بالرغم من إعلان بعض نقابات أسرة التربية والتعليم التراجع عن الإضراب ودعوتها الشغيلة التعليمية إلى الرجوع إلى الأقسام، إلا أن آلاف الأساتذة من مختلف النقابات والتنسيقيات شرعوا أمس الاثنين في الإضراب الوطني الذي كان التنسيق الوطني المكون من بعض النقابات قد دعا له في وقت سابق.
ورفض عدد من الأساتذة تنفيذ قرار وقف الإضراب الذي دعت له بعض النقابات الأكثر تمثيلية، إذ دعوا، في بيانات لمجموعة من المكاتب النقابية بجهات وأقاليم مختلفة بالمغرب، إلى مواصلة الإضراب وعدم الالتزام بما تم الإعلان عنه وطنيا من قبل المركزيات النقابية بخصوص وقف الإضراب.
ويأتي هذا التصعيد في ظل دعوة بعض النقابات في الـ 48 ساعة الأخيرة إلى وقف الإضراب والعودة للأقسام والاعتماد على الحوار الذي انطلق مع الحكومة التي وعدت بمراجعة النظام الأساسي الموحد، والذي من المفترض أن يكون في جولته الثانية أمس الاثنين، إذ كانت الجامعة الوطنية للتعليم، المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، والجامعة الحرة للتعليم، المنضوية تحت لواء الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، قد دعتا منخرطيهما إلى وقف الإضراب والعودة إلى الأقسام لفسح المجال لمواصلة الحوار مع الحكومة والوزارة الوصية.
بالمقابل، عبر آلاف الأساتذة عن رفضهم العودة إلى الأقسام إلى حين الاستجابة لمطالبهم، حيث دعت مجموعة من النقابات والتنسيقيات، من ضمنها النقابة الوطنية للتعليم، التابعة للكنفدرالية الديمقراطية للشغل، والنقابة الوطنية للتعليم، التابعة للفيدرالية الديمقراطية للشغل، وهيئات ونقابات وتنسيقيات أخرى، من ضمنها التنسيقية الوطنية للأساتذة وأطر الدعم الذين فرض عليهم التعاقد (دعت) إلى استمرار موجة الإضراب الوطني خلال الأسبوع الجاري احتجاجا على ما وصفتهه بـ “سياسة الآذان الصماء للحكومة ووزارة التربية الوطنية” عن مطالب الشغيلية التعليمية.
ودعت الهيئات النقابية والتنسيقيات التعليمية الحكومة والوزارة إلى حل مشاكل الأساتذة، وإعادة النظر بشكل شامل في النظام الأساسي الموحد وسحبه أو مراجعته، مع العمل على تحقيق مطالب أخرى وعلى رأسها الزيادة في الأجور والنهوض بالوضع المعنوي والاعتباري لمهنة التدريس.
وحذرت الهيئات المذكورة من استمرار صم الآذان أمام مطالب الشغيلية التعليمية والاقتطاع من الرواتب بسبب الإضراب، معلنة استعداد الأساتذة للتصعيد بأشكال نضالية مختلفة إلى حين تحقيق مطالبهم التي اعتبروها “عادلة ومشروعة”.
هذا، وحسب ما عاينته بيان اليوم، فقد انطلقت أمس الاثنين موجة الإضراب الوطني الذي دعت له عدد من النقابات والتنسيقيات، فيما كانت أخرى قد سطرت بداية الإضراب يومه الثلاثاء، فيما تلتحق نقابات أخرى أيضا بالإضراب غدا الأربعاء والذي من المرتقب أن يستمر إلى يوم الجمعة المقبل.
وسطرت كل نقابة تعليمية وكل التنسيقيات التعليمية أشكالا نضالية مختلفة انطلاقا من تجسيد الإضراب إلى المسيرات الاحتجاجية والوقفات الجهوية والاعتصامات الإنذارية أمام المديريات الإقليمية التابعة لوزارة التربية الوطنية وكذا أمام الأكاديميات الجهوية لمهن التربية والتكوين وعلى المستوى المركزي أمام وزارة التربية الوطنية، حيث يؤكد المحتجون على عدالة مطالبهم ومشروعيتها، مجددين المطالبة بالاستماع إليهم وتحقيق مطالبهم لتجاوز حالة الاحتقان التي يعرفها القطاع.
