يتواصل الإيقاع المتسارع للحرب المعلنة ضد وباء كورونا بالمملكة، وتخوض مديريات الصحة والسلطات وكافة المتدخلين في عملية التلقيح الوطنية في كل الجهات والأقاليم، وفي كل يوم من هذه الأيام التي نعيشها حاليا، تحديات كبرى من أجل بلوغ المبتغى المسطر بكل دقة في هذه الحملة الضخمة وبخاصة الأهداف المتمثلة في مرحلتها الأولى في تطعيم جميع العاملين في الصفوف الأمامية ضد الفيروس في مختلف القطاعات، وعلى رأسها الصحة الداخلية والأمن والتعليم، بالإضافة إلى كبار السن وذوي الأمراض المزمنة. وفي هذا السياق، أنهت ولاية الأمن بمراكش، أول أمس الأحد، هذه المهمة بنجاح بعد ثلاثة أيام من العمل المحكم كخلية نحل، تمكن خلالها المشرفون على العملية من إعطاء الجرعة الأولى من اللقاح لـ 1200 عنصرا- حوالي 400 فرد في كل يوم- من الشرطة العاملة بمختلف المصالح الأمنية بولاية مراكش والبالغين من العمر 45 سنة فما فوق، وذلك وفقا لما هو محدد وجرى الترتيب المسبق له خلال الشطر الأول من عملية التلقيح الوطنية.
وعلى نفس النهج تجري الحملة الوطنية للتلقيح ضد كورونا بإقليم بنسليمان، حيث تمت تعبئة 40 مركزا للتقليح”24 ثابتا و16 متنقلا”، فيما يبلغ عدد الساكنة المستهدفة بهذا الإقليم حوالي 175 ألف نسمة ممن يتعدى عمرها 18 سنة بمختلف الجماعات.
ويهم الشطر الأول من هذه العملية بتراب هذا الإقليم 8330 شخصا، من موظفي الصفوف الأمامية، في قطاعات الصحة والأمن والتعليم، بالإضافة إلى كبار السن الذين يوجدون على رأس القائمة.
وتفيد أرقام المندوبية الإقليمية للصحة، بأن الجرعات الأولى من المنتظر أن يتلقاها 5919 شخصا يفوق عمرهم 75 سنة، و216 إطار صحيا، و1280 من أطر التعليم و348 من رجال وأعوان السلطة و232 من رجال الدرك الملكي و188 من الشرطة، و14 عنصرا من الوقاية المدنية و96 من القوات المساعدة، و37 موظفا بإدارة السجون.
وكان عامل الإقليم، سمير اليزيدي، قد تلقى يوم الجمعة الماضي، أول جرعة من اللقاح، في خطوة تروم طمأنة المواطنين حول سلامة اللقاح وتحفيزهم على الانخراط في هذه العملية من أجل القضاء على الوباء في أفق العودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية.
وقال المندوب الإقليمي للصحة ببنسليمان بالنيابة، مصطفى فريح، إنه تم تجنيد كل الموارد البشرية واللوجيستية للمندوبية من اجل إنجاح هذه الحملة موازاة مع تعبئة كل المصالح والسلطات العمومية تحت الإشراف المباشر لعامل الإقليم.
وأضاف فريح أن الحملة الوطنية للتقليح تعطي الأولوية، لمهنيي الصحة الذين يزيد عمرهم عن 40 سنة وأطر ورجال السلطة، الذين تفوق أعمارهم 45 سنة، من أصحاب الصفوف الأمامية والأشخاص الذين يبلغ عمرهم 75 سنة فما فوق وكذا المناطق التي تشهد ارتفاعا في معدلات الإصابة بالوباء.
الجرعات الأولى
وعلى غرار باقي المديريات الإقليمية للتعليم بالمملكة، تتواصل عملية التلقيح الوطنية بالمديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بالعيون، منذ يوم السبت، بتلقي موظفي الوزارة من البالغين 45 سنة فما فوق، الجرعات الأولى من اللقاح المضاد لفيروس كورونا، وذلك في التزام صارم بالإجراءات الصحية الرامية إلى الحد من انتشار الجائحة.
وقال المدير الإقليمي للتربية الوطنية بالعيون، محمد البشير التوبالي، إن عدد المستفيدين من هذه العملية، التي ستستمر أسبوعا، يقدر بـ 2800 إطار تربوي وإداري، بينهم 2400 في التعليم العمومي و 400 في التعليم الخاص.
ودعا إلى انخراط فعال لجميع الأطر التابعة للمديرية لإنجاح هذه العملية بهدف العودة إلى الوضع الطبيعي داخل المؤسسات التعليمية بالإقليم في أسرع وقت، مؤكدا أن اليوم الأول جرى في ظروف جيدة بفضل التنسيق الوثيق مع السلطات العمومية والصحية.
ووفقا للمديرية الجهوية للصحة بالعيون-الساقية الحمراء، فقد تمت برمجة 16 نقطة للتلقيح لتنظيم هذه الحملة في العيون، بينها 10 في الوسط الحضري، و6 فرق متنقلة في الوسط القروي.
أما بإقليم قلعة السراغنة، حيث تجري الحملة الوطنية للتلقيح في جو من التعبئة الشاملة والقوية، فقد أكد المندوب الإقليمي للصحة بالنيابة، عبد الباسط الحريري، أن المرحلة الأولى من هذه العملية، التي تهم المتواجدين بالصفوف الأولى لمحاربة الفيروس، شهدت نجاحا كبيرا بفضل تعبئة جميع الشركاء والمتدخلين، مضيفا، أنه إلى جانب الوسائل اللوجستيكية والتقنية المعبأة بمجموع محطات التلقيح الموزعة على الإقليم، انخرط مهنيو الصحة والسلطات المحلية ومنظمة الهلال الأحمر المغربي في توفير كافة الشروط لإنجاح هذه المبادرة المواطنة.
