شهدت السوق الصيفية في شهر غشت من عام 2017 أكبر صفقتي انتقال في التاريخ، وذلك في انعكاس للسباق المحموم بين الأغنياء الجدد في كرة القدم العالمية والأندية التاريخية.
وتمثلت الصفقة القياسية الأولى بانتقال البرازيلي نيمار من نادي برشلونة الإسباني إلى ناي باري سان جرمان الفرنسي مقابل 222 مليون يورو مطلع الشهر الحالي، والثانية في انتقال الشاب الفرنسي عثمان ديمبيلي من بوروسيا دورتموند الألماني إلى العملاق الكاتالوني الذي أعلن عنه يوم الجمعة الماضي.
ويرى الخبير الاقتصادي في الرياضة من شركة “وايفستون” المتخصصة في مجال الإدارة والإعلام، فانسان شوديل، أن انفجار الأسعار يفسر قبل كل شيء بـ”قانون العرض والطلب”، معتبرا أن “نحو 10 أندية أوروبية تتنافس على لاعبين ماهرين بعدد أصابع اليد الواحدة”.
ويرتبط التضخم أيضا بالإيقاع الذي تفرضه الأندية الأكثر ثراء مثل باريس سان جرمان ومانشستر سيتي الإنجليزي وملاكها القطريين والإماراتيين على التوالي.
وتجد الأندية التي توصف بأنها “تاريخية”، نفسها مرغمة على الانخراط في هذا التنافس حتى لو تذمر البعض على غرار رئيس نادي بايرن ميونيخ الألماني اولي هونيس الذي ندد بما اعتبره “جنونا” في صفقة انتقال نيمار.
ويعتبر الخبير في التسويق والمسؤول في الاتحاد الفرنسي للصناعات الرياضية والترفيهية فيرجيل كاييه أن باري سان جرمان ومانشستر سيتي “زعزعا النظام القائم”.
ويضيف “تقاسمت أندية عدة في السنوات الماضية أفضل اللاعبين دون توجيه انتقاد للنظام السائد، ووجدت نفسها (الآن) في مواجهة منافسين جدد وفي مزاد لم تستعد له مسبقا”.
وكان على برشلونة الذي فقد نيمار وأصبح سريع العطب داخليا، أن يقوم برد فعل سريع. وبات يملك الوسائل بعد حصوله على مبلغ 222 مليون يورو من صفقة البرازيلي فاشترى ديمبيلي البالغ من العمر فقط 20 عاما، مقابل 105 ملايين إضافة إلى مكافآت قد ترفع قيمة الصفقة إلى 147 مليونا.
خلال عام، تساقطت الأرقام القياسي التي سجلت في 2016 او تمت معادلتها. وكان الفرنسي بول بوغبا صاحب أغلى صفقة بانتقاله الصيف الماضي من نادي يوفنتوس الإيطالي في المواسم الستة الأخيرة، إلى مانشستر يونايتد، بمبلغ 105 ملايين يورو (مع 5 ملايين على شكل مكافآت).
والمبلغ الذي دفع من أجل الحصول على خدمات نيمار، فاق التصور، لكن نجم برشلونة السابق يبقى برأي فيرجيل كاييه “حالة منفردة”.
وقال الخبير الفرنسي “إنه (نيمار) أحد أفضل ثلاثة لاعبين في العالم ولم يتجاوز الخامسة والعشرين من العمر، في حين أن الآخرين (البرتغالي كريستيانو رونالدو والأرجنتيني ليونيل ميسي) أصبحا في سن الثلاثين”.
لكن حالتي ديمبيلي والواعد الفرنسي الآخر كيليان مبابي (18 عاما) الذي قد ينتقل من موناكو إلى باري سان جرمان، مختلفتان تماما. “إنها استثمار في نجوم مستقبليين مع إمكانية قوية بإعادة بيعهم. يجب ألا ننسى أن الأندية هي عبارة عن شركات تجارية باستثمارات منطقية”.
ورغم المبالغ الطائلة التي صرفتها الأندية وعلى رأسها مانشستر سيتي الذي أنفق حوالي 240 مليون يورو للحصول على خدمات لاعبين مثل كايل ووكر والبرتغالي برناردو سيلفا والفرنسي بنجامان مندي، يبقى للعقلانية وجود.
السوق تنفجر بالطبع، لكن ذلك ناجم عن ارتفاع عائدات الأندية وتضخم حقوق النقل التلفزيوني وبشكل خاص في الدوري الإنجليزي حيث يحصل صاحب المركز (العشرين) الأخير في البطولة، والذي سيهبط إلى الدرجة الأولى، على مبلغ 100 مليون يورو بفضل هذه الحقوق.
ويعتبر كايين أن باري سان جرمان مع انضمام نيمار إلى صفوفه، سيجد نفسه في عالم آخر على صعيد الأعمال ويمكنه أن يأمل بعودة إلى الاستثمار على المدى المتوسط، إذ سيساعد النجم البرازيلي النادي الباريسي على “غزو أسواق جديدة” في أمريكا اللاتينية وآسيا.
كما سيساهم في إعادة النظر بتقييم حقوق النقل وعقود الشراكة، لاسيما أن “قيمة عقود باريس سان جرمان الراهنة أقل من قيمة عقود أندية أخرى مثل مانشستر يونايتد (الإنجليزي) وبرشلونة”.
لكن على باري سان جرمان أن يحاذر شروط اللعب النظيف المالي المفروضة من قبل الاتحاد الأوروبي للعبة، والتي تنص على ألا تتجاوز نفقات النادي إيراداته حتى ولو كان المساهم/المالك يتمتع بوسائل غير محدودة.
ويتساءل فيرجيل كاييه “قد تكون هناك حدود أو عودة إلى مبدأ الواقعية”، وقد لاحظ الخبير الفرنسي “ارتفاعا ثابتا في مبالغ الانتقالات” مع خطر أن “تتعمق الفجوة أكثر فأكثر بين الأندية التي تملك الوسائل وتلك المرغمة على الرهان على أكاديمياتها”.