أكدت مصادر عليمة وصول شحنات من رؤوس الأبقار المعدة للذبح إلى المغرب، خلال الأيام الماضية بعدما قررت الحكومة استيرادها لمواجهة غلاء أسعار بيع اللحوم.
وشددت المصادر نفسها على أن وصول هذه الشحنات في الأسابيع المقبلة سيمكن السوق الوطنية من اللحوم، وسيسهم في انخفاض أسعارها قبيل شهر رمضان الذي لم تعد تفصل عنه سوى أسابيع قليلة، بعد أن ارتفعت منذ أسابيع حتى الآن بشكل إلى مستويات حارقة فاقت قدرات المغاربة.
وعن ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء، عزا الفلاح والكساب بمنطقة الغرب، الشريف الكرعة، هذه الارتفاعات إلى “فشل المنظومة الفلاحية بكاملها، مؤكدا أنه “رغم ما تم صرفه من أموال باهضة في كل المخططات الفلاحية منذ السبعينات والانتكاسة ترافق القطاع الفلاحي والتي توجت في النهاية بخوصصة ممتلكات صوديا وصوجيطا وتمليك اراضي تعاونيات الإصلاح الزراعي للمتعاونين من أجل السماح لهم ببيعها لفائدة المترصدين والمخططين لهذه الخوصصة وهذا التمليك والترامي على أراضي الجموع والسيطرة على أجود أراضيها”.
وأضاف الرئيس السابق لتعاونية للحليب، بإنتاج ذاتي كان يصل حتى 300 لتر يوميا، في تصريح لجريدة بيان اليوم، أنه: “بعد ذلك جاء المخطط الأخضر بثقل اعتماداته ليخدم مصالح لوبيات الاستيراد والتصدير، والضيعات الكبرى وشركات تصنيع الحليب والأعلاف وشركات الأدوية الفلاحية والمطاحن، فيما ظل الفلاح الصغير والمتوسط والمستهلك المغربي بين المطرقة والسندان”.
وتارعة الكرعة: “ثم جاء مخطط الجيل الأخضر ليصلح ما أفسده فساد الملح، ويبدأ بتحلية مياه البحر نواحي أكادير، ليؤكد لنا بالملموس أن سياستنا الفلاحية قادرة على تبدير المال العام أمام كل الأعين، وإذ لا يمكن أن نتصور أننا نتكلف ببناء السدود و نقوم بإفراغ مياهها في البحر وبالتالي نخصص اعتمادات باهضة لتحلية مياه البحر”، متسائلا: “أبهذا التخطيط نحقق الاكتفاء الذاتي والرخاء والتنمية القروية وإنعاش الشغل الفلاحي وضمان الاستقرار في البوادي ومحاربة الهجرة إلى المدن ؟”.
واعتبر المتحدث نفسه أن موضوع ارتفاع أسعار اللحوم والحليب “مؤامرة عرفهما قطاع الحليب واللحوم الحمراء، إذ لا يمكن أن ندعم التلقيح الاصطناعي ونخفض مبيعات منتجي الحليب بترك شركات تصنيع الحليب تفعل ما تشاء بالمنتجين عبر تخفيض الأثمنة ونهج سياسة الكوطة واستيراد حليب الغبرة النباتي الأمر الذي أدى إلى إغلاق التعاونيات وبيع أبقارها للمجازر بأزهد الأثمنة”.
وأردف المنتج والكساب ذاته أنه: ” لا يمكن أن نمكن الكساب من دعم قدره أربعة آلاف درهم عن كل عجل أو عجلة من سلالة اللحوم الحمراء ونشتري منه الحليب بقيمة درهمين للتر، عمليا فالكساب الصغير والمتوسط سيفضل تلقيح بقرته بسلالة قطاع اللحوم الحمراء عوض سلالة الحليب. لا ننكر أن قطاع الحليب بدوره استفاد من الدعم وقدره أربعة آلاف درهم عن شراء كل بقرة أصيلة للحليب، ولكن هذا الدعم كان لغاية تخدم مصلحة شركات استيراد الأبقار وشركات الحليب. وكان هناك دعم يخص كبار الفلاحين وحدهم من دعم تلقيح البقرة الحلوب بسلالة الحليب إذا ولدت أنثى وظل هذا الدعم حكرا على المنتمين للفيدرالية البيمهنية للحليب وحدهم، وكانت النتيجة فقدان قطيع الأبقار الحلوب الممتلكة من طرف صغار الكسابة بسبب تلقيحها بسلالة اللحوم وثم بيعها للمجازر لعدم القدرة على تكاليف الأعلاف وهزالة أثمنة الحليب”.
واستطرد الكرعة: “أما قطيع الأبقار الكروازي الذي كان معنيا بالتلقيح الاصطناعي فقد خسر أنثى الولادة لأن كل ما تنتجه هذه البقرة ذكرا أو أنثى من اللحوم الحمراء يباع للمجازر. وهكذا فقدنا الاثنين، وأصبحنا بدون حليب ومشتقاته وبدون لحوم حمراء”.
وشدد الكرعة عل أن نفس التجربة ستتكرر “أي العودة إلى الاستيراد وهذا لا يخدم إلا مصلحة لوبي الاستيراد المستفيد من تخفيض أو إلغاء الرسوم الجمركية، وهذه هي أسباب فشل مخططاتنا رغم أن أصواتا نادت وبحت عبر كافة وسائل الاعلام المتاحة بتصحيح البداية في وقتها، وكنا من المتنبئين لهذا الوضع المؤسف، والمتتبعون لهذه القطاعات يشهدون بذلك”.
عبد الصمد ادنيدن