“الماعز فيه البركة فامسحوا برغامها وصلوا في مراحها”، حديث نبوي شريف يبين أهمية حيوان الماعز ومدى بركته، وهذا ما يفسر الإقبال الكبير للمغاربة عليه في الفترة القليلة التي تسبق عيد الأضحى وحتى جودته وسعره المناسب، واحتواء لحمه على نسبة أقل من الدهون، لاسيما وأن هذا الحيوان كثير الحركة ويرعى في مناطق جبلية مليئة بالأعشاب والنباتات، عوامل جعلت من أسهمه مرتفعة في أسواق بيع أضاحي العيد.
ليست الأغنام وحدها من يؤثث أسواق بيع الأضاحي، بل تلقى لحوم الماعز أيضا إقبالا كبيرا من عدد كبير من المواطنين حتى أن اقتناءها لم يعد يقتصر على سكان المناطق المعروفة بالماعز، بل يتعداها إلى مناطق أخرى من الأقاليم التي تعرف الخصاص في هذا النوع من اللحوم التي ينصح باستهلاكها، من قبل مرضى السكري الراغبين في تجاوز مخاطر الإكثار من لحم الغنم.
وأصبحت التجارة في لحوم الماعز مربحة بشكل واضح، سواء بالسوق، أو بمناطق أخرى بالإقليم المعروفة بالماعز الذي يتغذى بأعشاب الغابة الجبلية.
ويصل عدد رؤوس الأغنام والماعز بالمغرب حوالي 24 مليون رأس، منها خمسة ملايين من الماعز، ويتواجد 40 بالمائة منها بالأطلس الكبير، و25 بالمائة بمنطقة الريف، و20 بالمائة بالأطلس المتوسط، و15 بالمائة بالأطلس الصغير والمناطق الجنوبية.
- أنواع مختلفة
هناك أنواع كثيرة من سلالة الماعز التي تتميز بإنتاج كبير للحم، ويعتبر الماعز من أجود اللحوم الحمراء بنية ومذاقا، وتتوزع أهم سلالات الماعز على المناطق المغربية كالتالي:
سلالة البرشة: أو سلالة الأطلس تعيش في جبال الأطلس ومناطق الريف، سوداء اللون مع تميزها بنقط بيضاء على مستوى الأنف والعينين والأذنين، ويكسوها صوف كثيف يحميها من البرد الذي يميز هذه المناطق.
السلالة السوداء: هذا النوع من سلالة الماعز يتميز بقامة قصيرة. الذكور أكبر حجما وأقوى من الإناث وهو حيوان يتكيف مع أصعب الظروف كما أنه يقض ويحسن المشي والتسلق في الطبقات العشبية والخشبية (الشجيرات والأشجار). ذو قامة قصيرة. يغطي الحيوان شعر كثيف. لون الجزة أسود يعكس لمعانا بنيا في نهاية الشعر كما تتخللها ألياف بيضاء مع تقدم السن على مستوى طول الظهر وفي مقدمة الوجه.
تمتاز سلالة الماعز الأسود بخاصية أنها تستقر في ثلاث مناطق مختلفة لمهد هذه السلالة وقد لوحظ بعض الاختلافات الطفيفة على مستوى البنية الجسمانية لكل جنس حسب نسل كل واحدة ارتكازا على الدراسات والأبحاث المختبرية الدقيقة. يمتد مهد هذه السلالة في الشمال ومن إقليم طنجة إلى إقليم الحسيمة شرقا حتى إقليم تاونات جنوبا وتمثل جزءا لا يتجزأ من حياة السكان الأصليين لهذه المنطقة من الأرض.
سلالة درعة: يتميز أصل هذا النوع بقدرته على التناسل والتزاوج وبإنتاجية عالية للحليب حيث تصل إلى 1.5 لتر في اليوم لمدة أربعة أشهر، كما يمكنها التكيف مع أصعب الظروف المناخية. تتمركز سلالة درعة في الأقاليم الجنوبية بورززات، زاكورة، طاطا، تنغير، الراشدية وطول واحات درعة.
سلالة الغزالية: تتميز هذه السلالة بطبيعتها الصلبة وهي ذات بنية متوسطة بالمقارنة مع سلالات الماعز المحلية الأخرى. وقد أفاد تحليل السمات العامة لهذا الجنس من سلالات الماعز على أن هناك تداخل كبير في المواصفات لهذه السلالة حيت نجد: 1/ الغزالية 2/ الحواء البيضاء 3/ الحواء الحمرا. ونجد الفرق بين كل هذه الأصناف في اختلاف لون جزة الصوف ولا سيما خطوط لونها على الخدين والخواصر. كما تنفرد الحواء البيضاء بنسبة عالية من النقاء، وتظهر أكتر سطوعا.
