أضحت المشاهد الجميلة لبعض بحيرات الأطلس المتوسط من ذكريات الماضي، بحيث لا زال المغاربة يتذكرون بهاءها الخلاب.
وتتأثت فضاءات الأطلس المتوسط بكل من ضاية عوا، وبحيرة ويوان، وأكلمام سيدي علي، وضاية الرومي، وكذا بحيرة أكلمام أبخان (البحيرة السوداء)، وأكلمام أزكزا ثم بحيرة أفنورير وضاية حشلاف..
لكن أصبحت بحيرات الأطلس المتوسط على وشك الانقراض الكلي بفعل معاناتها من انتشار بعض الزراعات غير المستدامة التي تستهلك كما هائل من المياه. فضلا عن استعمال المبيدات والرعي الجائر والجفاف وتزايد حفر الآبار من قبل المزارعين. وعزت بعض المصادر الوضع المحرج لضاية “عوا” وجفافها من المياه يعود إلى زراعة أشجار التفاح المحيطة بالبحيرة وما يرتبط بهذا النوع من الزراعة من استهلاك مفرط للمياه وتلويث الفرشة المائية.
في هذا السياق نظمت ورشة عمل تدريبية، مؤخرا، بعنوان “استعادة الأراضي الرطبة.. المفاهيم والمبادئ الأساسية ودراسة الحالات”، تلتها جلسة عمل ميدانية في بحيرة “ضاية عوا”، وذلك من قبل مشروع “تعزيز تنفيذ صندوق مياه سبو من أجل إدارة متكاملة ومنسقة لبحيرات الأطلس المتوسط (إحياء ضاية عوا)” (Revive Dayet Aoua) ، الممول من مؤسسة “مافا” (MAVA)، برنامج التمويل الصغير التابع لصندوق البيئة العالمية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (“PMF FEM / PNUD”) والصندوق العالمي للطبيعة، والمنظمة غير الحكومية “الكوكب الحي – المغرب” (Living Planet Morocco) .
واستفاد من هذه الورشة أعضاء لجنة الإدارة المحلية لبحيرة “ضاية عوا” (COLOG) المكونة من ممثلين عن ولاية إفران، ووكالة الحوض المائي لمنطقة سبو، والمديرية الإقليمية للمياه والغابات ومكافحة التصحر بالأطلس المتوسط، ومنتزه الوطني بإفران، والمديرية الإقليمية للفلاحة بإفران، والمندوبية الاقليمية للسياحة في إفران، والجماعة الترابية لإفران والجماعة المحلية والمجتمع المدني.
وينشد هذا المشروع إدارة مستدامة ومندمجة ومنسقة للأراضي الرطبة في الأطلس المتوسط، ويتطلع لاستعادة وتعزيز خدمات النظام البيئي والقيم البيئية والعلمية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية للبحيرات. بدءا من “ضاية عوا” ووفقا لأهداف استراتيجية تروم وضع وتنفيذ خطة لترميم وتحسين هذه البحيرة، ثم إنشاء وتعزيز قدرات أعضاء لجنة الإدارة المحلية لبحيرة “ضاية عوا”(COLOG) ، في أفق تدبير متكامل وبمقاربة تنسيقية للأراضي الرطبة والتنوع البيولوجي والثروة الطبيعية الهائلة لمنطقة الأطلس المتوسط. وكذا إشراك المجتمع المحلي في الحفاظ على الأراضي الرطبة والتنوع البيولوجي وتعزيزهما، مع تحسين مستوى العيش الاقتصادي لمجموعات المجتمع المحلي، فضلا عن تطوير برنامج الترميم والتأهيل للأراضي الرطبة الأخرى في المنطقة (ضاية حشلاف، ضاية إفراح، إلخ).
ويدعم هذا المشروع أنشطة صندوق مياه سبو المنسق من قبل الصندوق العالمي للطبيعة في المغرب (WWF) ، الذي يعتبر أول صندوق من نوعه في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهو آلية تمويل مستدامة، تعتمد على الدفع مقابل خدمات النظام البيئي، مما يسمح بالحفاظ على موارد المياه واستعادة التنوع البيولوجي، والمحافظة على مختلف الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
يشار أنه تم تحديد البحيرات ذات الأولوية في الأطلس المتوسط، والتي تتعرض مواردها المائية لتهديد خطير، وذلك لتنفيذ المرحلة التجريبية لصندوق مياه سبو، وهي على التوالي: ضاية عوا، ضاية حشلاف، ضاية إفراح، أغويلام أفنورير، أغويلام تيفوناسين، أغويلام سيدي علي. كما سيتم تعميم أنشطة الصندوق العالمي للطبيعة (WWF) على المدى المتوسط والطويل على مستوى حوض سبو بأكمله.
> محمد التفراوتي