دخلت منظمة الصحة العالمية على خط الجدل بشأن انتشار مرض الانفلونزا الموسمية من نوع أ (H1N1) ببلادنا والذي تسبب، إلى حدود أول أمس الثلاثاء، في وفاة 16 عشر مواطنا بينهم أطفال ونساء.
وعبرت منظمة الصحة عن دعمها للإجراءات التي تتخذها وزارة الصحة في إطار تدبير الوضعية الحالية لوباء الانفلونزا، وهي الوضعية التي أكدت المنظمة على أنها عادية و”لا تدعو إلى القلق” بحيث “لم يتم إلى غاية اليوم تسجيل تصاعد غير عادي في حالات الانفلوانزا الموسمية بالمغرب”.
وأوضح مكتب منظمة الصحة العالمية بالمغرب، في بلاغ مشترك مع وزارة الصحة أول أمس الثلاثاء، أنهما يراقبان الوضع عن كثب ويوصيان باتخاذ الإجراءات الوقائية المعتادة، وأن منظومة المراقبة الوبائية للأنفلونزا بالمغرب “تعمل بشكل جيد وتقدم كافة المعطيات الضرورية لاتخاذ الاجراءات الوقائية”.
وجاء موقف المنظمة، التي تعد بمثابة السلطة العالمية التنسيقية والتوجيهية في المجال الصحي على مستوى الأمم المتحدة، والتي يعهد إليها كذلك بتدبير الأزمات العالمية في هذا المجال، ليدعم كيفية تدبير وزارة الصحة بالمغرب لمشكل انتشار فيروس أ (H1N1) في هذ الفترة من السنة التي تتسم ببرودة الطقس وبسرعة انتشار مختلف الفيروسات المسببة للأنفلونزا الموسمية، وذلك خلافا للاتجاه نحو التهويل والتخويف الذي ذهب إليه الجدل حول الموضوع مؤخرا بين المواطنين، وساهمت فيه بشكل كبير وسائل التواصل الاجتماعي وبعض مواقع الإعلام الالكتروني.
وأكد البلاغ أن هذه السنة لم تعرف تسجيل أي صنف جديد لفيروسات الأنفلونزا المتفشية التي يتم اختبارها على مستوى المركز الوطني المرجعي على مدار السنة، ومن بينها فيروس الانفلوانزا أ “إش1إن1” (A H1N1) المنتشر هذا الموسم بالمغرب وعلى المستوى العالمي عموما، والذي يعد فيروسا بشريا يتفشى منذ عام 2010 خلال كل موسم برد.
وتابع نفس المصدر أن وباء الانفلوانزا يمكن أن يصيب سنويا كافة الفئات العمرية، حيث يسترجع المصاب عافيته بسرعة، في معظم الحالات، من دون الحاجة إلى متابعة طبية، مشيرا أن خطر الحالات المعقدة أو بعض حالات الوفيات يهم أساسا الفئات العمرية الأكثر عرضة لخطر الإصابة كالنساء الحوامل والأطفال بين 6 أشهر وخمس سنوات، والأشخاص المسنين والمصابين بأمراض مزمنة. ولهذا السبب، يضيف البلاغ، فإن مكتب المنظمة العالمية للصحة بالمغرب ووزارة الصحة يلحان على التلقيح السنوي للأشخاص المنتمين لهاته الفئات العمرية وكذا مهنيي الصحة.
ومن جهة أخرى، أكدت وزارة الصحة أنها، وفي إطار التزامها بتوصيات منظمة الصحة العالمية، ما فتئت تذكر كافة مهنيي القطاع العام والخاص، أن علاج الانفلوانزا يظل علاجا غير محدد وأن الدواء المضاد للفيروسات ينبغي تخصيصه لحالات الاصابة الحادة والتي يتم التكفل بها بالمستشفى في الـ48 ساعة الموالية لبدء ظهور أعراض هذه الحالات.
وأكد الطرفان أنهما سيواصلان مراقبة وضعية الأنفلونزا الموسمية في البلاد وسيقدمان النصائح الاضافية عند الضرورة.
وسجلا أيضا أنه يمكن لأي شخص المساهمة في تقليص تفشي الانفلوانزا من خلال الالتزام بالسلوكيات الوقائية العادية كغسل اليدين بصفة منتظمة وتفادي الخروج إذا كان الشخص يظهر أعراض الإصابة بالأنفلوانزا وتغطية الفم عند السعال أو العطس بمنديل ورقي أو بالمرفق.
