نفى رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، في معرض جوابه على الأسئلة الشهرية، أول أمس الاثنين بمجلس النواب، أن يكون هناك أي تناقض بين التوجهات الملكية التي ترد في مختلف خطب جلالة الملك، وبين العمل الحكومي.
وأكد العثماني على أن جلالة الملك، هو رئيس الدولة، وأن الحكومة لا يمكنها إلا أن تجتهد في تطبيق التوجهات الملكية والالتزام بها، مشيرا إلى أن الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش، شكل دعما معنويا قويا.
وأوضح رئيس الحكومة، أن مشروع قانون المالية لسنة 2019، المعروض على البرلمان، يحمل حزمة من التدابير والإجراءات الهادفة إلى مواصلة دعم القطاعات الاجتماعية، وفي مقدمتها دعم التمدرس، ومحاربة الهدر المدرسي، والتعليم الأولي، مشيرا في هذا السياق إلى المجهود المالي المخصص لقطاع التعليم حيث ستبلغ النفقات المخصصة له برسم ميزانية 2019 ما مجموعه 68.275 مليون درهم، أي بزيادة 5.4، مليار درهم مقارنة بالسنة الماضية.
وأضاف العثماني، بخصوص الأوراش الاجتماعية المرتبطة بقطاع الصحة، أن النفقات الخاصة بهذا القطاع، والتي تضمنها مشروع قانون المالية للسنة المقبلة، تصل إلى ما مجموعه 16.331 مليون درهم، أي بزيادة 1.5 مليار درهم مقارنة بالسنة الماضية، وهو ما يعني زيادة بنسبة حوالي 10%، مشيرا إلى أن هذه النفقات ستوجه أساسا إلى تحسين التغطية الصحية وتحسين الولوج إلى الخدمات الصحية وتجويدها.
وساق رئيس الحكومة الإجراءات التي تعتزم الحكومة اتخاذها، برسم السنة المالية المقلبة، في مجال التشغيل والمتمثلة، بحسبه، في تنزيل التدابير ذات الأولوية المنصوص عليها في إطار البرنامج التنفيذي للمخطط الوطني للنهوض بالتشغيل، إلى جانب دعم البعد الجهوي للتشغيل وفقا للاختصاصات الجديدة للجهة في هذا الميدان وذلك في إطار مواكبة ورش الجهوية المتقدمة واللامركزية الإدارية، مشيرا، في هذا السياق، إلى اللقاء الوطني للتشغيل والتكوين المزمع تنظيمه، نهاية سنة 2018، والذي يتوخى، يضيف المتحدث، بلورة خارطة طريق مضبوطة للنهوض بالتشغيل، وذلك انطلاقا من الرافعات الخمس التي تم تحديدها برسم المخطط الوطني للنهوض بالتشغيل.
وبالموازاة مع ذلك، أفاد رئيس الحكومة، أنه سيتم التركيز خلال سنة 2019 على دعم البعد الجهوي للتشغيل وفقا للاختصاصات الجديدة للجهة في هذا الميدان والمنصوص عليها في القانون التنظيمي المتعلق بالجهات، ومراجعة برنامج «تأهيل» على ضوء الدراسة التقييمية التي يعرفها هذا البرنامج والمتوقع نهايتها بداية سنة 2019 مع دراسة إدراج تكوينات جديدة في هذا البرنامج تخص الميدان اللغوي والرقمي والمهارات السلوكية للباحثين عن شغل، وربط هذه التكوينات بالإدماج المهني للمستفيدين، وإشراك القطاع الجمعوي كفاعل محوري في ميدان الوساطة في سوق الشغل من أجل تقريب السياسات الوطنية للتشغيل من جميع الشرائح الاجتماعية، وتنظيم المباراة الخاصة بالأشخاص في وضعية إعاقة.
وقال العثماني، في هذا الصدد، «لقد قررنا تنظيم أول مباراة خاصة بالشباب من ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث وقعت على القرار الخاص بتحديد تاريخ المباراة»، مشيرا إلى أن مشروع قانون المالية لسنة 2019، خصص 200 منصب شغل لتوظيف الأشخاص في وضعية إعاقة، من مجموع المناصب المالية التي بلغت 25.248، بالإضافة إلى 15.000 منصب بالتعاقد لفائدة قطاع التعليم.
وبخصوص العمل الذي تقوم به الحكومة في مجال تسهيل الولوج إلى السكن اللائق، أكد سعد الدين العثماني، على أن السياسات العمومية المنتهجة في مجال السكن، مكنت من تقليص العجز السكني من 1.240.000 وحدة سكنية سنة 2002 إلى حوالي 400.000 وحدة سكنية في متم سنة 2017. وقد جعل البرنامج الحكومي من بين أهدافه الاستمرار في تقليص هذا العجز إلى 200.000 وحدة سكنية في أفق سنة 2021، من خلال إنتاج 160.000 وحدة سنويا.
