إذا أردت التحقق من مدى نجاح زوج في علاقته بامرأته ونجاحه في القدرة على منحها الحب والسعادة فانظر في وجهها فإن رأيتها تتصنع السعادة وتضحك بصوت عال وقلب كسير فاعلم أنه فاشل هزم أنوثتها ومزق سعادتها، وحولها إلى أشلاء مبعثرة وحطام.
وإذا رأيت امرأة ناجحة متحققة، وسعيدة فاعلم أن وراءها رجلا داعما، محبا، سعيدا يهب شريكته بعضا من سعادته، يمنحها الدعم اللائق حتى تحقق نجاحات تضاف لأسرة بأكملها وتنهض بمن حولها، رجلا كريما في مشاعره، معطاء بلا حدود، قادرا على تصدير إحساس السعادة وإعادة إنتاج الحب دون كلل أو ملل.
وإذا وجدت زوجة مخذولة، حزينة، منكسرة تبدو ملامحها أكبر من عمرها الحقيقي، عجوزا في مقتبل العمر! أو تتأرجح دوما في عينيها دمعة لا يفصلها عن الفرار سوى كلمة واحدة، فاعلم أنك أمام زوج فاشل، تحولت معه المرأة من طاقة إيجابية توزع حبها وحنانها على الآخرين إلى مهزومة تفتقد القدرة على العطاء، امرأة تبكي لأقل سبب، أنثى من حطام. أنت مرآة زوجتك، وهي صورتك المعكوسة من نجاح أو فشل، إن لم تستطع أن تكون صديقا لزوجتك فاعلم أنك فاشل، لنا زميلة تلمع عيناها طوال الوقت لمعة حزن عميق، امرأة تحيا بجسد هزيل وروح منطفئة، تلك المرأة كانت قبل زواجها شعلة من النشاط والنجاح والحيوية، قادرة على التأثير في محيطها دائما، تمنحك طاقة إيجابية فاعلة بابتسامتها الرقيقة، أعيد كلامي وأكرر المعلومة، كان هذا قبل زواجها.
تضحك كطفلة، تمرح وتمزح، لا تفارقها روح الدعابة، نجاحها وتألقها العملي والعلمي مثار إعجاب كل من حولها، حضورها لافت، وذهنها متقد، لا تخفي حماستها وشغفها الدائم بالتعلم والتفوق، حتى تزوجت من رجل يكبرها بعشر سنوات ـ ورقيا ـ لكنه حرفيا يفوق عمرها بسنوات ضوئية.
كئيب، حزين، محبط، يخلع عليها كل الصفات السلبية، متشكك إلى درجة يصعب معها التعامل معه بأريحية حتى في أبسط تصرفاتها، تأويل كلماتها والغوص في ما وراء الكلمات التي غالبا ما تكون عفوية سمته الأولى، غيرة قاتلة، قلة ثقة تعكس أوجاعا نفسية يخفيها، ربما كانت نتيجة تجربة حب مريرة خاضها من قبل، أيا ما كانت الأسباب تظل النتيجة واحدة، شكوك ووساوس أضاعت بهجة الحياة.
فقدت معه شغفها بالحياة، ولعها الدائم بالنجاح والترقي أصبح سرابا، تحولت من مبدعة في عملها إلى مجرد موظفة تمارس عملا لقاء أجر بآلية تنفيذ صماء، خرساء لا حياة فيها.
بينما تسعد صديقتي الأستاذة الجامعية مراجعات زوجها لأعمالها ودراساتها العلمية وكافة أبحاثها، لا تجد غضاضة البتة في الاعتراف بأنه يقف وراء نجاحها ويصحح بعض أخطائها، يمدها بكافة المراجع العلمية التي تحتاجها، يدعمها بل ويساعدها بالمعنى الحرفي الدقيق للكلمة.
وهي لا تنفك تعترف بهذا الدور الداعم، تثمن جهوده الموصولة بلا ضجر لمساعدتها في كافة التفاصيل، يهتم بكل ما يشغلها حتى وإن غفلت هي عنه.
لا ألوم الرجل وحده في الحالة الأولى فهو وإن كان عنصر ضغط دائم، إلا أن الزوجة نفسها مارست دورا انهزاميا بقبول الضغط النفسي والعصبي وكانت تتكيف مع الظروف مهما كانت ضدها، تستخدم طاقتها في التأقلم مع الوضع القائم دون بذل مجهود لتغييره، هي فقط متلق، مجرد مفعول به ترضى بالأمر الواقع دون أن تمنح نفسها بعض الوقت للتفكير المتأني وإعادة النظر في مدى قدرتها على بذل المزيد من التضحيات، أو ممارسة الصبر والإصرار عليه طوال الوقت، التأقلم مع الضغوط هو قمة الظلم لذواتنا.
أما صديقتي التي تتلقى هذا القدر الهائل من الحب والدعم والاهتمام فهي وإن كانت تستحق كل المحبة والحنان، فإن الشكر كله من حق هذا الزوج الذي نظر إلى نجاح زوجته بأنه مكمل لنجاح الأسرة ككل، كوحدة متكاملة، وظل يدعمها بكل طاقته مؤمنا بأن المرأة الناجحة المتحققة هي قيمة مضافة، المرأة تزدهر وتشرق مع رجل يحبها بصدق، نجاحها لن يقضم من وقت رعاية الأسرة أو من شأنه تضييع زمن يمكنها فيه الالتفات إلى بيتها وأبنائها، ولكنه أدرك بأن الناجحات يغرسن في أبنائهن معاني وقيما تعجز عنها الفاشلات.
رابعة الختام كاتبة من مصر