سلالة الحمرا: يتميز أصل سلالة درعة بقدرتها على التناسل والتزاوج وبإنتاجية عالية للحليب حيث تصل إلى 1.5 لتر في اليوم لمدة أربعة أشهر كما يمكنها التكيف مع أصعب الظروف المناخية. ويمتد مهد هذه السلالة إلى إقليم الخميسات حتى إقليم قلعة السراغنة مرورا عبر أقاليم الحاجب، خنيفرة، خريبكة، تادلة، أزيلال، سطات. ويتغذى هذا النوع على الجبوج والسدرة وبعض الأعشاب الموسوية.
سلالة بني عروس: تشتهر هذه السلالة بجودة لحومها ِ حسب المختصين لون جزة الصوف بني يميل إلى الأسود. كما أنها تكون صفراء أحيانا ويرجع أصل هذا النوع إلى جذور إسبانية. هذا النوع غير محبب لدى الكثيرين. مهد هذه السلالة يحتل أقاليم فحص أنجرة تطوان شفشاون وقد يمتد بأماكن أخرى كإقليم العرائش والحسيمة وقد
سلالة الحزمة: تشتهر هذه السلالة ببنية عالية مقارنة مع سلالة برشة والسلالات ذات أصل مستورد مثل الأربين، المورثيانو كراندينة وتتموقع على أسفل جنوب المغرب بالداخلة والكويرة.
- أثمنة مناسبة
م.ع أحد الكسابة يتحدث لبيان اليوم عن سلالة الماعز التي تميز المنطقة مع اقتراب عيد الأضحى، قائلا: “يتميز الماعز هنا بجودت لحمه وسعره الذي يتراوح ما بين 800 درهم و1700 درهم والمنطقة تتميز بجودة القطيع خاصة أنه يرعى في منطقة جبلية غابوية غنية بالأعشاب والنباتات ويتم تسويقه على المستوى المحلي”.
وأضاف المصرح ذاته، أن أوزان الماعز تتفاوت من 12 إلى 18 كيلوغرام، وينحصر العمر المناسب لأضحية العيد من الماعز في سنة أو سنة وأربعة أشهر، حيث يتراوح وزنه عندها ما بين 10 و12 كيولغرام، لاسيما وأنه كلما زادت الأضحية عمرا زادت وزنا وقلت لذة لحمها.
- مسار تربية الماعز
يتحدث نفس الكساب الذي صرح لبيان اليوم عن ثمن وجودة الماعز الأسود المميز لمنطقة تمحضيت، قائلا: “قبل أشهر من عيد الأضحى يعمل الشناقة الكبار على اقتناء الماعز من مناطق غابوية من المغرب خاصة تلك التي تعرف إقبالا بالمدن الكبرى حيث يعمل الشناقة على تربيته إلى جانب قطيع الغنم في ظروف توفر لهم مستلزمات العلف لتصبح جاهزة للبيع بالأسواق التجارية الكبرى التي تعمل على تسويق قطيعها بالكيلوغرام عكس الأسواق التقليدية للبيع”.
وفي تصريح مماثل لخبير في المجال، “يلجأ بعض كسابة المناطق الغابوية الذين يعملون على تربية قطيع مختلط من الأغنام والماعز، إلى تتبع سياسة التعليف بحيث يفصلون النعجات، والماعز الأنثى مع صغارهن للرعاية في الغابات على الأعشاب والنباتات الشوكية قصد الحفاظ على بنيتها النحيفة لتنجب أحمالا وسخلات بصحة جيدة.
بالمقابل تبقى الذكور تحت رعاية الكسابة داخل الحضائر، تتلقى الأعلاف المناسبة، ليرتفع وزنها، وتكون جاهزة للبيع في الأسواق، ولكن بحسب الخبير هذه السياسة (التعليف) تزيح الفارق الذي يميز لحم الماعز عن لحم الضنأ، خصوصا من الناحية الطبية.
- دوافع صحية ومادية
“الإنسان السليم الذي لا يعاني من داء السكري يمكنه اقتناء خروف العيد أما من يعاني من المرض يمكنه أن يضحي بالماعز بدل الغنم”، يصرح أحد ساكنة إقليم أزرو، مضيفا “منذ سنوات وأنا اقتني الماعز، بالإضافة إلى “الكبش”، باعتبار أنني أعاني من مرض السكري، وقيل إن لحم الماعز مناسب لهذه الفئة”.
وزاد المتحدث ذاته، لبيان اليوم، أن الإقبال على هذه اللحوم تضاعفت خلال السنوات الأخيرة، ومضاعفات ارتفاع نسبة السكري في الدم، قد لا تحدث إذا استهلكت لحم الماعز، لذلك، فأنا أصر على اقتنائه في كل سنة، لاسيما أن سعره مناسب.
وما يشجع بعض المغاربة على اقتناع الماعز، أن الأخير متوفر في جل الأسواق، إذ يدخل إلى أسواق المدن الكبرى، أغلب أنواع الأغنام خلال عيد الأضحى، إلى جانب أنواع مختلفة من الماعز. وغالبا ما يتوفر في البيضاء، مثلا، 3 أنواع، والتي تهم، سلالة “برشا”، وسلالة الأطلس، إلى جانب سلالة بني عروس، والتي يعد موطنها الأصلي العرائش.
