أعلن عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية رئيس دائرة شؤون اللاجئين أحمد أبوهولي أن أزمة وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) المالية بدأت تلقي بظلالها على اللاجئين في المخيمات الفلسطينية.
وقال أبوهولي إن (الأونروا) باتت غير قادرة على تلبية احتياجات اللاجئين المتزايدة وارتفاع معدلات الفقر والبطالة وانعدام الأمن الغذائي ما يستوجب على المجتمع الدولي التحرك لدعمها وتقديم تمويل كاف ومستدام.
وتعاني (الأونروا) من عجز مالي يقدر بنحو 100 مليون دولار بموازنة البرامج التي تتعلق بالصحة والتعليم والإغاثة، وهو ما دفعها إلى الاستدانة من قبل مؤسسات دولية أخرى لصرف رواتب موظفيها عن شهر مايو الماضي.
وأعلن مسؤولون في (أونروا) قبل أيام عن حراك بالتعاون مع السلطة الفلسطينية والأردن لحث الدول المانحة لزيادة تبرعاتها وزيادة أعداد المانحين للوكالة.
وذكر أبوهولي الذي يترأس الوفد الفلسطيني، أن الدعم العربي للوكالة الأممية سيكون محور النقاش في اجتماعات مؤتمر المشرفين على شؤون الفلسطينيين في دورته (108) التي انطلقت الأحد في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في القاهرة.
وأضاف أن المؤتمر سيناقش مستجدات القضية الفلسطينية في ما يتعلق بالانتهاكات الإسرائيلية التي تمارس ضد الشعب الفلسطيني وتصعيد الاستيطان في الأرض الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية، إضافة إلى تعزيز التنمية في فلسطين.
وشاركت في المؤتمر وفود الدول العربية المضيفة للاجئين الفلسطينيين (فلسطين والأردن ولبنان)، إضافة إلى مصر والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ومنظمة التعاون الإسلامي ومنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة، إضافة إلى قطاع فلسطين والأراضي العربية المحتلة في الجامعة العربية.
وكانت أونروا التي تأسست عام 1949، أعلنت عن حاجتها للحصول على دعم من المجتمع الدولي بقيمة 1.6 مليار دولار للعام الجاري من أجل تغطية النفقات وتقديم الخدمات وبرامج التنمية الإنسانية للاجئين الفلسطينيين.
وتقتضي مهمة أونروا بتقديم المساعدة للاجئي فلسطين في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة ليتمكنوا من تحقيق كامل إمكاناتهم في مجال التنمية البشرية وذلك إلى أن يتم التوصل لحل عادل ودائم لمحنتهم.
وتشتمل خدمات الوكالة الدولية على التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والخدمات الاجتماعية والبنية التحتية وتحسين المخيمات والحماية والإقراض الصغير لمجمع اللاجئين الفلسطينيين.
ويكتظ مركز الشيخ رضوان الطبي في غزة التابع لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين يوميا بالمئات من اللاجئين الفلسطينيين طلبا للرعاية الصحية في وقت تسجل فيه الخدمة المقدمة تراجعا غير مسبوق.
ويرتاد المركز بحسب إحصائيات صادرة عن أكثر من 600 لاجئ يوميا من سكان مدينة غزة وحدها، فيما يكون في استقبالهم سبعة أطباء فقط وثلاثة آخرين يعملون على بند ما يسمى البطالة المؤقتة.
وتقول إدارة المركز إن اللقاء بين المريض والطبيب بحسب الإحصائيات المسجلة لديهم يوميا لا يتجاوز ثلاث دقائق بفعل النقص الحاد في الكوادر الطبية المتوفرة لهم.
وأدت الأزمة المالية المتفاقمة لأونروا إلى التأثير سلبا على مجمل خدماتها المقدمة لأكثر من 1.4 مليون لاجئي فلسطيني في قطاع غزة وعلى رأس ذلك الرعاية الصحية بحسب مسؤولين في الوكالة.
