تتواصل تداعيات نتيجة النسخة الـ129 من الديربي البيضاوي بين الوداد والرجاء، والتي آلت نتيجته للفريق الأحمر بهدفين لصفر، مما كان له الأثر البالغ على كل مكونات الفريق الأخضر، حيث تفجرت أزمة كبيرة، نتج عنها استقالة ثلاث أعضاء، ومطالبة الجماهير بالاستغناء عن المدرب جمال السلامي، وغيرها من ردود الفعل والتداعيات التي تعودنا عليها داخل هذا الطرف أو ذاك.
على المستوى الرياضي، فان التنافس مسألة مطلوبة، والصراع في الحدود المسموح بها شيء معمول به، وكل جانب من حقه الدفاع عن مصالح فريقه، في إطار من الروح الرياضية، واحترام الأسس والمبادئ التي تنص عليها القوانين المؤطرة للفعل الرياضي.
إلا أن هناك جانبا مغيبا في إطار العلاقة بين قطبي العاصمة الاقتصادية، ألا وهو غياب أي إمكانية للتعاون والتقارب والتنسيق، وكلما كان هناك تقارب حدثت تطورات حالت دون ذلك، بل زاد الشرخ توسعا، وتعمق الخلاف، وازدادت الصراعات.
رغم كل شىء، هناك من يحلم بإمكانية هذا التقارب، وأن يكون هناك تعاون وتفكير مشترك يخدم مصلحة الفريقين، ويسهم في تنمية وتطور الرياضة عبر كرة القدم، باعتبارها قاطرة الرياضة وطنيا.
أهمية التقارب بين الناديين العريقين، يكمن في إمكانياتها وقاعدتهما الجماهيرية، وقيمة الشخصيات المنتمية لهما، وغيرها من المميزات التي يمكن أن تشكل قوة استثنائية في حالة توحيدها في إطار كثلة واحدة.
هذا حلم فيه نوع من “المثالية”، لكنه ممكن التحقيق في حالة توفر الإرادة لدي مسؤولي الفريقين، دون أن يلغي أبدا مسألة الاختلاف بينهما، وهي قاعدة تأسس عليها الناديين، وشكلت على الدوام هويتهما ووجودهما، وبالتالي استمراريتهما.
للتاريخ، فالراحل عبد الرزاق مكوار، كان دائما وحدويا في التفكير، وعمل في أكثر من مناسبة على إشراك العديد من نجوم الرجاء ضمن صفوف الوداد في إطار المباريات الدولية الخيرية والتكريمية، ولم يسجل عليه أن قال كلاما مجانبا للصواب في حق الجار، نفس الشيء بالنسبة للأغلبية الساحقة من مسؤولي الفريقين، حيث كان الاحترام والتقدير هو القاسم المشترك بينهما.
والموضوعية تفرض الاعتراف بالخدمات التي أسداها للفريقين معا، رجل آخر ينتمي للضفة الأخرى، فرغم أنه كان رئيسا للرجاء، الأمر يتعلق بامحمد اوزال، انطلاقا من المسؤولية التي كان يتحملها على رأس جامعة كرة القدم والمجموعة الوطنية، إذ كان دائما يتخذ قرارات تخدم مصلحة الفريقين معا، بل في بعض الحالات أعطى للوداد الأسبقية.
سبق للفريقين أن توصلا سنة 2014 إلى اتفاق ثنائي وقع بمدينة الدار البيضاء، كان الهدف منه إدخال العلاقة بين الفريقين إلى مرحلة متقدمة، والوصول إلى هذه القواسم المشتركة التي تحدثنا عنها، وعمل على أساسها الكثير من مسؤولي ورؤساء الناديين، وأبرزهم مكوار وأوزال.
أهداف هذا الاتفاق خلال مناسبة التوقيع، قيل إنها عبور نحو مرحلة جديدة، يطبعها التعاون والتكامل عبر الوقوف صفا واحدا ضد أعمال الشغب والمساهمة في نشر ثقافة الروح الرياضية، إضافة إلى إنشاء إطار موحد لتنفيذ التعاون، وتشمل مجالات التعاون حملات للترويج، والبحث المشترك عن مصادر تمويل جديدة، وخلق فرص الرعاية المشتركة للمعلنين الكبار، ناهيك عن تأسيس مؤسسة الوداد الرجاء للأعمال الاجتماعية.
إلا أن ما قيل شيء، وما نفذ على أرض الواقع شيء أخر تماما، فهذا الاتفاق الذي وقع بحضور وزير الشباب والرياضة آنذاك منصف بالخياط ورئيس الجامعة فوزي لقجع، لم يعمر طويلا، وسرعان ما أصبح أسلوب التراشق بالكلمات والتلميحات والتهييج الجمهور المتعصب، وإثارة الأحقاد والنعرات، هو الطاغي، حتى تمنى البعض لو لم يتم توقيع هذا الاتفاق، ما دامت الفترة السابقة كانت أهدأ، ولم تشهد مرحلة من التصعيد كما حدث مباشرة بعد توقيع اتفاق التعاون.
وحتى نبقى متفائلين، فلابد من الإبقاء على باب الأمل مفتوحا، وترقب إمكانية حدوث التقارب بين الناديين الكبيرين، شريطة الابتعاد عن أسلوب التهييج الذي لا يخدم القضية، بقدر ما يساهم في تهييج أجواء التوتر وتقوية التعصب الذي تنتج عنه عواقب وخيمة …
استمرار توتر العلاقة بين القطبين؟
الوسوم