم كل الدول العربية، والدول المتحررة، والصديقة، لنحقق فوزا جديدا ونهائيا فوزا لا بالنسبة لقضيتنا فحسب، ولكن أيضا بالنسبة لكل القضايا، العربية وسواها من القضايا المعادية للامبريالية.

8 نونبر 1974

علي يعته

Related posts

Top