قال عبد الأحد الفاسي وزير إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة إن ظاهرة المباني المتداعية والآيلة للسقوط تمثل مصدر تهديد جدي لحياة وأرواح المواطنات والمواطنين وتهديدا لسلامة وقيمة النسيج العمراني الوطني، باعتباره ثروة مادية وتراثا لا ماديا في نفس الوقت، داخل المدن العتيقة والحديثة على حد سواء.
وأضاف عبد الأحد الفاسي الذي كان يتحدث في افتتاح اليوم التحسيسي الوطني حول تنزيل القانون رقم 94.12 الخاص بالمباني الآيلة للسقوط وتنظيم عمليات التجديد الحضري الذي نظمته وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة أول أمس الثلاثاء بالرباط، أن ظاهرة المباني الآيلة للسقوط يترتب عنها مجموعة من المخاطر والخسائر المادية والبشرية بدرجات تتفاوت من مدينة إلى أخرى، مع تركز الخطر بدرجة أكبر وأكثر تهديدا في المدن التي تضم أحياء عتيقة ومباني تم إحداثها خارج الضوابط القانونية المؤطرة لسلامة واستدامة الأبنية.
وأوضح الفاسي أن المغرب راكم مجموعة من التجارب والخبرات في ميدان المعالجة والتدخل، خصوصا منذ مطلع الألفية الحالية، مشيرا إلى أن هذه التجارب راكمها انطلاقا من مبادرات بعضها الذي اتسم بطابعه الاستعجالي، والبعض الآخر الذي توخى المقاربة المدروسة للتعاطي مع الظاهرة، حيث قال، في هذا السياق، “إن الحكومة وفي استلهام للتوجيهات الملكية السامية عملت ابتداء من سنة 1999 على وضع برامج للتدخل للتقليص من حجم المباني الآيلة للسقوط، همت 10 جهات من أصل 16 جهة آنذاك هي مجموع جهات المملكة”.
وتابع المسؤول الحكومي أن التجربة المغربية تعززت في هذا المجال من خلال إجراء جرد لمجموع البنايات المعنية عبر السنوات الماضية، حيث تم سنة 2012 إحصاء حوالي 43 ألف بناية مهددة بالانهيار على الصعيد الوطني، واعتماد برنامج للتدخل موزع على شطرين.
وكشف الفاسي، في هذا الإطار، أنه تم سنة 2013 إعطاء انطلاقة ستة برامج لمعالجة 9086 بناية يشغلها ما يناهز 15 ألف أسرة، بغلاف استثماري يبلغ 2.2 مليار درهم ساهمت فيه الوزارة ب 486 مليون درهم واستأثرت فيه مدينتا الدار البيضاء وفاس بالنسبة الأكبر من دعم الوزارة بما يقارب 416 مليون درهم. مضيفا أن البرنامج امتد في الشطر الثاني ليغطي الفترة بين سنتي 2014 و2016 حيث هم التدخل في 7915 بناية بمبلغ إجمالي يقدر 957 مليون درهم ساهمت فيه الوزارة بغلاف يقدر ب 379 مليون درهم، احتلت فيه مدينة مكناس الحيز الأكبر من التدخل حيث بلغ التدخل بمكناس ما يقارب 3350 بناية.
وإلى جانب ذلك أبرز المتحدث أنه تمت برمجة التدخل في 20640 بناية بالنسبة لسنة 2017، مشيرا إلى أن هذه التدخلات شكلت نهاية للتعاقد الذي التزمت به الوزارة لمعالجة المباني المهددة بالانهيار التي تم إحصاؤها سنة 2012.
من جهة أخرى رصد الفاسي عددا من الإشكاليات التي قال إن طموح الوزارة اصطدم بها وهي، حسب المتحدث، “غياب أساس قانوني خاص ومناسب لتأطير التدخلات العمومية في مجال البنايات الآيلة للسقوط، وتنظيم التجديد الحضري”، بالإضافة إلى تعدد المتدخلين في المجال وتشتت المسؤوليات وعدم وضوحها وطول وتعقد وبطء المساطر والإجراءات المتعلقة بالتدخل وغياب الآليات والإمكانيات القانونية والتقنية الفعالة في هذا الميدان.
