منذ انتشار جائحة فيروس كورونا عالميا وقتلها مئات الآلاف وإصابة عدة ملايين، كثر الحديث عن قدرة فيتامين “د” على مكافحة وباء كوفيد-19.
ضجة عالمية حول تناول فيتامين “د”
حدثت هذه الضجة عندما بدأ الباحثون في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في مقارنة مستويات فيتامين “د” في مختلف البلدان بمعدلات وفيات كورونا، حيث وجدوا أن البلدان التي أبلغت عن انخفاض مستويات فيتامين “د” لدى السكان كانت أعلى في معدلات الوفيات الناجمة عن مرض كوفيد-19.
وأشارت تقارير عديدة إلى هناك أدلة على أن مكملات فيتامين “د” تقلل من خطر الإصابة بفيروسات الجهاز التنفسي ومنها مرض كوفيد-19. مؤكدة أن ثمة أدلة دامغة على أن نقص فيتامين “د” يضعف جهاز المناعة.
وافترض الباحثون في دراسة حديثة أن فيتامين (د) قد يساعد في إنقاذ حياة المرضى المصابين بفيروس كورونا الجديد.
لكن باحثين كثر أيضا حذر وامن أن الدراسة لم تتم مراجعتها، ولم تقترح استنتاجات من تجربة سريرية فعلية حيث يمكن مقارنة فيتامين (د) مع الدواء الوهمي. ولم يقس الباحثون مستويات فيتامين (د) أو كما يعرف بـ”فيتامين الشمس” في مرضى “كوفيد-19” أيضا، وبدلا من ذلك، يبحثون في بيانات المرضى الأخرى ويستخدمون معلومات صحية جديدة لتحديد المستويات المتوقعة من فيتامين (د).
ودعا الخبراء إلى عدم محاولة منع أو علاج “كوفيد-19” في المنزل بالفيتامينات أو المكملات الصحية الأخرى التي تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي واتباع إرشادات الأطباء.
وبعد مرور بضعة أسابيع، حذرت دراسة جديدة من أن الجرعات العالية من فيتامين (د) لا يمكن أن تمنع أو تعالج “كوفيد-19”.
وكتب علماء من العديد من الجامعات والمؤسسات الطبية في المملكة المتحدة والولايات المتحدة ورقة في مجلة (BMJ Nutrition Prevention and Health ) توضح بأنه لا يوجد دليل علمي كاف لإثبات الآثار المفيدة لفيتامين (د) في علاج مرض “كوفيد-19”.
وقالوا: “أدى الانتشار المستمر لفيروس كورونا المستجد ومرض “كوفيد-19″، إلى نداءات بتوسيع نطاق استخدام مكملات فيتامين (د). وهذه الدعوات لا تستند إلى دعم من الدراسات ذات الصلة في البشر في هذا الوقت، ولكنها تستند إلى تكهنات حول آليات مفترضة”.
ويشرح الباحثون أن المزيد من الدراسات جار ويمكن أن تقدم إجابات حول تأثير فيتامين (د) على “كوفيد-19”. وحتى ذلك الحين، لا ينصح بمكملات فيتامين (د).
وأضاف الباحثون: “نوصي باستخدام الكميات المضبوطة الموصى بها لفيتامين (د) لتقييم آثار مكملات هذا الفيتامين على عدوى كوفيد-19. وحتى يتم الحصول على أدلة علمية أكثر قوة لفيتامين (د)، نحذر بشدة من استخدام جرعات عالية من مكملات الفيتامين (أكبر من الحد الأعلى البالغ 4000 وحدة دولية / يوم، أي 100 ميكروغرام / يوم)”.
ولا يعني هذا أن نقص فيتامين (د) يعد أمرا بسيطا، كما أنه لا يعني أن معالجة نقص فيتامين (د) أو زيادة تناوله له أي تأثير على فيروس كورونا الجديد.
وقالت كارولين غريغ من جامعة برمنغهام، في تصريح لصحيفة ” تايمز أوف إنديا”: “معظم فيتامين (د) يأتي من التعرض لأشعة الشمس، ولكن بالنسبة لكثير من الناس، وخاصة أولئك الذين يعزلون أنفسهم مع وصول محدود إلى ضوء الشمس خلال الوباء الحالي، قد يكون الحصول على ما يكفي من فيتامين (د) تحديا حقيقيا”.
وأضافت: “على الرغم من وجود بعض الأدلة على أن انخفاض فيتامين (د) مرتبط بالتهابات الجهاز التنفسي الحادة، إلا أنه لا توجد حاليا أدلة كافية على فيتامين (د) كعلاج لكوفيد-19 ويجب أن يتم تجنب المكملات الزائدة لأنها قد تكون ضارة”.
وأشار الباحثون إلى أن النظام الغذائي المتوازن يوفر الكثير من فيتامين (د)، مع “الأسماك الزيتية واللحوم الحمراء وصفار البيض والأطعمة المدعمة، مثل حبوب الإفطار، وكذلك الحليب المدعم في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا”.
فوائد فيتامين “د”
يحتوي فيتامين “د” على العديد من الفوائد المهمة – إذا تم تناوله بجرعات صحيحة تحت إشراف الطبيب.
