بالمصادقة على اتفاقية استكهولم بشأن الملوثات العضوية الثابتة (POPs)، في أبريل 2004، تعهد المغرب بوضع جميع الوسائل اللازمة لضمان احترام وتنفيذ مقتضيات هذه الاتفاقية، ومن هذا المنظور تمت بلورة الخطة الوطنية لتنفيذ الاتفاقية (PNM) في 2 ماي 2006.
وخلال السنوات الأخيرة قطع المغرب أشواطا كبيرة في القضاء على المادة الملوثة بثنائي الفينيل المتعدد الكلور بـ PCB (Poly Chloro Biphényle) التي تحملها المركبات الثقيلة، لاسيما الكهربائية التي تتوفر عليها بعض المؤسسات والشركات الكبرى بمختلف المدن.
ورفع المغرب تحدي التخلص بشكل سليم من هذه المواد الملوثة بالاستناد إلى مجموعة من الخطوات الإجرائية المهمة، سواء تعلق الأمر بالجانب القانوني، أو العملي حيث تم إحداث محطة معالجة خاصة ببوسكورة، بدعم وشراكة مع مؤسسات حكومية وشبه حكومية والقطاع الخاص، وذلك من أجل وقف استخدام جميع المعدات الملوثة بـ «PCB» بأكثر من 50PPM في أفق سنة 2025، بالإضافة إلى التدبير السليم والتخلص من كل المعدات والنفايات التي تحتوي أو ملوثة بـ «PCB» في أفق سنة 2028.
اتحاد دولي
صادقت مجموعة من الدول بما فيها المغرب خلال سنة 2004، على اتفاقية استكهولم بشأن الملوثات العضوية الثابتة، التي تقتضي من الأطراف اتخاذ تدابير للقضاء أو للحد من إنتاج الملوثات العضوية الثابتة واستخدامها والاتجار بها وإطلاقها وتخزينها.
وتشمل الاتفاقية حاليا، إنتاج واستخدام 21 من مبيدات الآفات، والمواد الكيميائية الصناعية والملوثات العضوية الثابتة المنتجة بغير قصد، باعتبارها منتجات فرعية أو لعمليات أخرى، واعتبارا من يوليوز 2010، أصبح 170 بلدا أطرافا في اتفاقية استكهولم، التي يديرها برنامج الأمم المتحدة للبيئة وتتخذ من جنيف (سويسرا)، مقرا لها.
وتعرف الملوثات العضوية الثابتة بالمواد الكيميائية الصلبة التي تظل دون تغير في البيئة لفترات طويلة، حيث تنتقل من خلال الهواء والماء والأنواع المهاجرة عبر الحدود الدولية، وهي مدرجة بالمناسبة، في إطار اتفاقية روتردام الخاصة بالمواد الكيميائية، والمبيدات، والآفات الخطرة المتداولة في التجارة الدولية، وكذا اتفاقية بازل بشأن التحكم في نقل النفايات الخطرة والتخلص منها عبر الحدود.
وتعتبر مركبات ثنائي الفينيل المتعدد الكلور صنفا من أصناف المواد الكيميائية العضوية الاصطناعية، حيث منذ سنة 1930 استخدمت هذه المركبات في مختلف الاستعمالات الصناعية، كسوائل عازلة في المكثفات والمحولات، وذلك نظرا لثباتها الكيميائي، وهو يعد مفيدا من أجل المرافق الكهربائية وفي تطبيقات صناعية أخرى.
وتستخدم مركبات ثنائي الفينيل متعدد الكلور في مجموعة واسعة جدا من التطبيقات الصناعية والاستهلاكية، وقد صنفت منظمة الصحة العالمية هذه الاستخدامات إلى ثلاث مجموعات؛ مغلقة تماما، مغلقة اسميا، ومفتوحة (البرنامج الدولي للسلامة الكيميائية 1992).
وبخصوص النظم المغلقة تماما، هناك؛ المحولات الكهربائية، والمكثفات الكهربائية (بما في ذلك كوابح المصابيح)، ومفاتيح التحويل الكهربائية، ومفاتيح التوصيل وغيرها، والكابلات الكهربائية، والمحركات وأحجار المغناطيس الكهربائية (مقادير صغيرة جدا).
أما النظم المغلقة اسميا فتحتوي على؛ الأجهزة الهيدروليكية، وأجهزة نقل الحرارة (السخانات ومبادلات الحرارة).
