استهلاك المضادات الحيوية يشكل تهديدا للصحة العالمية

زاد الاستهلاك العالمي للمضادات الحيوية بنسبة 65 بالمئة بين العامين 2000 و2015 مدعوما باستخدام متعاظم في دول متوسطة ومنخفضة الدخل، إلا أنه يشكل تهديدا للصحة العالمية على ما يؤكد باحثون.
ويسجل الازدياد الأكبر في الدول ذات الدخل المتوسط والمنخفض على ما أظهرت الدراسة التي نشرت في المجلة الأميركية “بروسيدينغز اوف ذي ناشونال أكاديمي اوف ساينسز”.
وقال العلماء إن “إجمالي الاستهلاك العالمي للمضادات الحيوية في العام 2015 يقدر بـ 42.3 مليار جرعة يومية محددة”.
وقال فريق البحث الذي ترأسه علماء من جامعة جونز هوبكنز في بالتيمور ومركز “سنتر فور ديزيز دايناميكس، ايكونوميكس اند بوليسي” في العاصمة الأميركية إن على الدول أن تستثمر في علاجات بديلة وفي التلقيح.
وقال معدو الدراسة “مع ارتفاع استهلاك المضادات الحيوية في العالم ستتفاقم المشكلة المتعلقة بمقاومة المضادات الحيوية”.
وأضاف هؤلاء العلماء أن “مقاومة المضادات الحيوية بسبب الارتفاع في استهلاك هذه الأدوية يشكل تهديدا صحيا عالميا”.
وأكدت الدراسة “كما هي الحال مع التغير المناخي لا نعرف متى سنصل إلى منعطف يصبح فيه العالم دون مضادات حيوية فعالة”.
في الدول الـ 76 التي شملتها الدراسة ارتفع استهلاك ما يسمى “الجرعات اليومية المحددة” من 21.2 مليارا في 2000 الى 34.8 مليارا في العام 2015.
وقال ايلي كلاين الباحث في مركز “سنتر فور ديزيز دايناميكس، ايكونوميكس اند بوليسي” وأحد معدي الدراسة إن الارتفاع يعني “تحسنا في إمكانية الحصول على الأدوية الضرورية في دول تعاني من أمراض كثيرة يمكن معالجتها بالمضادات الحيوية”.
إلا أن كلاين حذر “مع حصول عدد متزايد من الدول على هذه الأدوية فإن هذه المستويات سترتفع ما سيؤدي إلى نسب أعلى من مقاومة المضادات الحيوية”.
وتقدر مجموعة من الخبراء شكلت في المملكة المتحدة في العام 2014، أن يكون العام 2016 شهد 700 ألف وفاة ناجمة عن مقاومة المضادات الحيوية.
خلال السنوات الست عشرة التي شملتها الدراسة كانت الزيادة في استهلاك المضادات الحيوية هامشية في الدول الثلاث التي تشهد أكبر استهلاك وهي الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا.
إلا أن الصورة كانت مختلفة في أماكن أخرى. ففي آسيا تضاعف استهلاك المضادات الحيوية، في الهند، فيما ارتفع بنسبة 79 بالمئة في الصين و65 بالمئة في باكستان.
وهذه الدول الثلاث هي أكبر مستخدم للمضادات الحيوية بين البلدان ذات الدخل المتوسط والمنخفض.
وتعاني بعض الدول كذلك من نقص في المرافق الصحية وإمكانية متفاوتة في الحصول على اللقاحات ونقص في المياه الصالحة للشرب وهي ظروف تسمح بانتشار الامراض المعدية والمقاومة للمضادات الحيوية.
وأوصت الدراسة بضرورة “إعادة نظر جذرية في السياسات الهادفة إلى خفض الاستهلاك بما يشمل استثمارات كبيرة في تحسين النظافة والمرافق الصحية والتلقيح والوصول إلى وسائل التشخيص لمنع الاستخدام غير الضروري للمضادات الحيوية وخفض عبء الأمراض المعدية”.
ويرى كلاين أن التخلص من الاستخدام المفرط يجب أن “يشكل الخطوة الأولى في كل بلد” نظرا خصوصا إلى التوقعات المثيرة للقلق بأن الاستهلاك قد يزيد بنسبة 200 بالمئة بحلول العام 2030.
وكانت منظمة الصحة العالمية قد صعدت حربها ضد مقاومة المضادات الحيوية وأعلنت سابقا عن حملة عالمية لترشيد استهلاك الأدوية المضادة. وقد أشار مسح متعدد البلدان، أشرفت عليه المنظمة، إلى الخطر الكبير الذي يهدد الصحة العمومية وما يكتنفه من لبس لدى الناس وعدم استيعابهم لكيفية الحيلولة دون نموه.
وتحدث مقاومة المضادات الحيوية عندما تتغير البكتيريا وتصبح مقاومة للمضادات الحيوية المستخدمة في علاج العدوى المسببة لها. فالإفراط في استخدام المضادات الحيوية وسوء استخدامها يزيد فرص ظهور البكتيريا المقاومة. ويشير هذا المسح إلى بعض الممارسات، والثغرات في الفهم، والمفاهيم المغلوطة التي تسهم في هذه الظاهرة.
وذكرت الدكتورة مارغريت تشان، المديرة العامة للمنظمة عند إطلاق نتائج المسح “إن ارتفاع المقاومة للمضادات الحيوية يمثل أزمة صحية عالمية، وأن الحكومات تدرك الآن أنها تمثل واحدة من أكبر التحديات التي تواجه الصحة العمومية في وقتنا هذا. فقد وصلت إلى مستويات خطيرة في جميع أنحاء العالم”.
وأشارت إلى “أن مقاومة المضادات الحيوية تحد من قدرتنا على علاج الأمراض المعدية وتقوض الكثير من فرص التقدم في مجال الطب”.
ويقول الدكتور كيجي فوكودا، الممثل الخاص للمديرة العامة في مجال مقاومة مضادات الميكروبات “تشير نتائج هذا المسح إلى الحاجة الملحة لتحسين فهمنا لمقاومة المضادات الحيوية”.
كما أكدت الأبحاث والدراسات التي أعلنتها المنظمة العالمية، أن كثرة تناول المضادات الحيوية أدى إلى إنتاج سلاسلات جديدة من البكتيريا تقاوم المضادات الحيوية الموجودة حاليا وأدى إلى انتشار أنواع من البكتيريا كانت موجودة بالمستشفيات فقط.
والآن أصبحت موجودة في المجتمع وتقاوم بشدة المضادات الحيوية. مما دفع بمنظمة الصحة لمطالبة شركات الأدوية بإنتاج أنواع أخرى جديدة من المضادات الحيوية تعالج الأنواع الجديدة التي ظهرت في العالم.
وحذرت المنظمة في تقريرها من احتمال دخول العالم في “حقبة ما بعد المضادات الحيوية” التي قد يموت فيها البشر جراء إصابتهم بالتهابات بسيطة كان بالإمكان علاجها بسهولة في العقود الماضية.
وحذر التقرير من “عواقب وخيمة” ما لم تتخذ إجراءات فعالة فورا لتدارك هذا الخطر. وركز التقرير على سبعة أصناف من البكتيريا التي تسبب التهابات خطيرة كذات الرئة والإسهال وتسمم الدم، وأوضح أن اثنين من المضادات الحيوية المهمة لم يعدا يعملان في أكثر من نصف الذين يعالجون بهما في بعض دول العالم.

Top