انطلقت أول أمس الأربعاء، بمدن تطوان ومرتيل والمضيق والفنيدق، الدورة التاسعة عشرة للمهرجان الوطني للمسرح، الذي تنظمه وزارة الثقافة والاتصال، قطاع الثقافة، تحت الرعاية الملكية السامية، ويتواصل حتى السادس من ديسمبر الجاري.
الدورة التي تنعقد بشراكة مع ولاية منطقة تطوان، وتعاون مع المسرح الوطني محمد الخامس والمجالس المنتخبة بمدن تطوان ومارتيل والمضيق والفنيدق، شهد حفل افتتاحها تكريم الفنانة المغربية ثريا جبران والكاتب المسرحي عبد الكريم برشيد، كما تعرف مشاركة 12 عرضا مسرحيا في المسابقة الرسمية للمهرجان تم انتقاؤها من قبل لجنة ترأسها الأستاذ مولاي أحمد بدري.
وأكد وزير الثقافة والاتصال محمد الأعرج في افتتاح المهرجان أن وزارته يحدوها “العزم الأكيد والتصميم الوثيق، على مواصلة الجهود والتفاني في تطوير هذه التظاهرة وتوفير أسباب استمرارها وإغناء وتحسين مضامينها وإشعاعها”.. لاسيما وأن الدورة تصادف حدث تصنيف مدينة تطوان ضمن شبكة المدن المبدعة التابعة لمنظمة اليونسكو. وبهذا التصنيف الأممي الجديد تكون تطوان أول مدينة مغربية وثالث مدينة عربية تحظى بشرف الانضمام إلى شبكة المدن المبدعة، وذلك فضلا عن تصنيفها كمدينة عتيقة منذ سنة 1997.
واعتبر الوزير أن المسرح “ليس فقط متنفسا للفرجة والترفيه أو مجرد ترف للترويح عن النفس، وإنما هو إلى جانب ذلك كله، أداة فعالة لبناء الشخصية المتزنة القويمة، ووسيلة فعالة للتثقيف والتهذيب الاجتماعي. وهو فضلا عن ذلك يتوجه إلى عقل ووجدان الإنسان باعتباره مركز كل استراتيجية تنموية”.
وإدراكا لهذه الأهمية، يضيف الأعرج، فإن “رعاية المسرح والمسرحيين من المرامي التي تتصدر اهتمام وزارة الثقافة والاتصال.. حيث تعمل جاهدة على تسخير كل ما في متناولها من إمكانات وتدابير ومشاريع لتهييء شروط فضلى للممارسة المسرحية. ومن تم توجه تدخلاتها إلى مجمل المناحي ذات الأولوية بالنسبة للشأن المسرحي، وخاصة التكوين والبنيات التحتية ودعم الإبداع المسرحي وتنظيم ودعم التظاهرات المسرحية ورعاية الوضع الاعتباري والاجتماعي للفنانين”.
ففي مجال التكوين، يؤكد المتحدث أن الوزارة “تعمل على إصلاح نظام الدراسة بالمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، ومده بدعم مادي ولوجستي، حتى يستمر كمؤسسة أكاديمية عليا تساهم في تطعيم الساحة المسرحية بكفاءات شابة متخصصة وذات تحصيل عالي في مختلف الفنون والتقنيات المسرحية”.
وبخصوص البنيات التحتية الثقافية، “تواصل الوزارة إحداث مجموعة من المسارح والمراكز الثقافية. وهي منشآت تشمل قاعات للعروض الفنية ومرافق للقراءة والورشات والتداريب والمعارض وغيرها. وتعطى الأولوية للمراكز البعيدة ولمناطق الشبه قروية، وذلك حرصا من الوزارة على تفعيل ثقافة القرب وتعميم الشأن الثقافي فرجة وممارسة”.
وفيما يهم الدعم، أوضح محمد الأعرج أن الوزارة “منكبة على تقييم وتطوير منظومة الدعم الثقافي وخاصة الدعم المسرحي لجعله أكثر ملاءمة مع المشهد المسرحي الوطني وأوفر استجابة لانتظارات المسرحيين المغاربة، وذلك استنادا إلى قراءة واقعية وموضوعية لواقع الحال ولآفاق الممارسة المسرحية بالمغرب.” مؤكدا أن “هذه المراجعة لآليات الدعم المسرحي ستتم في إطار مقاربة تشاركية تدمج ممثلي الحقل المسرحي المغربي”.