ودعا المسؤول الإقليمي ساكنة الإقليم إلى الانخراط الكلي في هذه الحملة المواطنة، التي تروم بلوغ مناعة جماعية ضد كوفيد-19 والعودة إلى الحياة الطبيعية.
من جهتهم، عبر عدد من المستفيدين من الجرعة الأولى من اللقاح المضاد لكوفيد-19 عن امتنانهم لجلالة الملك محمد السادس لهذه المبادرة الكريمة من جلالته، وارتياحهم لتلقي أولى جرعات اللقاح التي ستحمي صحتهم وسلامتهم.
الوضعية الوبائية
من جهة أخرى، وفي جديد الوضعية الوبائية المرتبطة بكورونا بالمملكة، خلال الفترة الممتدة مابين الساعة السادسة مساء من يومي السبت والأحد، فقد تم تسجيل 466 إصابة جديدة بالفيروس، و532 حالة شفاء، و16 حالة وفاة. وأوضحت وزارة الصحة في نشرتها اليومية لنتائج الرصد الوبائي لـ”كوفيد-19″ أن الحصيلة الجديدة رفعت العدد الإجمالي لحالات الإصابة المؤكدة بالمملكة إلى 471 ألف و157 حالة منذ الإعلان عن أول حالة في 2 مارس الماضي، ومجموع حالات الشفاء التام إلى 449 ألف و160 حالة، بنسبة تعاف تبلغ 95.3 في المائة، فيما ارتفع عدد الوفيات إلى 8275 حالة، بنسبة فتك قدرها 1.8 في المائة.
وتتوزع حالات الإصابة المسجلة خلال الـ24 ساعة الأخيرة عبر جهات المملكة بين كل من جهات الدار البيضاء-سطات (144)، وطنجة – تطوان-الحسيمة “87”، والرباط-سلا-القنيطرة “76”، والشرق “55”، وسوس-ماسة “44”، ومراكش آسفي “22”، والعيون الساقية الحمراء “14”، وفاس مكناس “7”، والداخلة وادي الذهب “5”، وكلميم واد نون “5”، ودرعة تافيلالت “4”، وبني ملال خنيفرة “3”.
أما الوفيات فتتوزع على جهات الدار البيضاء-سطات “9 حالات”، وحالتين بكل من مراكش آسفي وكلميم واد نون، وحالة واحدة بكل من الشرق وسوس ماسة وبني ملال خنيفرة.
وقد بلغ مؤشر الإصابة التراكمي بالمغرب 1296.4 إصابة لكل مائة ألف نسمة، بمؤشر إصابة بلغ 1.3 لكل مائة ألف نسمة خلال الـ24 ساعة الماضية، فيما وصل مجموع الحالات النشطة التي تتلقى العلاج حاليا إلى 13 ألف و722 حالات.
وبلغ عدد الحالات الخطيرة أو الحرجة الجديدة بأقسام الإنعاش والعناية المركزة المسجلة خلال الـ24 ساعة الماضية، 55 حالة، ليصل العدد الإجمالي لهذه الحالات إلى 714 حالة، 53 منها تحت التنفس الاصطناعي الاختراقي، و390 تحت التنفس الاصطناعي غير الاختراقي. أما معدل ملء أسرة الإنعاش الخاصة بـ”كوفيد-19″، فقد بلغ 22.6 في المائة.
من جانب آخر، وعلى المستوى الدولي فقد قررت العديد من الدول الأوروبية إقامة حدود لمنع دخول مواطني البلدان التي ظهرت فيها الأنواع الجديدة المتحورة من فيروس”كوفيد ـ 19″ إلى أراضيها .
وإلى جانب القيود المشددة والصارمة المفروضة على السفر والتنقل داخل بلدانها فإن هذه الدول الأوروبية لا تسمح بالدخول إليها إلا لمواطنيها أو المقيمين فيها بشروط .
ففي ألمانيا، لن يسمح لشركات الطيران والسكك الحديدية والحافلات والسفن اعتبارا من أول أمس الأحد وحتى 17 فبراير بنقل الركاب والمسافرين من البلدان التي تتفشى فيها السلالات المتحورة الجديدة من فيروس “كوفيد ـ 19” باستثناء المواطنين الألمان والمقيمين .
أما بين البرتغال وإسبانيا فقد تم إحداث نقطة حدودية من أجل حظر دخول مواطني البلدين في كلا الاتجاهين .
ولن يتمكن البرتغاليون الذين يخضعون للإغلاق الشامل منذ عدة أيام من مغادرة بلدهم لمدة 14 يوما وذلك بأية وسيلة على الإطلاق .
كما قامت دول أخرى مثل فرنسا وبلجيكا واللوكسمبورغ وهولندا بدورها بحظر الدخول إلى أراضيها على المسافرين القادمين من أو المغادرين إلى دول ثالثة في الاتحاد الأوروبي إلا لأسباب استثنائية وقاهرة أما السفر بين هذه الدول فيخضع لشروط صارمة مرتبطة باعتبارات مهنية أو عائلية قاهرة.
> سعيد أيت اومزيد
> تصوير: مكاو عقيل – رضوان موسى