ومن جهة أخرى تضم النظم المفتوحة، كلا من؛ مادة للتلدين في بوليفينيل الكلوريد وفي نيوبرين وأنواع المطاط الصناعية الأخرى، وعناصر مكونة للطلاءات وطبقات الطلاء الأخرى، ومكونات للحبر في أوراق الشف غير الكربونية، ومكونات في المواد اللاصقة، ومواد لزيادة حجم مبيد الآفات، ومكونات في مواد التشحيم ومواد الإغلاق المحكم ومواد الجلفطة (caulking)، ومادة مقاومة للاشتعال في المنسوجات والسجاد ورغاوي البولييثن، وغير ذلك، ومواد التشحيم (زيوت مجهرية وبطانات الفرامل وزيوت القطع ومواد التشحيم الأخرى).
ومن بين الأسماء التجارية البارزة دوليا في منتجات ثنائي الفينيل متعدد الكلور نجد؛ أبروليو وفينكلور (إيطاليا)، وكلوفين وإيلاول (ألمانيا)، وديلور (تشيكوسلوفاكيا)، وفينكلور وبيرالين (فرنسا)، وأروكلور وبيرانول وبيرو كلور (الولايات المتحدة الأمريكية)، وكانكلور وسانتوثيرم (اليابان)، وسوفول وسوفتول (الاتحاد الروسي).
وتعد مركبات ثنائي الفينيل متعدد الكلور مقاومة للحرائق، ولها توصيلية كهربائية قليلة، ومقاومة عالية للانقطاع الحراري ومقاومة عالية لمواد الأكسدة وغيرها من المواد الكيميائية، ويوجد ما مجموعه 1.7 مليون طن تقريبا من زيوت ثنائي الفينيل متعدد الكلور التي أنتجت في الفترة ما بين 1929 و1989.
وفي أواخر الستينيات من القرن الماضي، بدأت تظهر حالات التسمم من التعرض لمركبات ثنائي الفينيل متعدد الكلور، ففي إحدى الوقائع، أصيب ما يزيد عن 14 ألف شخص بالمرض في اليابان، جراء تناولهم نخالة الأرز الملوثة بمركبات ثنائي الفينيل متعدد الكلور، هذا بالإضافة إلى نفوق مجموعة من الأحياء البحرية (أسماك، دلافين..)، وكذا تسمم العديد من الطيور والحيوانات بمختلف دول العالم.
وفي السبعينات من القرن الماضي، اكتشف العلماء أن ثنائي الفينيل متعدد الكلور يضم مواد مسرطنة تمثل تهديدا خطيرا للصحة البشرية وللبيئة، من هنا تعتبر مركبات PCB ذات آثار سيئة على الجهاز المناعي وهي تؤثر على الإنجاب، مع تشوهات في المواليد، وتضر بالجهاز المناعي، والكبد، والجلد، والقناة الهضمية والغدة الدرقية..
ويقدر مجموعة من الخبراء في الشأن البيئي أن حوالي 3.2 مليون طن تقريبا من المعدات والسوائل الملوثة بثنائي الفينيل متعدد الكلور في الإجمال لا تزال مستخدمة ومخزنة أو تدار بطريقة سليمة بيئيا، بيد أنها في نهاية الأمر يتعين إتلافها.
التزام مشترك
ومباشرة بعد دخول اتفاقية استكهولم حيز التنفيذ خلال سنة 2004، أدرج ثنائي الفينيل متعدد الكلور في المرفق ألف من الاتفاقية، حيث أصبح إنتاجه محظورا بشكل كلي، كما أن استخدامه لا يجب أن يتجاوز سنة 2025، حيث مُنحت البلدان وقتا لاستبدال المعدات المحتوية على ثنائي الفينيل متعدد الكلور.
إلى جانب هذا، دعت الاتفاقية الدول الموقعة إلى العمل على الإدارة السليمة بيئيا لهذه النفايات بخصوص السوائل والمعدات الملوثة لكي يتحقق هدف إزالتها قبل حلول سنة 2028.