في المقابل، نجد أن بعض العائلات والتي لا تقوى على توفير تكاليف اقتناء بعض أنواع الأغنام، تكون مجبرة على شراء الماعز، نظرا لثمنه المناسب، وأيضا لوفرته. ومن بين هؤلاء، عائشة، متزوجة ولها 6 أبناء، التي تضطر إلى تعويض طقوس “الحولي” بـ “المعزي”، وتقول “أسعى إلى إدخال الفرحة إلى أبنائي، ولأن اقتناء الكبش، يمكن أن يكون من الأمور التي يصعب علي تحقيقها، أقتني الماعز، وبهذا أكون حققت، ولو نسبيا، بعض أمنيات أطفالي الصغار”.
- موافقون ومعارضون
لحم الماعز أقل فائدة من لحم الضأن، ولكن الماعز كثير الحركة، وذلك يتفق الأطباء على أن أحسن الحيوانات ما كانت كثيرة الحركة، وأحسن الأعضاء منها ما كان كثير الحركة. بيد أن الأطباء ينصحون بعدم الإكثار من تناول لحم الماعز خوفا من التأثير سلبا على مرضى السكري أو ضغط الدم والكوليسترول، والمطلوب هو الاعتدال في الاستهلاك مع احترام شروط معينة من قبيل مراعات طرق الطهي الصحية، والابتعاد عن الأعضاء الغنية بالكوليسترول مثل الكبد والمخ وغيرهما، مع الإكثار من تناول الخضر والسلطات والفواكه الغنية بالألياف.
ويجمع الأطباء أن لكل من لحم الماعز يقارب 3 في المائة من الدهنيات، على عكس لحم الضنأ أو الغنمي يقارب كل 100 غرام من اللحم، 12 في المائة من الدهنيات، وتبقى هذه النسب مرشحة للارتفاع و ذلك بحسب طبيعة العلف و كثرة الحركة.
وفي سياق متصل أوضح الدكتور محمد فايد، خبير العلوم الأغذية وأستاذ جامعي محاضر، أن الوقت المناسب لتناول لحم الماعز ينحصر في أربعة أسابيع من السنة والتي يدعوها المغاربة بـ “الصمايم” تتزامن بين يوليو، وغشت نظرا لارتفاع درجة الحرارة خلال هذه الفترة، حيث ينشط التيس أو الماعز متسلقا الجبال بحثا عن أوراق السدر وغيرها من الأعشاب الصحية المنتشرة في المناطق الغابوية.
وأوضح الدكتور أن على مرضى السكري الامتناع عن تناول اللحوم طيلة السنة بما فيها لحم الدواجن لأنها لا تصلح في النظام الغذائي للمصابين بالأمراض المزمنة والتي تعوض بلحم السمك الأبيض والقطاني وإذا اتبع المريض هذه النصائح يمكنه أن يضحي بلحم الغنم كما يشترط في السنة، بشرط ألا يقربوا ما يسمى في المغرب “بولفاف”.
ويبقى بالنسبة لغالبية الأسر المغربية، ذبح الأضحية شعيرة لابد منها بغض النظر إذ كانت غنم أو ماعز. كما يعد هذا العيد من بين الطقوس التي تحظى بقسط كبير من الأهمية في الدين الإسلامي وفرصة لتعزيز الروابط الأسرية وإحياء العادات والتقاليد التي تمنح الخصوصية للثقافة المغربية.
وينصح خبراء التغذية مرضى السكري، باستهلاك متوازن للحم، حيث تقدم أخصائية التغذية إلهام الجاوي بعض النصائح من أجل سلامتكم خلال هذه الفترة، وهي كالآتي:
– يمكن تناول اللحم خلال عيد الأضحى، مرة واحدة في اليوم شرط ألا تتجاوز كميته 60 غراما من اللحم للأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة و180غراما للأشخاص غير المصابين بالأمراض.
– تناول اللحوم مع الخضر لا يضر بالصحة بل على العكس فهو مفيد لها. وقد تغفل بعض العائلات تناول السلطات والخضار والفاكهة خلال أيام العيد، وتركز فقط على الأطباق التي يكون أساسها اللحوم وهو ما يفسر تفاقم حالات الإمساك خلال هذه الفترة.
– تناول اللحوم تؤثر سلباً على قدرة البنكرياس على تنظيم السكر بالدم لذا يجب أن نحترم الكميات المناسبة وألا نكثر من تناول اللحوم بصفة عامة.
– على الأشخاص المصابين بالسكري ألا ينسوا خلال فترة عيد الأضحى، تناول الدواء وإتباع الحمية لأنها شيء أساسي لصحتهم.
> سمر أزدودي (صحافية متدربة)