في ظل تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، تحتفل المرأة القروية بيومها العالمي الذي يصادف 15 أكتوبر من كل سنة، وهي مناسبة لاستحضار تضحيات المرأة القروية في عالم الأرياف والمتسمة بالعديد من الإكراهات في حياتها اليومية.
ويعتبر هذا اليوم العالمي التفاتة عميقة لما تقدمه المرأة القروية من خدمات جسيمة، على مستوى المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي والزراعي، وموقعها الأساسي والمحوري داخل المجتمع، وما تتسم به من صمود في أعقاب جائحة كورونا التي ضاعفت من كفاحها اليومي من أجل الحفاظ على التوازن المجتمعي، باعتبارها طاقة مكافحة تستحق منا الوقوف لها وقفة احترام وإجلال وإكبار، خصوصا إذا استحضرنا واقعها المعيشي وقدرتها على التكيف مع الصعوبات الطبيعية وقساوتها في بعض المناطق الجبلية والنائية، وما تستوجبه الظرفية من الاهتمام بأوضاعها وتمكينها من حقوقها الكاملة في ظل الدستور المغربي وما ينبثق عنه من قوانين تهتم بشؤون المرأة القروية وبقضاياها المتنوعة والمتعددة.
وبهذه المناسبة، لا يسعني إلا أن أشير خلال هذا اليوم، إلى ضرورة القيام بالعديد من المبادرات من أجل تمكينها وتعزيز مكانتها داخل المجتمع مع ضرورة الرفع من قدراتها وتشجيعها على التطور من خلال الإحاطة والاهتمام بها مما يجعلها تتبوأ المكانة اللائقة بها في جميع الميادين وعلى جميع المستويات، والنهوض بأوضاعها التربوية والاجتماعية والاقتصادية، مع استحضارنا لواقع الفتاة القروية التي تجد صعوبة في استكمال دراستها أو ولوجها لسوق الشغل أو لمناصب المسؤولية، الأمر الذي يشكل حيفا كبيرا يمس بحقوقها إن لم نقل من كرامتها. خصوصا إذا استحضرنا كذلك الأدوار المهمة التي تقوم بها من أجل استدامة الأسرة والمجتمعات القروية في غياب لجودة أسلوب الحياة وحرمانها من سبل المعيشة القروية والرفاهية العامة وهي التي تشكل الجزء الأكبر من اليد العاملة في المجال الفلاحي، غير مدفوعة الأجر إضافة للعمل المنزلي ومساهمتها في إنعاش مجموعة من القطاعات، خصوصا في تدبير الأراضي والموارد الغذائية ومدى قدرتها على التكيف مع المناخ.
فالأعراف الاجتماعية التمييزية التي تحرم المرأة القروية من مشاركتها السياسية في المجتمعات القروية، وانعدام المساواة وتكافؤ الفرص، كلها عوامل تساهم في إبعادها عن ولوج الخدمات العامة مثل التعليم والرعاية الصحية والمراكز الأساسية داخل المجتمعات.
وهنا يأتي دور الدولة في ضرورة اتخاذ تدابير، ذات طبيعة استعجالية، من أجل دعم المرأة القروية والدفع بها من أجل مشاركتها في تدبير الشؤون العامة للبلاد مع ما يدعو ذلك من تبني سياسات عامة وعادلة تسعى إلى الاهتمام أكثر بظروفها وطموحاتها وصقل مواهبها وتحويل ضعفها إلى مكامن قوة من خلال الاعتراف بما تقدمه من خدمات جليلة داخل المجتمع، خصوصا إذا ما استحضرنا مشاركتها السياسية المحتشمة وما تعرفه ردهات المحاكم من هضم لحقوقها لعدم درايتها بحقوقها، وغياب المؤازرة القانونية والتوعية التي تساعدها على الدفاع عن نفسها ومعرفة حقوقها مقابل واجباتها.
فالتمكين السوسيو – اقتصادي للنساء في العالم القروي، بما يشمله من تطوير أدوات وآليات تنفيذية لإذكاء روح المقاولة والاستثمار، وتشجيعها على خلق المقاولة النسائية الفلاحية من تعاونيات وجمعيات، مع ما يرافق ذلك من تعزيز قدراتها وتأطيرها من خلال وضع مراكز الاستشارات الفلاحية وتشجيعها على الانخراط في تنظيمات مهنية فلاحية، أضحى ضرورة ملحة لتطوير الحياة بعالم الأرياف بشكل عام من أجل تثمين ودعم تسويق منتوجاتها الفلاحية وحثها على الانخراط في العمل التنافسي المهيكل وتحسين مستوى منتوجاتها. حتى تتمكن المرأة القروية من تحقيق استقلالها الاقتصادي لدعم أسرتها وتطوير أساليب الإنتاج بأنماط حديثة ومتطورة.
فهنيئا للمرأة القروية عبر العالم بهذا العيد الذي يسلط الأضواء على الإكراهات والتناقضات داخل المجتمعات، عيد في ظل جائحة قد تعصف بكل ما حققته من مكتسبات، عيد يمر في ظرفية إنسانية جد صعبة تحتاج من الجميع الاهتمام بهذه الفئة من المجتمع التي هي في أمس الحاجة لكل سبل الدعم من أجل التغلب على كل الإكراهات.
< بقلم: نادية تهامي