وشكل موضوع انتشار الانفلونزا الموسمية ببلادنا أيضا محور نقاش بمجلس المستشارين بالرباط، أول أمس الثلاثاء، حيث عمل الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، على تقديم التوضيحات اللازمة لمستشاري الأمة، وعلى رأسها المعطيات المرتبطة بحصيلة الضحايا والمصابين، حيث أعلن عن ارتفاع عدد الوفيات بسبب أنفلونزا “أش1 إن1” إلى 16 حالة وفاة، وتماثل 20 شخصا للشفاء، فيما لا تزال 36 حالة أخرى في طور العلاج.
وأوضح الخلفي، في معرض رده على سؤال محوري حول انتشار أنفلونزا “أش1 إن1″، أن التحاليل التي أجريت على 656 عينة بالمختبر المرجعي الوطني التابع لوزارة الصحة إلى غاية فاتح فبراير 2019، أظهرت أن الحالة الوبائية مشابهة لما هو مسجل على المستوى الدولي، مشيرا إلى أنه تم الكشف عن فيروس الإنفلونزا ب 148 حالة أو عينة بنسبة 22.6 من العينة التي تم الاشتغال عليها.
وأبرز أن انتشار الفيروس نمط”أ” يصل إلى 97.3 بالمائة مقارنة مع الفيروس نمط”ب”، مسجلا أن 80.6 بالمائة من الفيروسات نوع “أ” هي من نوع “أش1 إن1”.
وبخصوص الإجراءات المتخذة في هذا الإطار، جدد الخلفي التأكيد على أنه قد تم تعزيز نظام اليقظة الصحية والرصد الوبائي من خلال حملة استباقية تواصلية، حيث تم تعميم نظام المراقبة الوبائية والفيروسية لجميع حالات الالتهابات التنفسية الحادة الوخيمة خلال شهر يناير، مع التحري الدقيق لكل حالة يتم استشفاؤها في أقسام الإنعاش بالمستشفيات العمومية والخاصة على الصعيد الوطني.
وسجل الوزير وجود نظام معلومات دقيق على المستوى المركزي، لتتبع كل الحالات التي يتم رصدها، مشيرا أيضا إلى إطلاق حملة إعلامية حول الأنفلونزا، وتنظيم حملة سنوية للتطعيم لفائدة مهنيي الصحة، إذ تم تخصيص 60 ألف جرعة لهذه العملية. كما تم التنسيق مع جمعيات المجتمع المدني من أجل تعزيز التلقيح لبعض الفئات المستهدفة خاصة المصابين بداء السكري.
وأبرز الخلفي أن اللقاح متوفر وتم تعزيزه، مشيرا إلى استفادة حاملي بطاقة “راميد” من الدواء مجانا، ومسجلا وجود يقظة وتعبئة على مستوى وزارة الصحة وأطرها للتدخل والتكفل بكل الحالات وتقديم العلاجات اللازمة.
وذكر في هذا السياق، بأن منظمة الصحة العالمية قد أعلنت عن المؤشرات الإحصائية ذاتها التي تم الإعلان عنها بالمملكة بخصوص الأنفلونزا الموسمية، مضيفا أن المختبر المرجعي الوطني للأنفلونزا يعد جزء من شبكة عالمية لمراكز الأنفلونزا المتعاونة مع المنظمة حيث تتم عملية المراقبة بانتظام، مضيفا أنه يتم سنويا إرسال عينة من الفيروسات التي يتم رصدها بالمغرب إلى المركز المرجعي العالمي الموجود بلندن من أجل دراسة التركيبة الجينية، وذلك للكشف عن أي طفرة أو تحول جيني في هذا المجال.
وأشار إلى أن هناك منظومة يقظة تم إرساؤها سنة 2004، تقوم على آلية للمراقبة الوبائية لمتتالية الأنفلونزا على مستوى 375 مركزا صحيا عموميا، موزعة على جميع العمالات والأقاليم، ويصل عدد السكان الخاضعين لهذه المنظومة إلى 12 مليون نسمة، مضيفا أن هناك أيضا منظومة للرصد الفيروسي لدى عينة من الأشخاص المصابين بمتتالية الأنفلونزا أو التهابات الجهاز التنفسي الحادة الوخيمة، حيث يتم أخذ عينات وإرسالها إلى المختبر المرجعي الوطني من خلال ثمانية مراكز صحية عمومية بكل من الرباط وفاس ومراكش ومكناس وبني ملال ووجدة وأكادير، وأيضا من خلال شبكة من العيادات الطبية الخاصة.
سميرة الشناوي