ارتجالية تدبير صندوق الوقائع الكارثية تقصي المتضررين من الفيضانات والحرائق من التعويض

أثارت الأمطار الرعدية الأخيرة التي ضربت عدة مناطق بجهة مراكش آسفي، جدل غياب التعويضات عن الكوارث الطبيعية والإنسانية من قبل الصندوق الذي تم إحداثه لهذا الغرض.

ويتكبد عديد مواطنين خسائر مادية فادحة (السيارات، المنازل، المحلات التجارية، الأشجار المثمرة..) جراء الفيضانات والحرائق التي شهدتها مجموعة من المناطق في الآونة الأخيرة، إلا أنه لا يتم تعويضهم بحجة أن السلطات لم تدرج هذا الحادث أو ذاك في إطار “الوقائع الكارثة”.

وعبر يوسف الحاضي الكاتب الوطني للنقابة الوطنية لمهنيي كراء السيارات المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل (UMT)، عن أسفه لعدم تعويض المواطنين الذين يتضررون من السيول المائية للفيضانات التي تلحق أضرارا بليغة بسيارات المغاربة علما أنهم يساهمون بالضرائب في الصندوق، الذي تم إحداثه لتعويض المتضررين عن الكوارث، لا سيما الذين لا يتوفرون على تأمين من هذا القبيل.

وكشف يوسف الحاضي، في تصريح لجريدة بيان اليوم، عن وجود بعض المستثمرين في قطاع كراء السيارات، من تضررت له 7 مركبات جراء الكوارث الطبيعية على مستوى جهة فاس مكناس مثلا، بيد أنه للأسف لم يتم تعويضهم، لأن السلطات لم تعلن بأن الأمطار الرعدية الأخيرة التي ضربت الجهة والتي كانت محملة بـ”البرد” من الحجم الكبير (التبروري)، بأنها تندرج في خانة الكوارث الطبيعية.

وأكد الحاضي على أن العديد من المتضررين من الكوارث الطبيعية لا يستفيدون من أي درهم واحد من الصندوق الذي يساهمون فيه أثناء تأدية تأمين السيارات، علما أن الفيضانات تجرف معها في الكثير من الأحيان العربات التي يضطر مالكوها إلى توقيف نشاطهم إلى حين إصلاحها، بدون أن يتم تعويضهم من قبل الصندوق المذكور.

وتساءل الكاتب الوطني للنقابة الوطنية لمهنيي كراء السيارات، عن تقاعس السلطات والحكومة في إعلان الفيضانات والحرائق كوارثا طبيعية، وهو ما يؤدي إلى إلحاق خسائر مادية بالمواطنين ترغمهم إما على مغادرة منازلهم التي لم تعد صالحة للسكن، أو ركن سياراتهم والتوقف عن العمل إلى حين تدبر تكاليف إصلاحها، لأنها لم تعد صالحة للدوران من جديد، ناهيك عن نفوق الأغنام أثناء حرائق الغابات..

وشدد المتحدث ذاته، بأن المعاينة بالعين تكفي لتحديد الكوارث الطبيعية، معتبرا تصريح السلطات عبر فعل الخبرة إجراء بيروقراطيا غير منصف لفئة كبيرة من المتضررين الذين كانوا يعتقدون بأن صندوق الوقائع الطبيعية سيعوضهم عن الأضرار التي تلحقهم بشكل فجائي.

وكشف يوسف الحاضي بأن UMT سبق وأن نبهت في عدة اجتماعات هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي (ACAPS) إلى هذه الإشكالية، غير أنه لم تكترث لذلك بحجة أن التعويض عن الكوارث الطبيعية رهين بتصريح السلطات المحلية عن وقائع من هذا القبيل.

من جهته، أوضح يونس بوبكري رئيس جمعية وسطاء ومستثمري التأمين بالمغرب، “أنه لحدود الآن لا توجد نصوص تنظيمية بشأن تعويض المتضررين من الكوارث الطبيعية”.

وأشار يونس بوبكري في تصريح لجريدة بيان اليوم أنه إلى حدود اليوم لم يتم الحديث عن تعويض متضرر من هذا الصندوق الذي يتوفر على موارد بشرية منذ سنة 2019، بحيث كان أول اجتماع له برئاسة رئيس الحكومة السابق سعد الدين العثماني، بتاريخ 16 شتنبر 2019.

وقال بوبكري إنه رغم الوقائع الكارثية التي تحدث كما هو الحال مع الفيضانات الأخيرة بجهة مراكش إلا أن الحكومة لا تتفاعل وهو ما يحرم المتضررين من التعويض عن الخسائر الجسيمة التي تكبدوها، خصوصا وأنها تندرج في إطار اللامتوقع كما هو وارد في القانون المؤطر لذلك.

وانتقد رئيس جمعية وسطاء ومستثمري التأمين بالمغرب جمع الحكومة الأموال من المواطنين بدون تعويضهم عن الكوارث التي تلحق منازلهم وسياراتهم ومحلاتهم التجارية، وهو يساهم في الاضطرابات الاجتماعية ويزيد من هشاشة الفئات الضعيفة.

ونبه المتحدث ذاته إلى غياب التواصل من قبل الصندوق، الذي يجب أن يشرح ويفسر للمواطنين مسطرة الاستفادة من التعويض، وهو ينم عن العشوائية التي يتم بها تسيير الصندوق على حد تعبيره.

وأتى يونس بوبكري على ذكر الكوارث الطبيعية التي وقعت بكل من الدار البيضاء ومدن الشمال، إلا أنه لم يعلن بعد عن استفادة أي مواطن من الصندوق، خصوصا في ظل تقاذف المسؤوليات بينه وبين وباقي المؤسسات التي يحملها مسؤولية الحادث في بعض الأحيان (الجماعات المحلية، شركات التدبير المفوض..).

وأرجع بوبكري التهاون الحاصل في التعويض، إلى غياب دور الرقابة من طرف هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، “التي لا تعمل أي شيء ولم تخرج مراسيم ولم تعين الخبراء، علما أن هؤلاء الخبراء يجب أن يكونوا معروفين، ونحن كمهنيين في القطاع لا نعلم عنهم أي شيء”.

وانتقل الخبير في مجال التأمينات إلى الحديث عن موضوع آخر، يتعلق بغياب مسطرة واضحة لتحويل مساهمات المواطنين من شركات التأمين إلى صندوق الوقائع الكارثية، ذلك أن بعض الأشخاص يستفيدون من هذه الضبابية عوض الانكباب على التعويض الآني للمواطنين الذين يشردون من مساكنهم ويفقدون مصادر عيشهم، خصوصا وأن هناك بعض المواطنين يستعملون سياراتهم في أنشطة اقتصادية (التجارة الحرة، نقل البضائع..).

وشدد يونس ببكري على أن إقصاء المواطنين من التعويض وغياب التقييم للكوارث الطبيعية أثناء وقوعها بشكل واضح وشفاف، يعد تبديدا للمال العام، خصوصا وأن شركات التأمين تستفيد أيضا من تأخر تحويل الأموال لأن الصندوق لم يشتغل بعد، وهو ما يطرح أكثر من سؤال حول حصيلة هذه المؤسسة التي خرجت إلى الوجود منذ سنوات.

< يوسف الخيدر

Related posts

Top