قل إنه ينشغل لوقت عن الأدب لكن لا يمكنه التخلي عنه
ضمن فقرة “مسارات” التي تعد إحدى الفقرات البارزة التي تحتفي بأدباء وكتاب، حل أول أمس الاثنين الكاتب والأديب والناقد عبد الفتاح كيليطو ضيفا ثقيلا، حاملا معه إرثا من الأدب والكتابات التي داع صيتها وطنيا وفي العالم العربي، وفي عديد من الأقطار من خلال نصوصه المترجمة إلى لغات عدة.
وفي الفقرة التي سيرتها غادة الصنهاجي، يتوقف كيليطو الحائز على جائزة الملك فيصل للغة العربية والأدب عن مجموع أعماله، عند عمله إصداره الأخير “التخلي عن الأدب”، الذي يقدم فيه الأديب مجموعة من التساؤلات.
وفي مقدمة تساؤلات الأديب كيليطو هو “هل التخلي عن الأدب ممكن؟، مجيبا في نفس الوقت أنه شخصيا قد ينشغل عنه لبضعة أشهر، لكنه لا يستطيع التخلي عنه، مشيرا إلى من يكتب كتبا أو مقالات عن التخلي عن الأدب، والذي قال إنه بكتابته هذه يظل في الأدب وفي دائرته لأن “الأدب لا مفر منه” على حد تعبيره.
وأبرز الكاتب أن “التخلي” قد يكون بحد ذاته موضوعا أساسيا للأدب، مستحضرا في هذا الصدد، مجموعة من الأمثلة لكتاب وأدباء كأبي العلاء المعري، الذي كان قد أنبأ الناس عن اعتزاله الحياة الاجتماعية، غير أنه لم يستطع يوما التخلي عن الأدب.
وأوضح كيليطو أنه يستحضر في كتاب “التخلي عن الأدب”، رواد الأدب العربي والغربي من قبيل بورخيس، وثيرفانتيس، والهمداني، والمعري، ورولان بارت، ورومان غاري وغيرهم، من خلال تأملات شخصية.
وفي حديثه عن علاقة الأدب العربي الحديث بالأدب القديم لا في الأنواع ولا في اللغة، يقول كيليطو إن الأدب العربي الحديث هو أدب أوروبي، بينما الأدب العربي القديم بات أجنبيا وغريبا، حيث يقول واصفا التخلي عن الأدب القديم “تخلينا عن أسلافنا وتخلوا عنا”.
وتابع صاحب رواية “والله إن هذه الحكاية لحكايتي” “حتى لغة الأدب العربي الحديث تختلف عن لغة الجاحظ وابن المقفع (..) والأدب العربي الحديث أدب أوروبي في أنواعه ومراجعه وكل ما يتعلق به، والأدب العربي القديم هو الذي بات أجنبيا وغريبا وليس الأدب الأوروبي”.
ويرى كيليطو أن كارثة الأدب العربي هي أنه لابد من إشارة أوروبية لنهتم بأديب عربي، فمشكلتنا، حسب كيليطو هي أننا لا نستغني عن النظرة الأوروبية، مستحضرا في هذا الصدد، “رسالة الغفران” لصاحبها أبو العلاء المعري، والتي قال إنها لم تكن تشهد اهتماما من العرب القدماء، وأن هذا الاهتمام لم يتم إلا في حدود القرن التاسع عشر عندما أشار إليها مثقفون أوروبيون”.
وحول اختلاف اللغة العربية في الوقت الراهن عن القديم، يردف كيليطو أن اللغة تغيرت بشكل كبير، قبل أن يستدرك حديثه بالقول “ربما بالغت في القول أن اللغة العربية اليوم تختلف عنها قديما، وينبغي التخفيف من هذا القول، لكن هل لغة إحسان عبد القدوس هي لغة الجاحظ، فاللغة تبدلت، وآخر شيء أفكر فيه هو أن أطالب الكتاب المعاصرين بالكتابة على طريقة الأسلاف”.
يشار إلى أن اللقاء عرف الاحتفاء بمجموع أعمال الكاتب والأديب عبد الفتاح كيليطو، وتقديم إصدراه الجديد “التخلي عن الأدب”، حيث عرف هذا اللقاء الثقافي تكريم كيليطو وتسليمه تذكارا من طرف مندوبة المعرض لطيفة مفتقر.
محمد توفيق أمزيان