تختتم غدا الأحد فعاليات الدورة الأولى للمهرجان الدولي لفنون الأداء انزكان أيت ملول “الجداريات ذاكرة المسرح” التي تنظم في الفترة ما بين 5 و7 ماي الجاري، تحت شعار: “حين يدعونا المسرح إلى الحوار”، من قبل جمعية دروب الفن، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ومؤسسة المبادرات التنموية، وتعرف عددا من العروض واللقاءات على مدى ثلاثة أيام.
وتميزت هذه التظاهرة الفنية الكبرى بحضور ومشاركة مجموعة من الفاعلين في الحقل الثقافي من المغرب، وفلسطين، وإيطاليا، إذ شرع المهرجان في إطلاق أنشطته، ابتداء من اليوم الأول، بتدشين رسم الجداريات بالفضاءات العمومية، بمدينة إنزكان الدشيرة أيت ملول، ليليها كرنفال فني جاب أهم شوارع مدينة إنزكان، انطلاقا من ساحة بئر انزران، إلى ساحة السعادة، مع إعطاء الضوء الأخضر في ذات السياق للافتتاح الرسمي للمهرجان، بساحة السعادة إنزكان، ليختتم اليوم الأول بعرض مسرحي، بعنوان: “شريطة هاوس- كوميديا الإنترنيت”، لفرقة سفر من المغرب، للمؤلف والمخرج عزيز الخلوفي.
كما واصل المهرجان في اليوم الثاني أنشطته الثقافية الإشعاعية، التي تعد الأولى من نوعها بهذه القلعة السوسية إنزكان وما جاورها، باستئناف رسم الجداريات بالفضاءات العمومية، بمدينة إنزكان الدشيرة أيت ملول، علاوة على ورشة تقنيات المسرح وفن الجداريات، لفائدة جمعية الزهور للصم والبكم بأيت ملول، فضلا عن ورشة أخرى تقتفي نفس التوجه تهم جمعية أنير للطفولة بإنزكان، ناهيك عن عرض شريط وثائقي، وتوقيع كتاب حول “محترفات مسرحية في ترسيخ السلوك المدني ونبذ العنف” لصاحبه محمد جلال أعراب.
كما شهدت الفترة المسائية من نفس اليوم، انطلاق عروض مسرح الشارع بالساحات العمومية، من قبيل، ساحة الحفلات بالدشيرة، التي احتضنت عرض مسرحية “مخاض” لفرقة المركب للمسرح والفنون من دولة فلسطين، إضافة إلى تقديم عرض مسرحي آخر، “شرطة هاوس – كوميديا الإنترنيت” لفرقة سفر، من المملكة المغربية.
أما على مستوى ساحة السعادة بإنزكان فشهدت تقديم كوريغرافيا “صراع الأشقاء”، لفرقة المسرح المتوازن من أيت ملول، ثم أيضا حكاية “الطمع طاعون” للحكواتي المغربي زكرياء زكي، ليسدل الستار على اليوم الثاني بالساحة سالفة الذكر بعرض مسرحية “حلقة أبا المعطي وسنيطح”، لفرقة المسرح المتوازن بأيت ملول.
كذلك عرفت ساحة العين، بالقليعة، العرض المسرحي “المرمدة” للفرقة المغربية التواصل المسرحي، من تشخيص وإخراج بوشعيب العمراني، وتأليف أحمد كارس.
وموازاة مع هذه الأنشطة الغنية التي جاء بها المهرجان الدولي لفنون الأداء في نسخته الأولى، سيواصل الفنانون رسم الجداريات بالفضاءات العمومية بمدينة إنزكان الدشيرة أيت ملول، خلال اليوم الثالث والأخير، (يومه الأحد) بالإضافة إلى استمرار إقامة الورشات التقنية التكوينية.
وسطرت اللجنة المنظمة للمهرجان في ذات اليوم، كوريغرافيا “صراع الأشقاء” لفرقة المسرح المتوازن أيت ملول، التي ستشخص عرضها بساحة الحفلات بالدشيرة، حيث سيكون زوارها مع عرض مسرحي آخر “المرمدة”، الذي يأتي بنكهة خاصة، مع فرقة التواصل المسرحي، ليليها فيما بعد عرض مسرحية “حلقة أبا المعطي وسنيطح” لفرقة المسرح المتوازن أيت ملول.