كما أن البلدان التزمت بتحديد وإزالة المعدات المحتوية على ثاني الفينيل متعدد الكلور من الاستخدام، والعمل على استيراد وتصدير المعدات المحتوية على ثنائي الفينيل متعدد الكلور فقط من أجل الإدارة السليمة بيئيا للنفايات، علاوة على تنفيذ تدابير الحد من المخاطر، استنادا إلى عدم استخدام هذه الآلات في المناطق المرتبطة بإنتاج أو بتجهيز الأغذية أو العلف، ثم العمل على حماية المعدات من التسربات الكهربائية والاضطلاع بعمليات تفتيش منتظمة تفاديا للتسرب.
وحثت اتفاقية استكهولم كل الدول على عدم إعادة استخدام السوائل الملوثة بثنائي الفينيل متعدد الكلور فيما عدا أعمال الصيانة والخدمة، وكذا العمل على تحديد أصناف أخرى (تطبيقات مكشوفة) تحتوي على ما يزيد على 0.005 في المائة من ثنائي الفينيل متعدد الكلور (على سبيل المثال، أغطية الكابل..) وإدارتها بطريقة سليمة بيئيا.
وأكدت الاتفاقية ذاتها، على ضرورة الإبلاغ كل خمس سنوات عن التقدم المحرز في إزالة ثنائي الفينيل متعدد الكلور إلى مؤتمر الأطراف في اتفاقية استكهولم، انطلاقا من استخدام نموذج الإبلاغ الإلكتروني المقدم من أمانة اتفاقية استكهولم بشأن الملوثات العضوية الثابتة.
ولضمان أن تتوقف استخدامات جميع مركبات ثنائي الفينيل متعدد الكلور بحلول سنة 2025، تحتاج الأطراف، وخاصة من البلدان النامية أو بلدان الاقتصادات التي تمر بمرحلة انتقالية، إلى دعم لاستكمال حصر الموجودات على المستوى الوطني لجميع مركبات ثنائي الفينيل متعدد الكلور وما يتصل به من معدات ملوثة به، وكذا من أجل تحسين القدرة وزيادة المعرفة لدى أصحاب المعدات الخاصة بمركبات ثنائي الفينيل متعدد الكلور بشأن الصيانة السليمة للمعدات قصد تجنب زيادة التلوث، ولإنشاء سبل تخزين سليمة للمعدات التي يتوفر العمل بها، ولضمان التخلص من جميع زيوت المركبات المذكورة والمعدات الملوثة بها بطريقة سليمة بيئيا.
وقد أقر الأطراف، في الاجتماع الأخير لمؤتمر الأطراف في اتفاقية استكهولهم، المنعقد بجنيف، في ماي 2009، بضرورة إنشاء شبكة لإزالة ثنائي الفينيل متعدد الكلور، ومن المتوقع أن تضطلع هذه الشبكة بما يلي، باحتواء الشبكة على مشاركة جميع أصحاب المصلحة المختصين، وتعزيز الإدارة السليمة بيئيا لمركبات ثنائي الفينيل متعدد الكلور والمعدات المتصلة بها، وكذا تعزيز التعاون، والمساعدة التقنية ونقل التكنولوجيا، ثم توفير وتيسير تبادل المعلومات، علاوة على زيادة الوعي، وتشجيع التنمية واعتماد تقنيات وممارسات سليمة بيئيا للقضاء على ثنائي الفينيل متعدد الكلور، فضلا عن إنشاء روابط بين أصحاب المصلحة المعنيين.
تحدي مغربي
شكل جرد ثنائي الفينيل متعدد الكلور بالمغرب بحسب فرح بوكرطاشة رئيسة قسم الوقاية والتدخل الاستراتيجي في نقطة الاتصال الوطنية المغربية لاتفاقية استكهولم، وإدريس زكريا الخبير الوطني في مجال ثنائي الفينيل متعدد الكلور بالمغرب، عملية مضنية بسبب العدد الكبير للمحولات الكهربائية المتواجدة على امتداد التراب الوطني، وكذلك بسبب صعوبة الوصول لتلك المعدات، خصوصا المكثفات منها.
وتوخيا منه للدقة في تحديد وجود معدات ملوثة بثنائي الفينيل، فإن المغرب أنجز بحسب بوركرطاشة وزكريا، منذ سنة 2001 ثلاث عمليات جرد للمعدات المحتوية على ثنائي الفينيل متعدد الكلور، وذلك خلال سنة 2001 و2004 و2007.