وتقول غادة الجدية مديرة برنامج الصحة في أونروا في قطاع غزة إن الأزمة المالية التي تشهدها الوكالة أدت إلى تداعيات خطيرة على الخدمات الصحية المقدمة للاجئين في القطاع.
وتوضح الجدية أن إجمالي عدد العاملين في مراكز الرعاية الصحية التابعة للوكالة على مستوى قطاع غزة يبلغ حاليا 900 موظف فيما الحاجة ماسة إلى 600 آخرين، لكن تحول الأزمة المالية دون توظيفهم.
وتضيف “نحتاج منذ عامين تقريبا إلى كوادر جديدة تعادل نحو ثلثي الموظفين الحاليين لدينا من أجل التمكن من تقديم خدمة صحية ذات نوعية جيدة تفي باحتياجات اللاجئين الفلسطينيين وتحمي كرامتهم”.
وتنبه إلى أن النقص في الكوادر الصحية وإمكانيات الرعاية المتوفرة لدى أونروا يأتي في وقت يسجل فيه القطاع ارتفاعا بالوفيات في صفوف المصابين بالأمراض المزمنة والنساء الحوامل ما يعكس خطورة الوضع الصحي في غزة الذي يعد الأسوأ من بين خمس مناطق تعمل فيها الوكالة على خدمة اللاجئين.
وتعد الخدمات الصحية التي تقدمها أونروا من أهم متطلبات غالبية اللاجئين في قطاع غزة في ظل شكاوى من تراجع الخدمة، فيما تقول الوكالة إنها تعمل ما بوسعها لتجنب تعطل عملها.
وبحسب أونروا فإنها تواجه طلبا متزايدا على خدماتها بسبب زيادة عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين ودرجة هشاشة الأوضاع التي يعيشونها وفقرهم المتفاقم.
وأسهمت أونروا في الحفاظ على حد متدن من الأزمة المعيشية في قطاع غزة نتيجة لتغطيتها لاحتياجات نحو 62 في المئة من الأسر الفقيرة والمحتاجة عبر المساعدات التي تقدمها لهم إلى جانب عمل بقية المؤسسات الأخرى.
وبحسب إحصائيات فلسطينية رسمية، لا يتجاوز متوسط دخل الفرد اليومي في قطاع غزة الذي يعاني من حصار إسرائيلي مشدد منذ 15 عاما أكثر من دولار، في الوقت الذي يعتمد أكثر من ثلثي السكان على المساعدات الإغاثية التي تقدمها أونروا وغيرها من المؤسسات الدولية.
ويتم تمويل أونروا بشكل كامل تقريبا من خلال التبرعات الطوعية فيما لم يقم الدعم المالي بمواكبة مستوى النمو في الاحتياجات. ونتيجة لذلك فإن الموازنة البرامجية لأونروا، والتي تعمل على دعم تقديم الخدمات الرئيسة تعاني من عجز كبير.
ويقول المستشار الإعلامي لأونروا عدنان أبوحسنة إن الوكالة تجمد منذ أشهر طويلة التوظيف وأجبرت على تقليص بعض برامج خدماتها بفعل الأزمة المالية الشديدة التي تعانيها.
ويشير أبوحسنة إلى أن أونروا أوقفت ضم عائلات لاجئين جديدة لتلقي المساعدات الغذائية “الكابونات” في قطاع غزة إلا من خلال الاستبدال رغم ارتفاع معدلات الفقر وذلك لعدم وجود تمويل يستوعب أي زيادة جديدة.
ويوضح أن الأزمة المالية لأونروا دفعتها للاستدانة من أجل توفير رواتب شهر مايو الماضي لقرابة 27 ألف موظف يعملون في صفوفها، وهي تعمل في مناطق عملياتها الخمس وفق حدود ما هو متوفر لديها من موارد.
وينبه أبوحسنة إلى أن أزمة الحرب الروسية – الأوكرانية ألقت بالمزيد من الظلال السلبية على الدعم المالي الدولي المقدم لأونروا، بالإضافة إلى أن بعض الدول المانحة أبلغت إدارة الوكالة نيتها خفض مستوى التبرعات والمنح التي قدمت في العام الماضي.