قال عبد الواحد بنصر الباحث في المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث إن اكتشاف أقدم إنسان عاقل يتجاوز عمره 300 ألف سنة إنجاز علمي كبير يشرف المغرب.
وأضاف بن نصر الذي كان يتحدث الجمعة الماضية في ندوة صحفية لتقديم الاكتشاف أن هذا المعطى يظل غير قار، إذ بالإمكان العثور على أقدم إنسان في مكان ما في العالم، مشيرا إلى أن إثيوبيا كانت قد عثرت على أقدم إنسان عاقل قبل 150 ألف سنة قبل أن يكتشف المغرب هذا الإنسان الأقدم على الأرض.
وأكد بنصر الذي ساهم في هذا الاكتشاف، إلى جانب باحثين ألمان، أنه جرى اكتشاف أقدم “هيمو سابين” بجبل إيغود باليوسفية على مرحلتين وذلك بعد “بحث مضن ومثابرة” على مرحلتين. المرحلة الأولى انطلقت منذ الستينيات من القرن الماضي بواسطة الجيل الأول من الباحثين حيث عثر على بقايا إنسان ومجموعة متحجرة تعود للعصر الحجري الوسيط “إلا أنه لم يكن بالإمكان التدقيق في تاريخها وبالتالي لم تعط النتائج المرجوة حول ظهور الإنسان العاقل” يقول بن نصر. متابعا “في حين انطلقت المرحلة الثانية عام 2004 بواسطة الجيل الثاني من الباحثين حيث تم منذ 2007 وإلى السنة الجارية اكتشاف بقايا هذا الإنسان”. موضحا أن هذه الاكتشافات الحديثة في جبل إيغود ليست الأولى من نوعها، إذ أن الموقع الأثري معروف منذ عام 1960، إذ اكتُشفت فيه بقايا إنسان من طرف الباحث الفرنسي إميل نوشي، يعود تاريخها إلى 50 ألف سنة، وفي الثمانينيات من القرن الماضي جرى اكتشاف بقايا إنسان جديدة يعود تاريخها إلى 110 آلاف سنة، قبل أن يتمّ اكتشاف البقايا الأخيرة، والتي يعود تاريخها إلى 315 ألف سنة.
وقال بن نصر إنه اكتشف مع هذا الإنسان أدوات صيد إذ كان يعيش على صيد الغزلان، بالإضافة إلى أربعة جماجم أخرى يزعم أن إحداها لطفل فيما الثلاثة الآخرين لإنسان بالغ يرجح أن بينها أنثى. موضحا أن هذا الاكتشاف “يشكل قفزة نوعية بالنسبة للبحث الأثري في المغرب معتبرا أنه اكتشاف “سيغير المفاهيم والمعطيات حول تاريخ البشرية”.
من جهته قال محمد الأعرج وزير الثقافة والاتصال “إن هذا الاكتشاف العلمي الجديد تم في إطار برنامج بحث علمي يسهر على تنفيذه المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث بالرباط التابع لوزارة الثقافة والاتصال بالتعاون مع معهد ماكس بلانك بألمانيا”.
وتابع الأعرج أن بقايا هذا الإنسان المنتمي لصنف الإنسان العاقل تم تحديد عمرها بواسطة “التقنية الإشعاعية لتحديد العمر حيث تم تأريخها بنحو 300 ألف عام وبالتالي فهي تعتبر أقدم بقايا لفصيلة الإنسان العاقل تم اكتشافها حتى يومنا هذا”.
كما وصف الوزير عملية الاكتشاف بموقع جبل “إيغود”، نواحي مدينة اليوسفية، بـ”الحدث التاريخي”، وقال “إن هذا الاكتشاف العلمي يستدعي إعادة النظر في كتابة تاريخ البشرية”.
إلى ذلك أفاد وزير الثقافة أنه جرى تأمين محيط الاكتشاف بجبل إيغود باليوسفية وتوفير الحراسة له وتأمينه، مشيرا إلى أنه أضحى قبلة للزوار من المكتشفين والباحثين والسياح، مؤكدا على أن وزارة الثقافة والاتصال تسهر على تأمينه وتأمين المناطق الأثرية، داعيا في هذا السياق إلى التعاون من أجل الحفاظ على هذا الإرث الإنساني المشترك.
يشار إلى أنه جرى اكتشاف أقدم بقايا عظام إنسان مؤخرا بمنطقة جبل إيغود باليوسفية نواحي مدينة مراكش حيث تعود لما يزيد عن 300 ألف سنة. وتعتبر هذه البقايا المكتشفة من قِبل باحثين مغاربة من المعهد الوطني لعلوم الآثار وباحثين ألمان، من أهم الاكتشافات الحديثة، حيث خلقت جدلا على المستوى العالمي وأجبرت العلماء على إعادة النظر في تاريخ التواجد البشري فوق الأرض.
جدير بالذكر أن البقايا التي تم اكتشافها تتكون من جمجمة وفك سفلي وجانب من فك علوي، وأجزاء من أعلى الرقبة وهي بقايا تعود لخمسة أجساد بشرية، عمرت ما بين أربعين وخمسين سنة قبل وفاة أصحابها، حيث يرجح الخبراء أن تكون بقايا العظام التي كشفت التحاليل الدقيقة التي خضعت لها أنها تعود إلى 315 ألف سنة لامرأة.
محمد توفيق أمزيان