وشملت عمليات الجرد بحسب مقال علمي للخبيرين في المجال، المعنون بـ: “على درب الإدارة السليمة بيئيا لثنائي الفينيل متعدد الكلور” المنشور في العدد الأول من مجلة شبكة القضاء على ثنائي الفينيل متعدد الكلور 2028، خطة مضبوطة، ابتدأت من مصنع المعدات وانتهت بالزبون (كطرف مالك لتلك المعدات)، حيث تم تحديد هوية المالك، ثم المصادقة على البيانات من خلال زيارة للمواقع، التي من خلالها تم إعداد نماذج للجرد وتوفيرها لكل الشركاء.
وتمت المقاربة من خلال الخطة التالية؛ أولا طُلب من كل الشركات المصنعة للمحولات وفروعها (طرانسفو موروكو، ونيكسانز إينيرجي طرانسوفورمز..) أن تقدم لائحات للزبائن الذين اقتنوا معدات تحتوي على ثنائي الفينيل متعدد الكلور.
ثم عملت الجهات المختصة على الاتصال بالمستعملين الرئيسيين للمحولات، وبالتالي المالكين الأساسيين للمعدات التي من المحتمل أن تكون ملوثة بثنائي الفينيل متعدد الكلور، وشملت اللائحة؛ المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، والمكتب الوطني للكهرباء، والمكتب الشريف للفوسفاط، والمكتب الوطني للمطارات، والمكتب الوطني للموانئ، والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، وشركة توزيع الماء والكهرباء، وشركات التزويد المفوضة، والمحطات الحرارية، والقوات الجوية.
وبعد هذه الخطوة، استدعت وزارة الداخلية مجالس هذه الإدارات لأجل ضبط المعلومات ومتابعة عملية الجرد عن كثب، علاوة على القيام بزيارات منتظمة للزبائن الذين صرح المكتب الوطني للكهرباء بوجودهم، إلى جانب الاتصال بشركات توفر خدمات لصيانة المحولات والتحليل بالنسبة للزيوت العازلة، وذلك من أجل استقاء المعلومات حول زبائن تلك الشركات.
وخلال سنة 2007 أجريت التحليلات الأولية على 200 عينة جمعت على الصعيد الوطني من المحولات المشتبه في تلوثها بثنائي الفينيل متعدد الكلور (بنسبة تتجاوز 50 جزء في المليون). ولقد أكدت التحليلات المخبرية تلك النتائج ضمن عقود الصيانة التي تنص على مراقبة الفعالية الكهربائية، ومستوى الزيوت في المحولات، وكذا خصوصيات الزيوت..
محطة خاصة
وبتاريخ 17 نونبر 2015، ترأست الوزيرة المنتدبة المكلفة بالبيئة سابقا حكيمة الحيطي، بالحي الصناعي بوسكورة بإقليم النواصر، حفل تدشين المحطة الوطنية لمعالجة وصيانة المعدات الكهربائية الملوثة بثنائي الفينيل متعدد الكلور “PCB”.
وقد تم إنجاز هذه المحطة التي تعتبر الأولى من نوعها على الصعيد العربي والإفريقي، في إطار البرنامج الوطني للتدبير والتخلص الإيكولوجي الرشيد من المعدات الكهربائية المحتوية أو الملوثة بثنائي الفينيل متعدد الكلور “PCB”، وذلك بدعم مالي من صندوق البيئة العالمي وبشراكة مع برنامج الأمم المتحدة للتنمية، ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية.
وكان قد تم إطلاق هذه المحطة القريبة من العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء، من أجل استغلالها في معالجة النفايات الحاملة للـ”PCB”، وفق مساطر صارمة للسلامة وحماية الصحة والبيئة، والتي تشرف عليها بالمناسبة مجموعتا «MAROC MAINTENANCE ENVIRONNEMENT» (ماروك مانتونوس أونفيرونمو) المغربية و«TREDI» (تريدي) الفرنسية.
كان الرهان كبيرا أثناء إعطاء الضوء الأخضر لهذه الوحدة، من أجل القيام بصيانة وإعادة تأهيل المحولات التي توجد قيد الخدمة والملوثة بثنائي الفينيل متعدد الكلور بدرجة ما بين 50 و5000 جزء من المليون، حيث يتم إنجاز هذه العملية بداخل الوحدة التي تستعمل البوتاسيوم كمادة غير خطرة للتخلص من الكلور، كما أنها تعمل بنظام مغلق بدون أي خطورة على الإنسان والبيئة.