وشدد رئيس الحكومة، على أهمية السجل الوطني للسكان، الذي سيمكننا من تجميع وتسجيل وحفظ وتغيير المعطيات الشخصية والتحقق من صدقيتها، باعتماد معرف رقمي مدني واجتماعي يمنح لكافة السكان على مستوى التراب الوطني، بمن فيهم القاصرون والمواليد الجدد، وكذلك الأجانب المقيمون بالمغرب. كما اعتبر إحداث سجل اجتماعي، بمثابة قاعدة تضم المعطيات الاجتماعية والاقتصادية للمسجلين بما يمكن من تحديد الأشخاص المؤهلين للاستفادة من البرامج الاجتماعية، وسيشكل المنطلق الوحيد للولوج لكافة البرامج الاجتماعية من خلال تحديد مدى قابلية الاستفادة منها، عبر اعتماد معايير دقيقة وموضوعية، تتم وفق عملية تنقيط مبنية على المعطيات السوسيو-اقتصادية المتوفرة، وباستعمال التكنولوجيات الحديثة.
وتطرق رئيس الحكومة في معرض إجابته على أسئلة ممثلي الأمة، إلى موضوع منظومة الحماية الاجتماعية، مبرزا تصور الحكومة لإصلاح هذه المنظومة والقائم على تكامل مختلف مكونات هذه المنظومة وضمان استفادة كافة شرائح المجتمع من الخدمات التي توفرها، وفي مقدمتها وضع سياسة حماية اجتماعية متكاملة وموحدة، وكذا تنزيل منظومة التغطية الصحية الأساسية، بالإضافة إلى تحسين استهداف السكان في ظروف غير مستقرة والتطوير التدريجي للمساعدة المباشرة لفائدتهم، وكذا تطوير الخدمات الاجتماعية التي تقدمها مؤسسات الحماية الاجتماعية وفقا لمعايير الجودة.
واستعرض سعد الدين العثماني، أمام ممثلي الأمة، ملامح السياسة المندمجة للشباب، مؤكدا على وجود صعوبات تعترض تنفيذ هذه السياسية وتنزيلها على أرض الواقع، مشيرا في هذا الصدد إلى أن هناك لجنة خاصة بتتبع تنفيذ السياسة المندمجة لفائدة الشباب، والتي ستجتمع، تحت رئاسته، في غضون هذا الأسبوع، مؤكدا على أن الغاية من إحداثها هو جعلها آلية لضمان حكامة جيدة لهذه السياسة المندمجة لفائدة الشباب من خلال تنسيق تدخلات مختلف الفاعلين وتحقيق التقائية السياسات القطاعية في هذا المجال ضمانا لنجاعتها وتناسقها.
إلى ذلك، ذكر رئيس الحكومة، بالتدابير المباشرة المتخذة من طرف الحكومة من أجل النهوض بتشغيل الشباب، من خلال إحداث مناصب شغل في الميزانية العامة للدولة والتي وصلت إلى 248 25 منصب مالي برسم الميزانية العامة للسنة المالية 2019، فضلا عن 000 15 منصب متعاقد لفائدة قطاع التعليم، إلى جانب تشجيع الحكومة للمقاولة الذاتية، من خلال نظام المقاول الذاتي كآلية هامة للإدماج الاقتصادي للشباب، وتيسير ولوجهم إلى سوق الشغل ودعم روح المبادرة والمقاولة لديهم، فضلا عن تشجيع القطاع غير المنظم على الاندماج في النسيج الاقتصادي المهيكل.
وحول موضوع الهجرة، أكد سعد الدين العثماني، على أن السياسة التي أطلقتها الحكومة، في مجال الهجرة، تهدف ضمان حقوق المهاجرين واللاجئين وتحسين اندماجهم داخل المجتمع المغربي، انسجاما مع الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي التزم المغرب باحترام بنودها، مشيرا إلى أنه تم تنزيلها عبر 11 برنامجا و81 عملية همت إجابات متجددة للتحديات التي تطرحها قضية الهجرة على المستوى الإنساني والاقتصادي والثقافي والاجتماعي.
وأوضح في السياق ذاته، أن الحكومة عملت على إطلاق حملة استثنائية لتسوية الوضعية الإدارية للمهاجرين المقيمين بطريقة غير قانونية بالمغرب سنة 2014، أسفرت عن تسوية 23096 حالة تمثل 83% من العدد الإجمالي للطلبات المقدمة والتي وصلت 27.649 طلبا، وقامت بإدماج الأشخاص المقيمين بشكل غير قانوني بالتراب المغربي، منذ متم دجنبر 2016 إلى غاية متم دجنبر 2017، حيث تم إيداع أكثر من 28.000 طلب تسوية، حظي ما يقارب 20.000 طلبا منها بالموافقة، على أن باقي الطلبات بصدد الدراسة من طرف اللجنة الوطنية للطعون.
ووفق سعد الدين العثماني، فقد بلغ عدد اللاجئين المعترف بهم من قبل مكتب شؤون اللاجئين وعديمي الجنسية، 755 لاجئا من جنسيات مختلفة، والاستماع من طرف اللجنة المختصة إلى 1097 طالب لجوء من جنسية سورية، وتم تمكين المهاجرين واللاجئين من الولوج إلى مجموع الخدمات العمومية، كالتعليم والصحة والسكن الاجتماعي والمساعدة الاجتماعية والإنسانية والحماية القانونية والتكوين المهني والشغل، شأنهم في ذلك شأن المغاربة، وذلك بتنسيق مع القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية وبشراكة مع جمعيات المجتمع المدني.
> محمد حجيوي