وستكون ساحة السعادة بإنزكان، مع عرض مسرحي أخير في هذه النسخة من المهرجان الدولي، الذي يحمل اسم (العرض)، IGNAM FNAM لفرقة أكاديمية روما للمسرح، القادمة من دولة إيطاليا، ليعلن في الأخير الطاقم الذي أشرف على المهرجان الدولي، عن انتهاء الملتقى الذي يجمع ثلاثة دول من مختلف القارات، ليكون الختام بعد ذلك مع العرض المسرحي “مخاض”، لفرقة المركب للمسرح والفنون بفلسطين، يتبعه عرض ولاد دحو حكاية “طمع طاعون” للحكواتي زكرياء زكي.
وقد أعد منظمو هذه التظاهرة الورقة التأطيرية التالية:
يتحرك تاريخ المسرح المعاصر نحو الفضاء العام، وبهذه الحركة يعود المسرح إلى أصوله التي نشأ وترعرع فيها من الأغورا إلى الفضاء المتوسطي حيث الكرنفالات ومسرح الكوميديا إلي لارتي والتروبادور، والمسرح الجوال، ومسرح الحواري والأسواق الشعبية، والمواقع التاريخية، وفنون المدينة من رقص وكوريغرافيا وموسيقي وجداريات، ومختلف الأشكال الفنية والإبداعية التعبيرية التي جعلت من الفضاء العام مأواها ومآلها. أصبح المسرح متمردا على إطاراته المسيجة، وحدوده الملغاة للحرية والانفتاح والتواصل العام.
يندرج مشروعنا: الدورة الأولى للمهرجان الدولي إنزكان – أيت ملول لفنون الأداء “الجداريات ذاكرة المسرح” فيما يصطلح عليه بفنون الأداء. قوامه الفضاء العام والأداء المفتوح مع الجمهور. والكثير من التجارب في أوربا وأمريكا أصبحت تهاجر الفضاءات المغلقة في اتجاه الفضاءات العمومية. وأصبحت الاقتناعات تزداد رسوخا لدى صناع الفرجة بضرورة انتقال المسرح والأداء إلى الجمهور بدل استقباله في القاعات المغلقة والأماكن المحددة للعروض المسرحية. وأصبح الفنانون المسرحيون يستوعبون الوضعية الراهنة للمسرح المتمثلة في تراجع إقبال الجمهور، وعزوفه على المشاهدة المسرحية أمام اكتساح وسائل الميديا بكل تلويناتها، وتغيير وجهة الجمهور واهتماماته.
وأمام التحولات الكبرى التي اعترت جل المجتمعات في أنحاء العالم، ومعاناتها من أجل الاستقرار والأمن والسلام، اخترنا لهذه الدورة شعار: “حين يدعونا المسرح إلى الحوار” مؤمنين بقدرة المسرح وكفاءاته في التغيير والحوار والدعوة إلى المصالحة مع الذات والفضاء العمومي والتربية على المواطنة الحق وقيم المجتمع المدني وترسيخ سلوكاته.
من هذه الزاوية، يحاول المهرجان الدولي إنزكان – أيت ملول لفنون الأداء “الجداريات ذاكرة المسرح” أن يشتغل على فنون الأداء في المجال العمومي لاستقطاب أكبر قاعدة جماهيرية ممكنة. واستثمار فضاءات إقليم إنزكان أيت ملول العمومية لإنتاج الفرجة المسرحية من جهة، ومن جهة ثانية لحفظ ذاكرة الأداء بواسطة الجداريات والألوان والصباغة. إنها عملية موازية في الفعل والأداء.
واعتبارا للمعطى التاريخي الهام الذي ميز هذه السنة بعودة المغرب إلى بيته الإفريقي، حاولنا أن نساهم من موقعنا الفني بإهداء الإقليم جداريات تشكيلية، تترجم بعض ملامح الثقافة الإفريقية ورموزها وأيقوناتها الغنية. كما يتصدر هذا المهرجان كرنفال فني بمشاركة فرق فنية محلية، وأخرى إفريقية بالإضافة إلى مجسمات تعكس التنوع الثقافي التي تتميز به القارة الإفريقية.
يوسف الخيدر (صحافي متدرب)