محطة بوسكورة أوكل لها أيضا، مهمة القيام بتغليف وتصدير المعدات المعطلة والنفايات المحتوية أو الملوثة بـ “PCB” بدرجة أعلى من 5000 جزء من المليون للتخلص الآمن بمركز «TREDI» بفرنسا، طبقا للقوانين الجاري بها العمل وطنيا ودوليا.
وبمناسبة تدشين هذه المحطة، كانت قد أكدت الوزيرة السابقة المكلفة بالبيئة أنها أنجزت في إطار برنامج وطني أطلقته الوزارة سنة 2010، حيث ستعمل على تنقية الزيوت الملوثة التي كانت فيما قبل تستعمل في الحمامات العمومية والمعامل وغيرها، لعدم دراية مستعمليها بمدى الخطورة التي تتسبب فيها هذه المواد السامة، فضلا عن مخلفات المحولات الكهربائية التي يعاد بيعها ضمن المتلاشيات.
وقالت إن أهمية هذا المشروع تكمن في الرفع من قدرات ومؤهلات المهندسين المغاربة، وفسح المجال لخلق مناصب شغل مباشرة، فضلا عن عدد هام من المناصب غير المباشرة المكونة، أساسا، من المكلفين بالنقل، مما سيساعد على خلق دينامية اقتصادية من جهة، ومحاربة التلوث الهوائي والاحتباس الحراري من جهة أخرى.
ومكن البرنامج من تنفيذ العديد من الأنشطة أهمها، تعزيز الإطار القانوني، وذلك من خلال مأسسة اللجنة الوطنية لـ”PCB” التي من مهامها الإشراف على تنفيذ بنود اتفاقية استكهولم، ثم تعزيز القدرات الوطنية للإدارة الرشيدة في هذا المجال، وكذا التخلص السليم بيئيا من المعدات التي تحتوي أو ملوثة بـ “PCB” التي تم جردها على المستوى الوطني، إذ تم التخلص من 1080 طن من المعدات المعطلة الملوثة بثنائي الفينيل متعدد الكلور “PCB”.
كما عرفت المرحلة الأولى إجراء جرد وتحليل على الصعيد الوطني لـ 6000 محول محتمل تلوثه بثنائي الفينيل متعدد الكلور “PCB”، والتي سمحت بتحديد 3569 طن من المعدات الملوثة، وهو ما استدعى إنشاء المحطة سالفة الذكر والخاصة بمعالجة وصيانة المعدات الكهربائية الملوثة بثنائي الفينيل متعدد الكلور، وكذلك تثمين المعادن التي يتم استخلاصها من المحولات التي يتم الاشتغال عليها داخل هذه الوحدة.
ومكنت هذه المرحلة كذلك، من معالجة حوالي 1530 طن من المعدات أي أكثر من 37% من المعدات الملوثة التي تم إحصاؤها.
إصرار..
وبتاريخ 21 مارس 2018، أطلقت كتابة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة، التي حلت محل الوزارة المنتدبة المكلفة بالبيئة، المرحلة الثانية من البرنامج الوطني للتدبير والتخلص الآمن من ثنائي الفينيل متعدد الكلور، بشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، وذلك في إطار منظومة “معالجة المعدات الملوثة وإعادة استعمالها”، والتي تدخل في إطار البرنامج الوطني لتثمين النفايات الذي تم إعداده من طرف كتابة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة، من أجل الدفع بالانتقال نحو الاقتصاد الأخضر الذي تنص عليه الإستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، وذلك باستخدام التكنولوجيات النظيفة والحد من التلوث البيئي الناتج عن تسربات المواد الخطيرة.
المرحلة الثانية، تم إطلاقها، بعد منح المغرب تمويلا إضافيا لإطلاق المرحلة الثانية من برنامج “PCB” تحت شعار: “جعل التدبير والتخلص من المعدات الكهربائية المحتوية أو الملوثة بثنائي الفينيل متعدد الكلور “PCB” مستدام في المغرب”.
وقالت كاتبة الدولة نزهة الوافي، آنذاك، بأن إطلاق المرحلة الثانية يعني نجاح المرحلة الأولى بدعم من الشركاء وكذا ثقة المانحين الدوليين بأن المغرب سيتمكن من بلوغ الأهداف المرجوة من هذا البرنامج.
