دعا المشاركون في ندوة علمية عن بعد احتضنتها مدينة فاس الثلاثاء حول العدالة الجنائية والتغيرات الرقمية، لتكييف نظام الإجراءات الجنائية مع التطورات الرقمية الحديثة.
وأكد المشاركون، بمن فيهم سياسيون وخبراء وأكاديميون وقضاة، على ضرورة دعم تحديث أنظمة العدالة الجنائية لتكييفها مع متطلبات التطور الرقمي والالتزامات الدولية للمملكة، ولضمان حماية الحقوق والحريات.
كما تم التأكيد على ضرورة إنشاء إطار قانوني مستوحى من تجارب أخرى ومراعاة خصوصيات قطاع العدالة في المغرب ومبادئ حقوق الإنسان، وفقا للاتفاقيات الدولية، مع مراعاة هدف تعزيز الأمن الرقمي واحترام خصوصية الأفراد. ودعا المشاركون إلى تسريع وتيرة تنفيذ مشروع إصلاح القانون الجنائي، وإصدار القوانين المتعلقة بالجرائم الرقمية، وبرمجة إنشاء مركز متخصص في الجرائم الرقمية.
ونظمت الندوة من طرف كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس ، تحت شعار «العدالة الجنائية في ظل التطور الرقمي: التحديات والانتظارات». وفي كلمته خلال الجلسة الافتتاحية قال وزير العدل السيد محمد بن عبد القادر إن رقمنة النظام القضائي من خلال تنفيذ الخطة المديرية للتحول الرقمي للنظام القضائي، هي في صلب العديد من البرامج الهيكلية الكبرى لتأهيل قطاع العدالة.
وأشار الى وجود 22 مشروعا تشكل جزءا من ستة برامج تتعلق على وجه الخصوص بإنشاء بوابة إليكترونية متكاملة للعدالة، وتعميم التبادل الإلكتروني للوثائق ، والتدبير غير المادي للملفات القضائية، واعتماد التقنيات الرقمية في إدارة الجلسات ورقمنة القرارات القضائية وتنفيذها ونشر المعلومات القانونية والقضائية.
ومن جانبه قال السيد مصطفى فارس الرئيس الأول لمحكمة النقض الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية في كلمة بالمناسبة إن المغرب يسعى دوما نحو إرساء مجتمع تصان فيه حرية الأفراد، ويتحقق فيه الاستقرار وتحمى فيه المصلحة العامة، وذلك من خلال عدالة جنائية تروم تفعيل منظومة حقوق الانسان، والإسهام في تعزيزها وتطويرها مع مراعاة طابعها الكوني، انسجاما مع التوجهات الكبرى التي أعلن عنها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في رسالته السامية الموجهة إلى المشاركين في المؤتمر الدولي الأول للعدالة في 2 أبريل 2018 بمراكش.
وأضاف أن كسب رهان عدالة جنائية متطورة تساهم في بناء دولة الحق والمؤسسات وتكرس الأمن المجتمعي في بعده الأخلاقي والرقمي والحقوقي، رهين بتأهيل منظومتنا الجنائية سواء منها الإجرائية أو الموضوعية وملاءمتها مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان والوثيقة الدستورية (…) وفق مقاربة مندمجة تستجيب لكل التحولات المتسارعة في مجال الإجرام الإلكتروني، مع التأكيد على ذلك ضمن أولويات السياسة الجنائية التي يجب أن تحرص على ضمان الأمن الأخلاقي وتحقق الاستقرار الاجتماعي والثقة الرقمية لمستعملي وسائل التواصل الحديثة.
وأضاف السيد فارس أن السلطة القضائية بالمملكة ومن موقعها الدستوري والتزاماتها القانونية والأخلاقية، تمكنت من خلال الأحكام والقرارات القضائية الهامة من إرساء أمن قضائي، يقوم على مقاربة حمائية تعكس بشكل ملموس دينامية قضاتنا في الاعتماد على حجج مستمدة من وسائل الاتصال الحديثة، من أجل سد كل المنافذ والثغرات أمام الجناة وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.
وقد شارك في أشغال هذه الندوة على الخصوص ممثلون عن كل من النيابة العامة، والوكيل العام للملك لدى محكمة النقض والمجلس الوطني لحقوق الإنسان ورئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب وشعبة القانون الخاص بكلية الحقوق بفاس والمكتب الإقليمي للمنظمة الدولية للإصلاح الجنائي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومختبر القانون والفلسفة والمجتمع بكلية الحقوق بفاس وماستر العدالة الجنائية والعلوم الجنائية بكلية الحقوق بفاس ووحدة القانون الجنائي بالمركز الوطني للدراسات القانونية بالرباط ونائب المركز المتوسطي للدراسات القانونية والقضائية بطنجة.
الدعوة إلى تكييف الإجراءات الجنائية مع التطورات الرقمية الحديثة
الوسوم