بعد سنوات من الغياب، أو لنقل بصريح العبارة، سنوات من الضياع والتيه، بدأت تظهر في الأفق ملامح، زحف عسكري قادم بقوة، مستعد للاكتساح، وإظهار نوع من التفوق، لا يمكن أن تخطئه العين…
ففريق الجيش الملكي الذي عود الجميع على التألق، وضمان مكان دائم تحت الأضواء، وعدم الاكتفاء ببروز مرحلي عابر، يبدو أنه استفاد من تجارب لم تكن ناجحة، ليعد العدة قصد العودة، بنفس التوهج الذي ألفته الأوساط الرياضية على الصعيد الوطني، كقلعة محصنة قادرة على التألق وطنيا وقاريا، وركيزة أساسية بنيت عليها في السابق، تركيبة المنتخبات الوطنية، بجل الفئات…
انطلاقا من هذه القيمة الاستثنائية، يتركز الاهتمام حاليا، على مسار الجيش هذا الموسم، مسار متوازن يترجم على أرض الواقع، بتحقيق نتائج إيجابية، وتقديم عروض لافتة، مع التفوق في إفراز أداء جماعي مدروس.. كلها مميزات تتعزز بحضور جماهيري داعم بقوة، يعد بحق سندا حقيقيا، لا يمكن أبدا الاستغناء عنه…
إلا أن ما حدث بالملعب البلدي بالقنيطرة مؤخرا، وبالضبط خلال المباراة الأخيرة ضد فريق أولمبيك أسفي، من أحداث مؤسفة، يطرح أكثر من علامة استفهام، حول أسبابها وتوقيتها، وانعكاساتها السلبية على مسار الفريق ككل…
فالنتائج الإيجابية التي يحققها النادي هذا الموسم على مستوى البطولة الوطنية، بالدرجة الأولى وحظوظه الوافرة في إمكانية الحفاظ على اللقب للموسم الثاني على التوالي، معزز بدرجة الإقناع التي يقدمها في جل المباريات، كلها مميزات تجعل أي خروج عن النص غير مقبول، بل غير مبرر تماما، وبالتالي فكيف تسمح عينة من الجمهور لنفسها، بالتسبب في أحداث شغب مؤسفة؟ أحداث يمكن أن تعرض النادي لعقوبات، خاصة وأن حالة العود ثابتة ومؤكدة، بعيدا عن أي نقاش جانبي أو مزايدات هامشية…
فكيف تسمح مجموعة -من حسن الحظ أنها جد محدودة- لنفسها بالإساءة لفريق، يدعون أنهم من محبيه وعشاقه، ويدافعون عن ألوانه؟
سؤال مقلق حقيقة، فأي إنسان سوي في تفكيره، لا يمكن أن يتقبل مثل هذا السلوك الخارج عن الإجماع، إلا إذا كانت هناك أهداف ودوافع خاصة، من وراء القيام بأعمال شغب، وسط نفس الجمهور، والإصرار على إلحاق الأذى بأفراد يحملون نفس القميص؟…
والحالة هذه، لابد للفصائل العسكرية أن تعبر عن رفض تام لمثل هذه الأحداث، ولابد من إظهار نوع من التماسك والتضامن فيما بينها، والمساهمة في البحث عن الأسباب والدوافع التي جعلت جزء من أفرادها يتسببون في أحداث مؤسفة، والتعبير عن محاربتها لمثل هذا التهور، وعدم قبول أي انتماء يسيء لـ “الفار”، ولكرة القدم الوطنية عموما.
كما أن إدارة الفريق العسكري، مطالبة بالتعبير عن موقف صارم، برفض أحداث يكون النادي ضحيتها بالدرجة الأولى، لأن الصمت في هذه الحالة، يعد موقفا سلبيا، يشجع على تكرار نفس الأخطاء القاتلة…
مع العلم أن فرضية المؤامرة واردة، وإمكانية وجود جهات لا ترى بعين الرضا لتألق الفريق العسكري، يعد احتمالا غير مستبعد؛ ولعب ورقة التآمر من الداخل ممكن جدا…
كلها هواجس تبقى مطروحة، إلى أن يثبت العكس؟!…
محمد الروحلي