في هذا السياق، قال رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، إن الاحتقان الذي يعرفه قطاع التربية الوطنية يرجع بالأساس إلى طريقة إخراج النظام الأساسي الموحد الذي وصفه بكونه “ولد بعملية قيصرية”.
وأضاف حموني، في اتصال أجرته معه بيان اليوم، إنه من المثير للاستغراب تسرع الحكومة في المصادقة على هذا النظام الأساسي الجديد، ونشره في الجريدة الرسمية”.
وبعدما لفت إلى كون الاحتقان الذي يعرفه القطاع يؤثر سلبا على ملايين التلاميذ والتلميذات، ويحرمهم من حقهم في التعليم، أكد في نفس الوقت أن مطالب الأساتذة عادلة ومشروعة، داعيا الحكومة إلى تفعيل إعلانها عن استئناف الحوار، وبالتالي مراجعة هذا النظام الأساسي فيما يتعلق بالنقط الخلافية العالقة، وذلك بالموازاة مع عودة الأساتذة إلى الأقسام لتدريس أبناء المغاربة المحرومين من التحصيل الدراسي منذ مدة.
كما عبر المتحدث عن رفضه لحصر النقاش حول ما يعرفه قطاع التعليم بين الوزارة الوصية والنقابات التعليمية فقط، مؤكدا على أن “المسألة هي هَم وهاجس كل الفاعلين، وهَم جميع مكونات المجتمع والمغاربة بصفة عامة”، معربا عن أسفه إزاء ما وصل إليه القطاع من احتقان في الوقت الذي تغيب فيه الحكومة، سياسيا وتواصليا، أمام ما يقع من احتجاج وإضراب ما يزال مستمرا.
إلى ذلك، ولتجاوز الاحتقان الذي تعرفه المدرسة العمومية، سجل المتحدث أن المطلوب هو “إعادة النظر في صيغة هذا النظام الأساسي”، مشيرا إلى أن “سياسة لي الذراع لن تخدم المنظومة التعليمية في شيء؛ بل ستزيد الوضع احتقانا وتوترا كما يجري اليوم”.
كما يرى حموني أنه “على الحكومة الوفاء بالتزامها المتعلق بزيادة 2500 درهماً في أجور الأساتذة، كما وعدت سابقا، فضلا عن ضرورة الاهتمام بالجوانب المهنية والتكوينية والاجتماعية والمعنوية للأساتذة حتى تتوفر لهم ظروف أفضل للاشتغال بأريحية، وبالتالي تحقيق المردودية المرجوة.”
وعبر رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب عن أسفه إزاء المنحى الذي سار فيه الإصلاح، حيث قال “إن هذا الإصلاح الجزئي وغير المتوافق بشأنه ليس هو الإصلاح الذي كنا ننتظره حقيقة من الحكومة الحالية التي عليها الحسم الناجع لموضوع الموارد البشرية، ضمانا لانخراط نساء ورجال التعليم في الإصلاح الحقيقي المرتبط بالمناهج والبرامج، بغاية تحقيق مدرسة عمومية للجودة والتميز وتكافؤ الفرص، مشيرا إلى أن السرعة مطلوبة، لكن التسرع في إصلاح قطاع التعليم يكلف مجتمعنا الكثير.
وأورد المتحدث أن الوضع الذي تعيشه المدرسة العمومية ليس وليد اللحظة، حيث قال إن “الإصلاح صعب وشاق ويتطلب كثيرا من الصبر والنفس الطويل والشجاعة السياسية، فالإصلاح انطلق منذ الثمانينيات، قبل أن ندخل في دوامة “إصلاح الإصلاح”، وهو ما لا يخدم منظومة التربية والتكوين ولا يساهم في أي نتيجة تخدم قطاع التربية الوطنية وتنهض به”.
- محمد توفيق أمزيان
-
تصوير: أحمد عقيل مكاو