طفت على السطح إشكالية آجال الأداء بين المقاولات مجددا على خلفية الرجة الاقتصادية التي تعرضت لها المقاولات المغربية بفعل الأزمة الصحية الناجمة عن جائحة (كوفيد- 19)، وذلك تزامنا مع الإعداد لإنعاش اقتصادي طال انتظاره من قبل كافة الفاعلين الاقتصاديين.
وكانت المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة أولى ضحايا تمديد هذه الآجال، حيث تدهور الوضع المالي لهذه المقاولات بعد التوقف الحاد للنشاط خلال الأشهر الأولى للحجر الصحي الذي فرضه تفشي الجائحة.
وفي هذا الصدد، أفادت النسخة الثانیة من دراسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب حول تأثیر فیروس كورونا على المقاولات المغربية أن متوسط الأجل الإضافي للأداء ارتفع إلى 52 يوما عند متم ماي المنصرم.
وبحسب الدراسة، التي عرفت مشاركة 3304 مقاولة تشغل 494.164 أجیرا، 7ر88 بالمائة منها مقاولات صغیرة جدا وصغرى ومتوسطة، 3 ر28 بالمائة شركات مصدرة، تختلف آجال الدفع حسب القطاع، إذ يبلغ في قطاع التعليم 72 يوما، والصناعات الثقافية والإبداعية (66 يوما)، والبناء والأشغال العمومية والعقار (58)، والتجارة (58)، والنقل والتخزين (56)، والسياحة والمطعمة (54)، والصناعة التقليدية (52)، والفلاحة والصيد البحري (50)، والخدمات (50)، والصحة (49)، والصناعات التحويلية والاستخراجية (45).
ولمواجهة هذه الوضعية الخطيرة، تم اتخاذ سلسلة من التدابير في إطار التنسيق بين القطاعين العام والخاص من أجل إنقاذ المقاولات المعنية التي تشكل ركيزة مهمة في النسيج الاقتصادي، كونها محركا لخلق الثروة ومناصب الشغل.
ويأتي على رأس هذه التدابير إطلاق منتوج “ضمان إقلاع” في ماي الماضي، وهي آلية ضمان من طرف الدولة تتراوح بين 80 في المائة و90 في المائة حسب حجم المقاولة.
وفي إطار هذا الضمان ينبغي توظيف 50 في المائة من القرض بغرض المساهمة في تقليص آجال الأداء.
من جهة أخرى، ينص ميثاق الانعاش الاقتصادي الذي وقع عليه، قبل حوالي ، كل من وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الادارة، والاتحاد العام لمقاولات المغرب، والتجمع المهني لبنوك المغرب، على التزام الدولة من أجل تفعيل المصادقة على تعديل القانون المتعلق بآجال الأداء والمراسيم ذات الصلة.
كما أتاح الاتحاد روابط للمقاولات تسمح لها بالولوج إلى زبنائها، سواء في القطاع العام أو الخاص، من أجل تقديم طلبات الدفع الخاصة بهم، حيث يعبئ رئيس المقاولة طلبا، ثم يتولى الاتحاد العام لمقاولات المغرب، بناء على المعطيات المتوفرة لديه، التواصل مع المقاولة المدينة للتفاوض من أجل تسوية سريعة للديون، غير أن الاتحاد أشار إلى أنه لا يستطيع الالتزام بتسوية الحالات المطروحة أمامه، ذلك أن الدفع يعتمد في نهاية المطاف على إرادة الزبون.
مبادرات لتقييم المخاطر من أجل تجاوزها
دفع تمديد آجال الأداء في القطاع الخاص عقب ارتفاع مخاطر إفلاس المقاولات والملاءة المالية جراء تداعيات فيروس (كورونا) مؤسسة “أنفوريسك” إلى اقتراح “عامل تأثير كوفيد19-، وهو حل يرتكز على تقييم تأثير الفيروس على مستوى مخاطر “الأعمال” وقياس التأثير غير المباشر للمقاولة التي تم تقييمها على شبكتها من الموردين والزبناء المحليين.
وأوضحت المؤسسة أن “هذا الحل المستجد كفيل بإدارة مخاطر الزبناء بشكل أفضل خلال مرحلة الأزمة، وذلك من خلال تحديد الحسابات الأكثر تأثرا في محفظة الشركة، ومن خلال اقتراح إستراتيجية جديدة لتوزيع الزبناء على نحو يتكيف مع الأزمة”.
وقبل اقتراح هذا الحل بوقت طويل، أطلقت مؤسسة “أنفوريسك “برنامجها “Dun Trade”، وهو أول مبادرة خاصة لتجميع أنماط الأداء في المغرب، كما يهدف هذا البرنامج إلى جمع تجارب الأداء بين المقاولات من أجل قياس أنماط أداء الزبناء للمقاولات الشريكة.
ماذا عن آجال الأداء لدى المؤسسات والمقاولات العمومية ؟
في ما يتعلق بالمؤسسات والمقاولات العمومية، تم بذل جهد كبير لتحسين شروط الأداء، على الرغم من التداعيات الخطيرة للوباء.
وبحسب أرقام مديرية المنشآت العامة والخوصصة، بلغ متوسط آجال الأداء المعلنة من قبل جميع المؤسسات والمقاولات العمومية 40.5 يوما في نهاية الأشهر السبعة الأولى من هذه السنة مقابل 42 يوما في نهاية دجنبر 2019.
ويؤكد هذا الوضع بشكل عام الاتجاه الإيجابي الملحوظ منذ دجنبر 2018، وذلك بعد إطلاق وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة منصة إلكترونية تسمى “آجال”، مخصصة لتلقي ومعالجة شكاوى الموردين بشأن آجال الأداء من قبل المؤسسات والمقاولات العمومية.