يضرب مهنيو النقل الدولي للمسافرين بين المغرب والاتحاد الأوروبي، عن العمل طيلة الأسبوع القادم، إلى جانب تنظيمهم وقفة احتجاجية يوم الجمعة المقبل “24 ماي” أمام ميناء طنجة ميد، احتجاجا على الإجراءات الأخيرة للجمارك الإسبانية بمعبر الخزيرات “الجزيرة الخضراء”، المتعلقة بتفتيش أمتعة الجالية المغربية خارج الحافلة.
ويأتي هذا القرار، عقب اجتماع طارئ عقده المهنيون، أول أمس الخميس، بمدينة الدار البيضاء، خصص لدراسة هذه النقطة الفريدة التي “مست المهنيين والجالية في كرامتهم، بل وسيادة الدولة المغربية”، على حد تعبير مصطفى الجفال، رئيس الجامعة المغربية للنقل الدولي للمسافرين.
وكشف مصطفى الجفال، في كلمته التمهيدية للقاء الذي حضرته جريدة بيان اليوم، أن قرار تفتيش أمتعة المهاجرين المغاربة خارج الحافلة، جاء بعد مراسلة الجمارك الإسبانية لسبع شركات بحرية، تلزمهم فيها بعدم السماح لصعود الحافلات وهي محملة بالأمتعة، حيث يحمل المهاجرون بمفردهم أمتعتهم على متن 100 عربات صغيرة إلى الحافلة التي في انتظارهم بالباخرة.
وذكر الجفال، أن مهنيي النقل الدولي للمسافرين، اتصلوا بالسلطات والجمارك الإسبانية، من أجل معرفة هذا القرار المباغت، غير أنهم لم يتلقوا إجابة واضحة، وهو ما اعتبره أحد المحامين الإسبان “إعلان حرب على المغرب”، لاسيما، وأن الملف بدون سند قانوني من شأنه السماح للمهنيين بالولوج إلى القضاء، بحسب رئيس الجامعة المغربية للنقل الدولي للمسافرين.
وعلق مصطفى الجفال في حديثه لبيان اليوم، على هذا المستجد الذي يهم ميناء الجزيرة الخضراء، والخاص فقط بالحافلات، بـ”التحرش والعبث، وبالتعامل الخبيث من طرف الجمارك الإسبانية”، مؤكدا، بأن 700 حافلة نقل دولي ستفرمل عجلاتها الأسبوع القادم وستشل حركة النقل بين المغرب ودول الاتحاد الأوروبي.
وفي الوقت الذي أكدت فيه مصادر إعلامية للجريدة، أن قرار تفريغ الأمتعة من الحافلات وتفتيشها، هو نتيجة لدواعي أمنية واستخباراتية، تتعلق بمحاولة مراقبة تسلل بعض الجهاديين عبر الحافلات إلى المغرب، وكذا تهريب بعض الممنوعات، نفى الجفال أن يكون مهنيو الحافلات، متواطئين في هذه الممارسات غير القانونية، مشددا، بأنه يجب الضرب من حديد على المخالفين للقانون.
وزاد رئيس الجامعة المغربية للنقل الدولي للمسافرين، في تصريحه لبيان اليوم، أن السلطات المغربية ملتزمة الصمت إزاء هذا الملف، خصوصا كتابة الدولة المكلفة بالنقل، وكذا كتابة الدولة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج، اللذان تمت مراسلتهما ولم يتفاعلا مع الموضوع، بالرغم من أن عملية “مرحبا 2019” الخاصة باستقبال المهاجرين بالخارج على الأبواب.
ويأتي هذا القرار، بحسب مهنيين تحدثت معهم بيان اليوم في كواليس اللقاء، عقب مجموعة من الخطوات المتمثلة في منع إدخال الأكلات (الشهيوات) التقليدية من المغرب، كـ”سلو”، و”الشباكية”.. إلى دول الاتحاد الأوروبي، وهو ما يعد بحسبهم مسا صريحا، بالثقافة الأصيلة للمهاجرين المغاربة.