وفي مجال التنشيط المسرحي، تعمل الوزارة على ترويج الأعمال المسرحية الوطنية، وتيسير التلاقي بين الإنتاجات المسرحية والجمهور المغربي، وذلك عبر تنظيم ودعم مجموعة من المهرجانات والتظاهرات المسرحية، وأهمها: المهرجان الوطني للمسرح، والمهرجان الدولي لمسرح الطفل، وتظاهرة اليوم الوطني للمسرح، وإحياء اليوم العالمي للمسرح.
أما في الجوانب التنظيمية والاجتماعية، فتعمل الوزارة، يقول المسؤول الحكومي، على تفعيل قانون الفنان ولمهن الفنية واستصدار النصوص التطبيقية لهذا القانون، ذلك بدءا من: نظام بطاقة الفنان (والذي صدر مرسومه بالجريدة الرسمية بتاريخ 13 نونبر 2017)، والعقد النموذجي، والتفاوض الجماعي… وغيرها من الآليات الجديرة بتيـسـيـر وتحسين الممارسة الفنية ببلادنا.
وقال الوزير بخصوص فقرة التكريم لهذه الدورة إن الوزارة “تكريسا لثقافة الاعتراف، تواصل تكريم المثقفين والفنانين في مختلف المناسبات والتظاهرات. ويسعدنا في هذا الحفل البهيج أن نكرم فنانين وفاعلين مرموقين وننوه بعطاءاتهما الوافرة والمشهودة طوال عقود من الممارسة وخدمة المسرح المغربي، ويتعلق الأمر بالفنانة القديرة ثريا جبران والفنان المبدع الكبير عبد الكريم برشيد”، مضيفا أن تكريمهما “يعد تكريما للفن المغربي وللفنانين المغاربة الذين يصنعون الفرجة والمتعة والتثقيف، ويهذبون وجداننا وأذواقنا”.
واعتبر الوزير إن كل ما تحقق للمسرح والمسرحيين “لا يزيدنا إلا إصرارا على مواصلة الجهود وتدبر أدوات ووسائل وإمكانات جديدة نضعها في خدمة نساء ورجال المسرح. إذ أننا مدركون أن الطريق ما يزال طويلا، وأن المسرح والمسرحيين يستحقون المزيد من المكتسبات والإنجازات”.
وفي نهاية كلمته دعا وزير الثقافة والاتصال مجموع الفنانين المغاربة “لينخرطوا في هذا الأفق وألا يدخروا جهدا في تطوير وتحسين آليات اشتغالهم. وسيجدون في وزارة الثقافة والاتصال الاستعداد الكامل لمواكبتهم وتدارس مقترحاتهم”.
تجدر الإشارة إلى أن هذه الدورة تشارك فيها 12 فرقة بعروضها المسرحية ضمن المسابقة الرسمية، وهي: مسرحية “بورتري” لفرقة بصمات الفن من مدينة أكادير، ومسرحية “الكود” لفرقة نادي المرآة للمسرح والسينما والموسيقى من مدينة فاس، ومسرحية “أنمسوال” لفرقة رويشة للثقافة والفنون من الخميسات، ومسرحية “هي… هك…؟” لفرقة مسرح الكاف من مدينة الدار البيضاء، ومسرحية “الموسوس” لفرقة أوديسا للثقافة والفن من مدينة العيون، ومسرحية “الخادمتان” لفرقة دوز تمسرح من مدينة مراكش، ومسرحية “في أعالي البحار” لفرقة الريف للمسرح الأمازيغي من مدينة الحسيمة، ومسرحية “صولو” لفرقة أكون للثقافات والفنون من مدينة الرباط، ومسرحية “الماتش” لفرقة مسرح الشامات من مدينة مكناس، ومسرحية “باركيغ” لفرقة ثفسوين للمسرح الأمازيغي من مدينة الحسيمة، ومسرحية “توقيع” لفرقة عبور من مدينة الرباط، ومسرحية “عيوط الشاوية” لفرقة المسرح المفتوح من مدينة القنيطرة.
وتتضمن الدورة برنامجا موازيا للعروض الرسمية يشمل 18 عرضا مسرحيا خارج المسابقة ولقاءات فكرية ونقدية لمناقشة عروض المسابقة وندوة أولى حول “الفنان ومنظومة الترافع” وندوة ثانية حول “ثقافة الممثل”، ومجموعة من الورشات التكوينية لفائدة الشباب والجمعيات المسرحية، علاوة على توقيع مجموعة من المؤلفات الجديدة الصادرة في الشأن المسرحي.