التقى الشعراء محمد بشكار وصباح بنداوود ومصطفى غلمان، ليلة الجمعة (24 نونبر)، في فضاء دار الشعر والشعراء بمراكش ضمن فقرة جديدة من برنامج “الإقامة في القصيدة”. تجارب شعرية مغربية تنتمي للراهن الشعري، في مواصلة حثيثة من دار الشعر بمراكش، لاستضافة شعراء يتقاسمون أفق الكتابة الشعرية وأسئلة القصيدة في تنوع وغنى تجاربها، وسعي متواصل للانفتاح على تجارب وأجيال الشعر المغربي الحديث. “المقيمون في القصيدة”، هذه المرة، شعراء تقاطعت تجاربهم في سؤال اللغة، عبر مسارات مضيئة وزخم شعري ثري، وحفريات هذا الحضور “المجازي” في شعرنا المغربي.
“لم تعد للشاعر سوى الأشلاء.. كي يرمم حضوره المجازي”، هكذا يصف الشاعر محمد بشكار المشهد الراهن. “ولم يبق أمام صوت الشاعر إلا أن يصدح عاليا، أمام هذه الغربة القاسية”، يرى الشاعر مصطفى غلمان. في حين، مزجت الشاعرة صباح بنداوود قساوة المشهد بقليل من الفرح، وهي تؤكد على ضرورة الأمل.
التقى “المقيمون في القصيدة” في فضاء الدار، وبحضور وجوه أدبية وإعلامية من مراكش، وبإشراف الشاعر عبد الحق ميفراني مدير دار الشعر بمراكش، ليتقاسموا قصائدهم وبعضا من الجمال مع المتلقي المتعطش لبهاء الحرف وقوة الكلمة الشعرية.
الشاعر والإعلامي محمد بشكار، التقط من “حلم أعلى الوسادة” وقصيدتين إلى غزة، مؤشرا على صوت الشاعر الجريح والذي أمسى وحيدا أمام فجائعية المشهد.
يقول الشاعر:
“كُلُّ شَيْءٍ كَمَا هُوَ فِي البَيْتِ، حَتَّى
طَعَامِيَ غَيْرَ المُعَلَّبِ لَمْ
يَتَسَنَّهِ. لَكِنَّ فِي البَيْتِ أيْنَ
هِيَ الدَّارْ؟
وَكَمْ سَنَةً مِتُّهَا
فِي حَيَاتِيَ؟
هَلْ أضْبِطُ الخُطُوَاتِ
عَلَى نَفْسِ
مُنْعَرَجَاتِ الخَرِيطَةِ تِلْكَ
المُعَلَّقَةِ فِي جِدَارْ؟”.
واختارت الشاعرة صباح بنداوود، القادمة من شجرة الزجل المغربي وقطفت من “المنسي فيا” و”حرف من الشعا” بعضا من حروفها:
“الدمعة…
أنا مكنبكيش أنا غي…
تنغسل لوقت فين يجي الضو
قلبي شلال نور
عنداكو تجرحو شعاه!!
وبين الدمعة والدمعة
كنفْرق صيام ليام
ب نجمة طلع…
عليها فجر الصمت…
وغوتات ف قلب شهرزاد
“بينيلوب” مزالة كتسرب ف قلبي
وتنج فيه أحلام
ما طلقت سراح موالي
ما خلاتو يونس الشوق
أنا مكنبكيش…
أنا غي كَرًابْ
وشاط عليه الصبر
عيون الشكوة تشكي…
والوقت تزيدو عصير
أجيو نجمعو دموع النسا/
ونصرفوهم مواويل
يمكن نولدو أغنية
عنوانها لمرأة…كون
و ف كل كون..
تْكَوَّنْ كون آخر…
أنا مكنبكيش…
أنا غير غنايا سال على خد الوقت
وسخن راس الحرف ف راسي
…الدمعة كلمة ساكتة ودوات…
قصيدة وسحات …
وتقدر تكون شلا كلام سارط راسو
باب وتحل ف وجه عجاجة
وتقدر تكون تلجة ف القلب ودابت كي ليام
علاش أنا تنبكي؟
لا ..أنا دبت دموع ف خد ..
فلسطيني…..
أنا فنيت فيكم كاملين…
وبقيت بلا بيا”
وشارك الشاعر والإعلامي مصطفى غلمان، والذي تحمل مسؤولية رئاسة التنسيقية الجهوية للائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية بمراكش، في ليلة الإقامة والتقط من “نمش على مائي الثجاج” مقدما صورة الوجع في أقسى مجازاته:
“كيف تَمَكَّثَت غزة فِي ظلي وأَعْجَلَتني الرحيل/
نحن المتعبون، وهؤلاء إخوة يوسف يدفعون الدية للخطايا../
أي موت هذا،
لم نحد شبرا عن النبوة،
ولم نمل جانب الطريق العابر إلى الخذلان
ولكننا المغرقون في جنون الخسارة،
تَدَرَّقَنا على الحدود والثغور،
ونشبنا غدتها الصماء في تنور بنادقنا .
وافترشنا حرير النفط والفوسفاط والمعادن الذكية
وأغرانا شجر النسيان،
بلا هوادة،
حتى صرنا خَوْخَة في نهْرِ التبعية..”.