وتطبيق هذا الإجراء المنفرد والمتعسف، ينضاف وفق المهنيين، إلى الممارسات الغلواء للجمارك الإسبانية بالميناء، من قبيل، تعاملها بسوء مع الجالية، ثم اشتغالها لوقت محدد بين 8 صباحا و22 ليلا، حيث غياب فريق مناولة يشتغل بالليل ويعمل على إنقاذ المهاجرين من المبيت في العراء بميناء الخزيرات الذي تغيب فيه المرافق الضرورية.
وفي سياق متصل، أفادت مصادر صحفية، أن المهاجرين المغاربة حانقين من هذا الإجراء الجديد، إذ العديد منهم مترددين في العبور نحو المغرب، نظرا للحجوزات بالطائرات، وكذا ردا منهم على هذا التعامل السلبي للسلطات الإسبانية التي تفتش لوحدها من بين الدول الأوروبية أمتعة المهاجرين المغاربة بطريقة مهينة.
ونتيجة لهذه الإجراءات التي تهم الأمتعة، واعتزام المهاجرين المغاربة مقاطعة الحافلات، “أصبح المهنيون مهددون بالإفلاس، وتشريد حوالي 60 شركة تشغل أزيد من 50 ألف عامل بشكل مباشر وغير مباشر، على مستوى 5 آلاف وكالة بالمغرب وأوروبا، وهذه محنة يجتازها القطاع الذي يشتغل منذ 30 سنة”، يقول مصطفى الجفال.
وانتقد الجفال في الأخير، صمت السلطات المغربية وعدم تحركها في الملف، بـ”الرغم من مراسلة جميع القطاعات الوزارية؛ الوزارة المنتدبة المكلفة بالنقل، والوزارة المنتدبة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج، ووزارة الداخلية، فضلا عن رئاسة الحكومة، هذه الأخيرة التي اعتبرت الحديث في الموضوع سابق لأوانه وغير مستعجل في تلميح إلى عملية ‘مرحبا 2019′”.
من جانبه، عبر الاتحاد العام للمقاولات والمهن، عن تضامنه مع مهنيي النقل الدولي للمسافرين، وكذا المهاجرين المقيمين بالخارج، رافضا “هذه الخطوة الإسبانية غير المحسوبة العواقب، والتي ستكون لها تأثيرات على عملية مرحبا، وهو ما يعتبر ضربا لهذه السياسة التي ينهجها المغرب”.
وقال محمد الذهبي الكاتب العام للاتحاد العام للمقاولات والمهن، “إن هذا الملف يتعلق بسيادة دولة، والسلطات المغربية مطالبة بالرد على هذا العبث الإسباني”، مؤكدا بأن الإجراء “لا يمس النقل بل يمس المهاجر المغربي، وهذه مسألة غير منطقية وإهانة للمغاربة بذريعة الجانب الأمني”.
ودعا محمد الذهبي، إلى ضرورة التعامل بالمثل مع الجارة الشمالية للمغرب، عوض البقاء مكتوفي الأيدي، مقترحا ا فتح خط بحري مباشر بين دول أروبية أخرى، كـ؛ المغرب-فرنسا، مشيرا إلى أن الاتحاد راسل الفرق البرلمانية ودعا إلى عقد دورة استثنائية بهدف فتح نقاش حول هذه التصرفات التي وصفها بـ”اللامسؤولة”.
وأكد الذهبي على ضرورة ممارسة الضغط على الجانب الإسباني، ودفعه إلى التفاوض مع المهنيين، من خلال وضع الملف في إطاره التفاوضي الحقيقي إسوة بباقي الملفات الأخرى، كالفلاحة والصيد البحري..
وبحسب مصادر بيان اليوم، فإن وزارة الداخلية دخلت على الخط، حيث تتواصل مع بعض المهنيين، لتزويدها بمعلومات في الموضوع، داعية إياهم إلى التمهل واتخاذ الخطوات الصحيحة، على اعتبار الملف على طاولة المسؤولين.
يوسف الخيدر