وانطلاقا من ذلك، قال وزير إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة إن الوضع استلزم التفكير في إعداد نص قانوني خاص بهذا الموضوع، لضمان انسجام التدخلات ونجاعتها، حيث تم اعتماد القانون رقم 94.12 المتعلق بالمباني الآيلة للسقوط وتنظيم عمليات التجديد الحضري في 16 مايو 2016. مشيرا إلى أن هذا القانون تم إعداده في إطار مقاربة تشاركية بمعية مختلف الفاعلين وشكل ثمرة توافقات مع القطاعات الحكومية المعنية، ومجلسي البرلمان، وأرسى أسس مقاربة شاملة للتعاطي مع إشكاليات البناء الآيل للسقوط وتنظيم التجديد الحضري وإرساء نظام للمراقبة والتدخل.
وأوضح المتحدث أن هذا القانون ومرسومه التطبيقي رقم 586-17- 2 الصادر في 10 اكتوبر 2017 عمل على مأسسة المقاربة التشاركية بين كافة الفاعلين والمتدخلين في مجال معالجة المباني الآيلة للسقوط على الصعيد المحلي في نطاق اللجنة الإقليمية وذلك يقول ذات المتحدث، من خلال اعتماد مقاربتين الأولى تخص المباني الفردية المعزولة، ترتكز على تفعيل مسؤولية الملاك، ومواكبتهم للقيام بواجبهم في تعهد وإصلاح مبانيهم الآيلة للسقوط، ومقاربة ثانية تهم التخطيط للتجديد الممنهج والاستباقي بعيد المدى في إطار تقنيات وآليات التجديد الحضري، للقطاعات والتكتلات العمرانية، على أساس تعاضد وتكامل والتقائية جميع الفاعلين، مع دور ريادي للوكالة الوطنية للتجديد الحضري وتأهيل المباني الآيلة للسقوط التي تم إحداثها، مشيرا إلى أنه تجري حاليا عمليات وضع تدابيرها حيز التنفيذ.
بدورها أكدت كاتبة الدولة لدى وزير إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة المكلفة بالإسكان فاطنة لكحيل، أن صدور القانون رقم 94.12 المتعلق بالمباني الآيلة للسقوط وتنظيم عمليات التجديد الحضري ومرسومه التطبيقي، يأتي لسد فراغ تشريعي نبه له مختلف الفاعلين من برلمانيين ومهنيين ومنتخبين محليين ورجال إعلام ومجتمع مدني، مبرزة المخاطر والتهديدات التي كانت ولازالت تشكلها البنايات المهددة بالانهيار على الإنسان أولا، وعلى العمران ثانيا.
وشددت كاتبة الدولة على ضرورة الانخراط القوي لجميع المسؤولين، وتضامن جميع الفاعلين المعنيين، عبر تقاسم جميع الإمكانات المتوفرة لتقليص المخاطر إلى الحد الأدنى الممكن، داعية إلى الترجمة القانونية والمسطرية والمؤسسية للقانون المذكور.
وتطرقت للمستجدات التي جاء بها القانون، ومن ضمنها الاحترازية الممثلة في تنظيم أدوار جميع المتدخلين، وتحديد المسؤوليات، بما فيه مسؤولية مالكي المباني الآيلة للسقوط الخواص والعموميين، وتلك الزجرية التي تهم كل امتناع عن تنفيذ التدابير أو كل تحايل على القانون، معتبرة أن تشخيص واقع المباني الآيلة للسقوط يقتضي المنهجية التشاركية لضمان حسن استهداف التدخلات العمومية.
> محمد توفيق أمزيان