وأكدت نزهة الوافي، في حديثها لجريدة بيان اليوم حينها، بأن المرحلة الحالية ستمكن من معالجة المزيد من المعدات الملوثة بـ “PCB” التي تم جردها على الصعيد الوطني وتعزيز الإطار القانوني والقدراتي على التدبير الايكولوجي السليم لثنائي الفينيل متعدد الكلور، مردفة في تصريحها للجريدة بأن الغرض من ذلك هو وقف استخدام جميع المعدات الملوثة بـ “PCB” في أفق سنة 2025، والتخلص من جميع النفايات التي تحتوي على “PCB” على أبعد تقدير عام 2028 كما تنص على ذلك بنود اتفاقية استكهولم.
وزادت الوافي عندها، بأن الجميع معني اليوم، “سواء كنا نمثل المؤسسات العمومية، المنظمات غير الحكومية، أو قطاع البحث العلمي، أو شركات القطاع الخاص، للإسهام في إنجاح هذا البرنامج”، مناشدة جميع أصحاب الأجهزة الكهربائية التي تحتوي أو الملوثة بـ”PCB” باغتنام هذه الفرصة وأن يعملوا على تسليم معداتهم إلى هذه الوحدة لإزالة التلوث وصيانتها، من أجل الوصول معا لإدارة سليمة على المستوى الوطني والعالمي لهذه المواد الضارة للبيئة وصحة الإنسان.
وتهدف المرحلة 2 من برنامج “PCB”، إلى جعل التدبير والتخلص من ثنائي الفينيل متعدد الكلور مستداما بالمغرب والتي بموجبها سيتم الحصول على النتائج التالية على امتداد 3 سنوات؛ إجراء حملة تحليلية لـ 20.000 محول كهربائي يحتمل أن يكون ملوثا بمركبات ثنائي الفينيل متعدد الكلور، ثم معالجة 1740 محول و540 طنا من الزيوت الملوثة بمحطة بوسكورة.
وكانت قد اعتبرت ممثلة منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية بالمغرب حنان حنزاز، خلال ورشة إطلاق المرحلة الثانية بالدار البيضاء، بأن الإستراتيجية التي بلورها المغرب من أجل التنمية المستدامة تؤكد تقدم المغرب المحرز في هذا الميدان، مشيرة إلى أن الشراكة التي تجمع بين الجانبين تروم نقل التجربة المغربية، التي وصفتها بالناجحة والمشجعة على بدء مرحلة جديدة من التعاون بين الجانبين، إلى بلدان أخرى على الصعيدين العربي والإفريقي، لاسيما ما يتعلق بتدبير النفايات الخطيرة والمواد الملوثة.
وأشادت برؤية المغرب وإستراتيجيته التنموية التي تقوم على تعزيز التوازن بين الأبعاد الاقتصادية والبيئية والاجتماعية، مضيفة أن دور المنظمة يتمثل في مرافقة البلدان الشريكة من أجل تنزيل وتفعيل المعاهدات البيئية الدولية، وفي مقدمتها معاهدة استوكهولم الخاصة بالملوثات العضوية الثابتة.
وفي سياق متصل، تطرقت مديرة برنامج الأمم المتحدة للتنمية الصناعية فاتن علي محمد إلى أهداف التعاون القائم بين هذه المنظمة الأممية والمغرب، والتي أجملتها في جعل التدبير والتخلص من المعدات المحتوية أو الملوثة بثنائي الفينيل متعدد الكلور مستداما في المغرب، وترسيخ المكاسب التي تحققت خلال المرحلة الأولى من البرنامج، وكذا تقوية القدرات المحلية بتعاون وشراكة مع القطاع الخاص لضمان سلامة الأجراء في مكان العمل، والتخلص السليم بيئيا من المعدات التي تحتوي أو الملوثة بثنائي الفينيل متعدد الكلور.
وقالت عندها، إن الرهان كبير على هذا البرنامج لتحقيق نتائج إيجابية على مستوى حماية البيئة من الملوثات الخطيرة، ومنها بلورة إطار قانوني ومؤسساتي يمكن من تعزيز القدرات الوطنية وترشيدها في مجال التدبير السليم للتخلص من المعدات والنفايات الملوثة، والقيام بمعالجة المعدات الملوثة وإعادة استعمالها بشكل آمن داخل محطات مختصة ومؤهلة.
> إعداد: يوسف الخيدر