ولعل أكثر فوائده هي تنظيم امتصاص الكالسيوم والفوسفور، وتسهيل وظائف جهاز المناعة الطبيعية. وقالت إدارة الصحة الوطنية البريطانية (NHS)، إن فيتامين (د) مهم للغاية للصحة العامة للجسم، لأنه يساعد على الحفاظ على صحة العضلات والعظام والأسنان.
ويعتبر الحصول على كمية كافية من فيتامين د، الذي يطلق عليه أحيانا “فيتامين أشعة الشمس”، لأنه ينتج في البشرة استجابة لأشعة الشمس، مهما للنمو والتطور الطبيعي للعظام والأسنان، بالإضافة إلى تحسين المقاومة ضد أمراض معينة، وفقا لموقع (Healthline) الأمريكي.
وتشير الدراسات إلى أن فيتامين د قد يلعب أيضا دورا في: الحد من خطر الإصابة بالتصلب المتعدد، تقليل فرص الإصابة بأمراض القلب، والمساعدة في تقليل احتمالية الإصابة بالإنفلونزا.
كما يساعد على فقدان الوزن. ففي إحدى الدراسات، كان الأشخاص الذين يتناولون مكملات الكالسيوم وفيتامين د اليومية قادرين على فقدان الوزن أكثر من الأشخاص الذين يتناولون مكملا وهميا. ويقول العلماء إن الكالسيوم الإضافي وفيتامين د لهما تأثير في كبت الشهية.
أفضل طعام لتجنب
أعراض نقص فيتامين (د)
قد يكون من الصعب تحديد أعراض نقص فيتامين (د)، لأنه لا يجعلك تشعر بتوعك بالضرورة.
لكن هناك بعض العلامات التحذيرية الرئيسية لنقص فيتامين (د)، منها التعب المفرط أو الطاقة المنخفضة. وينبغي مراقبة تساقط الشعر، أو الشعور بآلام جديدة في المفاصل.
ويمكن أن يؤدي نقص فيتامين (د) إلى مضاعفات خطيرة، بما في ذلك تلين العظام أو الكساح أو بعض التشوهات.
ومن أسهل الطرق لتجنب النقص، هو إضافة المزيد من الأطعمة الغنية بفيتامين (د) إلى نظامك الغذائي. ويعتبر نوع السمك “أبو سيف” أحد أفضل الأطعمة التي يمكنك إضافتها إلى الغذاء. وينصح بتناول سمك السلمون أيضا، كما تتميز التونة بأنها أحد مصادر فيتامين (د) الأخرى.
ويحتاج الفرد إلى نحو 170 غراما من التونة المصفاة لتلبية احتياجات نقص فيتامين (د).
وقد يكون من الصعب، خاصة بالنسبة للنباتيين أو الأشخاص الذين لا يتحملون اللاكتوز، الحصول على ما يكفي من فيتامين (د) من وجباتهم الغذائية، ولهذا السبب قد يختار بعض الأشخاص تناول المكملات الغذائية. ومن المهم دائما تناول مجموعة متنوعة من الأطعمة الصحية من جميع المجموعات الغذائية.
وخلال أشهر الشتاء، من المهم إضافة المزيد من فيتامين (د) إلى نظامك الغذائي.
وينصح أيضا بالتعرض الآمن لأشعة الشمس لتعزيز مستويات فيتامين (د). ويجب على المرضى طلب المساعدة من المهنيين الطبيين إذا كانوا بحاجة إلى معالجة أي نقص محتمل في فيتامين (د).
مخاطر فيتامين “د”
يمكن أن يؤدي تناول الكثير من فيتامين “د” إلى تراكم سمي للكالسيوم في الدم، مما يسبب التضخم ولارتباك للقولون ومشاكل في ضربات القلب، بالإضافة إلى آلام العظام وتلف الكلى وحصى الكلى المؤلمة.
ووفقا لمعهد الطب التابع لهيئة الغذاء والتغذية في المملكة المتحدة، فإن الجرعة اليومية الموصى بها من فيتامين “د” لأي شخص فوق سن 4 سنوات هي 600 وحدة دولية/يوم. أما في الولايات المتحدة بالنسبة لأي شخص يزيد عمره عن 70 عاما، فإن الجرعة تصل إلى 800 وحدة دولية/ يوم. بينما في بريطانيا الجرعة الموصى بها يوميا هي 400 وحدة دولية/يوم لكبار السن.
وتتراوح المستويات في أجزاء أخرى من العالم أيضا بين 400 و800 وحدة دولية/يوم.
وقد ردد العديد من العلماء التحذير من تناول فيتامين د بجرعات غير مدروسة ضمن ورقة بحثية أجمعوا فيها على أن تناول جرعات عالية من مكملات فيتامين د، قد يشكل خطرا على الصحة، وفقا لشبكة “سي إن إن”.
وأشار العلماء إلى أن الدعوات بتناول كميات كبيرة من فيتامين “د” لا تدعهما أي دراسات في الوقت الحالي، ولكنها تستند إلى تكهنات حول الآليات المفترضة”.